للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ فِيهِ أَنَّ «مَنْ طَافَ أُسْبُوعًا حَاسِرًا بَعْضَ طَوْفِهِ وَيُقَارِبُ خُطَاهُ وَلَا يَلْتَفِتُ وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ فِي كُلِّ شَوْطٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْذِيَ أَحَدًا كُتِبَ لَهُ وَذَكَرَ مِنْ الثَّوَابِ مَا لَا يُقْدَرُ قَدْرُهُ» وَالْعُهْدَةُ فِيهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَبَّرَ بِرُوِيَ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَنْ رَوَاهُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ حَاسِرًا لَا يُوَافِقُ قَضِيَّةَ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ يُكْرَهُ كَالصَّلَاةِ وَبِفَرْضِ وُرُودِهِ فَاسْتِدْلَالُهُ بِهِ لِمَا ذُكِرَ عَجِيبٌ.

(وَلَا يُقَبِّلُ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ وَلَا يَسْتَلِمُهُمَا) لِلِاتِّبَاعِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَيَسْتَلِمُ) الرُّكْنَ (الْيَمَانِيَّ) لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَالْيُسْرَى فَمَا فِي الْيُمْنَى فَالْيُسْرَى ثُمَّ يُقَبِّلُ مَا اسْتَلَمَ بِهِ، فَإِنْ عَجَزَ أَشَارَ إلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ بِتَرْتِيبِهِ ثُمَّ قَبَّلَ مَا أَشَارَ بِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ (وَلَا يُقَبِّلُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ وَخُصَّ رُكْنُ الْحَجَرِ بِنَحْوِ التَّقْبِيلِ؛ لِأَنَّ فِيهِ فَضِيلَتَيْ كَوْنِ الْحَجَرِ فِيهِ وَكَوْنِهِ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْيَمَانِيُّ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الثَّانِيَةُ أَيْ بِاعْتِبَارِ رَأْسِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ عِنْدَهُ شَاذَرْوَانَ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا الشَّامِيَّانِ فَلَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ مِنْ الْفَضِيلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ أَسَاسَهُمَا لَيْسَ عَلَى الْقَوَاعِدِ فَلَمْ يُسَنَّ تَقْبِيلُهُمَا وَلَا اسْتِلَامُهُمَا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَيُّ الْبَيْتِ قُبِّلَ فَحَسَنٌ غَيْرَ أَنَّا نُؤْمَرُ بِالِاتِّبَاعِ وَاسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ غَيْرَ إلَى آخِرِهِ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْحَسَنِ هُنَا الْمُبَاحُ.

(وَأَنْ يَقُولَ) سِرًّا هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِلْخُشُوعِ نَعَمْ يُسَنُّ الْجَهْرُ لِتَعْلِيمِ الْغَيْرِ حَيْثُ لَا يَتَأَذَّى بِهِ أَحَدٌ (أَوَّلَ طَوَافِهِ) وَفِي كُلِّ طَوْفَةٍ، وَالْأَوْتَارُ آكَدُ وَآكَدُهَا الْأُولَى (بِسْمِ اللَّهِ) أَيْ أَطُوفُ (وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَنْ هُوَ بِصُورَةِ مَعْبُودٍ مِنْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْ ثَمَّ نَاسَبَ مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ (اللَّهُمَّ إيمَانًا بِك) أَيْ أُؤْمِنُ أَوْ أَطُوفُ فَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَوْ لِأَجْلِهِ (وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِك) أَيْ الَّذِي أَلْزَمَنَا بِهِ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

ــ

[حاشية الشرواني]

إلَخْ أَنَّ الْأُولَى آكَدُ وَوَجْهُهُ تَمَيُّزُهَا بِشَرَفِ الْبُدَاءَةِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: حَاسِرًا) ، وَهُوَ مَنْ لَا جُبَّةَ لَهُ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ أُوقْيَانُوسَ يُقَالُ رَجُلٌ حَاسِرٌ أَيْ لَا مِغْفَرَ لَهُ وَلَا دِرْعَ أَوْ لَا جُبَّةَ لَهُ اهـ وَالْأَنْسَبُ هُنَا الْمَعْنَى الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ فِيهِ) أَيْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْبَعْضَ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: عَجِيبٌ) أَيْ إذْ لَا تَعَرُّضَ فِيهِ بِوَجْهٍ لِمَا ادَّعَاهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَكَرَ خُصُوصَ السَّبْعَةِ وَالْعَشَرَةِ لِلتَّمْثِيلِ وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ مَا فِيهِ سم (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُكْرَهُ) أَيْ الطَّوَافُ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ

قَوْلُ الْمَتْنِ (الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ) وَهُمَا اللَّذَانِ عِنْدَهُمَا الْحِجْرُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) إلَى قَوْلِهِ وَقَدْ يُومِئُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ بِاعْتِبَارِ إلَى وَأَمَّا الشَّامِيَّانِ وَقَوْلُهُ نَعَمْ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ أَيْ مِنْ كُلٍّ إلَى الْمَتْنِ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَالْيُسْرَى فَمَا فِي الْيُمْنَى إلَخْ) فَالِاسْتِلَامُ بِالْيُسْرَى يُقَدَّمُ عَلَى الِاسْتِلَامِ بِمَا فِي الْيُمْنَى وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِشَارَةَ بِمَا فِي الْيُمْنَى مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِشَارَةِ بِالْيُسْرَى وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ سم (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَبَّلَ إلَخْ) أَيْ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي تَبَعًا لِإِفْتَاءِ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَجَزَمَ فِي مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ وَمُخْتَصَرِ بَافَضْلٍ بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مَا أَشَارَ بِهِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ فِي الْحَاشِيَةِ وَالْإِيعَابِ وَالْإِمْدَادِ وَنَّائِيٌّ زَادَ الْكُرْدِيُّ عَلَى بَافَضْلٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ) بِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَتَعَرَّضْ؛ لِأَنَّهُ يُكَرِّرُ اسْتِلَامَ الْيَمَانِيِّ أَوْ الْإِشَارَةَ إلَيْهِ وَتَقْبِيلُ مَا اسْتَلَمَ بِهِ أَوْ أَشَارَ بِهِ أَوَّلًا وَقَدْ يَدُلُّ عَلَى التَّكْرِيرِ قَوْلُهُ السَّابِقُ آنِفًا مَعَ تَكَرُّرِهِ ثَلَاثًا وَكَذَا مَا يَأْتِي فِي الْيَمَانِيِّ سم أَقُولُ وَفِي شَرْحِ بَافَضْلٍ وَالْوَنَّائِيِّ التَّصْرِيحُ بِسِنِّ تَكْرِيرِ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ كَمَا فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَى الْقَوَاعِدِ) وَكَانَ الْمُرَادُ لَيْسَ عَلَى آخِرِ الْقَوَاعِدِ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى الْقَوَاعِدِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: أَيْ بِاعْتِبَارِ رَأْسِهِ) سِيَاقُهُ يُشْعِرُ بِاخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالْيَمَانِيِّ مَعَ أَنَّ رُكْنَ الْحَجَرِ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الشَّاذَرْوَانِ سم (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ قَالَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُرَادُ بَعْدَ تَقْبِيلِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ إنَّمَا هُوَ نَفْيُ كَوْنِهِ سُنَّةً فَلَوْ قَبَّلَهَا أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْبَيْتِ لَمْ يَكُنْ مَكْرُوهًا وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى بَلْ يَكُونُ حَسَنًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِقَوْلِهِ وَأَيْ الْبَيْتُ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: إنَّ مُرَادَهُ بِالْحَسَنِ هُنَا إلَخْ) أَيْ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّا نُؤْمَرُ بِالِاتِّبَاعِ نِهَايَةٌ

(قَوْلُهُ: سِرًّا إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَخْشَ الْغَلَطَ عِنْدَ الْإِسْرَارِ ع ش (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِلْخُشُوعِ) وَفِي الْفَتْحِ وَيُكْرَهُ جَهْرًا آذَى بِهِ غَيْرَهُ وَكَثِيرٌ مِنْ الْجَهَلَةِ وَالطَّلَبَةِ الْمُرَائِينَ يُؤْذُونَ الطَّائِفِينَ بِجَهْرِهِمْ بِهِمَا أَيْ الذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَوْ دَعَا وَاحِدٌ وَأَمَّنَ جَمَاعَةٌ فَحَسَنٌ وَنَّائِيٌّ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ الْإِيضَاحِ قَالَ عَبْدُ الرَّءُوفِ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الْجَهْرُ بِالدُّعَاءِ وَلَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ

لِمَصْلَحَةِ

الْكُلِّ اهـ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يَتَأَذَّى بِهِ أَحَدٌ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ الْعُبَابُ وَيُسَنُّ الْإِسْرَارُ بِهِمَا بَلْ قَدْ يَحْرُمُ الْجَهْرُ بِأَنْ تَأَذَّى بِهِ غَيْرُهُ أَذًى لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً اهـ.

(قَوْلُهُ: وَفِي كُلِّ طَوْفَةٍ) أَيْ فِي أَوَّلِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَوَفَاءً) أَيْ تَمَامًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي أُلْزِمْنَا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي، وَهُوَ الْمِيثَاقُ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ وَأَفَادَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ اللَّهَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: وَبِفَرْضِ وُرُودِهِ فَاسْتِدْلَالُهُ بِهِ لِمَا ذُكِرَ عَجِيبٌ) أَيْ إذْ لَا تَعَرُّضَ فِيهِ بِوَجْهٍ لِمَا ادَّعَاهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَكَرَ خُصُوصَ السَّبْعَةِ وَالْعَشَرَةِ لِلتَّمْثِيلِ وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ مَا فِيهِ.

(قَوْلُهُ: فَالْيُسْرَى فَمَا فِي الْيُمْنَى إلَخْ) فَالِاسْتِلَامُ بِالْيُسْرَى يُقَدَّمُ عَلَى الِاسْتِلَامِ بِمَا فِي الْيُمْنَى وَتَقَدَّمَ عَنْ عِبَارَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِشَارَةَ بِمَا فِي الْيُمْنَى مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِشَارَةِ بِالْيُسْرَى وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَبَّلَ مَا أَشَارَ بِهِ) هُوَ شَامِلٌ لِلْيَدِ وَمَا فِيهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ) بِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَتَعَرَّضْ؛ لِأَنَّهُ يُكَرِّرُ اسْتِلَامَ الْيَمَانِيِّ أَوْ الْإِشَارَةَ إلَيْهِ وَتَقْبِيلُ مَا اسْتَلَمَ بِهِ أَوْ أَشَارَ بِهِ أَوْ لَا وَقَدْ يَدُلُّ عَلَى التَّكْرِيرِ قَوْلُهُ السَّابِقُ آنِفًا مَعَ تَكَرُّرِهِ ثَلَاثًا وَكَذَا مَا يَأْتِي فِي الْيَمَانِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ بِاعْتِبَارِ رَأْسِهِ إلَخْ) سِيَاقُهُ يُشْعِرُ بِاخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالْيَمَانِيِّ مَعَ أَنَّ رُكْنَ الْحَجَرِ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الشَّاذَرْوَانِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَى الْقَوَاعِدِ) وَكَانَ الْمُرَادُ لَيْسَ عَلَى آخِرِ الْقَوَاعِدِ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى الْقَوَاعِدِ فَلْيُتَأَمَّلْ بَعْدُ.

(قَوْلُهُ: أَوَّلَ طَوَافِهِ وَفِي كُلِّ طَوْفَةٍ) سَكَتَ عَنْ آخِرِ الْأَخِيرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>