لَكِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى سَبْقِ الْإِمْنَاءِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يُخْلَقُ مِنْ الْمَاءَيْنِ فَبِالْوَضْعِ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهَا قَبْلَهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَةٍ مَا لَمْ تَكُنْ مُطَلَّقَةً وَتَأْتِي بِوَلَدٍ يَلْحَقُ الْمُطَلِّقَ فَيُحْكَمُ بِبُلُوغِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ بِلَحْظَةٍ، وَلَوْ حَاضَ الْخُنْثَى بِفَرْجِهِ وَأَمْنَى بِذَكَرِهِ حُكِمَ بِبُلُوغِهِ فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَلَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِمْ مَا مَرَّ أَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ مِنْ الزَّائِدِ يُوجِبُ الْغُسْلَ فَيَقْتَضِي الْبُلُوغَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ وَهَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا.
وَخَالَفَهُمْ الْإِمَامُ مَا لَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ فَيُغَيِّرُ قَالَا وَهُوَ الْحَقُّ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إنْ تَكَرَّرَ فَنَعَمْ وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
(وَالرُّشْدُ صَلَاحُ الدِّينِ وَالْمَالِ) مَعًا كَمَا فَسَّرَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ الْآيَةَ السَّابِقَةَ وَوَجْهُ الْعُمُومِ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ نَكِرَةٌ مُثْبَتَةٌ وُقُوعُهُ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ قَالُوا وَلَا يَضُرُّ إطْبَاقُ النَّاسِ عَلَى مُعَامَلَةِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ مَعَ غَلَبَةِ الْفِسْقِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عُرُوضُ التَّوْبَةِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي يَحْصُلُ فِيهَا النَّدَمُ فَيَرْتَفِعُ الْحَجْزُ بِهَا ثُمَّ لَا يَعُودُ بِعَوْدِ الْفِسْقِ وَيُعْتَبَرُ فِي وَلَدِ الْكَافِرِ مَا هُوَ صَلَاحٌ عِنْدَهُمْ دِينًا وَمَالًا.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَلَا يَلْزَمُ شَاهِدَ الرُّشْدِ مَعْرِفَةُ عَدَالَةِ الْمَشْهُودِ لَهُ بَاطِنًا فَلَا يَكْفِي مَعْرِفَتُهَا ظَاهِرًا وَلَوْ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَإِذَا شَرَطْنَا صَلَاحَ الدِّينِ (فَلَا يَفْعَلُ مُحَرَّمًا مَا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ)
ــ
[حاشية الشرواني]
إجْمَاعًا (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِلَحْظَةٍ) أَيْ: حَيْثُ وُجِدَ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَأَكْثَرُ، أَمَّا لَوْ لَمْ يُوجَدْ بَعْدَهُ ذَلِكَ فَنَحْكُمُ بِبُلُوغِهَا قَبْلَهُ بِمُدَّةِ إذَا ضُمَّتْ لِمَا بَعْدَهُ وَبَلَغَتْ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ اهـ سم عِبَارَةُ ع ش قَبْلَ الطَّلَاقِ إلَخْ أَيْ: وَإِنْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَسَنَةٍ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ مِنْ اعْتِبَارِ اللَّحْظَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ حَيْثُ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُ بِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِلَّا فَالْمُدَّةُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ مِنْ آخِرِ أَوْقَاتِ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَأَمْنَى بِذَكَرِهِ) أَيْ أَوْ أَمْنَى بِهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْهِ فَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ الْآخَرِ مَا يُعَارِضُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ يَنْبَغِي أَنْ يُحْكَمَ بِبُلُوغِهِ بِأَحَدِهِمَا كَالْحُكْمِ بِالْإِيضَاحِ بِهِ، ثُمَّ يُغَيَّرُ إنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ وَسَكَتَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَلَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَسَمِّ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الِانْسِدَادُ (غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ إذَا ظَهَرَ مِنْ الْآخَرِ مَا يُعَارِضُهُ انْتَفَى انْسِدَادُهُ فَلَا يَكُونُ الْمَاءُ الْخَارِجُ مِنْهُ مَنِيًّا خَارِجًا مِنْ غَيْرِ الْمُعْتَادِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ كَوْنِ الْخَارِجِ مِنْهُ مَنِيًّا اهـ سم (قَوْلُهُ وَخَالَفَهُمْ) أَيْ الْجُمْهُورَ الْإِمَامُ اسْتَدَلَّ الْإِمَامُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْإِيضَاحِ وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا نَازَعَهُ فِيهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ سم (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ إلَخْ) كَانَ مُرَادُهُ أَيْ: الْإِمَامِ أَنَّهُ لَوْ أَمْنَى بِذَكَرِهِ مَثَلًا حُكِمَ بِبُلُوغِهِ فَلَوْ حَاضَ بَعْدَ ذَلِكَ بِفَرْجِهِ غُيِّرَ الْحُكْمُ بِالْبُلُوغِ الْمُتَقَدِّمِ وَجُعِلَ الْبُلُوغُ مِنْ الْآنِ لِمُعَارَضَةِ الْحَيْضِ لِلْمَنِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَحَلَبِيٌّ وَشَوْبَرِيٌّ وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) وَفِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي بَعْدَ كَلَامٍ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ مُفِيدٌ لِاعْتِبَارِ التَّكْرَارِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْمُتَوَلِّي اهـ.
(قَوْلُهُ حَسَنٌ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى (غَرِيبٌ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ النَّقْلِ اهـ ع ش أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَعِيفٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ مَعًا) إلَى قَوْلِهِ قَالُوا فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ نَكِرَةٌ مُثْبَتَةٌ) أَيْ فَلَا يَعُمُّ وَلِذَلِكَ مَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ صَلَاحُ الْمَالِ فَقَطْ اهـ مُغْنِي أَيْ: وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وُقُوعُهُ إلَخْ) خَبَرٌ وَوَجْهُ الْعُمُومِ وَهُنَا إشْكَالٌ لسم أَجَابَ عَنْهُ ع ش رَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ قَالُوا إلَخْ) فِيهِ لِإِتْيَانِهِ بِصِيغَةِ التِّبْرِيِّ إشْعَارٌ بِاسْتِشْكَالِهِ وَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا وَهُوَ كَذَلِكَ؛ إذْ كَيْفَ يُحْكَمُ بِمُجَرَّدِ نَدَمٍ مُحْتَمَلٍ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَعُمُّ الْفِسْقَ أَوْ يَغْلِبُ فِي بَعْضِ النَّوَاحِي بِمَظَالِمِ الْعِبَادِ كَغِيبَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمَنْعِ مَوَارِيثِ النِّسَاءِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَأَحْسَنُ مَا يُوَجَّهُ بِهِ أَنْ يُقَالَ إذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى بُطْلَانِ مُعْظَمِ مُعَامَلَاتِ الْعَامَّةِ وَكَانَ هَذَا هُوَ الْحَامِلُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى اخْتِيَارِهِ أَنَّ الرُّشْدَ صَلَاحُ الْمَالِ فَقَطْ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ) أَيْ: فِي اعْتِبَارِ صَلَاحِ الدِّينِ فِي الرُّشْدِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَالِبَ إلَخْ) عِلَّةُ عَدَمِ الْمَضَرَّةِ (قَوْلُهُ فَيَرْتَفِعُ الْحَجْرُ بِهَا) أَيْ: بِالتَّوْبَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ لَا يَعُودُ) أَيْ الْحَجْرُ (قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ إلَخْ) أَيْ: كَمَا نَقَلَهُ فِي
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
شَيْخِ الْإِسْلَامِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَتَأْتِي بِوَلَدٍ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَأَكْثَرَ بَعْدَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ فَيُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِلَحْظَةٍ) أَيْ: حَيْثُ وُجِدَ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَأَكْثَرُ.
أَمَّا لَوْ لَمْ يُوجَدْ بَعْدَهُ ذَلِكَ فَيُحْكَمُ بِبُلُوغِهَا قَبْلَهُ بِمُدَّةٍ إذَا ضُمَّتْ لِمَا بَعْدَهُ بَلَغَتْ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ لَحِقَهُ الْوَلَدُ لَزِمَ الْحُكْمُ بِوُجُودِ الْبُلُوغِ قَبْلَ الطَّلَاقِ ثُمَّ إنْ وُجِدَ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَأَكْثَرُ كَفَى الْحُكْمُ بِوُجُودِهِ قَبْلَهُ بِلَحْظَةٍ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِوُجُودِهِ قَبْلَهُ بِمَا يَكْمُلُ بِهِ مَعَ مَا بَعْدَهُ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَلَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَّلُوهُ بِقَوْلِهِمْ لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ الْآخَرِ مَا يُعَارِضُهُ انْتَهَى.
وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ فِي الْمُهِمَّاتِ أَجَابَ عَنْهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَحَلَّهُ مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ) وَهَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا أَيْ:؛ لِأَنَّهُ إذَا ظَهَرَ مِنْ الْآخَرِ مَا يُعَارِضُهُ انْتَفَى انْسِدَادُهُ فَلَا يَكُونُ الْمَاءُ الْخَارِجُ مِنْهُ مَنِيًّا خَارِجًا مِنْ غَيْرِ الْمُعْتَادِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ كَوْنِ الْخَارِجِ مِنْهُ مَنِيًّا.
(قَوْلُهُ وَخَالَفَهُمْ الْإِمَامُ) اسْتَدَلَّ الْإِمَامُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الِاتِّضَاحِ وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا نَازَعَهُ فِيهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ) كَأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْنَى بِذَكَرِهِ مَثَلًا حُكِمَ بِبُلُوغِهِ فَلَوْ حَاضَ بَعْدَ ذَلِكَ بِفَرْجِهِ غُيِّرَ الْحُكْمُ بِالْبُلُوغِ الْمُتَقَدِّمِ وَجُعِلَ الْآنَ لِمُعَارَضَةِ الْحَيْضِ لِلْمَنِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وُقُوعُهُ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى الْعُمُومِ هُنَا أَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ بِمَعْنَى أَنَّ الْحُكْمَ مُتَعَلِّقٌ بِكُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ وَلِكُلٍّ مِنْ صَلَاحِ الْمَالِ وَصَلَاحِ الدِّينِ أَفْرَادٌ كَثِيرَةٌ فَإِنْ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِكُلِّ وَاحِدٍ اقْتَضَى الِاكْتِفَاءَ فِي دَفْعِ الْأَمْوَالِ إلَيْهِمْ بِوُجُودِ أَيِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الصَّلَاحَيْنِ وَهُوَ خِلَافُ