للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ مُطْلَقًا أَوْ صَغِيرَةٍ وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ وَخَرَجَ بِالْمُحْرِمِ خَارِمُ الْمُرُوءَةِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي الرُّشْدِ وَإِنْ حَرُمَ ارْتِكَابُهُ لِكَوْنِهِ تَحَمَّلَ شَهَادَةً؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِيهِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ (وَ) إذَا شَرَطْنَا صَلَاحَ الْمَالِ لَمْ يَحْصُلْ إلَّا إنْ كَانَ بِحَيْثُ (لَا يُبَذِّرُ بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ) أَيْ: جِنْسِهِ (بِاحْتِمَالِ غَبْنٍ فَاحِشٍ) وَسَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ (فِي الْمُعَامَلَةِ) كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي عَشْرَةً بِتِسْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ عَقْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَرَادَ بِهِ الْمُحَابَاةَ وَالْإِحْسَانَ لَمْ يُؤَثِّرْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَضْيِيعٍ وَلَا غَبْنٍ وَلَوْ كَانَ بِغَبْنٍ فِي بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ كَمَا رَجَّحَهُ الْقَمُولِيُّ لِبُعْدِ اجْتِمَاعِ الْحَجْرِ وَعَدَمِهِ لَكِنَّ الَّذِي مَالَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ اعْتِبَارُ الْأَغْلَبِ (أَوْ رَمْيُهُ) وَلَوْ فَلْسًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ الِاخْتِصَاصُ فِي هَذَا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ (فِي بَحْرٍ) لِقِلَّةِ عَقْلِهِ (أَوْ إنْفَاقِهِ) وَلَوْ فَلْسًا أَيْضًا (فِي مُحَرَّمٍ) فِي اعْتِقَادِهِ وَلَوْ فِي صَغِيرِهِ وَالْإِنْفَاقُ هُنَا مَجَازٌ عَنْ خُسْرٍ أَوْ غُرْمٍ أَوْ ضَيْعٍ إذْ هَذَا هُوَ الَّذِي يُقَالُ فِي الْمَخْرَجِ فِي الْمَعْصِيَةِ.

(وَالْأَصَحُّ أَنَّ صَرْفَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَوُجُوهِ الْخَيْرِ) عَامٌّ بَعْدَ خَاصٍّ (وَالْمَطَاعِمُ وَالْمَلَابِسُ) وَالْهَدَايَا (الَّتِي لَا تَلِيقُ) بِهِ (لَيْسَ بِتَبْذِيرٍ) ؛ لِأَنَّ لَهُ

ــ

[حاشية الشرواني]

زِيَادَةُ الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (فَلَا يَفْعَلُ مُحَرَّمًا إلَخْ) أَيْ عِنْدَ الْبُلُوغِ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ أَنَّهُ لَوْ فَسَقَ إلَخْ وَعَلَيْهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ السَّفَهُ إلَّا بِمَنْ أَتَى بِالْمُفَسِّقِ مُقَارِنًا لِلْبُلُوغِ وَحِينَئِذٍ فَالْبُلُوغُ عَلَى السَّفَهِ أَيْ: بِفَقْدِ صَلَاحِ الدِّينِ فِي غَايَةِ النُّدُورِ كَمَا لَا يَخْفَى فَلْيُنْظَرْ هَذَا الِاقْتِضَاءُ مُرَادٌ أَمْ لَا اهـ رَشِيدِيٌّ وَيَأْتِي فِي هَامِشِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا إلَخْ عَنْ ع ش مَا يُفِيدُ خِلَافَهُ.

(قَوْلُهُ بِارْتِكَابٍ) إلَى قَوْلِهِ مَعَ جَهْلِ الْمُقْرِضِ فِي الْمُغْنِي وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَإِنْ حَرُمَ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ بِارْتِكَابٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مِنْ ارْتِكَابٍ إلَخْ بِمَنْ وَهِيَ أَحْسَنُ وَفِي سم.

فَرْعٌ: الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَلَغَ مُصَلِّيًا قُبِلَ قَوْلُهُ وَامْتَنَعَ الْحُكْمُ بِسَفَهِهِ مِنْ حَيْثُ تَرْكُ الصَّلَاةِ وَلَوْ طَلَبَتْ الْمَرْأَةُ مَثَلًا تَمْكِينَ وَلِيِّهَا إيَّاهَا مِنْ الْمُمَاكَسَةِ لِيَظْهَرَ رُشْدُهَا فَتَتَوَصَّلُ إلَى إثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إجَابَتُهَا م ر اهـ.

(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ غَلَبَتْ الطَّاعَاتُ أَوْ لَا اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ أَوْ صَغِيرَةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَلَّى وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ أَوْ إصْرَارٌ عَلَى صَغِيرَةٍ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي الرُّشْدِ) ؛ لِأَنَّ الْإِخْلَالَ بِالْمُرُوءَةِ لَيْسَ بِحِرَامٍ عَلَى الْمَشْهُورِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَحَمِّلًا لِلشَّهَادَةِ وَمِنْ الْإِخْلَالِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى تَرْكِ الرَّوَاتِبِ أَوْ بَعْضِهَا فَتُرَدُّ بِهَا الشَّهَادَةُ وَلَيْسَتْ مُحَرَّمَةً ع ش قَالَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَلَوْ شَرِبَ النَّبِيذَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ فَفِي التَّحْرِيرِ وَالِاسْتِذْكَارِ إنْ كَانَ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ لَمْ يُؤَثِّرْ أَوْ تَحْرِيمَهُ فَوَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا التَّأْثِيرُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ فَفِي التَّحْرِيرِ لِلْجُرْجَانِيِّ وَالِاسْتِذْكَارِ لِلدَّارِمِيِّ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ كَالْحَنَفِيِّ وَقَوْلُهُ أَوْ تَحْرِيمَهُ كَالشَّافِعِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ أَيْ جِنْسُهُ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَمَوِّلًا اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ) أَيْ أَنَّهُ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ فِي الْمُعَامَلَةِ) أَيْ وَنَحْوِهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ كَبَيْعٍ إلَخْ) مِثَالُ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ (قَوْلُهُ عَشْرَةً بِتِسْعَةٍ) أَيْ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَخَرَجَ بِهَا الدَّنَانِيرُ فَلَا يُحْتَمَلُ ذَلِكَ فِيهَا اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ عَقْلِهِ إلَخْ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عِنْدَ جَهْلِهِ بِحَالِ الْمُعَامَلَةِ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا وَأَعْطَى أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا كَانَ الزَّائِدُ صَدَقَةً خَفِيَّةً مَحْمُودَةً نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَسَمِّ (قَوْلُهُ كَمَا رَجَّحَهُ الْقَمُولِيُّ) جَزَمَ بِهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ رَمْيُهُ) عَطْفٌ عَلَى الِاحْتِمَالِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فَلْسًا) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ: فَيَلْحَقُ بِالْمَالِ فَيَحْرُمُ إضَاعَةُ مَا يُعَدُّ مُنْتَفَعًا بِهِ مِنْهُ عُرْفًا وَيُحْجَرُ بِسَبَبِهِ اهـ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي بَحْرٍ) أَوْ نَارٍ أَوْ نَحْوِهِمَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي صَغِيرَةٍ) الْأَوْلَى بِإِسْقَاطِ فِي كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَيْ: كَإِعْطَائِهِ أُجْرَةً لِصَوْغِ إنَاءِ نَقْدٍ أَوْ لِمَنْجَمٍ أَوْ لِرِشْوَةٍ عَلَى بَاطِلٍ شَوْبَرِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ عَنْ خُسْرٍ إلَخْ) بِصِيَغِ الْمُضِيِّ الْمَبْنِيَّةِ لِلْفَاعِلِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْإِنْفَاقِ الْإِضَاعَةُ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِي الْمَخْرَجِ فِي الطَّاعَةِ إنْفَاقٌ وَفِي الْمَكْرُوهِ وَالْمُحَرَّمِ إضَاعَةٌ وَخُسْرَانٌ وَغُرْمٌ اهـ وَهِيَ أَنْسَبُ قَالَ ع ش قَوْلُهُ فِي الطَّاعَةِ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْمُبَاحَ اهـ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (إنْ صَرَفَهُ) أَيْ: الْمَالَ وَإِنْ كَثُرَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَوُجُوهُ الْخَيْرِ) كَالْعِتْقِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

مَذْهَبِهِمْ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْمَجْمُوعِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فِي الْعَامِّ اقْتَضَى أَنْ لَا بُدَّ مِنْ غَايَةِ كُلٍّ مِنْ الصَّلَاحَيْنِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَفْرَادِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ) .

(فَرْعٌ) الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَلَغَ مُصَلِّيًا قَبْلَ قَوْلِهِ وَامْتَنَعَ الْحُكْمُ بِسَفَهِهِ مِنْ حَيْثُ تَرْكُ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى صَلَاتِهِ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَحْلِيفُهُ وَلَوْ طَلَبَتْ الْمَرْأَةُ مَثَلًا تَمْكِينَ وَلِيِّهَا إيَّاهَا مِنْ الْمُمَاكَسَةِ لِيَظْهَرَ رُشْدُهَا فَيُتَوَصَّلُ إلَى إثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إجَابَتُهَا م ر اهـ.

(قَوْلُهُ خَارِمُ الْمُرُوءَةِ) ؛ لِأَنَّ الْإِخْلَالَ بِالْمُرُوءَةِ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ م ر.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ بِاحْتِمَالِ غَبْنٍ فَاحِشٍ فِي الْمُعَامَلَةِ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قِصَّةُ «حِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ وَأَنَّهُ كَانَ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ مَنْ بَايَعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ» إلَخْ فَإِنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ كَانَ يُغْبَنُ وَفِي صِحَّةِ بَيْعِهِ مَعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ بَلْ أَقَرَّهُ وَأَرْشَدَهُ إلَى اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ مِنْ أَيْنَ كَانَ يُغْبَنُ غَبْنًا فَاحِشًا فَلَعَلَّهُ إنَّمَا كَانَ يُغْبَنُ غَبْنًا يَسِيرًا وَلَوْ سَلِمَ فَمِنْ أَيْنَ أَنَّ كَوْنَهُ كَانَ يُغْبَنُ كَانَ عِنْدَ بُلُوغِهِ فَلَعَلَّهُ عَرَضَ لَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَيَكُونُ سَفِيهًا مُهْمَلًا وَهُوَ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى الْجَوَابِ بِمَا ذَكَرَ أَنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ فِي وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ وَقَدْ أَقَرَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُبَايَعَةِ وَأَرْشَدَهُ إلَى اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ عَنْ حَالِهِ هَلْ طَرَأَ لَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا أَوْ لَا؟ وَهَلْ كَانَ الْغَبْنُ فَاحِشًا أَوْ يَسِيرًا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ عَلَى قِلَّةِ عَقْلِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>