وَظَنِّ الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ، وَكَانَ وَجْهِ اعْتِبَارِ ظَنِّهِمَا هُنَا دُونَ نَحْوِ الْبَيْعِ الِاحْتِيَاطُ لِلْحَوَالَةِ لِخُرُوجِهَا عَنْ الْقِيَاسِ (جِنْسًا) فَلَا تَصِحُّ بِدَرَاهِمَ عَلَى دَنَانِيرَ وَعَكْسِهِ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةُ إرْفَاقٍ كَالْقَرْضِ (وَقَدْرًا) فَلَا يُحَالُ بِتِسْعَةٍ عَلَى عَشْرَةٍ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ وَيَصِحُّ أَنْ يُحِيلَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ خَمْسَةٌ بِخَمْسَةٍ مِنْ عَشْرَةٍ لَهُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ (وَكَذَا حُلُولًا وَأَجَلًا) وَقَدْرَ الْأَجَلِ
ــ
[حاشية الشرواني]
مَا ذَكَرْته اهـ سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ دُونَ نَحْوِ الْبَيْعِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ بِالْقَدْرِ وَلَا ظَنُّهُ اهـ جُمَلٌ (قَوْلُهُ كَالْقَرْضِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِأَنَّ الْحَوَالَةَ مُعَاوَضَةُ ارْتِفَاقٍ جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ فَاعْتُبِرَ فِيهَا الِاتِّفَاقُ فِيمَا ذُكِرَ كَالْقَرْضِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنْ يُحِيلَ) أَيْ الْمُحِيلُ (وَقَوْلُهُ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ خَمْسَةٌ) أَيْ الشَّخْصُ الَّذِي لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ خَمْسَةٌ فَالْمَوْصُولُ مَفْعُولُ يُحِيلُ وَفَاعِلُهُ ضَمِيرُ الْمُحِيلِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ (وَقَوْلُهُ بِخَمْسَةٍ) أَيْ عَلَى خَمْسَةٍ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى قَوْلُ الْمَتْنِ (وَكَذَا حُلُولًا إلَخْ) وَلَوْ أَحَالَ بِمُؤَجَّلٍ عَلَى مِثْلِهِ حَلَّتْ الْحَوَالَةُ بِمَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَا تَحِلُّ بِمَوْتِ الْمُحِيلِ لِبَرَاءَتِهِ بِالْحَوَالَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ حَلَّ الدَّيْنُ الْمُحَالُ بِهِ بِمَوْتٍ إلَخْ وَإِلَّا فَالْحَوَالَةُ لَا تَتَّصِفُ بِحُلُولٍ وَلَا
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْمُصَنِّفِ وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ إلَخْ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ مُعْتَبَرٌ أَيْضًا فِي الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ الَّذِي هُوَ نَظِيرُ مَا هُنَا فَلَا يَتَفَرَّعُ عَلَى اعْتِبَارِهِ هُنَا تَخْصِيصُ الْحَوَالَةِ بِاعْتِبَارِ ظَنِّ الْمُكَلَّفِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْهُ.
(فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ مَا نَصُّهُ مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ جَبَى بِالْأَمَانَةِ رِيعَ وَقْفٍ بِإِذْنِ نَاظِرٍ شَرْعِيٍّ وَصَرَفَ ذَلِكَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَالْعِمَارَةُ بِإِذْنِهِ وَفَضَلَ لَهُ شَيْءٌ وَمِنْ الْوَقْفِ حَمَّامٌ تَحَرَّرَ عَلَى مُسْتَأْجِرِهَا مِنْ أُجْرَتِهَا شَيْءٌ فَأَحَالَ النَّاظِرُ الْجَابِيَ عَلَيْهِ بِمَا فَضَلَ لَهُ فَهَلْ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ أَمْ لَا.
الْجَوَابُ نَعَمْ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تَعْيِينِ جِهَةٍ لِلدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ عَلَى الْوَقْفِ (مَسْأَلَةٌ) رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَمَاتَ الدَّائِنُ وَلَهُ وَرَثَةٌ فَأَخَذَ الْأَوْصِيَاءُ مِنْ الْمَدِينِ بَعْضَ الدَّيْنِ وَأَحَالَهُمْ عَلَى آخَرَ بِالْبَاقِي فَقَبِلُوا الْحَوَالَةَ وَضَمَّنُوا آخَرَ فَمَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَهَلْ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ أَمْ لَا؟ الْجَوَابُ يُطَالِبُونَ الضَّامِنَ وَتَرِكَةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَإِنْ تَبَيَّنَ إفْلَاسُهُمَا بِأَنْ فَسَادُ الْحَوَالَةِ لِأَنَّهَا لَمْ تَقَعْ عَلَى وَفْقِ الْمَصْلَحَةِ لِلْأَيْتَامِ فَيَرْجِعُونَ عَلَى الْمُحِيلِ اهـ لَا يُقَالُ قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الْجَوَابُ نَعَمْ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ مِنْ ثُبُوتِ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ النَّاظِرَ لَمْ تَشْتَغِلْ ذِمَّتُهُ بِشَيْءٍ بَلْ هِيَ بَرِيئَةٌ وَالْوَقْفُ لَا ذِمَّةَ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ تَجَوَّزَ بِقَوْلِهِ الْجَوَابُ نَعَمْ وَإِنْ كَانَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ نَعَمْ صِحَّةَ الْحَوَالَةِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِيفَاؤُهُ وَكَانَ النَّاظِرُ أَذِنَ لَهُ فِي أَخْذِ حَقِّهِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَأَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ حَقُّهُ كَمَا قَدْ يَشْعُرُ بِإِرَادَةِ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَهِيَ عِبَارَةٌ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ فَفِيهِ بَعْدُ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ مَا فَضَلَ لِلْجَابِي إنْ كَانَ صَرَفَهُ بِغَيْرِ إذْنِ النَّاظِرِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ بِإِذْنِهِ فَإِذْنُهُ فِي الصَّرْفِ يَتَضَمَّنُ الِاقْتِرَاضَ مِنْهُ وَاقْتِرَاضُ النَّاظِرِ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ وَشَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ أَوْ أَذِنَ لَهُ الْقَاضِي كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي بَابِ الْوَقْفِ فَإِنْ انْتَفَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ وَوَقَعَ الْإِذْنُ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِمَا صَرَفَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَقْفِ وَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى النَّاظِرِ إنْ شَرَطَ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ مَا يَأْتِي فِي الضَّمَانِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَإِنْ أَذِنَ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ إلَخْ لِأَنَّا نَقُولُ النَّاظِرُ بِمَنْزِلَةِ الْوَلِيِّ وَالْوَقْفُ بِمَنْزِلَةِ شَخْصٍ مَدْيُونٍ فَكَمَا يُحِيلُ الْوَلِيُّ عَلَى مُوَلِّيه فَكَذَلِكَ النَّاظِرُ عَلَى الْوَقْفِ.
(فَرْعٌ) فِي الرَّوْضِ وَلَوْ أَقْرَضْتَهُمَا مِائَةً أَيْ كُلًّا خَمْسِينَ وَتَضَامَنَا فَأَحَلْتَ بِهَا لِرَجُلٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ أَيْ أَوْ أَطْلَقَتْ جَازَ اهـ وَبَيَّنَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ التَّرْجِيحَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَ فُرُوعًا لِذَلِكَ وَفِي الْعُبَابِ فَرْعٌ مَنْ لَهُ عَلَى اثْنَيْنِ دَيْنٌ مُنَاصَفَةً وَتَضَامَنَا فَأَحَالَهُ أَحَدُهُمَا بِكُلِّهِ أَوْ أَحَالَ بِهِ عَلَيْهِمَا جَازَ سَوَاءٌ قَالَ لِيَأْخُذَهُ الْمُحْتَالُ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ أَوْ مِنْ كُلٍّ نِصْفَهُ أَوْ أَطْلَقَ وَيَبْرَأُ كُلٌّ عَمَّا ضَمِنَ وَإِنْ أَحَالَ هُوَ عَلَى أَحَدِهِمَا بَرِئَ الْآخَرُ وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَحَالَ بِهِ عَلَى اثْنَيْنِ لَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ قَدْرَهُ أَوْ أَحَدُهُمَا ضَامِنٌ لَهُ بِقَدْرِهِ عَلَى آخَرَ فَأَحَالَ عَلَى الْأَصِيلِ وَالضَّامِنِ طَالَبَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَيَنْبَغِي تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِالْإِحَالَةِ عَلَيْهِمَا مَعًا إذْ لَوْ كَانَ مَرْئِيًّا بَرِئَ بِالْحَوَالَةِ الْأُولَى مِنْ الدَّيْنِ فَلَا تَصِحُّ الثَّانِيَةُ وَقَوْلُهُ أَوْ أَحَدُهُمَا ضَامِنٌ لَهُ بِقَدْرِهِ إلَخْ عِبَارَةُ الْبَغَوِيّ أَوْ كَانَ قَدْ ضَمِنَ لَهُ رَجُلٌ أَلْفًا عَلَى إنْسَانٍ فَأَحَالَهُ عَلَى الضَّامِنِ إلَخْ وَحَاصِلُهَا أَنَّ إنْسَانًا لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفٌ وَضَمِنَهُ لَهُ آخَرُ فَلَهُ أَنْ يُحِيلَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفٌ عَلَى الضَّامِنِ وَالْأَصِيلِ لِيَأْخُذَ الْأَلْفَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ كَامِلَةً أَوْ مُوَزَّعَةً فَتُحْمَلُ عِبَارَةُ الْعُبَابِ عَلَى ذَلِكَ وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ خِلَافُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَظَنِّ الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ) لَا يُقَالُ اعْتِبَارُ ظَنِّهِمَا لَازِمٌ لِاعْتِبَارِ الْعِلْمِ بِهِمَا قَدْرًا وَصِفَةً وَجِنْسًا وَاعْتِبَارُ تُسَاوِيهِمَا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْعِلْمُ بِهِمَا كَذَلِكَ مَعَ تَسَاوِيهِمَا بِدُونِ الْعِلْمِ بِتَسَاوِيهِمَا فَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةِ اعْتِبَارِهِ لِأَنَّا نَمْنَعُ اللُّزُومَ إذْ قَدْ يَعْتَقِدُ الْمُحِيلُ أَنَّ دَيْنَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَيُحِيلُ عَلَيْهَا بِعَشْرَةٍ عَلَيْهِ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ أَنَّ دَيْنَهُ عَشَرَةٌ وَهَذَا إنْ كَانَ الْعِلْمُ يَشْمَلُ الِاعْتِقَادَ (قَوْلُهُ دُونَ نَحْوِ الْبَيْعِ) قَدْ يُقَالُ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّسَاوِي قَدْرًا مِنْ الْبَيْعِ كَبَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا التَّسَاوِي فِي ظَنِّهِمَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ