الْمَصْحُوبِ بِالذَّنْبِ وَالتَّقْصِيرِ غَالِبًا بَلْ دَائِمًا إذْ الذَّنْبُ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ عَلَى غَيْرِ الْكَمَالِ كَالْمَغْفِرَةِ (حَجًّا مَبْرُورًا) أَيْ سَلِيمًا مِنْ مُصَاحَبَةِ الْإِثْمِ، مِنْ الْبِرِّ وَهُوَ الْإِحْسَانُ أَوْ الطَّاعَةُ وَيَأْتِي بِهَذَا وَلَوْ فِي الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهَا تُسَمَّى حَجًّا أَصْغَرَ كَمَا وَرَدَ فِي خَبَرٍ (وَذَنْبًا) أَيْ وَاجْعَلْ ذَنْبِي ذَنْبًا (مَغْفُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا) لِلِاتِّبَاعِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَيَقُولُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ أَيْ فِي تِلْكَ الْمَحَالِّ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ إنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً إلَى آخِرِهِ.
(وَأَنْ يَضْطَبِعَ) الذَّكَرُ الْمُحَقَّقُ وَلَوْ صَبِيًّا فَيُسَنُّ لِلْوَلِيِّ فِعْلُهُ بِهِ (فِي جَمِيعِ كُلِّ طَوَافٍ يَرْمُلُ فِيهِ) أَيْ يُشْرَعُ فِيهِ الرَّمَلُ، وَإِنْ لَمْ يَرْمُلْ لِلِاتِّبَاعِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَلَوْ تَرَكَهُ فِي بَعْضِهِ أَتَى بِهِ فِي بَاقِيهِ (وَكَذَا) يُسَنُّ الِاضْطِبَاعُ (فِي) جَمِيعِ (السَّعْيِ عَلَى الصَّحِيحِ) قِيَاسًا عَلَى الطَّوَافِ وَيُكْرَهُ فِعْلُهُ فِي الصَّلَاةِ كَسُنَّةِ الطَّوَافِ (وَهُوَ) لُغَةً افْتِعَالٌ مِنْ الضَّبُعِ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ وَهُوَ الْعَضُدُ وَشَرْعًا (جَعْلُ وَسَطِ) بِفَتْحِ السِّينِ فِي الْأَفْصَحِ (رِدَائِهِ تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَطَرَفَيْهِ عَلَى) مَنْكِبِهِ (الْأَيْسَرِ) وَيَدَعُ مَنْكِبَهُ الْأَيْمَنَ مَكْشُوفًا كَدَأْبِ أَهْلِ الشَّطَارَةِ الْمُنَاسِبِ لِلرَّمَلِ هَذَا إذَا كَانَ مُتَجَرِّدًا إذْ الظَّاهِرُ فِعْلُهُ لِلَّابِسِ وَلَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ (وَلَا تَرْمُلُ الْمَرْأَةُ) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى (وَلَا تَضْطَبِعُ) ، وَإِنْ خَلَا الْمَطَافُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَلِيقَانِ بِهِمَا فَيُكْرَهَانِ لَهُمَا بَلْ يَحْرُمَانِ
ــ
[حاشية الشرواني]
وَأَنْ يَقُولَ فِي رَمَلِهِ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ مُحَاذِيًا لِلْحَجَرِ الْأَسْوَدِ اللَّهُمَّ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ مُحَاذِيًا لِلْحَجَرِ إلَخْ مَا نَصُّهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَالْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يُنْدَبُ فِي جَمِيعِ رَمَلِهِ وَعِبَارَتُهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ فِي رَمَلِهِ بِمَا أَحَبَّ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَآكَدُهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا إلَخْ نَصَّ عَلَيْهِ وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ انْتَهَتْ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ النَّصِّ ظَاهِرٌ فِيمَا قَالَهُ انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ: الْمَصْحُوبِ بِالذَّنْبِ إلَخْ) اُنْظُرْ التَّقْيِيدَ بِالْمَصْحُوبِ بِمَا ذُكِرَ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي أَيْ سَلِيمًا إلَخْ، فَإِنَّهُ مَعَ فَرْضِ مُصَاحَبَتِهِ لِمَا ذُكِرَ لَا يُمْكِنُ سَلَامَتُهُ مِنْ ذَلِكَ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى سُؤَالُهُ السَّلَامَةَ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْمَصْحُوبِ مَا مِنْ شَأْنِ نَوْعِهِ أَنْ يَكُونَ مَصْحُوبًا بِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم أَقُولُ يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ مِنْ أَصْلِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ إذْ الذَّنْبُ مَقُولٌ إلَخْ إذْ الذَّنْبُ بِمَعْنَى عَدَمِ الْكَمَالِ لَا يُنَافِي السَّلَامَةَ عَنْ الْإِثْمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَالْمَغْفِرَةِ) أَيْ، فَإِنَّهَا مَقُولَةٌ بِالتَّشْكِيكِ عَلَى الْكَمَالِ فَلَا تُنَافِي الْعِصْمَةَ عَنْ الْإِثْمِ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي بِهَذَا إلَخْ) أَيْ لَفْظِ حَجًّا مَبْرُورًا وَقَالَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَالْمَنَاسِكُ لِلْمُعْتَمِرِ أَنْ يَقُولَ عُمْرَةً مَبْرُورَةً وَيُحْتَمَلُ اسْتِحْبَابُ التَّعْبِيرِ بِالْحَجِّ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ وَيُقْصَدُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ، وَهُوَ الْقَصْدُ اهـ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا تُسَمَّى إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِمَّا ذُكِرَ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهَا الْحَجُّ الْمُطْلَقُ بَصْرِيٌّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ إطْلَاقِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ شَائِعٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَسَعْيًا مَشْكُورًا) أَيْ وَاجْعَلْ سَعْيِي سَعْيًا مَشْكُورًا أَيْ عَمَلًا مُتَقَبَّلًا شَرْحُ الْعُبَابِ اهـ سم (قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ الْمَحَالِّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ، فَإِنْ فَرَغَ مِنْ دُعَاءِ مَحَلٍّ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْآخَرِ قَالَ فِي غَيْرِ الرَّمَلِ كَالْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ إلَخْ وَقَالَ فِي الرَّمَلِ أَيْ الثَّلَاثَةِ الْأُولَى اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا إلَى مَشْكُورًا اهـ وَتَقَدَّمَ أَنَّ ظَاهِرَ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمَجْمُوعِ أَنَّ هَذَا يُنْدَبُ فِي جَمِيعِ الرَّمَلِ وَظَاهِرُ الْأَوَّلِينَ أَنَّ الْأَوَّلَ يُنْدَبُ فِي جَمِيعِ الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ
(قَوْلُهُ: الذِّكْرَ) إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ هَذَا إنْ كَانَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ وَلِمَنْ أَطْلَقَ عَدَمَهَا وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ إنْ قَصَدَا إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ وَلَعَلَّهُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَكَذَا فِي السَّعْيِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ اضْطَبَعَ فِي الطَّوَافِ قَبْلَهُ أَمْ لَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى الطَّوَافِ) أَيْ بِجَامِعِ قَطْعِ مَسَافَةٍ مَأْمُورٍ بِتَكْرِيرِهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ظَفِرْت فِيهِ بِحَدِيثٍ صَحِيحٍ، وَهُوَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَافَ بَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ طَارِحًا بِرِدَائِهِ» . انْتَهَى. وَلَيْسَتْ دَلَالَتُهُ عَلَى خُصُوصِ الِاضْطِبَاعِ بِوَاضِحَةٍ إيعَابٌ اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ فِعْلُهُ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ فَيُزِيلُهُ عِنْدَ إرَادَتِهَا وَيُعِيدُهُ عِنْدَ إرَادَةِ السَّعْيِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: افْتِعَالٌ مِنْ الضَّبُعِ) ، وَهُوَ مَصْدَرُ ضَبَعَ زَيْدٌ فِيهِ الْهَمْزَةُ وَالتَّاءُ فَصَارَ اضْتَبَعَ إذْ مِنْ قَوَاعِدِهِمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ فَاءَ افْتَعَلَ صَادًا أَوْ ضَادًا أَوْ طَاءً أَوْ ظَاءً قُلِبَتْ تَاؤُهُ طَاءً كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: مَكْشُوفًا) أَيْ إنْ أَمْكَنَ وَنَّائِيٌّ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ بِبَرْدٍ أَوْ حَرٍّ يَضُرُّهُ مُحَمَّدٌ صَالِحٌ (قَوْلُهُ: هَذَا إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ وَيَدَعُ مَنْكِبَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذْ الظَّاهِرُ فِعْلُهُ إلَخْ) أَيْ فِعْلُ الِاضْطِبَاعِ لِلَابِسِ الْمِخْيَطِ لَكِنْ مِنْ غَيْرِ كَشْفٍ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ وَيُسَنُّ فِعْلُهُ وَلَوْ مِنْ فَوْقِ الْمُحِيطِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ) هَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي الْحَاشِيَةِ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ بَحْثِ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ مُطْلَقًا وَعَنْ بَحْثِ غَيْرِهِ أَنَّهُ يُسَنُّ إنْ كَانَ لِعُذْرٍ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى اهـ. بَصْرِيٌّ، عِبَارَةُ الطَّائِفِيِّ قَوْلُهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَقِيَاسُهُ بِالْأَوْلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ لَوْ كَانَ لَهُ رِدَاءَانِ فَاضْطَبَعَ بِأَعْلَاهُمَا وَسَتَرَ مَنْكِبَهُ بِأَسْفَلِهِمَا حَصَّلَ السُّنَّةَ أَيْ أَصْلَهَا بَلْ كَمَالَهَا حَيْثُ كَانَ لِعُذْرٍ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ خَلَا الْمَطَافُ) أَيْ وَلَوْ لَيْلًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمَانِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُغْنِي وَكَوْنُهُ دَأْبَ أَهْلِ الشَّطَارَةِ يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ بَلْ بِأَهْلِ الشَّطَارَةِ مِنْهُمْ وَالتَّشَبُّهُ بِهِمْ حَرَامٌ انْتَهَى. وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ مُقْتَضَى الْمُحَرَّرِ التَّحْرِيمُ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمَا فِي بَقِيَّةِ كُتُبِهِمَا يَأْبَى ذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ عِنْدَ انْتِفَاءِ قَصْدِ التَّشَبُّهِ انْتَهَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنْ سُلِّمَ أَنَّهُ مِنْ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَعِبَارَتُهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ فِي رَمْلِهِ بِمَا أَحَبَّ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَآكَدُهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا إلَخْ نَصَّ عَلَيْهِ وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ انْتَهَتْ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ النَّصِّ ظَاهِرٌ فِيمَا قَالَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَالْمَغْفِرَةِ) أَيْ، فَإِنَّهَا مَقُولَةٌ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَالشَّارِحِ ذَنْبًا أَيْ وَاجْعَلْ ذَنْبِي ذَنْبًا مَغْفُورًا) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ الْعُلَمَاءُ تَقْدِيرُهُ اجْعَلْ ذَنْبِي ذَنْبًا مَغْفُورًا وَسَعْيِي سَعْيًا مَشْكُورًا أَيْ عَمَلًا مُتَقَبَّلًا يَزْكُو لِصَاحِبِهِ وَمَسَاعِي الرَّجُلِ أَعْمَالُهُ وَاحِدَتُهَا مَسْعَاةٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمَانِ