يَجُوزُ رَدُّ الْمَعِيبِ مِنْهُ وَحْدَهُ إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا الشَّيْخَانِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيُّ وَأَمَّا تَأْوِيلُهُ بِحَمْلِهِ عَلَى تَرَاضِي الْعَاقِدَيْنِ بِهِ فَفِي غَايَةِ الْبُعْدِ لِأَنَّهُ مَعَ الرِّضَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَالْكَلَامُ فِيمَا فِيهِ خِلَافٌ وَلَوْ ظَهَرَ عَيْبُ أَحَدِهِمَا بَعْدَ تَلَفِ الْآخَرِ أَوْ بَيْعِهِ لَمْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ إلَّا إنْ كَانَ الْبَيْعُ مِنْ الْبَائِعِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَكَذَا السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَإِنْ تَنَاقَضَ كَلَامُهُ فِيهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِانْتِفَاءِ التَّفْرِيجِ الْمُضِرِّ حِينَئِذٍ وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ
(وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدَ رَجُلَيْنِ) مِنْهُمَا لَا مِنْ وَكِيلِهِمَا (فَبَانَ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا) لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ دُونَ مُوَكِّلِهِ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ اشْتَرَيَاهُ) أَيْ الْمَعِيبَ مِنْ وَاحِدٍ كَمَا فِي أَصْلِهِ كَالرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنْفُسِهِمَا أَوْ مُوَكِّلِهِمَا (فَلِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ) لِحِصَّتِهِ عَلَى الْبَائِعِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ الْمَتْنِ عَلَيْهِ بِجَعْلِ الضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى قَوْلِهِ عَبْدَ رَجُلَيْنِ لِأَنَّ هَذِهِ لَا خِلَافَ فِيهَا لِلتَّعَدُّدِ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ قَطْعًا فَلَهُ رَدُّ الرُّبُعِ
(وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ) وَاحْتُمِلَ صِدْقُ كُلٍّ (صُدِّقَ الْبَائِعُ) فِي دَعْوَاهُ حُدُوثَهُ (بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ لُزُومُ الْعَقْدِ وَقِيلَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَيْبِ فِي يَدِهِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا مَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِمَّا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ فَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي هَذَا وَالْبَائِعُ قَدَّمَهُ عَلَى الْعَقْدِ صُدِّقَ الْبَائِعُ عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا شَمِلَهُ الْمَتْنُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الثَّانِي بِيَمِينِهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
ع ش (قَوْلُهُ: يَجُوزُ رَدُّ الْمَعِيبِ إلَخْ) خَالَفَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي فَقَالَا وَلَا يَرُدُّ بَعْضَ الْمَبِيعِ فِي صَفْقَةٍ بِالْمَعِيبِ قَهْرًا وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ الْبَاقِي لِلْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ ضَرَرُ التَّبْعِيضِ اهـ.
(قَوْلُهُ: تَأْوِيلُهُ) أَيْ النَّصِّ.
(قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ فِيمَا فِيهِ خِلَافٌ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ كَوْنَ الْكَلَامِ فِيمَا فِيهِ خِلَافٌ لِلْأَصْحَابِ لَا يُنَافِي تَأْوِيلَ النَّصِّ الْمُخَالِفِ لِأَحَدِ شِقَّيْهِ بِحَيْثُ تَنْتَفِي الْمُخَالَفَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ: كَلَامُهُ فِيهِ) أَيْ كَلَامُ السُّبْكِيّ فِي الْبَيْعِ مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التَّفْرِيقِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: وَخَالَفَهُ) أَيْ الْقَاضِيَ صَاحِبَاهُ إلَخْ وَقَالَا بِامْتِنَاعِ الرَّدِّ فِي الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ وَقْتَ الرَّدِّ لَمْ يَرُدَّ كَمَا تَمَلَّكَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَأَسْنَى وَفِي سم قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَإِنْ وَرِثَهُ ابْنَا الْمُشْتَرِي مَثَلًا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا رَدُّ نَصِيبِهِ لِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ اهـ وَلَوْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا الْمُشْتَرِي تَعَذَّرَ الرَّدُّ إذْ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَهُ الْأَرْشُ عَلَى التَّرِكَةِ لِلْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ اهـ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَوْ اشْتَرَى إلَخْ) وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ كُلَّ وَاحِدٍ بِمِائَةٍ فَلَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْهُمَا) إلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ) عَطْفٌ عَلَى مِنْ وَاحِدٍ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَهُ) أَيْ لِأَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ رَدُّ الرُّبُعِ وَظَاهِرٌ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى كُلٍّ الرُّبُعَ سم عَلَى حَجّ أَيْ لَا أَنَّ لِأَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ رَدُّ الرُّبُعِ عَلَى الْبَائِعَيْنِ مَعًا اهـ ع ش قَالَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَلَوْ اشْتَرَى ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَكُلُّ مُشْتَرٍ مِنْ كُلِّ تِسْعَةٍ وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنْ تَضْرِبَ عَدَدَ الْبَائِعِينَ فِي عَدَدِ الْمُشْتَرِينَ عِنْدَ التَّعَدُّدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الِانْفِرَادِ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ فَمَا حَصَلَ فَهُوَ عَدَدُ الْعُقُودِ اهـ
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ إلَخْ) بَلْ إنَّمَا يَبْرَأُ مِنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ مَوْجُودٍ عِنْدَ الْعَقْدِ كَمَا مَرَّ فَالصُّورَةُ هُنَا أَنَّ الْعَيْبَ بَاطِنٌ بِالْحَيَوَانِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ حُدُوثُ الْعَيْبِ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْبَائِعُ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ) وَيَكْفِيهِ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ حِفْنِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْمُشْتَرِي عَلَى الثَّانِي) كَانَ حَاصِلُ إيضَاحِهِ أَنَّهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى وُجُودِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ إلَّا أَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي سَبْقَهُ الْعَقْدَ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي تَأْخِيرَهُ عَنْهُ فَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حُدُوثَهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْمُصَدَّقُ وَفِي شَرْحِ م ر وَقَدْ أُخِذَ مِمَّا تَقَرَّرَ قَاعِدَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْعَيْبُ يُثْبِتُ الرَّدَّ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ وَحَيْثُ كَانَ يُبْطِلُهُ فَالْمُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ التَّقَايُلِ فَقَالَ الْبَائِعُ فِي عَيْبٍ يُحْتَمَلُ حُدُوثُهُ وَقِدَمُهُ عَلَى الْإِقَالَةِ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي كَانَ عِنْدَكَ قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ أَفْتَيْت فِيهَا بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ غُرْمِ أَرْشِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ فِيمَا فِيهِ خِلَافٌ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ كَوْنَ الْكَلَامِ فِيمَا فِيهِ خِلَافٌ لِلْأَصْحَابِ لَا يُنَافِي تَأْوِيلَ النَّصِّ الْمُخَالِفِ لِأَحَدِ شِقَّيْهِ بِحَيْثُ تَنْتَفِي الْمُخَالَفَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعُهُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ فَلَوْ بَاعَ بَعْضَهُ أَيْ بَعْضَ الْمَبِيعِ فِي صَفْقَةٍ ثُمَّ وَجَدَ الْعَيْبَ لَمْ يَرُدَّ وَلَا أَرْشَ لِعَدَمِ الْيَأْسِ مِنْهُ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَقِيلَ لَهُ الْأَرْشُ لِلْبَاقِي لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ وَلَا يُنْتَظَرُ عَوْدُ الزَّائِلُ لِيَرُدَّ الْكُلَّ كَمَا لَا يُنْتَظَرُ زَوَالُ الْعَيْبِ الْحَادِثِ وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنَقْلِ الرَّافِعِيِّ لَهُ عَنْ تَصْحِيحِ التَّهْذِيبِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى التَّعْلِيلِ بِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ لَا بِعَدَمِ الْيَأْسِ وَأَمَّا تَعَذُّرُ الرَّدِّ فَإِنَّمَا هُوَ فِي الْحَالِ كَمَا لَوْ بَاعَ الْجَمِيعَ فَلَا أَرْشَ لَهُ إلَى أَنْ قَالَ وَشَمِلَ قَوْلُهُ: كَغَيْرِهِ بَاعَ بَعْضَهُ مَا لَوْ بَاعَهُ لِلْبَائِعِ فَلَا رَدَّ لَهُ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ إلَخْ اهـ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَإِنْ وَرِثَاهُ أَيْ أُمَنَاءُ الْمُشْتَرِي مَثَلًا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا رَدُّ نَصِيبِهِ لِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ وَلِهَذَا لَوْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ الثَّمَنِ لَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ تَسْلِيمُ النِّصْفِ إلَيْهِ اهـ وَلَوْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ أَحَدِهِمَا الْمُشْتَرِي تَعَذَّرَ الرَّدُّ إذْ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَهُ الْأَرْشُ عَلَى التَّرِكَةِ لِلْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ
(قَوْلُهُ: فَلَهُ رَدُّ الرُّبُعِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى كُلٍّ الرُّبُعَ
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) فِي هَذَا الْعَطْفِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ تَعْلِيلٌ لِلْيَمِينِ وَالْمَعْطُوفُ لِلتَّصْدِيقِ (قَوْلُهُ: وَالْمُشْتَرِي عَلَى الثَّانِي) كَأَنَّ حَاصِلَ إيضَاحِهِ أَنَّهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى وُجُودِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ إلَّا أَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي أَسْبَقِيَّةَ الْعَقْدِ وَالْمُشْتَرِيَ يَدَّعِي تَأْخِيرَهُ عَنْهُ فَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حُدُوثَهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ