وَدَفْعُ حِصَّةِ الزِّيَادَةِ لِلْمُفْلِسِ فَإِنْ أَبَى فَالْأَظْهَرُ (أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلِلْمُفْلِسِ مِنْ ثَمَنِهِ نِسْبَةُ مَا زَادَ) بِالْعَمَلِ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ حَصَلَتْ بِفِعْلٍ مُحْتَرَمٍ مُتَقَوِّمٍ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَضِيعَ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةً وَبَلَغَتْ بِمَا فَعَلَ سِتَّةً كَانَ لِلْمُفْلِسِ سُدُسُ الثَّمَنِ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ أَوْ سُدُسُ الْقِيمَةِ فِي صُورَةِ الْأَخْذِ وَلِنِسْبَةِ ذَلِكَ لِفِعْلِهِ عَادَةً فَارَقَ كِبَرَ الشَّجَرَةِ بِالسَّقْيِ وَسِمَنَ الدَّابَّةِ بِالْعَلَفِ؛ لِأَنَّهُمَا مَحْضُ صُنْعِ اللَّهِ تَعَالَى؛ إذْ كَثِيرًا مَا يُوجَدُ السَّقْيُ وَالْعَلَفُ وَلَا يُوجَدُ كِبَرٌ وَلَا وَسِمَنٌ وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِمَا.
(وَلَوْ صَبَغَهُ) الْمُشْتَرِي (بِصِبْغَةٍ فَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ) بِسَبَبِ الصَّبْغِ (قَدْرَ قِيمَةِ الصَّبْغِ) كَأَنْ كَانَ بِدِرْهَمَيْنِ وَالثَّوْبُ بِأَرْبَعَةٍ فَسَاوَى سِتَّةً (رَجَعَ الْبَائِعُ فِي الثَّوْبِ وَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالصَّبْغِ) فَيُبَاعُ الثَّوْبُ أَوْ يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ وَالثَّمَنُ أَوْ الْقِيمَةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَفِي كَيْفِيَّةِ الشَّرِكَةِ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا أَنَّهَا فِيهِمَا جَمِيعًا لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْغَصْبِ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا بِسَبَبِ الصَّبْغِ مَا لَوْ زَادَتْ بِارْتِفَاعِ سُوقِ أَحَدِهِمَا فَالزِّيَادَةُ لِمَنْ ارْتَفَعَ سِعْرُ سِلْعَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ بِارْتِفَاعِ سُوقِهِمَا وُزِّعَتْ عَلَيْهِمَا بِالنِّسْبَةِ أَوْ بِارْتِفَاعِ السُّوقِ لَا بِسَبَبِهِمَا فَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِيمَا مَرَّ مِنْ نَحْوِ الْقِصَارَةِ (أَوْ) زَادَتْ الْقِيمَةُ (أَقَلَّ) مِنْ قِيمَةِ الصَّبْغِ كَأَنْ سَاوَى خَمْسَةً (فَالنَّقْصُ عَلَى الصَّبْغِ) فَيُشَارِكُ بِخُمُسِ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ لِتَفَرُّقِ أَجْزَائِهِ وَنَقْصِهَا وَالثَّوْبُ قَائِمٌ بِحَالِهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
شَرِيكٌ فِيمَا يَخُصُّ الْبَائِعَ بِالزِّيَادَةِ كَقِصَارَةِ الثَّوْبِ وَزِيَادَةِ الدَّقِيقِ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِفِعْلٍ مُحْتَرَمٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَدَفَعَ حِصَّةَ الزِّيَادَةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ بِلَا عَقْدٍ وَسَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ لِلْمُفْلِسِ) وَيُجْبَرُ هُوَ وَغُرَمَاؤُهُ عَلَى الْقَبُولِ وَلَوْ أَرَادُوا أَنْ يَبْذُلُوا لِلْبَائِعِ قِيمَةَ الثَّوْبِ لَمْ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلِنِسْبَةِ ذَلِكَ) أَيْ نَحْوِ الطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ أَيْ الْأَثَرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ وَغَرَضُهُ بِهَذَا الرَّدِّ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) مِنْ أَنَّهُمَا مَحْضُ صُنْعِ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ عَلَيْهِمَا) أَيْ: عَلَى تَكْبِيرِ الشَّجَرَةِ وَتَسْمِينِ الدَّابَّةِ بِخِلَافِ الطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَوْ صَبَغَهُ إلَخْ) أَيْ: ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ أَوْ تَأَخَّرَ ذَلِكَ عَنْ الْحَجْرِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الشَّرْحِ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِصِبْغَةٍ) بِكَسْرِ الصَّادِ مَا يُصْبَعُ بِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ بِسَبَبِ الصَّبْغِ فَبِفَتْحِهَا مَصْدَرٌ (قَوْلُهُ فَيُبَاعُ الثَّوْبُ) وَالْبَائِعُ لَهُ الْحَاكِمُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ الْمُفْلِسُ بِإِذْنِهِ مَعَ الْبَائِعِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَوْ يَأْخُذُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَلِلْبَائِعِ إمْسَاكُ الثَّوْبِ وَبَذْلُ مَا لِلْمُفْلِسِ مِنْ قِيمَةِ الصَّبْغِ وَالْقِصَارَةِ وَإِنْ كَانَ قَابِلًا لِلنَّقْلِ كَمَا يَبْذُلُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُمْ إنَّهُ شَرِيكٌ؛ لِأَنَّ أَمْوَالَ الْمُفْلِسِ تُبَاعُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِغَيْرِهِ اهـ وَقَوْلُهُ وَلِلْبَائِعِ إمْسَاكُ إلَخْ قَالَ ع ش أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُرِيدُوا أَيْ: الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ قَلْعَ الصَّبْغِ وَإِلَّا فَلَهُمْ ذَلِكَ وَغَرَامَةُ أَرْشِ نَقْصِ الثَّوْبِ إنْ نَقَصَ بِالْقَلْعِ اهـ وَسَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَشَرْحِ الرَّوْض أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا أَمْكَنَ قَلْعُهُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَإِلَّا فَيُمْنَعُونَ مِنْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا أَنَّهَا فِيهِمَا جَمِيعًا) أَيْ: شَرِكَةَ شُيُوعٍ لَكِنْ يُنَافِي هَذَا قَوْلُهُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْغَصْبِ أَيْ فِيمَا إذَا غَصَبَ ثَوْبًا وَصَبَغَهُ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِيهِ شَرِكَةُ جِوَارٍ لَا شُيُوعٍ وَقَوْلُهُ فَالزِّيَادَةُ لِمَنْ ارْتَفَعَ إلَخْ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ سم؛ لِأَنَّهُ مِنْ فَوَائِدِ شَرِكَةِ الْجِوَارِ لَا الشُّيُوعِ عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ أَيْ: شَرِكَةُ جِوَارٍ عَلَى الْأَوَّلِ الْمُعْتَمَدِ أَوْ شُيُوعٍ عَلَى الثَّانِي وَيَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا ارْتَفَعَ سِعْرُ إحْدَى السِّلْعَتَيْنِ بِغَيْرِ الصَّنْعَةِ تَكُونُ الزِّيَادَةُ لِمَنْ ارْتَفَعَ سِعْرُ سِلْعَتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوَّلُهُمَا عَلَى مُقَابِلِهِ وَسَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ آخِرًا ثُمَّ نُقِلَ مَا يُوَافِقُهُ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ اهـ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَفِي كَيْفِيَّةِ الشَّرِكَةِ وَجْهَانِ بِلَا تَرْجِيحٍ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَصَحُّهُمَا كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَقَالَ السُّبْكِيُّ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْغَصْبِ يَشْهَدُ لَهُ أَنَّ كُلَّ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ وَكُلَّ الصَّبْغِ لِلْمُفْلِسِ كَمَا لَوْ غَرَسَ الْأَرْضَ وَالثَّانِي يَشْتَرِكَانِ فِيهِمَا جَمِيعًا لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ كَمَا فِي خَلْطِ الزَّيْتِ أَمَّا إذَا زَادَتْ بِارْتِفَاعِ إلَخْ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ أَمَّا إذَا زَادَتْ إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ كُلَّ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ إلَخْ وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهَا شَرِكَةُ مُجَاوَرَةٍ لَا شُيُوعٍ اهـ.
(قَوْلُهُ لَا بِسَبَبِهِمَا إلَخْ) يُتَأَمَّلُ سم عَلَى حَجّ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ ارْتِفَاعَ السُّوقِ إنَّمَا يَكُونُ بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ فَمَتَى زَادَتْ قِيمَتُهُمَا عَلَى مَا كَانَتْ قَبْلُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِسَبَبِهَا، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ اتَّفَقَ شِرَاؤُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ مَعَ عَدَمِ ارْتِفَاعِ السِّعْرِ لِأَحَدِهِمَا اهـ وَقَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي قِيمَةِ الْمَصْبُوغِ وَقْتَ رُجُوعِ الْبَائِعِ فِيهِ لَا فِي ثَمَنِهِ فِي بَيْعِهِ بَعْدَهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ أَقَلَّ) أَيْ: وَسِعْرُ الثَّوْبِ بِحَالَةٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَهَذَا الْقَيْدُ مُعْتَبَرٌ فِي جَمِيعِ الْأَقْسَامِ الْآتِيَةِ فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ لِتَفَرُّقِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ وَ (قَوْلُهُ أَجْزَائِهِ إلَخْ)
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالثَّانِي أَنَّ كُلَّ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ وَكُلَّ الصَّبْغِ لِلْمُفْلِسِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَنَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْغَصْبِ يَشْهَدُ لَهُ اهـ (قَوْلُهُ فَالزِّيَادَةُ لِمَنْ ارْتَفَعَ إلَخْ) قَدْ يُنَافِي هَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي كَيْفِيَّةِ الشَّرِكَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِمَنْ ارْتَفَعَ سِعْرُ سِلْعَتِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُسَاوَاةُ الثَّوْبِ سِتَّةً فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ لِارْتِفَاعِ سُوقِ الثَّوْبِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِمَا لِارْتِفَاعِ سُوقِ الثَّوْبِ وَحْدَهُ فَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الزِّيَادَةِ لِارْتِفَاعِ سُوقِ أَحَدِهِمَا أَوْ سُوقِهِمَا يَجْرِي فِي زِيَادَةِ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ زِيَادَةُ الدِّرْهَمِ فِيمَا لَوْ سَاوَى الثَّوْبَ فِي الْمِثَالِ خَمْسَةً لِارْتِفَاعِ سُوقِهِمَا كَانَ بَيْنَهُمَا بِالنِّسْبَةِ فَلِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَرْبَعَةٌ وَثُلُثَانِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ لَا بِسَبَبِهِمَا) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِلْمُفْلِسِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلِلْبَائِعِ إمْسَاكُ الثَّوْبِ وَبَذْلُ مَا لِلْمُفْلِسِ مِنْ قِيمَةِ الصَّبْغِ وَالْقِصَارَةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَإِنْ كَانَ قَابِلًا لِلْفَصْلِ كَمَا يَبْذُلُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ اهـ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا امْتَنَعُوا مِنْ فَصْلِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ اتَّفَقَ إلَخْ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: وَيَجُوزُ لَهُمْ أَيْ: لِلْمُفْلِسِ وَالْغُرَمَاءِ قَلْعُ الصَّبْغِ إنْ اتَّفَقُوا وَيَغْرَمُونَ نَقْصَ الثَّوْبِ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute