أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا.
وَقَضِيَّةُ هَذَا النَّصِّ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَجَانِبِ لَهَا بِالرُّشْدِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ خَلِّكَانَ لَكِنْ خَالَفَهُ التَّاجُ الْفَزَارِيّ.
قَالَ وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ الشَّافِعِيُّ لِلطَّرِيقِ الْغَالِبِ فِي الِاخْتِبَارِ دُونَ الزِّيَادَةِ اهـ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّ الشَّاهِدَ عَلَيْهَا لَا يُكَلَّفُ السُّؤَالَ عَنْ وَجْهٍ تَحْمِلُهُ عَلَيْهَا إلَّا إنْ كَانَ عَامِّيًّا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ صِحَّةَ التَّحَمُّلِ عَلَيْهَا اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا (بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْغَزْلِ) أَيْ: بِفِعْلِهِ إنْ تَخَدَّرَتْ وَإِلَّا فَبِبَيْعِهِ يُطْلَقُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَالْمَغْزُولِ (وَالْقُطْنِ) حِفْظًا وَبَيْعًا كَمَا تَقَرَّرَ فَإِنْ لَمْ يَلِيقَا بِهَا أَوْ لَمْ تَعْتَدْهُمَا فِيمَا يَعْتَادُهُ مِثَالُهَا.
قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَرْأَةُ الْمُبْتَذَلَةُ بِمَا يُخْتَبَرُ بِهِ الرَّجُلُ (وَصَوْنُ الْأَطْعِمَةِ عَنْ الْهِرَّةِ) ؛ لِأَنَّ بِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ الضَّبْطُ وَحِفْظُ الْمَالِ وَعَدَمُ الِانْخِدَاعِ وَذَلِكَ قِوَامُ الرُّشْدِ (وَنَحْوِهِمَا) أَيْ: الْهِرَّةِ كَالْفَأْرَةِ وَالْأَطْعِمَةِ كَالْأَقْمِشَةِ.
وَإِذَا ثَبَتَ رُشْدُهَا نَفَذَ تَصَرُّفُهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَخَبَرُ «لَا تَتَصَرَّفْ الْمَرْأَةُ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا» أَشَارَ الشَّافِعِيُّ إلَى ضَعْفِهِ وَبِفَرْضِ صِحَّتِهِ حَمَلُوهُ عَلَى النَّدْبِ وَاسْتُدِلَّ لَهُ بِأَنَّ «مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْتَقَتْ وَلَمْ تُعْلِمْهُ فَلَمْ يَعِبْهُ عَلَيْهَا وَفِيهِ مَا فِيهِ» ؛ إذْ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا تُعْطَى الرَّشِيدَةُ مَالَهَا حَتَّى تَتَزَوَّجَ وَحِينَئِذٍ لَا تَتَصَرَّفُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَا لَمْ تَصِرْ عَجُوزًا لَا يُنَافِي ذَلِكَ وَالْخُنْثَى يُخْتَبَرُ بِمَا يُخْتَبَرُ بِهِ النَّوْعَانِ (وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ الِاخْتِبَارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ) حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ رُشْدُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُ مَرَّةً لَا عَنْ قَصْدٍ (وَوَقْتُهُ) أَيْ الِاخْتِبَارِ (قَبْلَ الْبُلُوغِ) لِإِنَاطَةِ الِاخْتِبَارِ فِي الْآيَةِ بِالْيَتِيمِ وَهُوَ إنَّمَا يَقَعُ حَقِيقَةً عَلَى غَيْرِ الْبَالِغِ فَالْمُخْتَبِرُ هُوَ الْوَلِيُّ كَمَا مَرَّ وَالْمُرَادُ بِقَبْلِهِ قُبَيْلَهُ حَتَّى إذَا ظَهَرَ رُشْدُهُ وَبَلَغَ سَلَّمَ لَهُ مَالَهُ فَوْرًا (وَقِيلَ بَعْدَهُ) لِبُطْلَانِ تَصَرُّفِ الصَّبِيِّ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْبَيْعِ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) الْمُعْتَمَدُ (الْأَصَحُّ) بِالرَّفْعِ (أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بَلْ يُمْتَحَنُ فِي الْمُمَاكَسَةِ فَإِذَا أَرَادَ الْعَقْدَ عَقَدَ الْوَلِيُّ) لِعَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْ الْمَوْلَى وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يُعْطِيهِ الْوَلِيُّ مَالًا قَلِيلًا لِيُمَاكِسَ بِهِ وَلَا يُضَمِّنُهُ إنْ تَلِفَ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَلَوْ قَبِلَ بِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ مُرَاقَبَتُهُ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ
ــ
[حاشية الشرواني]
أَحَدُهُمَا) أَيْ: أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ النِّسَاءُ وَالْمَحَارِمُ (قَوْلُهُ لَكِنْ خَالَفَهُ التَّاجُ إلَخْ) قَالَ ع ش قَوْلُهُ خِلَافُهُ وَهُوَ قَبُولُ شَهَادَةِ الْأَجَانِبِ اهـ.
(قَوْلُهُ دُونَ الزِّيَادَةِ) أَيْ: دُونَ الزِّيَادَةِ عَلَى الطَّرِيقِ الْغَالِبِ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ: الِاكْتِفَاءَ بِشَهَادَةِ الْأَجَانِبِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَيْ: بِفِعْلِهِ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ يُطْلَقُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَالْمَغْزُولِ) أَيْ: وَالْمُرَادُ هُنَا كُلٌّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ حِفْظًا) أَيْ: إنْ كَانَتْ مُخَدَّرَةً (وَقَوْلُهُ وَبَيْعًا) أَيْ: إنْ كَانَتْ بَرْزَةً (وَقَوْلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ: فِي الْغَزْلِ مِنْ التَّوْزِيعِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَلِيقَا بِهَا) كَبَنَاتِ الْمُلُوكِ.
وَنَحْوِهِمْ قَوْلُ الْمَتْنِ (عَنْ الْهِرَّةِ) وَهِيَ الْأُنْثَى وَالذَّكَرُ هِرٌّ وَتُجْمَعُ الْأُنْثَى عَلَى هِرَرٍ كَقِرْبَةٍ وَقِرَبٍ وَالذَّكَرُ عَلَى هِرَرَةٍ كَقِرْدٍ وَقِرَدَةٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَعَدَمُ الِانْخِدَاعِ) أَيْ: عَدَمُ تَأَثُّرِهَا بِالْحِيلَةِ.
(قَوْلُهُ قِوَامُ الرُّشْدِ) أَيْ: مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الرُّشْدُ.
(قَوْلُهُ أَوْ الْأَطْعِمَةِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْهِرَّةِ (قَوْلُهُ وَإِذَا ثَبَتَ) إلَى قَوْلِهِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ اسْتَدَلَّ إلَى قَوْلِ مَالِكٍ (قَوْلُهُ حَمَلُوهُ عَلَى النَّدْبِ) يَنْبَغِي عَلَى مَالِ الزَّوْجِ لِمَا يَغْلِبُ فِيهِنَّ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا عِلْمِ رِضَاهُ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ عَلَى النَّدْبِ) أَيْ: نَدْبِ الِاسْتِئْذَانِ (قَوْلُهُ وَاسْتَدَلَّ لَهُ) أَيْ: لِلْحَمْلِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَعْلَمْهُ) أَيْ لَمْ تَسْتَأْذِنْ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ فَلَمْ يَعِبْهُ) أَيْ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِعْتَاقٍ عَلَيْهَا أَيْ: فَلَوْ كَانَ الِاسْتِئْذَانُ وَاجِبًا لَأَنْكَرَ عَلَيْهَا الْإِعْتَاقَ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ وَفِيهِ إلَخْ) أَيْ: فِي الِاسْتِدْلَالِ (قَوْلُهُ: إذْ قَوْلُ مَالِكٍ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ الْحَمْلِ لِأَجْلِ خِلَافِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يُنَافِي نُفُوذَ التَّصَرُّفِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْجُمْلَةِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ؛ إذْ تَزَوَّجَتْ (قَوْلُهُ لَا تَتَصَرَّفْ إلَخْ) أَيْ: لَا يَنْفُذُ تَبَرُّعُهَا بِمَا زَادَ إلَخْ اهـ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ أَرَأَيْت لَوْ تَصَدَّقَتْ بِثُلُثِ مَالِهَا ثُمَّ بِثُلُثِ الثُّلُثَيْنِ ثُمَّ بِثُلُثِ الْبَاقِي هَلْ يَجُوزُ التَّصَدُّقُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ إنْ جَوَّزَتْ سُلْطَتَهَا عَلَى جَمِيعِ الْمَالِ بِالتَّبَرُّعِ وَإِنْ مَنَعَتْ مَنَعَتْ الْحُرَّ الْبَالِغَ الْعَاقِلَ مِنْ مَالِهِ وَلَا وَجْهَ لَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ لَا يُنَافِي ذَلِكَ) أَيْ عَدَمَ عَيْبِهِ عَلَيْهَا وَلَعَلَّ وَجْهَ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ احْتِمَالُ عَدَمِ زِيَادَةِ الْعِتْقِ عَلَى الثُّلُثِ وَتَقَدَّمَ عَنْ الْكُرْدِيِّ فِي الْإِشَارَةِ وَتَوْجِيهُ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ غَيْرُ مَا ذَكَرَ.
(قَوْلُهُ النَّوْعَانِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ الْجِنْسِ الْآخَرِ اهـ سم (قَوْلُهُ حَتَّى يَغْلِبَ) إلَى قَوْلِهِ كَذَا أَطْلَقُوهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ الْوَلِيُّ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كُلُّ وَلِيٍّ اهـ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَقِيلَ بَعْدَهُ) رُدَّ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْحَجْرِ عَلَى الْبَالِغِ الرَّشِيدِ إلَى اخْتِبَارِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (بَلْ يُمْتَحَنُ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُخْتَبَرُ السَّفِيهُ أَيْضًا فَإِذَا ظَهَرَ رُشْدُهُ عَقَدَ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَسَمِّ.
(قَوْلُهُ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ) أَيْ عَلَى الْأَوَّلِ الْمُعْتَمَدِ وَمُقَابِلُهُ.
(قَوْلُهُ كَذَا أَطْلَقُوهُ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّ الْوَجْهَ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ أَدَّى لِإِتْلَافِهِ مُغْتَفَرٌ نَظَرًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ.
وَفِيهِ أَنَّ مَا اسْتَقَرَّ بِهِ الشَّارِحُ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ ثُمَّ رَأَيْت فِي ع ش بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ وَقَدْ تُفْهَمُ الْمُرَاقَبَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْقِدَ إلَخْ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْوَلِيَّ يَكُونُ عِنْدَهُ وَقْتَ الْمُمَاكَسَةِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ إنْ لِمَ يُرَاقِبْهُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ خَالَفَهُ التَّاجُ الْفَزَارِيّ) مَا قَالَهُ هُوَ الْأَوْجَهُ (قَوْلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ حَفِظَ إنْ تَخَدَّرَتْ وَإِلَّا فَبِبَيْعِهِ.
(قَوْلُهُ فَلَمْ يَعِبْهُ عَلَيْهَا) زَادَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَلْ لَوْ أَعْطَتْهَا لِأَخَوَاتِهَا لَكَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِهَا وَهَذِهِ وَاقِعَةٌ قَوْلِيَّةٌ فَالِاحْتِمَالُ يَعُمُّهُمَا وَسَنَدُهَا صَحِيحٌ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ النَّوْعَانِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْآخَرِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَلْ يُمْتَحَنُ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُخْتَبَرُ رُشْدُ السَّفِيهِ أَيْضًا فَإِذَا ظَهَرَ رُشْدُهُ عَقَدَ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ.
(فَرْعٌ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ مَنْ عُلِمَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ اُسْتُصْحِبَ إلَى أَنْ يَثْبُتَ الرُّشْدُ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ حَجْرٌ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ كَمَنْ عُلِمَ رُشْدُهُ انْتَهَى بِمَعْنَاهُ