للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ الدَّالُّ عَلَى أَنَّ سَبَبَ النَّهْيِ تَوَهُّمُ النَّجَاسَةِ لِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَزُلْ الْكَرَاهَةُ بِمَرَّةٍ مَعَ تَيَقُّنِ الطُّهْرِ بِهَا؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ إذَا غَيَّا حُكْمًا بِغَايَةٍ فَإِنَّمَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَتِهِ بِاسْتِيفَائِهَا فَانْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ هَذَا بِأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ عِنْدَ تَيَقُّنِ الطُّهْرِ ابْتِدَاءً.

وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا كَانَ مُسْتَنِدًا لِيَقِينِ غَسْلِهِمَا ثَلَاثًا فَلَوْ غَسَلَهُمَا فِيمَا مَضَى مِنْ نَجَسٍ مُتَيَقَّنٍ أَوْ مُتَوَهَّمٍ دُونَ ثَلَاثٍ بَقِيَتْ الْكَرَاهَةُ وَهَذِهِ الثَّلَاثُ هِيَ الثَّلَاثُ أَوَّلَ الْوُضُوءِ لَكِنَّهَا فِي حَالَةِ التَّرَدُّدِ يُسَنُّ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْغَمْسِ فِيمَا مَرَّ

(وَ) بَعْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ تُسَنُّ (الْمَضْمَضَةُ وَ) بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: الْآتِي ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ يُسَنُّ (الِاسْتِنْشَاقُ) لِلِاتِّبَاعِ وَلَمْ يَجِبَا

ــ

[حاشية الشرواني]

فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمُ زَوَالِ الْكَرَاهَةِ إلَّا بِغَسْلِ الْيَدِ سَبْعًا إحْدَاهَا بِتُرَابٍ نِهَايَةٌ زَادَ سم بَلْ تِسْعًا إنْ قُلْنَا بِسَنِّ الثَّامِنَةِ وَالتَّاسِعَةِ اهـ وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر إحْدَاهَا بِتُرَابٍ أَيْ وَلَا يُسْتَحَبُّ ثَامِنَةٌ وَتَاسِعَةٌ بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ م ر مِنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِ التَّثْلِيثِ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدَثِ فَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ اهـ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَفِي الْإِمْدَادِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَزُولُ فِي الْمُغَلَّظَةِ إلَّا بِمَرَّتَيْنِ بَعْدَ السَّبْعِ اهـ.

وَنَقَلَ الْقَلْيُوبِيُّ عَنْ م ر مَا يُوَافِقُهُ وَابْنُ قَاسِمٍ عَنْ الطَّبَلَاوِيِّ وَالْمُغْنِي اعْتِمَادَهُ وَفِي الْعَنَانِيِّ عَلَى شَرْحِ التَّحْرِيرِ وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ الْمَشْكُوكُ فِيهَا مُخَفَّفَةً زَالَتْ الْكَرَاهَةُ بِرَشِّهَا ثَلَاثًا اهـ انْتَهَتْ وَعِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ فَرْعٌ لَوْ تَرَدَّدَ فِي نَجَاسَةٍ مُخَفَّفَةٍ هَلْ يَكْتَفِي فِيهَا بِالرَّشِّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا ثَلَاثًا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ الرَّشُّ فِيهَا كَافِيًا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ كَمَا قَالَهُ ع ش وَاسْتَوْجَهَ سم الْأَوَّلَ وَقَالَ الْأُجْهُورِيُّ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ نَعَمْ يَظْهَرُ حَمْلُ مَا قَالَهُ سم عَلَى مَا إذَا أَرَادَ غَيْرَ الْوُضُوءِ كَإِدْخَالِ يَدِهِ فِي نَحْوِ مَاءٍ قَلِيلٍ اهـ.

وَقَالَ ابْنُ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَوْ تَيَقَّنَ النَّجَاسَةَ وَشَكَّ أَهِيَ مُخَفَّفَةٌ أَوْ مُتَوَسِّطَةٌ أَوْ مُغَلَّظَةٌ فَمَا الَّذِي يَأْخُذُ بِهِ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ الثَّانِي أَيْ حَمْلًا عَلَى الْأَغْلَبِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: مُعَلِّلًا إلَخْ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ النَّهْيِ إلَخْ الْمَحْذُوفِ وَقَوْلُهُ الدَّالُّ إلَخْ نَعْتٌ لِقَوْلِهِ بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي إلَخْ؛ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ بِهَذَا التَّعْلِيلِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْأَمْرُ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ تَوَهُّمِ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَصْحَابَ أَعْمَالٍ، وَيَسْتَنْجُونَ بِالْأَحْجَارِ، وَإِذَا نَامُوا جَالَتْ أَيْدِيهِمْ فَرُبَّمَا وَقَعَتْ عَلَى مَحَلِّ النَّجْوِ فَإِذَا صَادَفَتْ مَاءً قَلِيلًا نَجَّسَتْهُ فَهَذَا مَحْمَلُ الْحَدِيثِ لَا مُجَرَّدُ النَّوْمِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَنَمْ وَاحْتَمَلَ نَجَاسَةَ يَدِهِ فَهُوَ فِي مَعْنَى النَّائِمِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا وَاضِحٌ حَيْثُ لَمْ يُعَلِّلْهُ وَهُنَا قَدْ عَلَّلَهُ بِمَا يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي إلَخْ سم وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: إذَا غَيَّا حُكْمًا إلَخْ) وَالْحُكْمُ هُنَا كَرَاهَةُ الْغَمْسِ وَالْغَايَةُ الْغُسْلُ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ فَإِنَّمَا يُخْرَجُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ بُجَيْرِمِيٌّ، وَيَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ بِرُجُوعِ الضَّمِيرِ إلَى الْمُكَلَّفِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ اسْتِشْكَالُ هَذَا) أَيْ عَدَمُ زَوَالِ الْكَرَاهَةِ بِمَرَّةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الشَّارِعَ إذَا غَيَّا إلَخْ (قَوْلُهُ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ هَذَا) أَيْ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ تَيَقُّنِ الطَّهَارَةِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: دُونَ ثَلَاثٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ كُرِهَ غَمْسُهُمَا قَبْلَ إكْمَالِ الثَّلَاثِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَقِيَتْ الْكَرَاهَةُ) يَنْبَغِي إلَى تَكْمِيلِ مَا مَضَى ثَلَاثًا سم وَتَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي الْجَزْمُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الثَّلَاثُ هِيَ الثَّلَاثُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ بَلْ هِيَ غَيْرُهَا، وَأَنَّ هُنَا سُنَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا الْغَسْلُ ثَلَاثًا لِلْوُضُوءِ وَالثَّانِيَةُ الْغَسْلُ ثَلَاثًا لِلشَّكِّ لِلنَّجَاسَةِ فَهُمَا، وَإِنْ حَصَلَا بِغُسْلٍ وَاحِدٍ ثَلَاثًا لَكِنْ الْأَفْضَلُ تَعَدُّدُ ذَلِكَ الْغُسْلِ وَأَتَوَهَّمُ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم وَفِي ع ش وَحَاشِيَةِ شَيْخِنَا مَا يُوَافِقُهُ بِلَا عَزْوٍ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: هِيَ الثَّلَاثُ أَوَّلَ الْوُضُوءِ زَادَ فِي الْإِيعَابِ فَلَيْسَتْ غَيْرُهَا حَتَّى تَكُونَ سِتًّا عِنْدَ الشَّكِّ ثَلَاثًا لِلْوُضُوءِ وَثَلَاثًا لِلْإِدْخَالِ خِلَافًا لِمَنْ غَلِطَ فِيهِ اهـ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْقَلْبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ مَائِعٌ إلَخْ وَقَوْلُ الْكُرْدِيِّ، وَهُوَ قَوْلُهُ: بِأَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ يَرُدُّهُ لُزُومُ تَكَرُّرِهِ حِينَئِذٍ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي حَالَةِ التَّرَدُّدِ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْمَضْمَضَةُ) مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَضِّ، وَهُوَ وَضْعُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْفَمُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا فِي تَعَدُّدِ الْوَجْهِ، فَإِنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ تَمَضْمَضَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَتَمَيَّزَ الْأَصْلِيُّ مِنْ الزَّائِدِ وَلَمْ يُسَامِتْ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَصْلِيِّ دُونَ الزَّائِدِ، وَإِنْ اشْتَبَهَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ تَمَضْمَضَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَكَذَا إنْ تَمَيَّزَ لَكِنْ سَامَتَ وَقَوْلُهُ وَالِاسْتِنْشَاقُ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّشْقِ، وَهُوَ شَمُّ الْمَاءِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَضْمَضَةِ؛ لِأَنَّ أَبَا ثَوْرٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا قَالَ بِوُجُوبِ الِاسْتِنْشَاقِ دُونَ الْمَضْمَضَةِ وَهُمَا وَاجِبَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَمَحَلُّ الْمَضْمَضَةِ أَفْضَلُ مِنْ مَحَلِّ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الْمُغَلَّظَةِ وَإِلَّا فَسَبْعًا مَعَ التُّرَابِ بَلْ تِسْعًا إنْ قُلْنَا يُسَنُّ الثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ (قَوْلُهُ: إذَا غَيَّا حُكْمًا بِغَايَةٍ) قَدْ يُقَالُ لَكِنَّهُ عَلَّلَ الْغَايَةَ هُنَا بِمَا يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ: بَقِيَتْ الْكَرَاهَةُ) يَنْبَغِي إلَى تَكْمِيلِ مَا مَضَى ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الثَّلَاثُ هِيَ الثَّلَاثُ أَوَّلَ الْوُضُوءِ) قَدْ يُقَالُ بَلْ هِيَ غَيْرُهَا، وَأَنَّ هُنَا سُنَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا الْغَسْلُ ثَلَاثًا لِلْوُضُوءِ وَالثَّانِيَةُ الْغَسْلُ ثَلَاثًا لِلشَّكِّ فِي النَّجَاسَةِ فَهُمَا، وَإِنْ حَصَلَا بِغَسْلٍ وَاحِدٍ ثَلَاثًا لَكِنْ الْأَفْضَلُ تَعَدُّدُ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>