للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِعَدَمِ لَفْظِ السَّلَمِ وَأَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّهُ سَلَمٌ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَلِلْأَوَّلِينَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ لَفْظِ الصُّلْحِ وَالْبَيْعِ بِأَنَّ الْبَيْعَ حَيْثُ أُطْلِقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِمُقَابِلِ السَّلَمِ لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهِمَا فَهُوَ أَعَنَى الْبَيْعَ لَا يَخْرُجُ عَنْ مَوْضُوعِهِ لِغَيْرِهِ فَإِذَا نَافَى لَفْظُهُ مَعْنَاهُ غُلِّبَ لَفْظُهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَقْوَى وَأَمَّا لَفْظُ الصُّلْحِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ شَرْعًا لِعُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِحَسَبِ الْمَعْنَى لَا غَيْرُ وَلَيْسَ لَهُ مَوْضُوعٌ خَاصٌّ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ لَفْظُهُ حَتَّى تَغْلِبَهُ فِيهِ فَتَعَيَّنَ فِيهِ تَحْكِيمُ الْمَعْنَى لَا غَيْرَ وَبِهِ اتَّضَحَ الْأَوَّلُ فَتَأَمَّلْهُ.

(أَوْ) جَرَى مِنْ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ (عَلَى مَنْفَعَةٍ) لَهَا مُدَّةٌ مَعْلُومَةٌ بِثَوْبٍ مَثَلًا لِغَرِيمِهِ أَوْ لِغَيْرِهَا مُدَّةٌ كَذَلِكَ بِهَا أَوْ بِمَنْفَعَتِهَا (فَ) هُوَ (إجَارَةٌ) لِلْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ بِغَيْرِهَا مِنْ الْمُدَّعِي لِغَرِيمِهِ أَوْ لِغَيْرِهَا بِهَا أَوْ بِمَنْفَعَتِهَا مِنْ غَرِيمِهِ لَهُ (تَثْبُتُ) فِيهِ (أَحْكَامُهَا) لِصِدْقِ حَدِّهَا عَلَيْهِ أَوْ جَرَى مِنْهَا عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا مُدَّةَ كَذَا فَإِعَارَةٌ مِنْهُ لِغَرِيمِهِ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ قَوْلُ السُّبْكِيّ يَصِحُّ الصُّلْحُ عَلَى مَنَافِعِ الْكِلَابِ مُدَّةً مَعْلُومَةً أَيْ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا فَخُلْعٌ أَوْ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَبْدَهُ فَجَعَالَةٌ (أَوْ) جَرَى مِنْ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ (عَلَى بَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ) كَنِصْفِهَا (فَهِبَةٌ لِبَعْضِهَا) الْبَاقِي (لِصَاحِبِ الْيَدِ) عَلَيْهَا (فَتَثْبُتُ) فِيهِ (أَحْكَامُهَا) أَيْ الْهِبَةِ مِنْ إذْنٍ فِي قَبْضٍ وَمُضِيِّ إمْكَانِهِ بَعْدَ تَقَدُّمِ صِيغَةِ هِبَةٍ لِمَا تَرَكَ وَقَبُولِهَا

ــ

[حاشية الشرواني]

عَلَى أَنَّ لَفْظَ بِعْتُك ثَوْبًا إلَخْ (قَوْلُهُ وَلِلْأَوَّلِينَ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ: الْإِسْنَوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهِمَا) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ اهـ سم (قَوْلُهُ فَإِذَا نَافَى لَفْظَهُ مَعْنَاهُ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ يُنَافِي الْوَصْفَ بِصِفَاتِ السَّلَمِ وَقَدْ يَمْنَعُ ذَلِكَ وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْمَنْعَ بِأَنَّهُ لَوْ نَافَاهُ لَمْ يَنْعَقِدْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم (قَوْلُهُ لِعُقُودٍ إلَخْ) أَيْ: لِمَعْنًى مُشْتَرَكٍ بَيْنَهَا (قَوْلُهُ اتَّضَحَ الْأَوَّلُ) أَيْ: إتْيَانُ الصُّلْحِ بِمَعْنَى السَّلَمِ.

(قَوْلُهُ أَوْ جَرَى) أَيْ: الصُّلْحُ (مِنْ الْعَيْنِ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ لَفْظَةُ مِنْ هُنَا مَعَ قَوْلِهِ لَهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ دَاخِلَةٍ عَلَى الْمَتْرُوكِ أَيْ: لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَلَا عَلَى الْمَأْخُوذِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْعَيْنُ مَتْرُوكَةً فِي الْجُمْلَةِ أَيْ: مِنْ حَيْثُ مَنْفَعَتُهَا اهـ سم (قَوْلُهُ لَهَا) نَعْتٌ لِمَنْفَعَةٍ وَالضَّمِيرُ لِلْعَيْنِ أَيْ: عَلَى مَنْفَعَةٍ كَائِنَةٍ لِلْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَمُدَّةً مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ فِيهِ لِجَرَى اهـ كُرْدِيٌّ وَلَك أَنْ تَجْعَلَ مُدَّةً ظَرْفًا لِلنَّعْتِ (قَوْلُهُ بِثَوْبٍ) مُتَعَلِّقٌ بِضَمِيرِ الصُّلْحِ الْمُسْتَتِرِ تَحْتَ جَرَى (وَقَوْلُهُ لِغَرِيمِهِ) أَيْ: غَرِيمِ الْمُدَّعِي نَعْتٌ لِثَوْبٍ أَيْ: كَأَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي لِغَرِيمِهِ الْمُقِرِّ صَالَحْتُك عَنْ مَنْفَعَةِ هَذَا الَّذِي أَقْرَرْت لِي بِهِ سَنَةً بِثَوْبِك هَذَا أَوْ آجَرْتُك هَذَا الَّذِي إلَخْ وَيَقْبَلُ الْغَرِيمُ الْمُقِرُّ (قَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَهَا (وَقَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ: مَعْلُومَةً (وَقَوْلُهُ أَوْ بِمَنْفَعَتِهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِهَا أَيْ: كَأَنْ يَقُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُقِرُّ صَالَحْتُك عَنْ هَذَا الَّذِي أَقْرَرْت بِهِ لَك أَوْ عَنْ مَنْفَعَتِهِ سَنَةً بِسُكْنَى دَارِي هَذِهِ سَنَةً أَوْ آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً بِهَذَا الَّذِي أَقْرَرْت بِهِ لَك أَوْ بِمَنْفَعَتِهِ سَنَةً (قَوْلُهُ أَوْ جَرَى مِنْهَا إلَخْ) فِيهِ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ سم (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ) أَيْ: الْغَرِيمُ اهـ سم (قَوْلُهُ فَإِعَارَةٌ إلَخْ) تَثْبُتُ أَحْكَامُهَا فَإِنْ عَيَّنَ مُدَّةً فَإِعَارَةٌ مُؤَقَّتَةٌ وَإِلَّا فَمُطْلَقَةٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش وَمِنْ أَحْكَامِهَا جَوَازُ الرُّجُوعِ فِيهَا مَتَى شَاءَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ جَرَى مِنْهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ جَرَى مِنْ الْعَيْنِ إلَخْ وَالضَّمِيرُ لِلْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ (قَوْلُهُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ) أَيْ: صُلْحُ الْإِعَارَةِ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ.

(قَوْلُهُ فَخُلْعٌ) كَأَنْ تَقُولَ الزَّوْجَةُ الْمُقَرُّ لَهَا صَالَحْتُك مِنْ هَذَا الَّذِي أَقْرَرْت لِي بِهِ عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي طَلْقَةً فَيَقْبَلُ الزَّوْجُ بِقَوْلِهِ صَالَحْتُك؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ طَلَّقْتُك وَلَا حَاجَةَ إلَى إنْشَاءِ عَقْدِ خُلْعٍ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ عَبْدُهُ) أَيْ: عَبْدُ الْمُقَرِّ لَهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (فَهِبَةٌ إلَخْ) كَأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَقُولَ وَهَبْتُك نِصْفَهَا وَصَالَحْتُك عَلَى الْبَاقِي قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ قَالَ السُّبْكِيُّ لَوْ قَالَ: وَهَبْتُك نِصْفَهَا عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي النِّصْفَ الْآخَرَ فَسَدَ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْإِبْرَاءِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ اهـ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (لِصَاحِبِ الْيَدِ) أَيْ: مَثَلًا ع ش (قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ فِيهِ) أَيْ: فِي الْبَعْضِ الْبَاقِي فَتَصِحُّ الْهِبَةُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ وَشَبَهِهِمَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ: كَالرُّقْبَى وَالْعُمْرَى ع ش (قَوْلُهُ مَنْ أَذِنَ فِي قَبْضٍ) أَيْ: وَجَوَازُ رُجُوعِ الْمُصَالِحِ عَنْ الصُّلْحِ إذَا لَمْ يُوجَدْ قَبْضٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَمَضَى إمْكَانُهُ) أَيْ: مُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ قَبْضِ الْمَتْرُوكِ إنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بَعْدَ تَقَدُّمِ صِيغَةِ هِبَةٍ لِمَا تَرَكَ) أَيْ: أَوْ صِيغَةُ صُلْحٍ أَوْ تَمْلِيكٍ كَمَا يَأْتِي قَالَ سم فَإِنْ قُلْت ذَلِكَ أَيْ: تَعْبِيرَهُ بِصِيغَةِ الْهِبَةِ مُشْكِلٌ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ لِاعْتِبَارِهِ بَلْ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ أَيْ: الْمُصَنِّفِ وَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ إلَخْ اهـ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ صَالَحْتُك مِنْ هَذِهِ الدَّارِ عَلَى نِصْفِهَا لَا يَكُونُ هِبَةً لِبَاقِيهَا وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ فَإِنَّ الصِّيغَةَ تَقْتَضِي أَنَّهُ رَضِيَ مِنْهَا بِبَعْضِهَا وَتَرَكَ بَاقِيَهَا وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ أَيْ: عَنْ التَّصْرِيحِ بِهِ) أَيْ: وَالسُّكُوتِ عَنْ التَّصْرِيحِ بِهِ صَادِقٌ مَعَ اقْتِضَاءِ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ خِلَافَهُ.

(قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهِمَا) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ فَإِذَا نَافَى لَفْظُهُ مَعْنَاهُ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ يُنَافِي الْوَصْفَ بِصِفَاتِ السَّلَمِ وَقَدْ يَمْنَعُ ذَلِكَ وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْمَنْعَ بِأَنَّهُ لَوْ نَافَاهَا لَمْ يَنْعَقِدْ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ السَّلَمِ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ مَالَهُ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ لِتَعَذُّرِ قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا وَيَكُونُ قَبْضُهَا بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ.

وَأَمَّا تَخْصِيصُ مَا تَقَدَّمَ بِغَيْرِ لَفْظٍ فَبَعِيدٌ جِدًّا لَا وَجْهَ لَهُ تَأَمَّلْ.

(قَوْله أَوْ جَرَى مِنْ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ) قَدْ يُشْكِلُ مِنْ هُنَا مَعَ قَوْلِهِ لَهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ غَيْرُ دَاخِلَةٍ عَلَى الْمَتْرُوكِ أَيْ لِلْمُدَّعِي كَمَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَلَا عَلَى الْمَأْخُوذِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْعَيْنُ مَتْرُوكًا فِي الْجُمْلَةِ أَيْ: مِنْ حَيْثُ مَنْفَعَتُهَا (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ) أَيْ الْغَرِيمُ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا) بِأَنْ يُقِرَّ لِلزَّوْجَةِ بِالْعَيْنِ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ تَقَدُّمِ صِيغَةِ هِبَةٍ لِمَا تَرَكَ) فَإِنْ قُلْت اعْتِبَارُ ذَلِكَ مُشْكِلٌ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ لِاعْتِبَارِهِ بَلْ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ إلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>