إنْ قَصَدَا التَّشَبُّهَ بِالرِّجَالِ عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِمَنْ أَطْلَقَ الْحُرْمَةَ وَلِمَنْ أَطْلَقَ عَدَمَهَا.
(وَأَنْ يَقْرُبَ) الذَّكَرُ مُطْلَقًا حَيْثُ لَا إيذَاءَ وَلَا تَأَذِّي بِنَحْوِ زَحْمَةٍ (مِنْ الْبَيْتِ) تَبَرُّكًا بِهِ لِشَرَفِهِ وَلِأَنَّهُ أَيْسَرُ لِنَحْوِ الِاسْتِلَامِ لَكِنْ قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ الْأَفْضَلُ أَنْ يَبْعُدَ مِنْهُ ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ لِيَأْمَنَ الطَّوَافَ عَلَى الشَّاذَرْوَانِ وَلَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ زَمَنِهِ لَمَّا كَانَ الشَّاذَرْوَانُ مُسَطَّحًا يَطُوفُ عَلَيْهِ الْعَوَامُّ وَكَانَ عَرْضُهُ دُونَ ذِرَاعٍ أَمَّا الْآنَ فَلَا يَأْتِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ الْمُحِبَّ الطَّبَرِيَّ جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا اجْتَهَدَ فِي تَسْنِيمِهِ وَتَتْمِيمِهِ ذِرَاعًا وَبَقِيَ إلَى الْآنِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْأَزْرَقِيِّ وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ جُزْءًا حَسَنًا رَأَيْته بِخَطِّهِ وَفِي آخِرِهِ أَنَّهُ اسْتَنْتَجَ مِنْ خَبَرِ عَائِشَةَ «لَوْلَا قَوْمُك حَدِيثُو عَهْدٍ بِكُفْرٍ لَهَدَمْت الْبَيْتَ» الْحَدِيثَ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّغْيِيرُ فِيهِ لِمَصْلَحَةٍ ضَرُورِيَّةٍ أَوْ حَاجِيَّةٍ أَوْ مُسْتَحْسَنَةٍ، وَقَدْ أَلَّفْت فِي ذَلِكَ كِتَابًا حَافِلًا سَمَّيْته الْمَنَاهِلَ الْعَذْبَةَ فِي إصْلَاحِ مَا وَهِيَ مِنْ الْكَعْبَةِ دَعَا إلَيْهِ خَبْطُ جَمْعٍ جَمٍّ فِيهِ لَمَّا وَرَدَتْ الْمَرَاسِيمُ بِعِمَارَةِ سَقْفِهَا سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ لِمَا أَنْهَاهُ سَدَنَتُهَا مِنْ خَرَابِهِ.
(فَلَوْ فَاتَ الرَّمَلُ بِالْقُرْبِ لِزَحْمَةٍ) أَوْ خَشِيَ صَدْمَ نِسَاءٍ (فَالرَّمَلُ) حَيْثُ لَمْ يَرْجُ فُرْجَةً عَلَى قُرْبٍ عُرْفًا وَلَمْ يُؤْذِ أَوْ يَتَأَذَّ بِوُقُوفِهِ (مَعَ بُعْدٍ) لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ حَاشِيَةِ الْمَطَافِ لِلْخِلَافِ فِي صِحَّةِ طَوَافِهِ حِينَئِذٍ (أَوْلَى) ؛ لِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِذَاتِ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ مِمَّا تَعَلَّقَ بِمَحَلِّهَا كَالْجَمَاعَةِ بِغَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْلَى مِنْ الِانْفِرَادِ بِهِ (إلَّا أَنْ يَخَافَ صَدْمَ النِّسَاءِ) إذَا بَعُدَ (فَالْقُرْبُ بِلَا رَمَلٍ أَوْلَى) مِنْ الْبُعْدِ مَعَ الرَّمَلِ مُحَافَظَةً عَلَى الطَّهَارَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ خَافَ مَعَ الْقُرْبِ أَيْضًا لَمْسَهُنَّ كَانَ تَرْكُ الرَّمَلِ أَوْلَى هُنَا أَيْضًا وَيُسَنُّ لِتَارِكِهِ كَالْعَدُوِّ الْآتِي فِي السَّعْيِ أَنْ يَتَحَرَّك فِي مَشْيِهِ وَيَرَى أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ لَفَعَلَ.
(وَأَنْ يُوَالِيَ) عُرْفًا الذَّكَرُ وَغَيْرُهُ (طَوَافَهُ) اتِّبَاعًا وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مُوجِبِهِ، وَدَلِيلُ عَدَمِ وُجُوبِهِ الْقِيَاسُ عَلَى الْوُضُوءِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَادَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَتَخَلَّلَهَا مَا لَيْسَ
ــ
[حاشية الشرواني]
الزِّيِّ الْمُخْتَصِّ بِالرِّجَالِ فَيَنْبَغِي التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي عَدَمُ التَّحْرِيمِ مُطْلَقًا إذْ لَا مَعْنَى لِلْقَصْدِ حِينَئِذٍ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ التَّشَبُّهَ إلَخْ) ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمَا، وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ التَّشَبُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الزِّيِّ الْمُخْتَصِّ بِالرِّجَالِ سم وَفِيهِ نَظَرٌ
قَوْلُهُ: الذَّكَرُ مُطْلَقًا) أَيْ أَمَّا الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَيَكُونَانِ فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ، فَإِنْ طَافَا خَالِيَيْنِ فَكَالرَّجُلِ فِي اسْتِحْبَابِ الْقُرْبِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ زَادَ الْوَنَائِيُّ قَالَ عَبْدُ الرَّءُوفِ وَالْخُنْثَى يَتَوَسَّطُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ اهـ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا إيذَاءَ إلَخْ) حَاصِلُ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُ يَتَوَقَّى التَّأَذِّي وَالْإِيذَاءَ بِالزِّحَامِ مُطْلَقًا وَيَتَوَقَّى الزِّحَامَ الْخَالِيَ عَنْهُمَا إلَّا فِي الِابْتِدَاءِ وَالْأَخِيرَةُ بَصْرِيٌّ وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ الْحَاصِلِ النِّهَايَةُ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ زَحْمَةٍ) أَيْ كَتَنَجُّسِ الْمَحَلِّ الْقَرِيبِ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ إلَخْ) ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ نَحْوَ ذَلِكَ عِبَارَتُهُ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ ظُهُورِ الشَّاذَرْوَانِ أَمَّا عِنْدَ ظُهُورِهِ فَلَا احْتِيَاطَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالْأَوْلَى كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ لِيَأْمَنَ مُرُورَ بَعْضِ جَسَدِهِ عَلَى الشَّاذَرْوَانِ انْتَهَى أَقُولُ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ أَوْجَهُ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ لَا يَمْنَعُ دُخُولَ جَزْءٍ مِنْهُ كَيَدِهِ فِي هَوَاءِ الشَّاذَرْوَانِ فَالِاحْتِيَاطُ فِي الْبُعْدِ بِنَحْوِ مَا ذَكَرَهُ الزَّعْفَرَانِيُّ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ الْأَمْنُ مِمَّا ذُكِرَ ثُمَّ رَأَيْت تِلْمِيذَ الشَّارِحِ نَقَلَ كَلَامَهُ هَذَا فِي شَرْحِهِ عَلَى مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْإِبْعَادُ قَلِيلًا أَوْلَى انْتَهَى اهـ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَالِاحْتِيَاطُ الْإِبْعَادُ عَنْ الْبَيْتِ بِذِرَاعٍ اهـ.
وَفِي الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ عَنْ مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ لِلشَّارِحِ وَعَنْ الْبَكْرِيِّ وَابْنِ عَلَّانَ بِنَحْوِ ذِرَاعٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَصَنَّفَ) أَيْ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي وُجُوبِ التَّسْنِيمِ صَوْنًا لِطَوَافِ الْعَامَّةِ ش (قَوْلُهُ: اُسْتُنْتِجَ) لَعَلَّهُ بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَلَّفْت إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ نَفْسِهِ وَ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي جَوَازِ التَّغْيِيرِ فِي الْبَيْتِ لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: دَعَا إلَيْهِ) أَيْ التَّأْلِيفِ (قَوْلُهُ: جَمٌّ) أَيْ كَثِيرٌ (فِيهِ) أَيْ فِي جَوَازِ التَّغْيِيرِ (قَوْلُهُ: لِمَا وَرَدَتْ إلَخْ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَ (قَوْلُهُ: لَمَّا أَنْهَاهُ) بِفَتْحِهَا وَالضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى السَّقْفِ وَ (سَدَنَتُهَا) خُدَّامُهَا كُرْدِيٌّ وَالْأَوْلَى أَوْ الصَّوَابُ عَكْسُ مَا ذَكَرَهُ فِي اللَّامَيْنِ وَأَنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ لِمَا الْمَوْصُولَةِ (قَوْلُهُ: سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ) أَيْ وَتِسْعِمِائَةٍ
قَوْلُ الْمَتْنِ (لِزَحْمَةٍ) أَيْ وَنَحْوِهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَرْجُ) إلَى قَوْلِهِ وَدَلِيلُ عَدَمِ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا مَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَرْجُ فُرْجَةً إلَخْ) أَيْ، فَإِنْ رَجَاهَا وَقَفَ لِيَرْمُلَ فِيهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ حَاشِيَةِ الْمَطَافِ) كَذَا فِي الْأَسْنَى وَالنِّهَايَةُ تَبَعًا لِبَحْثِ الْإِسْنَوِيِّ ذَلِكَ وَخَالَفَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَمَشَى عَلَى مَا يَقْتَضِي إطْلَاقُهُمْ أَنَّ الرَّمَلَ مَعَ الْبُعْدِ أَوْلَى، وَإِنْ خَرَجَ عَمَّا ذُكِرَ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ فَلَا يَبْعُدُ بِحَيْثُ يَكُونُ طَوَافُهُ خَارِجًا عَنْ الْمَطَافِ الْمَعْهُودِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالتُّحْفَةِ وَنَقَلَهُ سم عَنْ الرَّمْلِيِّ وَاسْتَوْجَهَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ قَالَ الشَّلَبِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَقَوْلُ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ بِعَدَمِ صِحَّةِ الطَّوَافِ وَرَاءَ زَمْزَمَ وَالْمَقَامِ إنْ قَالَ بِالْبُطْلَانِ مَعَ الْعُذْرِ أَيْضًا فَهُوَ بَعِيدٌ وَفِي الْمَجْمُوعِ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ التَّبَاعُدُ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ خَارِجَهُ اهـ وَظَاهِرُهُ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ الْخِلَافِ فَحِينَئِذٍ يَبْعَدُ، وَإِنْ خَرَجَ عَنْ الْمَطَافِ لِلْإِتْيَانِ بِالرَّمَلِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ انْتَهَى اهـ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ إذَا لَمْ يَبْعُدْ بِحَيْثُ يَكُونُ طَوَافُهُ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ وَالْمَقَامِ وَإِلَّا فَالْقُرْبُ مَعَ تَرْكِ الرَّمَلِ حِينَئِذٍ أَوْلَى لِكَرَاهَةِ الطَّوَافِ وَرَاءَ مَا ذُكِرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْإِيعَابِ فِي أَخْذِهِ بِإِطْلَاقِهِمْ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَالْجَمَاعَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّلَاةَ بِالْجَمَاعَةِ فِي الْبَيْتِ أَوْلَى مِنْ الِانْفِرَادِ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ اهـ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ غَيْرَ الْمَسَاجِدِ إلَخْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا سَكَتَ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ هُنَا اكْتِفَاءً بِمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الِانْفِرَادِ بِهِ) أَيْ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ قَوْلُ الْمَتْنِ (إلَّا أَنْ يَخَافَ صَدْمَ النِّسَاءِ) أَيْ بِأَنْ كُنَّ فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي
(قَوْلُهُ: وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مُوجِبِهِ) أَيْ كَالْحَنَابِلَةِ وَيَتَلَخَّصُ مِمَّا ذَكَرْته
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
إنْ قَصَدَا التَّشَبُّهَ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الَّذِي يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ