للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا تَمَيَّزَ بِهِ مِنْ وُجُوبِ زَائِدٍ عَلَيْهَا شُرُوطٌ كَمَا تَقَرَّرَ لَا أَرْكَانٌ أَرْبَعَةٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَاثْنَانِ بِالسُّنَّةِ وَلِكَوْنِهِ مُفْرَدًا مُضَافًا إلَى مَعْرِفَةٍ، وَهُوَ عَلَى الصَّحِيحِ حَيْثُ لَا عَهْدَ لِلْعُمُومِ الصَّالِحِ لِلْجَمْعِيَّةِ مِنْ حَيْثُ مَدْلُولُ لَفْظِهِ إذْ هُوَ حِينَئِذٍ الْمَعْنَى الَّذِي اسْتَغْرَقَهُ لَفْظُهُ الصَّالِحُ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ، وَإِنْ كَانَ مَدْلُولُهُ فِي التَّرْكِيبِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ كُلِّيَّةً عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ مَحْكُومًا فِيهِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مُطَابَقَةً؛ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَضَايَا بِعَدَدِ أَفْرَادِهِ أَوْ الصَّرِيحِ فِيهَا بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ النُّحَاةِ وَلَيْسَتْ الْعِبْرَةُ فِي مُطَابَقَةِ الْمُبْتَدَأِ لِلْخَبَرِ إلَّا بِاصْطِلَاحِهِمْ أَنَّ مَدْلُولَهُ كُلٌّ أَيْ مَحْكُومٌ فِيهِ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَفْرَادِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ أُخْبِرَ عَنْهُ بِالْجَمْعِ.

ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ الْأُصُولِيِّينَ

ــ

[حاشية الشرواني]

التُّرَابِ رُكْنًا فِي التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ غَيْرُ خَاصٍّ بِالْوُضُوءِ بِخِلَافِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالتَّيَمُّمِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ الْمُغَلَّظَةُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَهِّرٍ فِيهَا وَحْدَهُ بَلْ الْمَاءُ بِشَرْطِ امْتِزَاجِهِ بِالتُّرَابِ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ إنَّهُ لَا يَحْسُنُ عَدُّ التُّرَابِ رُكْنًا؛ لِأَنَّ الْآلَةَ جِسْمٌ وَالْفِعْلَ عَرَضٌ فَكَيْفَ يَكُونُ الْجِسْمُ جُزْءًا مِنْ الْعَرَضِ نِهَايَةٌ وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ وَأَقُولُ هُوَ إشْكَالٌ سَاقِطٌ لِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ هَذَا نَظِيرُ عَدِّهِمْ الْعَاقِدَ رُكْنًا لِلْبَيْعِ مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ هُوَ الْعَقْدُ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدُ جُزْءًا مِنْ الْعَقْدِ وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ هُنَاكَ بِمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا وَمِنْهَا أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ التُّرَابِ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا أَنَّ ذَاتَه هُوَ الرُّكْنُ أَوْ الشَّرْطُ ضَرُورَةَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الرُّكْنِ وَالشَّرْطِ مُتَعَلِّقُ الْوُجُوبِ وَالْوُجُوبُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالذَّوَاتِ بَلْ بِالْأَفْعَالِ بَلْ الْمُرَادُ بِالرُّكْنِ أَوْ الشَّرْطِ هُوَ اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ أَوْ الْمَاءِ أَوْ يُقَالُ كَوْنُ الْمَسْحِ بِالتُّرَابِ وَالْغَسْلِ بِالْمَاءِ وَمِنْهَا أَنَّ جَعْلَهُ رُكْنًا لَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ جُزْءًا مِنْ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ مَجْمُوعُ أُمُورٍ مِنْهَا الْمَسْحُ وَمِنْهَا التُّرَابُ فَكَوْنُهُ رُكْنًا إنَّمَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ جُزْءًا مِنْ هَذَا الْمَجْمُوعِ لَا مِنْ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ جُزْءُ هَذَا الْمَجْمُوعِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمَا تَمَيَّزَ بِهِ) أَيْ غَيْرُ السَّلِيمِ (مِنْ وُجُوبِ زَائِدٍ) بِالْإِضَافَةِ بَيَانٌ لِمَا (عَلَيْهَا) أَيْ السِّتَّةِ (شُرُوطٌ) خَبَرُ وَمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ بِقَوْلِهِ، وَيَزِيدُ السَّلَسُ إلَخْ (لَا أَرْكَانٌ) عُطِفَ عَلَى شُرُوطٍ (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةٌ) أَيْ مِنْ السِّتَّةِ فَمُسَوِّغُ الِابْتِدَاءِ الْوَصْفُ الْمُقَدَّرُ وَقَوْلُهُ بِنَصِّ إلَخْ خَبَرُهُ (قَوْلُهُ وَلِكَوْنِهِ) أَيْ لَفْظُ فُرِضَ فِي فَرْضِهِ وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْآتِي أَخْبَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمُفْرَدُ الْمُضَافُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلْعُمُومِ) أَيْ فَيَعُمُّ كُلَّ فَرْضٍ مِنْهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: الصَّالِحُ إلَخْ) نَعْتٌ لِلْعُمُومِ مُرَادًا بِهِ الْمَعْنَى الْعَامَّ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِخْدَامِ وَقَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِهِ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ) أَيْ الْمَعْنَى الْعَامُّ (حِينَئِذٍ) أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى دَلَالَةِ لَفْظِهِ عَلَيْهِ وَقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الصَّالِحُ لَهُ) بِأَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مَوْضُوعًا لِذَلِكَ الْمَعْنَى وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ بُنَانِيٌّ عَلَى شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَدْلُولُهُ) أَيْ مَدْلُولُ اللَّفْظِ الْعَامِّ وَقَوْلُهُ فِي التَّرْكِيبِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ دَلَالَتِهِ مُجَرَّدًا عَنْ تَرْكِيبِهِ مَعَ غَيْرِهِ وَعَنْ دَلَالَتِهِ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ فَإِنَّ مَدْلُولَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ مَفْهُومُهُ الْمُتَقَدِّمُ إذْ النَّظَرُ فِيهِ حِينَئِذٍ مِنْ حَيْثُ تَصَوُّرُهُ، وَأَنَّهُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ فَهُوَ مُلَاحَظٌ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لَا مِنْ حَيْثُ تَرْكِيبُهُ مَعَ غَيْرِهِ وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْغَيْرِ بُنَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ: كُلِّيَّةٌ) أَيْ قَضِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ أَيْ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ مَعَ مَا حَكَمَ بِهِ عَلَيْهِ قَضِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ فَفِي الْكَلَامِ مُسَامَحَةٌ إذْ الْكُلِّيَّةُ مَدْلُولُ الْقَضِيَّةِ لَا مَدْلُولُ الْعَامِّ وَكَذَا قَوْلُهُ: أَيْ مَحْكُومًا فِيهِ إلَخْ إذْ الْمَحْكُومُ فِيهِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ هُوَ الْقَضِيَّةُ لَا الْعَامُّ فَفِيهِ تَسَاهُلٌ وَالْأَصْلُ مَحْكُومًا فِي التَّرْكِيبِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِ أَيْ التَّرْكِيبِ الَّذِي جَعَلَ فِيهِ الْعَامَّ مَوْضُوعًا وَمَحْكُومًا عَلَيْهِ وَجَعَلَ غَيْرَهُ مَحْكُومًا بِهِ عَلَيْهِ بُنَانِيٌّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَضَايَا بِعَدَدِ أَفْرَادِهَا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مُطَابِقَةٌ وَلَخَّصَ فِيهَا جَوَابَ الْأَصْفَهَانِيِّ عَنْ سُؤَالِ عَصْرَيْهِ الْقَرَافِيِّ الَّذِي مَضْمُونُهُ أَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ خَارِجَةٌ عَنْ الدَّلَالَاتِ الثَّلَاثِ الْمُطَابَقَةِ وَالتَّضْمِينِ وَالِالْتِزَامِ وَحِينَئِذٍ فَإِمَّا أَنْ يُبْطِلَ حَصْرَ الدَّلَالَةِ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ أَوْ لَا يَكُونُ الْعَامُّ إلَّا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْكُلِّيَّةِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْمُطَابَقَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ فِيهَا دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى تَمَامِ مُسَمَّاهُ الْأَعَمُّ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى تَمَامِ الْمُسَمَّى أَوْ الدَّلَالَةُ عَلَى مَا هُوَ فِي قُوَّةِ تَمَامِ الْمُسَمَّى بَنَانِيٌّ بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ: أَوْ الصَّرِيحُ فِيهَا) أَيْ الْجَمْعِيَّةُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ الصَّالِحُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ الْعِبْرَةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَطَابُقَهُمَا أَمْرٌ مُعْتَبَرٌ فِي اللُّغَةِ لَا يَنْبَنِي عَلَى الِاصْطِلَاحِ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ قَبْلَ وُجُودِ الِاصْطِلَاحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي قَرَّرَهُ أَهْلُ الْأُصُولِ فِي مَدْلُولِ الْعَامِّ لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الِاصْطِلَاحِ بَلْ هُوَ مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ لِلَّفْظِ لَا يُخَالِفُ فِيهِ النُّحَاةُ وَلَا غَيْرُهُمْ وَكَوْنُ الْحُكْمِ فِي الْعَامِّ تَارَةً عَلَى كُلِّ فَرْدٍ وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَتَارَةً عَلَى الْمَجْمُوعِ أَمْرٌ مَشْهُورٌ فِي الْأُصُولِ وَغَيْرِهَا فَلَا حَاجَةَ لِهَذِهِ التَّكَلُّفَاتِ الَّتِي لَا يَخْفَى مَا فِيهَا عَلَى الْعَارِفِ سم.

(قَوْلُهُ أَنَّ مَدْلُولَهُ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ ظَاهِرِ إلَخْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَخْبَرَ عَنْهُ إلَخْ) أَقُولُ يُمْكِنُ تَوْجِيهُ عِبَارَةِ الْمَتْنِ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْجِنْسِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِيهَا الِاسْتِغْرَاقَ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَاهِيَّةُ لَا بِشَرْطِ لَا أَوْ لِلْعَهْدِ الْخَارِجِيِّ وَالْمُرَادُ بِالْفَرْدِ الْمَخْصُوصِ الْمَعْهُودِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وُضُوئِهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَا تَجِبُ بَيْنَ اسْتِنْجَائِهِ وَبَيْنَ وُضُوئِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ سَلِسًا بِغَيْرِ الرِّيحِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ خُرُوجِ الرِّيحِ قَبْلَ وُضُوئِهِ لَا أَثَرَ لَهُ

(قَوْلُهُ: فِي مُطَابَقَةِ الْمُبْتَدَأِ لِلْخَبَرِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُطَابَقَتَهُمَا أَمْرٌ مُعْتَبَرٌ فِي اللُّغَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>