للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا بِنِيَّةِ التَّبَرُّكِ أَوْ قَطْعٍ لَا نَوْمٍ طَوِيلٍ مَعَ التَّمَكُّنِ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِهَا إنْ كَانَ الْبِنَاءُ بِفِعْلِهِ كَمَا يَأْتِي، فَإِنْ قُلْت لِمَ أَلْحَقَ الْإِطْلَاقَ هُنَا بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ وَفِي الطَّلَاقِ بِقَصْدِ التَّبَرُّكِ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْجَزْمَ الْمُعْتَبَرَ فِي النِّيَّةِ يَنْتَفِي بِهِ لِانْصِرَافِهِ لِمَدْلُولِهِ مَا لَمْ يَصْرِفْهُ عَنْهُ بِنِيَّةِ التَّبَرُّكِ وَأَمَّا فِي الطَّلَاقِ فَقَدْ تَعَارَضَ صَرِيحَانِ لَفْظُ الصِّيغَةِ الصَّرِيحُ فِي الْوُقُوعِ وَلَفْظُ التَّعْلِيقِ الصَّرِيحُ فِي عَدَمِهِ لَكِنْ لَمَّا ضَعُفَ هَذَا الصَّرِيحُ بِكَوْنِهِ كَثِيرًا مَا يُسْتَعْمَلُ لِلتَّبَرُّكِ اُحْتِيجَ لِمَا يُخْرِجُهُ عَنْ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ، وَهُوَ نِيَّةُ التَّعْلِيقِ بِهِ قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِ تِلْكَ الصِّيغَةِ حَتَّى يَقْوَى عَلَى رَفْعِهَا حِينَئِذٍ وَمَعْرِفَةُ كَيْفِيَّتِهِ وَإِلَّا، فَإِنْ ظَنَّ الْكُلَّ فَرْضًا أَوْ شَرَّكَ وَلَمْ يَقْصِدْ بِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ النَّفْلِيَّةَ صَحَّ أَوْ نَفْلًا فَلَا، وَيَأْتِي هَذَا فِي الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الْأَخِيرَةُ شُرُوطٌ فِي الْحَقِيقَةِ لِلنِّيَّةِ وَزِيدَ وُجُوبُ غَسْلِ زَائِدٍ اشْتَبَهَ بِأَصْلِيٍّ وَجُزْءٍ يَتَحَقَّقُ بِهِ اسْتِيعَابُ الْعُضْوِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْكَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَوْلُهُمْ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ وَاجِبٌ، وَيَزِيدُ السَّلَسُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَظَنِّ دُخُولِهِ وَتَقْدِيمِ نَحْوِ اسْتِنْجَاءٍ وَتَحَفُّظٍ اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوُضُوءِ وَبَيْنَ أَفْعَالِهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ

(فَرْضُهُ) أَيْ أَرْكَانُهُ (سِتَّةٌ) فَقَطْ فِي حَقِّ السَّلِيمِ وَغَيْرِهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

أَوْ بِاتِّبَاعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذِكْرِهَا فِي كُلِّ أَوْ غَالِبِ أَوْقَاتِهِ بَعْدَ مَجِيءِ الْأَمْرِ بِهَا وَكَذَا إذَا أَتَى بِهَا بِنِيَّةِ أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ لَا تَقَعُ إلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ كُرْدِيٌّ عَنْ الْإِيعَابِ (قَوْلُهُ بِنِيَّةِ التَّبَرُّكِ) أَيْ وَحْدَهُ ع ش.

(قَوْلُهُ: أَوْ قَطْعٍ) أَيْ بِنِيَّةِ قَطْعٍ (قَوْلُهُ: لَا نَوْمٍ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى رِدَّةٍ (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي مَبْحَثِ غَسْلِ الْوَجْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت) إلَى قَوْلِهِ، وَيَأْتِي فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ الْإِطْلَاقُ) أَيْ فِي قَوْلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ (قَوْلُهُ بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ هُنَا) أَيْ فَاسِدُ الْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ وَفِي الطَّلَاقِ بِقَصْدِ التَّبَرُّكِ أَيْ فَوَقَعَ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: يَنْتَفِي بِهِ لِانْصِرَافِهِ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي لَفْظِ إنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ وَقَوْلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَحِينَئِذٍ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي النِّيَّةِ هُوَ الْقَلْبُ دُونَ اللِّسَانِ، وَإِنْ خَالَفَهُ فَالنَّاوِي إنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعْلِيقٌ بِقَلْبِهِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ، وَإِنْ عَلَّقَ بِلِسَانِهِ وَلَا يَكُونُ التَّعْلِيقُ بِلِسَانِهِ مُنَافِيًا لِجَزْمِ قَلْبِهِ، وَإِنْ وُجِدَ مِنْهُ بِقَلْبِهِ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعْلِيقٌ بِلِسَانِهِ وَلَا يَتَأَتَّى تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمُلَاحَظَةِ مَعْنَى إنْ شَاءَ اللَّهُ بِقَلْبِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ مُخَالَفَةِ ظَاهِرِ عِبَارَتِهِ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ التَّبَرُّكِ وَغَيْرِهِ إذْ التَّبَرُّكُ إنَّمَا هُوَ بِاللَّفْظِ لَا بِقَصْدِ مَعْنَى اللَّفْظِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَقَدْ يَمْنَعُ أَنَّ التَّبَرُّكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِاللَّفْظِ سم.

وَهَذَا الْمَنْعُ ظَاهِرٌ وَفِي الْبَصْرِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ نَحْوِ عِبَارَتِهِ إلَى قَوْلِهِ وَلَا يَتَأَتَّى إلَخْ مَا نَصُّهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ إلْحَاقَ الْإِطْلَاقِ بِالتَّعْلِيقِ هُنَا وَبِالتَّبَرُّكِ ثَمَّ هُوَ الْأَحْوَطُ فِي الْبَابَيْنِ ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا ذُكِرَ حَيْثُ قَارَنَ التَّلَفُّظُ النِّيَّةَ الْقَلْبِيَّةَ، فَإِنْ تَأَخَّرَ فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا لِمُضِيِّ النِّيَّةِ عَلَى الصِّحَّةِ ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءٌ إلَخْ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْتُهُ فَرَاجِعْهُ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ تَعَرُّضًا لِمَسْأَلَةِ الْمَشِيئَةِ مَعَ قَصْدِ التَّعْلِيقِ وَقَصْدِ التَّبَرُّكِ فَقَطْ اهـ وَاسْتَحْسَنَ الْكُرْدِيُّ فَرْقَ الْبَصْرِيِّ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ وَمَعْرِفَةُ كَيْفِيَّتِهِ) أَيْ كَيْفِيَّةُ الْوُضُوءِ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي الصَّلَاةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِمَدْلُولِهِ) ، وَهُوَ التَّعْلِيقُ (قَوْلُهُ هَذَا الصَّرِيحُ) أَيْ لَفْظُ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: تِلْكَ الصِّيغَةُ) أَيْ صِيغَةُ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَقْوَى) أَيْ لَفْظُ التَّعْلِيقِ عَلَى رَفْعِهَا أَيْ تِلْكَ الصِّيغَةِ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ نِيَّةِ التَّعْلِيقِ مِنْ لَفْظِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ شَرَّكَ) أَيْ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْوُضُوءَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَرْضٍ وَنَفْلٍ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَفْلًا) أَيْ أَوْ ظَنَّ الْكُلَّ نَفْلًا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِي الْعِبَارَةِ أَوْ شَرَّكَ وَقَصَدَ بِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ النَّفْلِيَّةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ، وَيَأْتِي هَذَا) أَيْ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا، فَإِنْ ظَنَّ إلَخْ وَقَالَ ع ش أَيْ شَرْطُ مَعْرِفَةِ الْكَيْفِيَّةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ النِّيَّةُ ع ش (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الْأَخِيرَةُ) أَيْ الْمَبْدُوءَةُ بِقَوْلِهِ وَتَحَقُّقُ الْمُقْتَضِي (قَوْلُهُ: وَزِيدَ إلَخْ) جَزَمَ فِي الْمُغْنِي بِكَوْنِهِمَا شَرْطَيْنِ وَنَقَلَهُ فِي النِّهَايَةِ ثُمَّ رَدَّهُ بِأَنَّهُمَا بِالْأَرْكَانِ أَشْبَهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وُجُوبُ غَسْلِ زَائِدٍ إلَخْ) فَلَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ أَوْ يَدَانِ أَوْ رِجْلَانِ وَاشْتَبَهَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ وَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ إلَخْ) فِي كَوْنِهِ مُصَرِّحًا بِالرُّكْنِيَّةِ نَظَرٌ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ) إلَى قَوْلِهِ وَسَيَأْتِي فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ السَّلَسُ إلَخْ) مِنْهُ سَلِسُ الرِّيحِ فَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ فِي أَفْعَالِ وُضُوئِهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَا تَجِبُ بَيْنَ اسْتِنْجَائِهِ وَبَيْنَ وُضُوئِهِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ خُرُوجِ الرِّيحِ قَبْلَ وُضُوئِهِ لَا أَثَرَ لَهُ سم عَلَى حَجّ قُلْت وَيُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِطُهْرِ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ تَقَدُّمُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ ع ش أَقُولُ وَيُفِيدُهُ كَلَامُ سم الْمَذْكُورُ أَيْضًا فَتَأَمَّلَ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ) قَدْ يُقَالُ كَوْنُ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا شَرْطًا لِصِحَّةِ الْوُضُوءِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ نَعَمْ بِالْإِخْلَالِ بِهَا يَبْطُلُ الْوُضُوءُ كَحَدَثٍ طَارِئٍ بَصْرِيٌّ

قَوْلُ الْمَتْنِ (سِتَّةٌ) وَلَمْ يَعُدَّ الْمَاءَ رُكْنًا هُنَا مَعَ عَدِّ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: لَا بِنِيَّةِ التَّبَرُّكِ) دَخَلَ الْإِطْلَاقُ وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي أَيْ فِي قَوْلِهِ الثَّانِي غَسَلَ وَجْهَهُ (قَوْلُهُ: قُلْتُ يُفَرَّقُ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ وَقَوْلُهُ فِيهِ لِانْصِرَافِهِ لِمَدْلُولِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي لَفْظِ إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ هُوَ الَّذِي لَهُ الْمَدْلُولُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ أَوْ قَوْلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَحِينَئِذٍ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي النِّيَّةِ هُوَ الْقَلْبُ دُونَ اللِّسَانِ حَتَّى لَوْ وَجَدَ بِالْقَلْبِ نِيَّةً مُعْتَبَرَةً اعْتَدَّ بِهَا، وَإِنْ وَجَدَ فِي اللِّسَانِ مَا يُخَالِفُهَا فَالنَّاوِي إنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعْلِيقٌ بِقَلْبِهِ بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ، وَإِنْ عَلَّقَ بِلِسَانِهِ وَلَا يَكُونُ التَّعْلِيقُ بِلِسَانِهِ مُنَافِيًا لِجَزْمِ قَلْبِهِ، وَإِنْ وُجِدَ مِنْهُ تَعْلِيقٌ بِقَلْبِهِ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعْلِيقٌ بِلِسَانِهِ وَلَا يَتَأَتَّى تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمُلَاحَظَةِ مُجَرَّدِ مَعْنَى إنْ شَاءَ اللَّهُ بِقَلْبِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ مُخَالَفَةِ ظَاهِرِ عِبَارَتِهِ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ التَّبَرُّكِ وَغَيْرِهِ إذْ التَّبَرُّكُ إنَّمَا هُوَ بِاللَّفْظِ لَا بِقَصْدِ مَعْنَى اللَّفْظِ وَقَدْ يَمْنَعُ أَنَّ التَّبَرُّكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِاللَّفْظِ (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ السَّلِسُ) مِنْ السَّلَسِ سَلَسُ الرِّيحِ فَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ فِي أَفْعَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>