وَقَوْلُهُمْ فَيَصِحُّ إلَخْ غَيْرُ صَحِيحٍ بِإِطْلَاقِهِ فَصَوَابُهُ فَيُنْظَرُ أَبَلَغَ رَشِيدًا أَمْ لَا.
عَلَى أَنَّ اعْتِرَاضَهُمْ مِنْ أَصْلِهِ غَيْرُ وَارِدٍ لِتَصْرِيحِهِمْ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ الْمَجْنُونَ قَدْ يَكُونُ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَقَدْ لَا فَحَصْرُهُمْ الْمَذْكُورُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (فَبِالْجُنُونِ) وَيُتَّجَهُ أَنَّ مِثْلَهُ خَرَسٌ لَيْسَ لِصَاحِبِهِ فَهْمٌ أَصْلًا ثُمَّ رَأَيْت الرَّافِعِيَّ وَجَمْعًا مُتَقَدِّمِينَ صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي بَابِ الْخِيَارِ لَكِنْ جَعَلُوا وَلِيَّهُ هُوَ الْحَاكِمُ لَا وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ هُنَا بَحْثًا زَادَ شَارِحٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ لِذَلِكَ أَيْ: هُنَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَيَتَصَرَّفُ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ فِي مَالِهِ بِسَائِرِ وُجُوهِ التَّصَرُّفِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ وَيُجْمَعُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ طَرَأَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَيُوَجَّهُ عَدَمُ إلْحَاقِهِ بِالْمَجْنُونِ فِي هَذَا بِأَنَّهُ حَالَةٌ وُسْطَى إذْ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَجْنُونٌ، وَالثَّانِي عَلَى مَنْ بَلَغَ أَخْرَسَ كَذَلِكَ؛ إذْ لَا يَرْتَفِعُ حَجْرُهُ إلَّا بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا يَلْحَقُ بِهِمَا النَّوْمُ
ــ
[حاشية الشرواني]
شَرْحُ الرَّوْضِ أَيْ: وَالْمُغْنِي أَيْ: فِي الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ اهـ أَنَّهُ فِيمَا عَدَا الْمَالِ كَالْبَالِغِ الْعَاقِلِ فَيُفِيدُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَعِقَابَهُ عَلَى تَرْكِهَا وَأَنَّهُ يُقْتَلُ إذَا قُتِلَ بِشَرْطِهِ وَيُحَدُّ إذَا زَنَى أَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا يُوَافِقُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعِبَارَتِهِ قَوْلُهُ كَصَبِيٍّ مُمَيِّزٍ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْهُ مَا يَصِحُّ مِنْ الْمُمَيِّزِ كَالصَّلَاةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ وُجِدَ فِيهِ مَعْنَى التَّمْيِيزِ الَّذِي ضَبَطُوهُ وَهُوَ كَوْنُهُ بِحَيْثُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَسْتَنْجِي وَحْدَهُ فِي الْجَمِيعِ لَكِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُتَّجَهُ إلَّا كَوْنُهُ مُكَلَّفًا وَلَا يُتَّجَهُ حَمْلُ مَا نَقَلَاهُ عَنْ التَّتِمَّةِ عَلَيْهِ اهـ وَصَرِيحُ قَوْلِ الشَّارِحِ م ر كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَرَدُّهُ الِاعْتِرَاضَ بِأَنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ كَمَالُ التَّمْيِيزِ قَصَرَ التَّشْبِيهَ عَلَى صِحَّةِ الْعِبَادَاتِ فَقَطْ دُونَ بَقِيَّةِ التَّكَالِيفِ اهـ وَهَذَا الْقَصْرُ هُوَ الظَّاهِرُ وَسَيَأْتِي عَنْ السَّيِّدِ عُمَرَ مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُمْ) أَيْ: السُّبْكِيّ وَغَيْرِهِ (فَيَصِحُّ إلَخْ غَيْرُ صَحِيحٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ كَمَالُ التَّمْيِيزِ أَمَّا أَدْنَاهُ فَلَا يَلْحَقُهُ بِالْمُكَلَّفِ وَلَا بِالْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لَهُمَا فَتَعَيَّنَ إلْحَاقُهُ بِالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ اهـ.
(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ اعْتِرَاضَهُمْ مِنْ أَصْلِهِ غَيْرُ وَارِدٍ) هُوَ كَمَا قَالَ؛ إذْ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ التَّتِمَّةِ أَنَّ الْمَجْنُونَ مِنْهُ مَنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ فَيَكُونُ كَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ وَمِنْهُ مَنْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَيَكُونُ كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ فَوَائِدِ قَوْلِهِمْ فَيَكُونُ كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ الْخِلَافُ فِي صِحَّةِ إسْلَامِهِ وَنَحْوِهِ وَأَنَّهُ يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ كَإِيصَالِ هَدِيَّةٍ وَإِذْنٍ فِي دُخُولِ الدَّارِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ فَحَصْرُهُمْ الْمَذْكُورُ) أَيْ قَوْلُهُمْ وَإِلَّا فَهُوَ مُكَلَّفٌ (قَوْلُهُ أَنَّ مِثْلَهُ) أَيْ الْجُنُونِ (قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِإِلْحَاقِ الْأَخْرَسِ الْمَذْكُورِ بِالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ وَلِيُّهُ) أَيْ: الْأَخْرَسِ (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ: الْجُعْلُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ زَادَ شَارِحُ السَّيِّدِ) أَيْ: عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) الْمُتَبَادِرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَيُجْمَعُ إلَخْ) لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ اهـ سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ يُؤَيِّدُ هَذَا الْجَمْعَ أَنَّهُ يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِأَنَّ وَلِيَّهُ الْحَاكِمُ فِي حَالِ الِاسْتِصْحَابِ ثُمَّ رَأَيْت بَحَثَ الْجَوْجَرِيُّ الْجَزْمَ حِينَئِذٍ وَأَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ فِي الطَّارِئِ وَهُوَ كَلَامٌ مَتِينٌ اهـ وَيُخَالِفُهُ ظَاهِرُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُمَا تَرَدَّدَ الْإِسْنَوِيُّ فِيمَنْ يَكُونُ وَلِيُّهُ وَبَحَثَ الْجَوْجَرِيُّ أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ فِيمَنْ عَرَضَ لَهُ هَذَا الْخَرَسُ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَمَّا مَنْ لَمْ يَبْلُغْ إلَّا كَذَلِكَ فَالظَّاهِرُ الْجَزْمُ بِأَنَّ وَلِيَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ عَلَيْهِ اسْتِدَامَةً لِحَجْرِ الصَّبِيِّ؛ إذْ لَا يَرْتَفِعُ الْحَجْرُ عَنْهُ إلَّا بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ مُحْتَمَلٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ التَّرَدُّدِ أَنَّ وَلِيَّهُ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ التَّرَدُّدِ أَيْ تَرَدُّدِ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ وَلِيَّهُ إلَخْ لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَنْ خَرَسُهُ أَصْلِيٌّ وَإِلَّا فَهُوَ عَيْنُ قَوْلِ الْجَوْجَرِيِّ فَالظَّاهِرُ إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّائِمَ لَا وَلِيَّ لَهُ مُطْلَقًا وَأَنَّ الْأَخْرَسَ الَّذِي لَا إشَارَةَ لَهُ وَلِيُّهُ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ سَوَاءٌ كَانَ خَرَسُهُ أَصْلِيًّا أَوْ طَارِئًا فَوَلِيُّهُ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ الْوَصِيُّ ثُمَّ الْقَاضِي اهـ.
(قَوْلُهُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ) أَيْ: قَوْلِ الرَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ بِأَنَّ وَلِيَّهُ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي) أَيْ: قَوْلِ بَعْضِهِمْ بِأَنَّ وَلِيَّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْحَقُ بِهِمَا) أَيْ: بِالْجُنُونِ وَالْخَرَسِ (النَّوْمُ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ عِبَارَةُ الثَّانِي وَأَلْحَقَ الْقَاضِي بِالْمَجْنُونِ النَّائِمَ وَنَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَتَخَيَّلُ أَحَدٌ أَنَّ النَّائِمَ يَتَصَرَّفُ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ النَّائِمَ يُشْبِهُ الْمَجْنُونَ فِي سَلْبِ اعْتِبَارِ الْأَقْوَالِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَفْعَالِ فَإِلْحَاقُهُ بِهِ مِنْ حَيْثُ ذَلِكَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ أَيْ: النَّائِمَ لَا وَلِيَّ لَهُ مُطْلَقًا وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَعَلَّ كَلَامَ الْقَاضِي مَحْمُولٌ عَلَى نَائِمٍ أَحْوَجَ طُولُ نَوْمِهِ إلَى
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ وَيُجْمَعُ إلَخْ) نَقَلَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ نَظَرَ فِي إلْحَاقِ الْقَاضِي الْأَخْرَسِ الْمَذْكُورِ بِالْمَجْنُونِ بِأَنَّهُ غَيْرُ عَاقِلٍ وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى إقَامَةِ أَحَدٍ مَكَانَهُ فَلْيَكُنْ هُوَ الْحَاكِمُ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ الْأَخْرَسَ الْمَذْكُورَ لَا يُسَمَّى مَجْنُونًا.
قَالَ وَقَوْلُهُ وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ غَيْرَ عَاقِلٍ كَمَا قَالَهُ فَوَلِيُّهُ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ تَرَدَّدَ فِيمَنْ يَكُونُ وَلِيُّهُ وَالشَّارِحُ يَعْنِي الْجَوْجَرِيَّ بَحَثَ أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ فِيمَنْ عَرَضَ لَهُ هَذَا الْخَرَسُ بَعْدَ بُلُوغِهِ.
أَمَّا مَنْ لَمْ يَبْلُغْ إلَّا كَذَلِكَ فَالظَّاهِرُ الْجَزْمُ بِأَنَّ وَلِيَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ عَلَيْهِ اسْتِدَامَةً لِحَجْرِ الصَّبِيِّ إذْ لَا يَرْتَفِعُ الْحَجْرُ عَنْهُ إلَّا بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ اهـ.
وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ مُحْتَمَلٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ مِنْ التَّرَدُّدِ أَنَّ وَلِيَّهُ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ إلَخْ اهـ فَإِنْ كَانَ الرَّافِعِيُّ صَرَّحَ بِأَنَّ وَلِيَّهُ الْحَاكِمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ هُنَا فَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ لَكِنْ مَعَ حَمْلِهِ عَلَى مَنْ طَرَأَ خَرَسُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ (قَوْلُهُ بِالْمَجْنُونِ) قَالَ بَعْضُهُمْ لَعَلَّ إلْحَاقَ النَّائِمِ بِالْمَجْنُونِ مَحْمُولٌ عَلَى نَائِمٍ أَحْوَجَ طُولُ نَوْمِهِ إلَى