وَنَظَرَ رَجُلٍ غَيْرِ مُحْرِمٍ حَالَةَ فِعْلِهَا ذَلِكَ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ التَّقْبِيلِ وَالسُّجُودِ أَوْ عَنْ السُّجُودِ فَقَطْ لِنَحْوِ زَحْمَةٍ وَيَظْهَرُ ضَبْطُ الْعَجْزِ هُنَا بِمَا يُخِلُّ بِالْخُشُوعِ مِنْ أَصْلِهِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ لَا يُسَنُّ اسْتِلَامٌ وَلَا مَا بَعْدَهُ فِي مَرَّةٍ مِنْ مَرَّاتِ الطَّوَافِ إنْ كَانَ بِحَيْثُ يُؤْذِي أَوْ يَتَأَذَّى.
(اسْتَلَمَ) أَيْ اقْتَصَرَ عَلَى الِاسْتِلَامِ فِي الَأَوْلَى أَوْ عَلَيْهِ وَعَلَى التَّقْبِيلِ فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ قَبَّلَ مَا اسْتَلَمَ بِهِ مِنْ يَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ يَا عُمَرُ إنَّكَ رَجُلٌ قَوِيٌّ لَا تُزَاحِمْ عَلَى الْحَجَرِ فَتُؤْذِي الضَّعِيفَ إنْ وَجَدْت خَلْوَةً وَإِلَّا فَهَلِّلْ وَكَبِّرْ» وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمَنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الِاسْتِلَامُ خُصُوصُ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ، وَهُوَ وَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ بَلْ هَذَا أَوْلَى مِنْ كَثِيرٍ مِنْ أَذْكَارٍ اسْتَحَبُّوهَا مَعَ عَدَمِ وُرُودِهَا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْلًا (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ اسْتِلَامِهِ بِيَدِهِ وَبِغَيْرِهَا (أَشَارَ) إلَيْهِ (بِيَدِهِ) الْيُمْنَى فَالْيُسْرَى فَمَا فِي الْيُمْنَى فَمَا فِي الْيُسْرَى لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ثُمَّ قَبَّلَ مَا أَشَارَ بِهِ وَخَرَجَ بِيَدِهِ فَمُهُ فَتُكْرَهُ الْإِشَارَةُ بِهِ لِلتَّقْبِيلِ لِقُبْحِهِ وَيَظْهَرُ فِي الْإِشَارَةِ بِالرَّأْسِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى مَا لَمْ يَعْجِزْ عَنْ الْإِشَارَةِ بِيَدَيْهِ وَمَا فِيهِمَا فَيُسَنُّ بِهِ ثُمَّ بِالطَّرْفِ كَالْإِيمَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهَا بِالرِّجْلِ بَلْ صَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ بِحُرْمَةِ مَدِّ الرِّجْلِ لِلْمُصْحَفِ فَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْكَعْبَةَ مِثْلُهُ لَكِنَّ الْفَرْقَ أَوْجَهُ (وَيُرَاعَى ذَلِكَ) الْمَذْكُورُ كُلُّهُ مَعَ تَكَرُّرِهِ ثَلَاثًا وَكَذَا مَا يَأْتِي فِي الْيَمَانِيِّ وَكَذَا الدُّعَاءُ الْآتِي (فِي كُلِّ طَوْفَةٍ) لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَدَعُ أَنْ يَسْتَلِمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ وَالْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ» ، وَهُوَ فِي الْأَوْتَارِ آكَدُ وَآكَدُهَا الْأُولَى وَالْأَخِيرَةُ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ طَوَافَ سَبْعَةِ أَسَابِيعَ بِتَقْبِيلِ الْحَجَرِ وَاسْتِلَامِ الْيَمَانِيِّ أَفْضَلُ مِنْ عَشَرَةٍ خَالِيَةٍ عَنْ ذَلِكَ
ــ
[حاشية الشرواني]
إلَى نَحْوِ ذَلِكَ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَنَظَرَ رَجُلٍ إلَخْ) الْأَنْسَبُ لِمَا تَقَدَّمَ تَرْكُ رَجُلٍ فَالْمُرَادُ رَجُلٌ وَلَوْ احْتِمَالًا بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ بِأَنْ يَأْمَنَ أَيْ غَيْرُ الذَّكَرِ أَنْ يَجِيءَ غَيْرُ مُحْرِمٍ أَوْ يَنْظُرَهُ ثَمَّ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ السُّجُودِ فَقَطْ) قَدْ يُقَالُ أَوْ عَنْ التَّقْبِيلِ فَقَطْ وَلَا وَجْهَ لِتَرْكِ هَذَا الْقِسْمِ وَحُكْمُهُ ظَاهِرٌ بَصْرِيٌّ وَقَدْ يُقَالُ وَجْهُهُ نُدْرَتُهُ أَوْ الْإِشَارَةُ إلَى إيثَارِ التَّقْبِيلِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لَا عَنْ أَحَدِهِمَا.
(قَوْلُهُ: لِنَحْوِ زَحْمَةٍ) وَفِي الْمِنَحِ إنْ رَجَا زَوَالَ الزَّحْمَةِ عَنْ قُرْبٍ عُرْفًا فَالْأَوْلَى أَنْ يَنْتَظِرَ زَوَالَ ذَلِكَ مَا لَمْ يُؤْذِ بِوُقُوفِهِ أَوْ يَتَأَذَّ اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ قَوْلُ الْمَتْنِ (اسْتَلَمَ) أَيْ بِيَدِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الِاسْتِلَامِ بِيَدِهِ فَبِنَحْوِ الْعَصَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ فِي صُورَةِ الْعَجْزِ عَنْ التَّقْبِيلِ وَالسُّجُودِ وَ (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ فِي صُورَةِ الْعَجْزِ عَنْ السُّجُودِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَبَّلَ مَا اسْتَلَمَ بِهِ) أَيْ حَتَّى فِي الثَّانِيَةِ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ النَّصِّ وَابْنِ الصَّلَاحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ سم أَيْ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقَبِّلُهُ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ كَالْأَصْحَابِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَبَّلَ) إلَى قَوْلِهِ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ إلَى الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَرَوَى الشَّافِعِيُّ إلَخْ) وَقَالَ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَلَوْ كَانَ الزِّحَامُ كَثِيرًا مَضَى وَكَبَّرَ وَلَمْ يَسْتَلِمْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ إلَّا فِي أَوَّلِ الطَّوَافِ وَآخِرِهِ فَأُحِبُّ لَهُ الِاسْتِلَامَ وَلَوْ بِالزِّحَامِ وَهَذَا مَعَ تَوَقِّي التَّأَذِّي وَالْإِيذَاءِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ وَاضِحٌ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَظَاهِرٌ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ يُنْدَبُ فِيهِ التَّثْلِيثُ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَكُونُ مُقَارِنًا لِلْإِشَارَةِ الْآتِيَةِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: عَنْ اسْتِلَامِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَخَرَجَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: فَمَا فِي الْيُمْنَى إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ الْإِشَارَةُ بِمَا فِي الْيَدِ تَسْتَتْبِعُ الْإِشَارَةَ بِالْيَدِ فَلَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِ الْإِشَارَةِ بِمَا فِيهَا وَقَدْ يُتَصَوَّرُ الِانْفِكَاكُ بَيْنَهُمَا بِمَا لَوْ كَانَ بِالْيَدِ آفَةٌ تَمْنَعُ رَفْعَهَا نَحْوَ الْحَجَرِ وَلَا تَمْنَعُ تَحْرِيكَ مَا فِيهَا وَرَفْعَهُ نَحْوَ الْحَجَرِ سم أَقُولُ قَدْ يُصَرَّحُ بِرَدِّ التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ اسْتِدْلَالُهُمْ هُنَا بِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَافَ عَلَى بَعِيرٍ كُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ» قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُرَاعَى ذَلِكَ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ) لَيْسَ فِي ذَلِكَ إفْصَاحٌ بِأَنْ يُرَاعِيَهُ فِي آخِرِ الطَّوْفَةِ الْأَخِيرَةِ فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي أَوَّلَ الْفَصْلِ مِنْ قَوْلِهِ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ قَبَّلَ الْحَجَرَ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَمَسَّ بِهَا وَجْهَهُ» ، وَهُوَ قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَطْلُبُ فِي آخِرِ الْأَخِيرَةِ التَّقْبِيلَ وَنَحْوَهُ مِمَّا يَأْتِي سم.
(قَوْلُهُ: كُلِّهِ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الِاسْتِلَامِ وَالتَّقْبِيلِ وَوَضْعِ الْجَبْهَةِ وَالْإِشَارَةِ بِمَا تَقَدَّمَ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: مَعَ تَكَرُّرِهِ) قَدْ يَشْمَلُ الْإِشَارَةَ سم عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَالْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ وَيُسَنُّ تَثْلِيثُ كُلٍّ مِنْ الِاسْتِلَامِ وَالتَّقْبِيلِ وَوَضْعُ الْجَبْهَةِ وَالْإِشَارَةِ بِالْيَدِ وَغَيْرِهَا كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِمَا صَحَّ) إلَى قَوْلِهِ وَبَحَثَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الْأَوْتَارِ آكَدُ إلَخْ) أَيْ لِحَدِيثِ «أَنَّ اللَّهَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ» وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَلِمًا فِي افْتِتَاحِهِ وَاخْتِتَامِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَآكَدُهَا الْأُولَى وَالْأَخِيرَةُ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَسَاوِي الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي شَرْحٍ وَأَنْ يَقُولَ أَوَّلَ طَوَافِهِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
يُشِيرُ إلَيْهَا عِنْدَ الْعَجْزَ عَنْ اسْتِلَامِهَا أَيْضًا ثُمَّ يَقْبَلُ مَا أَشَارَ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ قَبَّلَ مَا اسْتَلَمَ بِهِ مِنْ يَدِهِ) أَيْ حَتَّى فِي الثَّانِيَةِ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ النَّصِّ وَابْنِ الصَّلَاحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَالشَّارِحُ أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى) قَالَ فِي الْمَنْهَجِ فَبِمَا فِيهَا قَالَ ثُمَّ قَبَّلَ مَا أَشَارَ بِهِ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ الْإِشَارَةُ بِمَا فِي الْيَدِ تَسْتَتْبِعُ الْإِشَارَةَ بِالْيَدِ فَلَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِ الْإِشَارَةِ بِمَا فِيهَا وَقَدْ يُصَوَّرُ الِانْفِكَاكُ بَيْنَهُمَا بِمَا لَوْ كَانَ بِالْيَدِ آفَةٌ تَمْنَعُ رَفْعَهَا نَحْوَ الْحَجَرِ وَلَا تَمْنَعُ تَحْرِيكَ مَا فِيهَا وَرَفْعَهُ نَحْوَ الْحَجَرِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِيَدِهِ فَمُهُ فَتُكْرَهُ الْإِشَارَةُ بِهِ لِلتَّقْبِيلِ لِقُبْحِهِ) هَلْ يُنْهَى عَنْ الْإِشَارَةِ بِالْجَبْهَةِ لِلسُّجُودِ عَلَى الْحَجَرِ عِنْدَ الْعَجْزِ كَمَا نُهِيَ عَنْ الْإِشَارَةِ بِالْفَمِ لِلتَّقْبِيلِ أَوْ يُفَرَّقُ بِقُبْحِ تِلْكَ دُونَ هَذِهِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَيُرَاعَى ذَلِكَ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ) لَيْسَ فِي ذَلِكَ إفْصَاحٌ بِأَنْ يُرَاعِيَهُ فِي آخِرِ طَوْفَةٍ فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي أَوَّلَ الْفَصْلِ مِنْ قَوْلِهِ صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ قَبَّلَ الْحَجَرَ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَمَسَّ بِهَا وَجْهَهُ» (قَوْلُهُ: مَعَ تَكَرُّرِهِ) قَدْ يَشْمَلُ الْإِشَارَةَ