وَذَلِكَ الْمَنْعُ هُوَ التَّحْرِيمُ فَيَكُونُ الشَّيْءُ سَبَبًا لِنَفْسِهِ أَوْ بَعْضِهِ (الصَّلَاةُ) إجْمَاعًا وَمِثْلُهَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةُ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ وَخُطْبَةِ جُمُعَةٍ (وَالطَّوَافُ) فَرْضًا وَنَفْلًا لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَلَى نِزَاعٍ فِي رَفْعِهِ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ مِنْهُ عَدَمَهُ الطَّوَافُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ (وَحَمْلُ الْمُصْحَفِ) بِتَثْلِيثِ مِيمِهِ وَخَرَجَ بِهِ مَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ وَبَقِيَّةُ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ (وَمَسُّ وَرَقِهِ) وَلَوْ الْبَيَاضَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إلَّا طَاهِرٌ» وَالْحَمْلُ أَبْلَغُ مِنْ الْمَسِّ (وَكَذَا جِلْدُهُ) الْمُتَّصِلُ بِهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ اعْتِبَارِيَّةً كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ الْمَنْعُ هُوَ التَّحْرِيمُ) وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فَالْمُغَايَرَةُ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ الشَّيْءُ سَبَبًا إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُ إنْ لُوحِظَ سَبَبِيَّتُهُ لِجَمِيعِ مَا يَأْتِي فَمِنْ سَبَبِيَّةِ الشَّيْءِ لِنَفْسِهِ لَكِنْ مَعَ الْإِجْمَالِ وَالتَّفْصِيلِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ أَوْ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ فَمِنْ سَبَبِيَّةِ الْكُلِّ لِبَعْضِهِ بَصْرِيٌّ، وَيَنْدَفِعُ بِذَلِكَ مَا فِي سم مِمَّا نَصُّهُ قَدْ يُقَالُ هَذَا يَقْتَضِي فَسَادَ إرَادَةِ الْمَنْعِ لَا صِحَّتَهُ بِتَكَلُّفٍ اهـ وَأَشَارَ الْكُرْدِيُّ أَيْضًا إلَى دَفْعِهِ بِمَا نَصُّهُ لَكِنْ التَّحْرِيمُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَفْهُومَ الْمَنْعِ يُغَايِرُ نَفْسَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ بِلَفْظِ يَحْرُمُ، وَهَذِهِ الْمُغَايَرَةُ كَافِيَةٌ فِي السَّبَبِيَّةِ اهـ وَالْفَضْلُ لِلْمُتَقَدِّمِ.
(قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْحَدَثُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَمَّا نَحْوُ لَمْسِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَمَسِّ الْفَرْجِ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِي نَقْضِهِ فَلَا تَحْرُمُ بِهِ الصَّلَاةُ إجْمَاعًا، وَإِنَّمَا تَحْرُمُ بِهِ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ حَدَثٌ كُرْدِيٌّ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ النِّهَايَةِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا إجْمَاعًا مَحْمُولٌ عَلَى حَدَثٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ اهـ وَقَالَ ع ش وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِي الْجَوَابِ إنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ حَرُمَتْ الصَّلَاةُ بِمَاهِيَّةِ الْحَدَثِ إجْمَاعًا، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فِي جُزْئِيَّاتِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا) إلَى قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَى قَوْلِهِ عَلَى نِزَاعٍ إلَى الطَّوَافِ (قَوْلُهُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ إلَخْ) فِيهَا خِلَافُ الشَّعْبِيِّ وَابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ مُغْنِي فَقَالَا بِجَوَازِهَا مَعَ الْحَدَثِ ع ش.
(قَوْلُهُ وَسَجْدَةُ تِلَاوَةٍ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ مَا يَفْعَلُهُ عَوَامُّ الْفُقَرَاءِ مِنْ السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ فَهُوَ مِنْ الْعَظَائِمِ أَيْ الْكَبَائِرِ وَلَوْ كَانَ بِطَهَارَةٍ وَإِلَى الْقِبْلَةِ وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ كُفْرًا وقَوْله تَعَالَى {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} [يوسف: ١٠٠] مَنْسُوخٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ عَلَى أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا، وَإِنْ وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ بَلْ وَرَدَ فِيهِ مَا يَرُدُّهُ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: مِنْ السُّجُودِ إلَخْ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا يَقَعُ لِبَعْضِهِمْ مِنْ الِانْحِنَاءِ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ أَوْ مَا زَادَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَقْرُبُ إلَى السُّجُودِ وَقَوْلُهُ وَأَخْشَى إلَخْ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ كُفْرًا حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ لَا يَقْتَضِي تَعْظِيمَ الشَّيْخِ كَتَعْظِيمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِحَيْثُ يَكُونُ مَعْبُودًا وَالْكُفْرُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا قَصَدَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَوْ مُؤَوَّلٌ أَيْ بِمُنْقَادِينَ أَوْ يَخِرُّوا لِأَجْلِهِ سُجَّدًا لِلَّهِ شُكْرًا اهـ.
(قَوْلُهُ نَفْلًا وَفَرْضًا) وَقِيلَ يَصِحُّ طَوَافُ الْوَدَاعِ بِلَا طَهَارَةٍ وَوَقَعَ فِي الْكِفَايَةِ نَقْلُهُ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ وَنُسِبَ لِلْوَهْمِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ) لَكِنْ الْفَتْحُ غَرِيبٌ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَحَمْلُ الْمُصْحَفِ) هُوَ اسْمٌ لِلْمَكْتُوبِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ زِيَادِيٌّ وَفِي الْمِصْبَاحِ الدَّفُّ الْجَنْبُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَالْجَمْعُ دُفُوفٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَقَدْ يُؤَنَّثُ بِالْهَاءِ وَمِنْهُ دَفَّتَا الْمُصْحَفِ لِلْوَجْهَيْنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ
(فَرْعٌ)
هَلْ يَحْرُمُ تَصْغِيرُ الْمُصْحَفِ بِأَنْ يُقَالَ مُصَيْحِفٌ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ إنَّمَا مِنْ حَيْثُ الْخَطُّ مَثَلًا لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ كَلَامَ اللَّهِ ع ش وَقَالَ شَيْخُنَا يَحْرُمُ تَصْغِيرُ الْمُصْحَفِ وَالسُّورَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إيهَامِ النَّقْصِ، وَإِنْ قُصِدَ بِهِ التَّعْظِيمُ اهـ.
وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: مَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ) أَيْ مِنْ الْقُرْآنِ، وَإِنْ لَمْ يُنْسَخْ حُكْمُهُ بِخِلَافِ مَا كَانَ مَنْسُوخَ الْحُكْمِ دُونَ التِّلَاوَةِ فَيَحْرُمُ مَسُّهُ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَبَقِيَّةُ الْكُتُبِ إلَخْ) كَتَوْرَاةٍ، وَإِنْجِيلٍ قَالَ الْمُتَوَلِّي، فَإِنْ ظَنَّ أَنَّ فِي التَّوْرَاةِ وَنَحْوِهَا غَيْرَ مُبَدَّلٍ كُرِهَ مَسُّهُ عِبَارَةُ ع ش لَكِنْ يُكْرَهُ إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ تَبْدِيلُهُ بِأَنْ عَلِمَ عَدَمَهُ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمَسُّ وَرَقِهِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ مَسَّهُ مَعَ الْحَدَثِ لَيْسَ كَبِيرَةً سم عَلَى الْمَنْهَجِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا كَالطَّوَافِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ فَإِنَّهَا كَبِيرَةٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهُ مَتَى اسْتَحَلَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ حُكِمَ بِكُفْرِهِ وَلَوْ قُطِعَتْ إصْبَعُهُ مَثَلًا وَاِتَّخَذَ إصْبَعًا مِنْ ذَهَبٍ نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ بَسْطِ الْأَنْوَارِ لِلْأُشْمُونِيِّ أَنَّهُ اسْتَظْهَرَ عَدَمَ حُرْمَةِ مَسِّ الْمُصْحَفِ بِهِ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ م ر فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ وَالِدِهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِبَيَاضٍ) وَلَوْ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَلَوْ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ كَثَوْبٍ رَقِيقٍ لَا يَمْنَعُ وُصُولَ الْيَدِ إلَيْهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ الْمُتَّصِلُ بِهِ إلَخْ) وَكَذَا يَحْرُمُ مَسُّ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ مَا لَمْ يَنْقَطِعْ نِسْبَتُهُ عَنْهُ كَأَنْ جُعِلَ جِلْدَ كِتَابٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَسَمِّ وَبَصْرِيٌّ وَزِيَادِيٌّ قَالَ ع ش وَلَيْسَ مِنْ انْقِطَاعِهَا مَا لَوْ جَلَّدَ الْمُصْحَفَ بِجِلْدٍ جَدِيدٍ وَتَرَكَ الْأَوَّلَ فَيَحْرُمُ مَسُّهَا أَمَّا لَوْ ضَاعَتْ أَوْرَاقُ الْمُصْحَفِ أَوْ حُرِّقَتْ فَلَا يَحْرُمُ مَسُّ الْجِلْدِ كَمَا يَأْتِي عَنْ سم نَقْلًا عَنْ الشَّمْسِ الرَّمْلِيِّ اهـ وَقَالَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فَهَلْ يَنْقُضُ الْمَسُّ بِهَا فِيهِ نَظَرٌ
(قَوْلُهُ: فَيَكُونُ الشَّيْءُ سَبَبًا لِنَفْسِهِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يَقْتَضِي فَسَادَ إرَادَةِ الْمَنْعِ لَا صِحَّتَهُ بِتَكَلُّفٍ وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْضِهِ كَأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الصَّلَاةِ مَثَلًا بَعْضُ الْمَنْعِ مِنْ نَحْوِ الصَّلَاةِ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالْبَعْضِ الْفَرْدُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الصَّلَاةِ فَرْدٌ لِلْمَنْعِ مِنْ نَحْوِ الصَّلَاةِ لَا جَزْءٌ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: الْمُتَّصِلُ بِهِ)