للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ) لَهُ لِعَدَمِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ كُلَّهَا مِلْكُ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِذَا بَاعَهَا بِبَعْضِهَا فَقَدْ بَاعَ مِلْكَهُ بِمِلْكِهِ وَالشَّيْءُ بِبَعْضِهِ وَهُوَ مُحَالٌ (وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ بِلَفْظِ الصُّلْحِ) كَصَالَحْتُكَ مِنْهَا عَلَى نِصْفِهَا لِوُجُودِ خَاصَّةِ الصُّلْحِ وَهِيَ سَبْقُ الْخُصُومَةِ وَيَكُونُ هِبَةً تَنْزِيلًا لَهُ فِي كُلِّ مَحَلٍّ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ كَلَفْظِ التَّمْلِيكِ.

(وَلَوْ قَالَ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ خُصُومَةٍ صَالِحْنِي عَنْ دَارِك بِكَذَا) فَأَجَابَهُ (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يَسْتَدْعِي سَبْقَ الْخُصُومَةِ وَلَوْ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ صَرَّحَ بِهِ وَقَالَ: إنَّهُ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمَتْنِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ لِقَوْلِهِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ مَعَ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضٍ؛ لِأَنَّهُمْ أَطْلَقُوا آخِرَ الرَّجْعَةِ أَنَّهُ يَكْفِي سَبْقُ الدَّعْوَى وَلَوْ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ وَلِأَنَّ اشْتِرَاطَ كَوْنِهَا عِنْدَهُ لَا مَعْنَى لَهُ هُنَا؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ سَبْقِ الْخُصُومَةِ إنَّمَا هُوَ لِيُوجَدَ مُسَمَّى الصُّلْحِ عُرْفًا وَذَلِكَ لَا بِتَقْيِيدٍ بِالدَّعْوَى عِنْدَهُ نَعَمْ إنْ نَوَيَا بِهِ الْبَيْعَ كَانَ بَيْعًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كِنَايَةٌ؛ إذْ لَا يُنَافِي الْبَيْعَ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لِفَقْدِ شَرْطِهِ الْمَذْكُورِ وَبِهِ فَارَقَ وَهَبْتُك بِعَشْرَةٍ بِنَاءً عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ النَّظَرَ لِلَّفْظِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْهِبَةِ يُنَافِي الْبَيْعَ.

(وَلَوْ صَالَحَ مِنْ دَيْنٍ) مُدَّعًى بِهِ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ لَا كَمُثَمَّنٍ وَدَيْنِ سَلَمٍ (عَلَى عَيْنٍ) أَرَادَ بِهَا هُنَا مَا يُقَابِلُ الْمَنْفَعَةَ الشَّامِلَ لِلْعَيْنِ وَالدَّيْنِ بِدَلِيلِ تَقْسِيمِهِ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ إلَى عَيْنٍ وَدَيْنٍ فَتَغْلِيظٌ وَزَعَمَ أَنَّهُ مُصَحَّفٌ وَأَنَّ الصَّوَابَ عَلَى غَيْرِهِ هُوَ الْغَلَطُ؛ إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْعَيْنَ فِي الْأَمْرَيْنِ تَارَةً وَفِي مُقَابِلِ الدَّيْنِ أُخْرَى وَأَنَّ ذَلِكَ مَجَازٌ عُرْفِيٌّ دَلَّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ مِنْ تَقْسِيمِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ إلَى عَيْنٍ وَدَيْنٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَقَعُ فِي عِبَارَاتِهِمْ كَثِيرًا فَلَا غَلَطَ فِيهِ وَلَا تَصْحِيفَ فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ الْمُقَابَلَةِ بِالْمَنْفَعَةِ مَعَ الصِّحَّةِ فِيهَا أَيْضًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ

ــ

[حاشية الشرواني]

الشَّارِحُ م ر الْآتِي كَصَالَحْتُكَ عَنْ الدَّارِ عَلَى رُبْعِهَا اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا يَصِحُّ) أَيْ: فِيمَا إذَا جَرَى عَلَى بَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ اهـ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (بِلَفْظِ الْبَيْعِ) بِأَنْ قِيلَ بِعْتُك نِصْفَهَا وَصَالَحْتُك عَلَى نِصْفِهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَالشَّيْءُ) أَيْ: وَبَاعَ الشَّيْءَ قَوْلُ الْمَتْنِ (صِحَّتُهُ) أَيْ الصُّلْحُ بِبَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ (قَوْلُهُ كَصَالَحْتُكَ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَتَكُونُ إلَخْ) أَيْ: صِيغَةُ صَالَحْتُك مِنْهَا عَلَى نِصْفِهَا مَثَلًا (قَوْلُهُ تَنْزِيلًا لَهُ) أَيْ لِلَفْظِ الصُّلْحِ قَوْلُ الْمَتْنِ (صَالِحْنِي عَنْ دَارِك إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ بِلَا خُصُومَةٍ أَبْرِئْنِي مِنْ دَيْنِك عَلَيَّ بِأَنْ قَالَهُ اسْتِيجَابًا لِطَلَبِ الْبَرَاءَةِ فَأَبْرَأَهُ جَازَ عُبَابٌ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ وَلَوْ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ) أَيْ: وَلَوْ مَعَ غَيْرِ الْمُصَالِحِ كَمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَالِحْنِي عَنْ الدَّارِ الَّتِي بِيَدِك لِفُلَانٍ بِكَذَا لِنَفْسِي فَإِنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى مَا يَأْتِي اكْتِفَاءً بِالْمُخَاصَمَةِ السَّابِقَةِ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ ثُمَّ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ مِنْ وُقُوعِ الْخُصُومَةِ عِنْدَ غَيْرِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فَلَا تَكْفِي الْمُنَاكَرَةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَمَتَى سَبَقَ بَيْنَهُمَا نِزَاعٌ ثُمَّ جَرَى الصُّلْحُ بِلَفْظِهِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَعْدَ خُصُومَةٍ وَيُمْكِنُ شُمُولُ قَوْلِهِ وَلَوْ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ لِذَلِكَ اهـ ع ش وَقَوْلُهُ لِفُلَانٍ الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ أَوْ يَقُولُ وَيَدَّعِيهَا عَلَيْك فُلَانٌ (قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ) أَيْ: بِالتَّعْمِيمِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ) أَيْ: الْإِسْنَوِيَّ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ النَّظَرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ وَلَوْ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ: فِي صِحَّةِ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ: وُجُودُ مُسَمَّى الصُّلْحِ عُرْفًا (قَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ إنْ نَوَيَا بِهِ) أَيْ بِلَفْظِ صَالِحْنِي عَنْ دَارِك بِكَذَا وَكَذَا ضَمِيرُ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ وَقَوْلِهِ لَا يُنَافِي وَقَوْلِهِ بِهِ وَقَوْلِهِ فَارَقَ (قَوْلُهُ الْبَيْعُ) أَيْ: أَوْ غَيْرُهُ مِمَّا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ لَفْظُ الصُّلْحِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا فِيمَا يَظْهَرُ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَلِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ صَالِحْنِي عَنْ دَارِك بِكَذَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كِنَايَةٌ) مِنْ غَيْرِ شَكٍّ كَمَا قَالَاهُ وَإِنْ رَدَّهُ فِي الْمَطْلَبِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ كِنَايَةٌ مُعْتَمَدٌ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ) أَيْ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ شَرْطُهُ الْمَذْكُورُ) أَيْ: سَبْقُ الْخُصُومَةِ (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ: بِقَوْلِهِ؛ إذْ لَا يُنَافِي الْبَيْعَ (قَوْلُهُ أَنَّ النَّظَرَ إلَخْ) بَيَانٌ لِلضَّعِيفِ (وَقَوْلُهُ لِلَفْظِ) أَيْ: لَفْظِ وَهَبْتُك بِعَشْرَةٍ وَعَلَى الْأَصَحِّ النَّاظِرُ لِمَعْنَاهُ فَهُوَ صَحِيحٌ فِي الْبَيْعِ كَمَا يَأْتِي فِي الْهِبَةِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَفْظَ الْهِبَةِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَبِهِ فَارَقَ.

(قَوْلُهُ لَا كَمُثَمَّنٍ) كَأَنَّهُ الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ حَتَّى يَحْسُنَ عَطْفُ قَوْلِهِ وَدَيْنٌ إلَخْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَطْفَ تَفْسِيرٍ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَمَّا مَا لَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ كَدَيْنِ السَّلَمِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ اهـ.

قَالَ ع ش قَوْلُهُ كَدَيْنِ السَّلَمِ أَيْ: وَكَالْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ حَيْثُ عَقَدَ عَلَيْهِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَكَنُجُومِ الْكِتَابَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ عَلَى عَيْنٍ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عَلَى غَيْرِهِ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَلَوْ مَنْفَعَةً كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ صَحَّ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ سَوَاءٌ أَعُقِدَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أَمْ الصُّلْحِ أَمْ الْإِجَارَةِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ صِحَّةُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ مِمَّا تَقَرَّرَ هُوَ قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ الشَّامِلُ) أَيْ: مَا يُقَابِلُ الْمَنْفَعَةَ (قَوْلُهُ بِدَلِيلٍ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَرَادَ إلَخْ (قَوْلُهُ تَقْسِيمُهُ إلَخْ) أَيْ: بِقَوْلِهِ الْآتِي فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ عَيْنًا إلَخْ (قَوْلُهُ إلَى مُعَيَّنٍ) الْأَوْلَى عَيْنٌ.

(قَوْلُهُ وَزَعْمُ إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِتَغْلِيطِهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الصَّوَابَ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ لِيَشْمَلَ الدَّيْنَ (قَوْلُهُ هُوَ الْغَلَطُ) خَبَرٌ فَتَغْلِيطُهُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (فِي الْأَمْرَيْنِ) أَيْ: الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ أَيْ: فِيمَا يَشْمَلُهُمَا (تَارَةً) أَيْ: هُنَا وَقَوْلُهُ (أُخْرَى) أَيْ: فِي التَّقْسِيمِ الْآتِي.

(قَوْلُهُ وَأَنَّ ذَلِكَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ إلَخْ وَالْمُشَارُ إلَيْهِ اسْتِعْمَالُ الْعَيْنِ فِي الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ مَجَازٌ إلَخْ) أَيْ: بِذِكْرِ الْخَاصِّ وَإِرَادَةِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ دَلَّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ) أَيْ: فَهُوَ مَجَازٌ مَعَ قَرِينَتِهِ وَلَا نِزَاعَ فِي جَوَازِهِ اهـ سم.

(قَوْلُهُ مَعَ الصِّحَّةِ فِيهَا أَيْضًا) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْعَيْنِ لِلْغَالِبِ مِنْ وُقُوعِ الصُّلْحِ عَلَى غَيْرِ الْمَنْفَعَةِ اهـ سم.

(قَوْلُهُ مِمَّا مَرَّ) أَيْ: فِي شَرْحٍ أَوْ عَلَى مَنْفَعَةٍ بِقَوْلِهِ أَوْ لِغَيْرِهَا بِهَا وَقَالَ الْكُرْدِيُّ قَوْلُهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ كَانَ بَيْعًا) أَيْ: كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَإِنْ رَدَّهُ فِي الْمَطْلَبِ م ر.

(قَوْلُهُ دَلَّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ) أَيْ: فَهُوَ مَجَازٌ مَعَ قَرِينَتِهِ وَلَا نِزَاعَ فِي جَوَازِهِ (قَوْلُهُ مَعَ الصِّحَّةِ فِيهَا أَيْضًا) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْعَيْنِ لِلْغَالِبِ مِنْ وُقُوعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>