للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْرُمُ مَسُّهُ وَلَوْ بِشَعْرَةٍ (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ جُلِّدَ مَعَ الْمُصْحَفِ غَيْرُهُ حَرُمَ مَسُّ الْجِلْدِ الْجَامِعِ لَهُمَا مِنْ سَائِرِ جِهَاتِهِ؛ لِأَنَّ وُجُودَ غَيْرِهِ مَعَهُ لَا يَمْنَعُ نِسْبَةَ الْجِلْدِ إلَيْهِ وَبِتَسْلِيمِ أَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِمَا فَتَغْلِيبُ الْمُصْحَفِ مُتَعَيَّنٌ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي تَفْسِيرٍ وَقُرْآنٍ اسْتَوَيَا، فَإِنْ قُلْت وُجُودُ غَيْرِهِ مَعَهُ فِيهِ يَمْنَعُ إعْدَادَهُ لَهُ قُلْت الْإِعْدَادُ إنَّمَا هُوَ قَيْدٌ فِي غَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي لِيَتَّضِحَ قِيَاسُهُ عَلَيْهِ وَأَمَّا هُوَ فَكَالْجُزْءِ كَمَا تَقَرَّرَ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إعْدَادُهُ، وَيَلْزَمُ عَاجِزًا عَنْ طُهْرٍ وَلَوْ تَيَمُّمًا حَمْلُهُ أَوْ تَوَسُّدُهُ إنْ خَافَ عَلَيْهِ نَحْوَ غَرَقٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ كَافِرٍ أَوْ تَنَجُّسٍ وَلَمْ يَجِدْ أَمِينًا يُودِعُهُ إيَّاهُ، فَإِنْ خَافَ ضَيَاعَهُ جَازَ الْحَمْلُ لَا التَّوَسُّدُ؛ لِأَنَّهُ أَقْبَحُ، وَيَحْرُمُ تَوَسُّدُ كِتَابِ عِلْمٍ مُحْتَرَمٍ لَمْ يَخْشَ نَحْوَ سَرِقَتِهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْحَلَبِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْعَلْقَمِيِّ فَيَحِلُّ مَسُّهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ انْقِطَاعِ النِّسْبَةِ وَلَوْ كَانَ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: ٧٩] كَمَا هُوَ شَأْنُ جُلُودِ الْمَصَاحِفِ اهـ.

وَقَالَ سم وَلَوْ انْفَصَلَ مِنْ وَرَقِهِ بَيَاضُهُ كَأَنْ قَصَّ هَامِشَهُ فَهَلْ يَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُ الْجِلْدِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْجَرَيَانُ اهـ وَأَقَرَّهُ ع ش (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ مَسُّهُ) وَلَوْ تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَنْجِيَ وَأَرَادَ مَسَّ الْمُصْحَفِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ لِصِحَّةِ وُضُوئِهِ وَغَايَتُهُ أَنَّهُ مَسَّ الْمُصْحَفَ بِعُضْوٍ طَاهِرٍ مَعَ نَجَاسَةِ عُضْوٍ آخَرَ وَهَذَا لَا أَثَرَ لَهُ فِي جَوَازِ الْمَسِّ بَلْ قَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ لَا يُكْرَهُ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي، وَيَحْرُمُ وَضْعُ شَيْءٍ عَلَى الْمُصْحَفِ أَوْ بَعْضِهِ كَخُبْزٍ وَمِلْحٍ وَأَكْلُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إزْرَاءً وَامْتِهَانًا شَيْخُنَا زَادَ ع ش فَرْعَانِ: الْوَجْهُ تَحْرِيمُ لَزْقِ أَوْرَاقِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ بِالنَّشَا وَنَحْوِهِ فِي الْإِقْبَاعِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إزْرَاءً وَامْتِهَانًا تَأَمَّلْ.

وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُ الْجِلْدِ الْمُنْفَصِلِ لِكَافِرٍ؛ لِأَنَّ قَصْدَ بَيْعِهِ قَطْعٌ لِنِسْبَتِهِ عَنْهُ فِيهِ نَظَرٌ وَمَالَ م ر لِلْجَوَازِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ قُلْت وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ مُجَرَّدَ وَضْعِ يَدِ الْكَافِرِ عَلَيْهِ مَعَ نِسْبَتِهِ فِي الْأَصْلِ لِلْمُصْحَفِ إهَانَةٌ لَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ جَلَّدَ مَعَ الْمُصْحَفِ إلَخْ) أَقُولُ لَوْ قِيلَ إنْ كَانَ الْمُصْحَفُ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَعَهُ بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ الْجِلْدُ إلَيْهِ أَصْلًا كَوَاحِدٍ مِنْ عَشَرَةٍ مَثَلًا حَلَّ مَسُّهُ وَحَمْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ حَرُمَا أَوْ اسْتَوَيَا فَكَذَلِكَ تَغْلِيبًا لِحُرْمَةِ الْقُرْآنِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا يُؤَيِّدُهُ فَتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ أَقُولُ فِي إطْلَاقِ الْمَسِّ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالْحَمْلِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِي ذَلِكَ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْمَتَاعِ (قَوْلُهُ: مِنْ سَائِرِ جِهَاتِهِ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُمَا وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ حَمَلَ مُصْحَفًا مَعَ كِتَابٍ فِي جِلْدٍ وَاحِدٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُصْحَفِ مَعَ الْمَتَاعِ فِي التَّفْصِيلِ وَأَمَّا مَسُّ الْجِلْدِ فَيَحْرُمُ مَسُّ السَّاتِرِ لِلْمُصْحَفِ دُونَ مَا عَدَاهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ.

قَالَ ع ش وَمِثْلُ الْجِلْدِ اللِّسَانُ وَالْكَعْبُ فَيَحْرُمُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا حَاذَى الْمُصْحَفَ اهـ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ اعْتَمَدَ الْخَطِيبُ وَالْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ وَالطَّبَلَاوِيُّ وَغَيْرُهُمْ حُرْمَةَ مَسِّ السَّاتِرِ لِلْمُصْحَفِ فَقَطْ قَالَ سم هَذَا إنْ كَانَ مَنْقُولًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ مَا وَافَقَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَسُّ الْجِلْدِ مُطْلَقًا انْتَهَى اهـ.

(قَوْلُهُ: وُجُودَ غَيْرِهِ مَعَهُ فِيهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُصْحَفِ مَعَ الْمُصْحَفِ فِي الْجِلْدِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْجِلْدِ وَقَوْلُهُ مِمَّا يَأْتِي أَيْ مِنْ نَحْوِ الْخَرِيطَةِ وَقَوْلُهُ قِيَاسُهُ أَيْ الْغَيْرِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْجِلْدِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا هُوَ فَكَالْجُزْءِ إلَخْ) إنْ أَرَادَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَيْرُ الْمُصْحَفِ فَلَا يَتِمُّ التَّقْرِيبُ، وَإِنْ أَرَادَ مَا يَشْمَلُهُ وَغَيْرَهُ فَفِيهِ مُصَادَرَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ) إلَى قَوْلِهِ، فَإِنْ خَافَ فِي الْمُغْنِي إلَى قَوْلِهِ أَوْ تَوَسَّدَهُ وَإِلَى قَوْلِهِ لَا التَّوَسُّدُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا ذَلِكَ الْقَوْلِ وَإِلَى الْمَتْنِ فِي الْإِقْنَاعِ (قَوْلُهُ حَمْلُهُ) أَيْ وَلَوْ حَالَ تَغَوُّطِهِ، وَيَجِبُ التَّيَمُّمُ لَهُ إنْ أَمْكَنَهُ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ فَقَدَ التُّرَابَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُ الْحَنَفِيِّ فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ مِنْ عَلَى عَمُودٍ مَثَلًا وَلَوْ قِيلَ بِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ تَوَسَّدَهُ) بُحِثَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ سم (قَوْلُهُ: نَحْوَ غَرَقٍ) أَيْ سِيَّمَا التَّمْزِيقَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدْ أَمِينًا) أَيْ مُسْلِمًا ثِقَةً نِهَايَةٌ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الصُّورَةَ فِي الْمُسْلِمِ الثِّقَةِ كَوْنُهُ مُتَطَهِّرًا أَوْ يُمْكِنُ وَضْعُهُ عِنْدَهُ عَلَى طَاهِرٍ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ وَلَا مَسٍّ وَإِلَّا فَهُوَ مَفْقُودٌ شَرْعًا فَوُجُودِهِ كَالْعَدَمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَافَ ضَيَاعَهُ) أَيْ بِغَيْرِ مَا تَقَدَّمَ كَأَخْذِ سَارِقٍ مُسْلِمٍ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: جَازَ الْحَمْلُ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَجِبُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لِيَتِيمٍ ع ش.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَخْشَ نَحْوَ سَرِقَتِهِ) قَالَ فِي الْإِمْدَادِ وَإِلَّا حَلَّ، وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَى آيَاتٍ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ كَغَيْرِهِ، فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْهُ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَيَانِ الْحِلُّ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ عُصَارَةِ الْمُخْتَصَرِ لِلْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَيْضًا وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّهُ الْأَصَحُّ زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَتُهُ عَنْ الْمُصْحَفِ، فَإِنْ انْقَطَعَتْ كَأَنْ جُعِلَ جِلْدَ كِتَابٍ لَمْ يَحْرُمْ مَسُّهُ قَطْعًا اهـ وَلَوْ انْفَصَلَ مِنْ وَرَقِهِ بَيَاضُهُ كَأَنْ قَصَّ هَامِشَهُ الْبَيَاضَ فَهَلْ يَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُ الْجِلْدِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْجَرَيَانُ (قَوْلُهُ: قُلْت الْإِعْدَادُ إلَخْ) عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَمْنَعَ أَنَّ وُجُودَ غَيْرِهِ مَعَهُ يَمْنَعُ إعْدَادَهُ لَهُ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْإِعْدَادَ لَهُمَا وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ تَغْلِيبَ الْمُصْحَفِ لِحُرْمَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ وَقَدْ أُعِدَّا لَهُ أَيْ وَحْدَهُ وَهُوَ يَرُدُّ مَا قُلْنَاهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَقْرَبُ هَذَا وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ إنْ مَسَّ الْجِلْدَ الَّذِي فِي جِهَةِ الْمُصْحَفِ حَرُمَ أَوْ الَّذِي فِي جِهَةِ غَيْرِهِ لَمْ يَحْرُمْ اهـ، وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي الْكَعْبِ فَهَلْ يَحْرُمُ مَسُّهُ مُطْلَقًا أَوْ الْجُزْءِ مِنْهُ الْمُحَاذِي لِلْمُصْحَفِ وَهَلْ اللِّسَانُ الْمُتَّصِلُ بِجِهَةِ غَيْرِ الْمُصْحَفِ إذَا انْطَبَقَ فِي جِهَةِ الْمُصْحَفِ كَذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ أَوْ تَوَسَّدَهُ) بَحَثَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>