للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا ذَكَرَ فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ هُوَ مِنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ وَبِفَرْضِ أَنَّ الْمَنْقُولَ فِيهِ مَا ذُكِرَ فَالْغَرَرُ فِيهِ ضَعِيفٌ جِدًّا فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ.

وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَوْ رَأَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَعْدَهُ وَلَمْ يَرَهَا لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ قَرُبَتْ الْمُدَّةُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَتَغَيَّرُ بِنَحْوِ اللَّوْنِ فَكَانَ أَوْلَى مِمَّا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لِعَارِضٍ كَمَا يَأْتِي، وَإِذَا صَحَّ فَوَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا عَمَّا رَآهُ عَلَيْهِ تَخَيَّرَ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي التَّغَيُّرِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي وَتَخَيَّرَ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ رَآهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الْمَوْجُودَةِ الْآنَ وَرَضِيَ بِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا صُدِّقَ الْبَائِعُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي عَيْبٍ يُمْكِنُ حُدُوثُهُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُجُودِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ (دُونَ مَا) يُظَنُّ أَنَّهُ (يَتَغَيَّرُ غَالِبًا) لِطُولِ مُدَّةٍ أَوْ لِعُرُوضِ أَمْرٍ آخَرَ كَالْأَطْعِمَةِ الَّتِي يُسْرِعُ فَسَادُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا وُثُوقَ حِينَئِذٍ بِبَقَائِهِ حَالَ الْعَقْدِ عَلَى أَوْصَافِهِ الْمَرْئِيَّةِ قِيلَ تَنَافَى كَلَامُهُ فِيمَا يَحْتَمِلُ التَّغَيُّرَ وَعَدَمَهُ عَلَى السَّوَاءِ كَالْحَيَوَانِ إذْ قَضِيَّةُ مَفْهُومِ أَوَّلِهِ الْبُطْلَانُ وَآخِرِهِ الصِّحَّةُ وَالْأَصَحُّ فِيهِ الصِّحَّةُ كَالْأَوَّلِ بِشَرْطِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمَرْئِيِّ بِحَالِهِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّنَافِي غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي مَنْطُوقِ أَوَّلِ كَلَامِهِ وَمَفْهُومِ آخِرِهِ؛ لِأَنَّ الْقَيْدَ هُنَا لِلْمَنْفِيِّ لَا لِلنَّفْيِ أَيْ مَا لَا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ سَوَاءٌ أَغَلَبَ عَدَمُ تَغَيُّرِهِ أَمْ اسْتَوَيَا دُونَ مَا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي مَنْطُوقِ الْأَوَّلِ وَمَفْهُومِ الثَّانِي فَلَا تَنَافِيَ وَجَعْلُ الْحَيَوَانِ مِثَالًا هُوَ مَا دَرَجُوا عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَمَا وَقَعَ لِصَاحِبِ الْأَنْوَارِ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَنَّهُ قَسِيمٌ لَهُ وَحُكْمُهُمَا وَاحِدٌ فِيهِ نَظَرٌ، وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ لَمَّا شَكَّ فِيهِ هَلْ هُوَ مِمَّا يَسْتَوِي فِيهِ الْأَمْرَانِ أَوْ لَا أُلْحِقَ بِالْمُسْتَوِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَانِعِ وَجُعِلَ قَسِيمًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ فِيهِ الِاسْتِوَاءُ فَتَأَمَّلْهُ.

(تَنْبِيهٌ) قَضِيَّةُ إنَاطَتِهِمْ التَّغَيُّرَ وَعَدَمَهُ بِالْغَالِبِ لَا بِوُقُوعِهِ بِالْفِعْلِ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ لِهَذَا حَتَّى لَوْ غَلَبَ التَّغَيُّرُ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ أَوْ عَدِمَهُ فَتَغَيَّرَ أَوْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ فَتَغَيَّرَ أَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِيمَا قَالُوهُ فِي كُلٍّ مِنْ الْأَقْسَامِ مِنْ الْبُطْلَانِ فِي الْأَوَّلِ

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُهُ: وَمَا ذُكِرَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْمَدَارِ (قَوْلُهُ: فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ) هُوَ مَا لَوْ رَأَى الْمَبِيعَ ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْهُ إلَخْ. اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمَنْقُولَ فِيهِ) أَيْ فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ (مَا ذُكِرَ) أَيْ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ: بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرَهَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَرَ الثَّمَرَةَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) مُعْتَمَدٌ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ الثَّمَرَةَ وَالتَّذْكِيرُ بِاعْتِبَارِ الْمَبِيعِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ؛ لِأَنَّهَا تَتَغَيَّرُ بِنَحْوِ اللَّوْنِ فَكَانَتْ إلَخْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْلَى) أَيْ بِالْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إلَخْ) أَيْ بَيْعَ مَا يَغْلِبُ إلَخْ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي التَّنْبِيهِ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا صَحَّ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا، (وَقَوْلُهُ: تَخَيَّرَ) أَيْ فَوْرًا فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ عَيْبٍ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا ع ش وَقَلْيُوبِيٌّ (قَوْلُهُ: لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُجُودِهِ إلَخْ) هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي تَغَيُّرِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْأُولَى مُصَوَّرَةٌ بِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا تُنَافِي هَذِهِ لَكِنَّ عُمُومَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُصَوَّرَ مَا هُنَا بِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصُّفَّةَ كَانَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ وَاخْتَلَفَا فِي مُجَرَّدِ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِهَا فَصُدِّقَ الْمُشْتَرِي عَمَلًا بِالْأَصْلِ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ رَآهُ إلَخْ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: لِاتِّفَاقِهِمَا إلَخْ أَيْ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى تَغَيُّرِهِ بَلْ الْمُشْتَرِي يَدَّعِيهِ وَالْبَائِعُ يُنْكِرُ وُجُودَهُ مِنْ أَصْلِهِ فَافْتَرَقَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لِطُولِ الْمُدَّةِ) إلَى التَّنْبِيهِ الْأَوَّلِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: فَسَادُهَا) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ تَلَفَهَا. اهـ سم.

(قَوْلُهُ: مَفْهُومِ أَوَّلِهِ) هُوَ قَوْلُهُ: فِيمَا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا إلَخْ (وَقَوْلُهُ: وَآخِرِهِ) أَيْ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ دُونَ مَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ فِيهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْأَصَحَّ فِيمَا يَحْتَمِلُ التَّغَيُّرَ وَعَدَمَهُ عَلَى السَّوَاءِ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حَالَ الْعَقْدِ ذَاكِرًا لِأَوْصَافِهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ) أَيْ مَا يَحْتَمِلُ التَّغَيُّرَ وَعَدَمَهُ عَلَى السَّوَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَيْدَ) أَيْ غَالِبًا (هُنَا) أَيْ فِي أَوَّلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَجَعْلُ الْحَيَوَانِ مِثَالًا) أَيْ لِمَا اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ) أَيْ الْحَيَوَانَ (قَسِيمٌ لَهُ) أَيْ لِمُحْتَمِلِ الْأَمْرَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ (قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُمَا وَاحِدٌ) أَيْ، وَهُوَ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ جَعْلُ قَسِيمِ الشَّيْءِ قِسْمًا لَهُ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: تَوْجِيهُهُ) أَيْ مَا فِي الْأَنْوَارِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَانِعِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ مِنْ الِاسْتِوَاءِ فَجُعِلَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مِنْ الْمُسْتَوِي. اهـ. كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَجُعِلَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أُلْحِقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا بِوُقُوعِهِ إلَخْ) أَيْ التَّغَيُّرِ أَوْ عَدَمِهِ (قَوْلُهُ: لِهَذِهِ) أَيْ لِوُقُوعِ أَحَدِهِمَا بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَمِهِ فَتَغَيَّرَ إلَخْ) هَذَا صَرِيحُ قَوْلِهِمْ السَّابِقِ، وَإِذَا صَحَّ فَوَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا عَمَّا رَآهُ عَلَيْهِ تَخَيَّرَ إذْ التَّخْيِيرُ فَرْعُ الصِّحَّةِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ: (حَتَّى لَوْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

فَسَادُهَا) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَعَمُّ مِنْ تَلَفِهَا (قَوْلُهُ: فِيمَا يَحْتَمِلُ التَّغَيُّرَ وَعَدَمَهُ عَلَى السَّوَاءِ كَالْحَيَوَانِ) لَا يُقَالُ دَعْوَى اسْتِوَاءِ التَّغَيُّرِ وَعَدَمِهِ فِي الْحَيَوَانِ تُنَافِي مَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ شَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعَيْبِ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ قَوْلِهِ الْحَيَوَانُ يَغْتَذِي فِي الصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ وَتُحَوَّلُ طِبَاعُهُ فَقَلَّمَا يَنْفَكُّ عَنْ عَيْبٍ خَفِيٍّ أَوْ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا نُسَلِّمُ الْمُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَقِلُّ انْفِكَاكُهُ عَنْ الْعَيْبِ غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَيْبٌ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ يَسْتَمِرَّ بِالْحَالَةِ الْمَرْئِيِّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَغْلِبَ تَغَيُّرُهُ عَنْهَا بَلْ لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ مُطْلَقِ الْعَيْبِ لَمْ يَسْتَلْزِمْ ذَلِكَ غَلَبَةَ تَغَيُّرِهِ عَنْ الْحَالَةِ الَّتِي رُئِيَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعِيبًا وَيَسْتَمِرُّ بِتِلْكَ الصِّفَةِ الْمَرْئِيَّةِ مَعَ حُصُولِ الْعَيْبِ فِيهِ إلَى الْعَقْدِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ يُوهِمُ الْمُنَافَاةَ قَبْلَ التَّأَمُّلِ الصَّادِقِ ثُمَّ إنَّ رُؤْيَتَهُ لَا تَسْتَلْزِمُ الِاطِّلَاعَ عَلَى الْعَيْبِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا إذْ قَدْ يُشْتَبَهُ حَالُهُ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ فَلَا يُعْلَمُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي شَرْحِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَمِهِ فَتَغَيَّرَ إلَخْ) هَذَا صَرِيحُ قَوْلِهِمْ السَّابِقِ، وَإِذَا صَحَّ فَوَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا عَمَّا رَآهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>