للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى الْمُتَبَايِعَيْنِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا» وَمَفْهُومُهُ الْجَوَازُ بَعْدَ بُدُوِّهِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ لِأَمْنِ الْعَاهَةِ حِينَئِذٍ غَالِبًا (وَقَبْلَ) بُدُوِّ (الصَّلَاحِ) فِي الْكُلِّ (إنْ بِيعَ) الثَّمَرُ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَإِنْ بَدَا صَلَاحُ غَيْرِهِ الْمُتَّحِدِ مَعَهُ نَوْعًا وَمَحَلًّا (مُنْفَرِدًا عَنْ الشَّجَرِ) ، وَهُوَ عَلَى شَجَرَةٍ ثَابِتَةٍ (لَا يَجُوزُ) الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْعَاهَةَ تُسْرِعُ إلَيْهِ حِينَئِذٍ لِضَعْفِهِ فَيَفُوتُ بِتَلَفِهِ الثَّمَنُ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ (إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ) لِلْكُلِّ حَالًا لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى الْمَنْعِ مُطْلَقًا، خَرَجَ الْمَبِيعُ الْمَشْرُوطُ فِيهِ الْقَطْعُ بِالْإِجْمَاعِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ، وَلَا يَقُومُ اعْتِيَادُ الْقَطْعِ مَقَامَ شَرْطِهِ وَلِلْبَائِعِ إجْبَارُهُ عَلَيْهِ وَمَتَى لَمْ يُطَالِبْهُ بِهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَيُوَجَّهُ بِغَلَبَةِ الْمُسَامَحَةِ فِي ذَلِكَ أَمَّا بَيْعُ ثَمَرَةٍ عَلَى شَجَرَةٍ مَقْطُوعَةٍ دُونَهَا فَيَجُوزُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَبْقَى عَلَيْهَا فَنَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ شَرْطِ الْقَطْعِ وَمِثْلُهَا شَجَرَةٌ جَافَّةٌ عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ بِيعَتْ دُونَهَا، وَوَرَقُ التُّوتِ قَبْلَ تَنَاهِيهِ كَالثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَبَعْدَهُ كَهُوَ بَعْدَهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: إنْ بِيعَ مَا لَوْ وُهِبَ مَثَلًا فَلَا يَجِبُ شَرْطُ الْقَطْعِ فِيهِ، وَكَذَا الرَّهْنُ كَمَا يَأْتِي قُبَيْلَ بَحْثِ مَنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ وَبِقَوْلِهِ الثَّمَرُ بَيْعُ بَعْضِهِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، أَوْ بَعْدَهُ لِشَرِيكِهِ، أَوْ غَيْرِهِ شَائِعًا فَيَبْطُلُ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْأَذْرَعِيُّ قَالَ كَبَيْعِ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ فِي الْأَرْضِ بِشَرْطِ قَطْعِهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ نَقَلَ عَنْ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلسُّبْكِيِّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّخْلِيَةُ هُنَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ النَّقْلِ وَعَنْ قِطْعَتِهِ عَلَى الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ إنَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا تَكْفِي التَّخْلِيَةُ فَالْمُؤْنَةُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ فِيمَا لَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ قَبْضِهَا هَلْ يَجْرِي فِيهَا خِلَافُ الْجَوَائِحِ وَعَنْ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيِّ مَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي مُوَافَقَةِ الْجَوَاهِرِ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ اهـ وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ كَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَتَصَرَّفُ مُشْتَرِيهِ بَعْدَهَا مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي مُوَافَقَةِ الْجَوَاهِرِ.

(قَوْلُهُ: الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ) أَيْ: مِنْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُ الْمُحَدِّثِينَ حَيْثُ قَالُوا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَنَحْوَهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لِأَمْنِ الْعَاهَةِ) أَيْ: لِأَمْنِ مُرِيدِي الْبَيْعِ الْآفَةَ لِغِلَظِ الثَّمَرَةِ وَكِبَرِ نَوَاهَا (قَوْلُهُ: فِي الْكُلِّ) أَيْ: فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنْ لَمْ يَبْدُ الصَّلَاحُ لِحَبَّةٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَجْمُوعِ اهـ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: فِي الْكُلِّ قَدْ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي الْبَعْضِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَيُؤَوَّلُ عَلَى مَعْنَى وَقَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي شَيْءٍ، فَيَنْبَغِي تَعَلُّقٌ فِي الْكُلِّ بِقَبْلِ لَا بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ أَيْ: كَأَنَّهُ قَالَ وَحِينَ انْتِفَاءِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ انْتِفَاءً كُلِّيًّا فَيَكُونُ بِهَذَا التَّأْوِيلِ مِنْ عُمُومِ السَّلْبِ لَا مِنْ سَلْبِ الْعُمُومِ (قَوْلُهُ: ثَابِتَةٍ) أَيْ: وَرَطْبَةٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي اهـ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (لَا يَجُوزُ) أَيْ: لَا يَصِحُّ وَيَحْرُمُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَاهَةَ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْحِكْمَةِ وَيُشْعِرُ بِهَا قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرَأَيْتَ إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فَبِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ» نِهَايَةٌ وَمُغْنِي، وَأَمَّا دَلِيلُهُ فَقَوْلُهُ الْآتِي لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَالًا) هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْمُقْرِي مُنَجَّزًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي زَادَ سم، وَفِي الْعُبَابِ حَالًا لَا بَعْدَ يَوْمٍ مَثَلًا اهـ.

(قَوْلُهُ: حَالًا) مُتَعَلِّقٌ بِالْقَطْعِ أَيْ: سَوَاءٌ تَلَفَّظَ بِذَلِكَ، أَوْ شَرَطَ الْقَطْعَ وَأَطْلَقَ فِيهِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْحَالِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ: إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَلِلْبَائِعِ إلَخْ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ الشَّجَرُ لَهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَلْيُرَاجَعْ الْحُكْمُ فِيمَا إذَا كَانَ لِلْغَيْرِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَلِلْبَائِعِ إجْبَارُهُ عَلَيْهِ) وَلَوْ تَرَاضَيَا بِإِبْقَائِهِ مَعَ شَرْطِ قَطْعِهِ جَازَ وَالشَّجَرَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الثَّمَرَةِ بِدُونِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ نَحْوَ سَمْنٍ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ لِتَمَكُّنِهِ أَيْ الْمُشْتَرِي مِنْ التَّسَلُّمِ فِي غَيْرِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: فَلَا أُجْرَةَ لَهُ) أَيْ: وَلَا إثْمَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِعَدَمِ الْقَطْعِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ وَيُوَجَّهُ إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَمَّا بَيْعُ ثَمَرَةٍ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَهُوَ عَلَى شَجَرَةٍ ثَابِتَةٍ.

(قَوْلُهُ: فَنَزَلَ ذَلِكَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ شَرْطِ الْقَطْعِ سم عَلَى حَجّ وَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ لِتَفْرِيغِ مِلْكِ الْبَائِعِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ مَقْلُوعَةً وَأَعَادَهَا الْبَائِعُ، أَوْ غَيْرُهُ وَحَلَّتْهَا الْحَيَاةُ فَيُكَلَّفُ الْمُشْتَرِي الْقَطْعَ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الثَّمَرَةِ وَهِيَ مَقْلُوعَةٌ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ شَرْطِ الْقَطْعِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ جَافَّةً وَبَاعَ الثَّمَرَةَ الَّتِي عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ ثُمَّ حَلَّتْهَا الْحَيَاةُ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِهِ بُطْلَانَ الْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى ظَنِّ مَوْتِهَا فَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مَا لَوْ وُهِبَ إلَخْ) وَوَجْهُهُ أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ تَلَفِ الثَّمَرَةِ بِعَاهَةٍ لَا يَفُوتُ عَلَى الْمُتَّهِبِ شَيْءٌ فِي مُقَابَلَةِ الثَّمَرَةِ، وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ لَا يَفُوتُ عَلَيْهِ إلَّا مُجَرَّدُ التَّوَثُّقِ وَدَيْنُهُ بَاقٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَيَفُوتُ الثَّمَنُ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ كَمَا مَرَّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ بِيعَ بَعْضُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَسم، وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ مُشَاعًا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ صَحَّ إنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِإِمْكَانِ قَطْعِ النِّصْفِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ لَازِمٌ لَهُ، وَلَا يُمْكِنُ قَطْعُ النِّصْفِ إلَّا بِقَطْعِ الْكُلِّ فَيَتَضَرَّرُ الْبَائِعُ بِقَطْعِ غَيْرِ الْمَبِيعِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي الْكُلِّ) قَدْ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي الْبَعْضِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَيُؤَوَّلُ عَلَى مَعْنَى وَقَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ فَيَنْبَغِي تَعْلِيقُ فِي الْكُلِّ بِقَبْلَ لَا بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ تَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ حَالًا) وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ مُنَجَّزًا قَالَ فِي شَرْحِهِ، وَوَجْهُ الْمَنْعِ فِي الْأَخِيرَةِ أَيْ: الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ مُطْلَقًا تَضْمِينُ التَّعْلِيقِ التَّبْقِيَةَ اهـ.

وَفِي الْعُبَابِ حَالًا لَا بَعْدَ يَوْمٍ مَثَلًا اهـ.

(قَوْلُهُ وَلِلْبَائِعِ إجْبَارُهُ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَإِنْ شَرَطَ وَتَرَكَ عَنْ تَرَاضٍ فَلَا بَأْسَ اهـ.

(قَوْلُهُ مَنْزِلَةَ شَرْطِ الْقَطْعِ) يُؤْخَذُ مِنْ جَوَازِ شَرْطِ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: فَيَبْطُلُ) أَيْ: لِأَنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ لَازِمٌ لَهُ، وَلَا يُمْكِنُ قَطْعُ الْبَعْضِ إلَّا بِقَطْعِ الْكُلِّ فَيَتَضَرَّرُ الْبَائِعُ بِقَطْعِ غَيْرِ الْمَبِيعِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا بَاعَ نِصْفًا مُعَيَّنًا مِنْ سَيْفٍ وَلَا يَتَأَتَّى التَّخَلُّصُ مِنْ قَطْعِ الْكُلِّ بِالْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ لِلرِّبَا؛ لِأَنَّ فِيهِ بَيْعَ الثَّمَرِ بِالثَّمَرِ، وَهُوَ رِبًا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ مُطْلَقًا وَبِدُونِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>