للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(تَنْبِيهٌ) أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ خَرَجَ ثُمَّ عَادَ لَهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ فَهَلْ يُسَنُّ لَهُ طَوَافُ الْقُدُومِ نَظَرًا لِدُخُولِهِ أَوْ لَا نَظَرًا لِعَدَمٍ انْقِطَاعِ نِسْبَتِهِ عَنْهَا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ الْعَوْدَ إلَيْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ لَا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَلَوْ قِيلَ بِالثَّالِثِ لَمْ يَبْعُدْ إلَّا أَنَّ إطْلَاقَهُمْ نَدْبَهُ لِلْحَلَالِ الشَّامِلِ لِمَا إذَا فَارَقَ عَازِمًا عَلَى الْعَوْدِ ثُمَّ عَادَ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ مَا يُصَرِّحُ بِالْأَوَّلِ وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ وُجُوبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ عَلَى الْخَارِجِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ فَرَاغِ الْمَنَاسِكِ كُلِّهَا، وَلَا كَذَلِكَ طَوَافُ الْقُدُومِ وَعَلَيْهِ فَيُجْزِئُ السَّعْيُ بَعْدَهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ عَادَ لِمَكَّةَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْقُدُومُ وَلَا يُجْزِئُهُ السَّعْيُ حِينَئِذٍ بِأَنَّ السَّعْيَ مَتَى أُخِّرَ عَنْ الْوُقُوفِ وَجَبَ وُقُوعُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ (وَمَنْ سَعَى بَعْدَ) طَوَافِ (قُدُومٍ وَلَمْ يُعِدْهُ) أَيْ لَمْ يُنْدَبْ لَهُ إعَادَتُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ بَلْ يُكْرَهُ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ لَمْ يَسْعَوْا إلَّا بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُسَنَّ لِلْقَارِنِ رِعَايَةُ خِلَافِ مُوجِبِهَا وَمَرَّ وُجُوبُهَا

ــ

[حاشية الشرواني]

وَفِي الْوَنَائِيِّ عَنْ الْإِمْدَادِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ إلَخْ) الَّذِي فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَقَدْ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِمْ أَوْ قُدُومٍ مَا لَوْ أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ مَثَلًا بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ خَرَجَ لِحَاجَةٍ ثُمَّ عَادَ قَبْلَ الْوُقُوفِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسَنُّ لَهُ طَوَافُ الْقُدُومِ فَيَنْبَغِي إجْزَاءُ السَّعْيِ بَعْدَهُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ. انْتَهَى.

فَجَزَمَ بِسَنِّ طَوَافِ الْقُدُومِ وَاقْتَصَرَ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي إجْزَاءُ السَّعْيِ بَعْدَهُ سم (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ الْعَوْدَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُسَنُّ وَ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ فَيُسَنُّ (قَوْلُهُ: يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ) عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَإِذَا أَحْرَمَ مَكِّيٌّ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَخَرَجَ مِنْهَا وَلَوْ لِغَيْرِ سَفَرِ قَصْرٍ وَعَازِمًا عَلَى الْعَوْدِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا سُنَّ لَهُ طَوَافُ الْقُدُومِ كَمَا لَوْ كَانَ حَلَالًا وَيُجْزِئُ السَّعْيُ بَعْدَهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَلَوْ دَخَلَ حَلَالٌ مَكَّةَ فَطَافَ لِلْقُدُومِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَمْ يَجُزْ السَّعْيُ بَعْدَهُ كَذَا فِي الْإِمْدَادِ وَالنِّهَايَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ) أَيْ سُنَّ طَوَافُ الْقُدُومِ لِلْخَارِجِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ) أَيْ الْعَائِدِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ يُسَنُّ لَهُ الطَّوَافُ وَيُجْزِئُ السَّعْيُ بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُهُ السَّعْيُ إلَخْ) جَزَمَ بِهَذَا تِلْمِيذُهُ عَبْدُ الرَّءُوفِ مُخَالِفًا لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ وَنَّائِيٌّ عِبَارَةُ سم قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَمَرَّ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ يُسَنُّ لِمَنْ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ إلَى مَكَّةَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ طَوَافُ الْقُدُومِ فَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ لَهُ السَّعْيُ بَعْدَهُ وَقَدْ يُفْهِمُهُ قَوْلُهُمْ أَوْ وَقَفَ لَمْ يَجُزْ السَّعْيُ إلَّا بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِدُخُولِ وَقْتِهِ، وَهُوَ فَرْضٌ فَلَمْ يَجُزْ بَعْدَ نَفْلٍ مَعَ إمْكَانِهِ بَعْدَ فَرْضٍ. انْتَهَى. فَأَفْهَمَ التَّعْلِيلُ بِدُخُولِ وَقْتِهِ إلَخْ جَوَازَهُ قَبْلَهُ، وَهُوَ خِلَافُ كَلَامِهِ هُنَا. اهـ. وَاعْتَمَدَ ع ش مَا هُنَا عِبَارَتُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَيْ التَّعْلِيلِ عَدَمُ امْتِنَاعِ السَّعْيِ قَبْلَ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ حَيْثُ قَالَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ عَادَ لِمَكَّةَ إلَخْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ) هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَقَالَ فِي الْمُغْنِي هِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَقِيلَ مَكْرُوهَةٌ. اهـ. وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ شُهْبَةَ هَذَا وَلَوْ قِيلَ بِحُرْمَتِهَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ سَنِّهَا لَمْ يَبْعُدْ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّلَبُّسِ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ بَصْرِيٌّ وَقَدْ يُقَالُ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ كَمَا حَكَاهُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةُ وَصَاحِبُ الْقَوْلِ الرَّاجِحِ لَا يَقْطَعُ نَظَرَهُ عَنْ الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ بِالْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُسَنَّ لِلْقَارِنِ إلَخْ) جَرَى عَلَيْهِ الْجَمَّالُ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِ الدُّلَجِيَّةِ وَجَرَى فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ وَالْخَطِيبُ فِي الْمُغْنِي عَلَى نَدْبِ سَعْيَيْنِ لَهُ وَعَلَيْهِ جَرَى سم وَالشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَابْنُ عَلَّانَ وَغَيْرُهُمْ قَالَ الْحَلَبِيُّ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ امْتِنَاعُ مُوَالَاةِ الطَّوَافَيْنِ وَالسَّعْيَيْنِ فَيَطُوفُ وَيَسْعَى ثُمَّ يَطُوفُ وَيَسْعَى. انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.

عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيُسَنُّ لِلْقَارِنِ طَوَافَانِ وَسَعَيَانِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُمَا عَلَيْهِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا، وَهُوَ حَسَنٌ. اهـ. وَقَالَ بَاعَشَنٍ عَلَى الْوَنَائِيِّ الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ حَجّ مِنْ عَدَمِ السُّنِّيَّةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: رِعَايَةُ خِلَافِ مُوجِبِهَا) ، وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ نَدْبِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ أَنْ لَا يُعَارِضَ سُنَّةً صَحِيحَةً وَقَدْ صَحَّ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّهُ لَمْ يَطُفْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إلَّا طَوَافًا وَاحِدًا» كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَالْأَفْضَلُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ اللَّهُمَّ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَحَافِيًا إلَى وَمُتَطَهِّرًا (قَوْلُهُ: وَمَرَّ وُجُوبُهَا إلَخْ) الْمُرَادُ بِوُجُوبِهَا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

عَرَفَةَ إلَى مَكَّةَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ طَوَافُ الْقُدُومِ فَعَلَيْهِ يَجُوزُ لَهُ السَّعْيُ بَعْدَهُ وَقَدْ يُفْهِمُهُ قَوْلُهُمْ لَوْ وَقَفَ لَمْ يَجُزْ السَّعْيُ إلَّا بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِدُخُولِ وَقْتِهِ، وَهُوَ فَرْضٌ فَلَمْ يَجُزْ بَعْدَ نَفْلٍ مَعَ إمْكَانِهِ بَعْدَ فَرْضٍ. اهـ. فَأَفْهَمَ التَّعْلِيلُ بِدُخُولِ وَقْتِهِ إلَخْ جَوَازَهُ قَبْلَهُ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا يُجْزِئُهُ السَّعْيُ حِينَئِذٍ إلَى اسْتِئْنَافٍ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَلَوْ دَخَلَ حَلَالٌ مَكَّةَ فَطَافَ لِلْقُدُومِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَهَلْ لَهُ السَّعْيُ حِينَئِذٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ أَوْ لَا، وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا لَوْ صَدَرَ طَوَافُ الْقُدُومِ حَالَ الْإِحْرَامِ لِشُمُولِ نِيَّةِ الْحَجِّ لَهُمَا حِينَئِذٍ فَكَانَتْ التَّبَعِيَّةُ صَحِيحَةً لِوُجُودِ الْمُجَانَسَةِ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ فَالْمُجَانَسَةُ مُنْتَفِيَةٌ بَيْنَهُمَا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْآتِي فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَوْ طَافَ لِلْقُدُومِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَسْعَى بَعْضَ السَّعْيِ وَيُكَمِّلُهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَطَوَافُ الرُّكْنِ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا وَالْأَقْرَبُ لِكَلَامِهِمْ الْمَنْعُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ إلَخْ) الَّذِي فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ: وَقَدْ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِمْ أَوْ قُدُومٍ مَا لَوْ أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ مَثَلًا بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ خَرَجَ لِحَاجَةٍ ثُمَّ عَادَ قَبْلَ الْوُقُوفِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسَنُّ لَهُ طَوَافُ الْقُدُومِ فَيَنْبَغِي إجْزَاءُ السَّعْيِ بَعْدَهُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ. اهـ. فَجَزَمَ بِسِنِّ طَوَافِ الْقُدُومِ وَاقْتُصِرَ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي إجْزَاءُ السَّعْيِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ) لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَأْخِيرُهُ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>