للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَغَا وَاعْتَدَّ بِمَا وَقَعَ بَعْدَهُ فِي مَحَلِّهِ مِنْ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ فَالْمَضْمَضَةُ فَالِاسْتِنْشَاقُ؛ لِأَنَّ اللَّاغِيَ كَالْمَعْدُومِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْعَفْوِ عَنْ الدِّيَةِ ابْتِدَاءً فَلَهُ الْعَفْوُ بَعْدَهُ عَنْ الْقَوَدِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ عَفْوَهُ الْأَوَّلَ لَمَّا وَقَعَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْدُومِ فَجَازَ لَهُ الْعَفْوُ عَنْ الْقَوَدِ عَلَيْهَا، فَإِنْ قُلْت قِيَاسُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالتَّعَوُّذِ قَبْلَ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ اعْتَدَّ بِالتَّعَوُّذِ وَفَاتَ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ الِاعْتِدَادُ بِالِاسْتِنْشَاقِ فِيمَا ذُكِرَ وَفَوَاتُ مَا قَبْلَهُ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَصْدَ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ أَنْ يَقَعَ الِافْتِتَاحُ بِهِ وَلَا يَتَقَدَّمُهُ غَيْرُهُ وَبِالْبُدَاءَةِ بِالتَّعَوُّذِ فَإِنَّ ذَلِكَ لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ إلَيْهِ وَالْقَصْدُ بِالتَّعَوُّذِ أَنْ تَلِيَهُ الْقِرَاءَةُ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ فَاعْتُدَّ بِهِ لِوُقُوعِهِ فِي مَحَلِّهِ.

وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ الثَّلَاثَةِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بِالذَّاتِ تَطْهِيرُهُ وَبِالْعَرْضَلِ وُقُوعُهُ فِي مَحَلِّهِ وَبِالِابْتِدَاءِ بِالِاسْتِنْشَاقِ فَاتَ هَذَا الثَّانِي فَوَقَعَ لَغْوًا وَحِينَئِذٍ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا فَسُنَّ لَهُ غَسْلُ الْيَدَيْنِ فَالْمَضْمَضَةُ فَالِاسْتِنْشَاقُ لِيُوجَدَ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّطْهِيرِ وَوُقُوعِ كُلٍّ فِي مَحَلِّهِ إذْ لَمْ يُوجَدْ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ، وَيَأْتِي فِي تَقْدِيمِ الْأُذُنَيْنِ عَلَى مَحَلِّهِمَا مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ وَقُدِّمَتْ لِشَرَفِ مَنَافِعِ الْفَمِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ قِوَامِ الْبَدَنِ أَكْلًا وَنَحْوَهُ وَالرُّوحِ ذِكْرًا وَنَحْوَهُ وَأَقَلُّهُمَا وُصُولُ الْمَاءِ لِلْفَمِ وَالْأَنْفِ وَأَكْمَلُهُمَا أَنْ يُبَالِغَ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ (وَيُبَالِغَ فِيهِمَا غَيْرُ) بِرَفْعِهِ فَاعِلًا وَنَصْبِهِ اسْتِثْنَاءً أَوْ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْمُتَوَضِّئِ الدَّالِّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ (الصَّائِمِ) لِأَمْرٍ بِذَلِكَ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ بِأَنْ يَبْلُغَ الْمَاءُ إلَى أَقْصَى الْحَنَكِ وَوَجْهَيْ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَاتِ وَيُسَنُّ إمْرَارُ الْأُصْبُعِ الْيُسْرَى عَلَيْهَا وَمَجُّ الْمَاءِ، وَيُصْعِدُ الْمَاءَ بِنَفَسِهِ إلَى خَيْشُومِهِ مَعَ إدْخَالِ خِنْصَرِ يُسْرَاهُ وَإِزَالَةِ مَا فِيهِ مِنْ أَذًى وَلَا يُسْتَقْصَى فِيهِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ سَعُوطًا لَا اسْتِنْشَاقًا أَيْ كَامِلًا وَإِلَّا فَقَدْ حَصَلَ بِهِ أَقَلُّهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي بَيَانِ أَقَلِّهِ أَمَّا الصَّائِمُ فَلَا يُبَالِغُ كَذَلِكَ خَشْيَةَ السَّبْقِ إلَى الْحَلْقِ أَوْ الدِّمَاغِ فَيُفْطِرُ وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَتْ لَهُ.

وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ الْقُبْلَةُ الْمُحَرِّكَةُ لِلشَّهْوَةِ

ــ

[حاشية الشرواني]

فِي الْمُقَارَنَةِ أَنَّ الْمَضْمَضَةَ تَحْصُلُ دُونَ الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا إنْ أَعَادَهُ وَلَا يَكُونُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ اهـ.

وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَالْمُعْتَدُّ بِهِ عِنْدَ الرَّمْلِيِّ وَأَتْبَاعِهِ هُوَ الِاسْتِنْشَاقُ بِخِلَافِ الشَّارِحِ وَأَتْبَاعِهِ فَلَوْ أَعَادَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ ثَانِيًا فِي الثَّانِيَةِ حُسِبَ الِاسْتِنْشَاقُ عِنْدَ الشَّارِحِ دُونَ الرَّمْلِيِّ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ حُسِبَا عِنْدَ الشَّارِحِ وَلَمْ يُحْسَبْ مِنْهُمَا شَيْءٌ عِنْدَ الرَّمْلِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ لَغَا) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ أَرَادَ ابْتِدَاءً تَرْكَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاقْتِصَارَ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ وَهُوَ قَضِيَّةُ أَنَّ التَّرْتِيبَ مُسْتَحَقٌّ سم فَلَوْ أَتَى بَعْدُ بِالْمَضْمَضَةِ ثُمَّ بِالِاسْتِنْشَاقِ حُسِبَا لَهُ عِنْدَ الشَّارِحِ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُ وَلَا يُحْسَبَانِ عِنْدَ الرَّمْلِيِّ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُ، وَإِنَّمَا يُحْسَبُ عِنْدَهُمْ الِاسْتِنْشَاقُ الْأَوَّلُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لَغَا وَاعْتَدَّ بِمَا وَقَعَ بَعْدَهُ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ كَمَا مَرَّ عِبَارَةُ الْأَوَّلِ فَلَوْ أَتَى بِالِاسْتِنْشَاقِ مَعَ الْمَضْمَضَةِ حُسِبَتْ دُونَهُ أَوْ أَتَى بِهِ فَقَطْ حُسِبَ لَهُ دُونَهَا أَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهَا فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْمُؤَخَّرَ يُحْسَبُ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَوْ قَدَّمَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ عَلَى غَسْلِ الْكَفِّ لَمْ يُحْسَبْ الْكَفُّ عَلَى الْأَصَحِّ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَصَوَابُهُ لِيُوَافِقَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ لَمْ تُحْسَبْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ شَيْخِي مَا فِي الرَّوْضَةِ قَالَ لِقَوْلِهِمْ فِي الصَّلَاةِ الثَّالِثَ عَشْرَ تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ فَخَرَجَ السُّنَنُ فَيُحْسَبُ مِنْهَا مَا أَوْقَعَهُ أَوَّلًا فَكَأَنَّهُ تَرَكَ غَيْرَهُ فَلَا يُعْتَدُّ بِفِعْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ تَعَوَّذَ ثُمَّ أَتَى بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ اهـ وَفِي الثَّانِي نَحْوُهَا (قَوْلُهُ فَلَهُ) أَيْ لِوَلِيِّ الدَّمِ (الْعَفْوُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْعَفْوِ عَنْ الدِّيَةِ إلَخْ (عَنْ الْقَوَدِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْعَفْوِ إلَخْ (عَلَيْهَا) أَيْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ الِاعْتِدَادُ إلَخْ) خَبَرُ قَوْلِهِ قِيَاسُ مَا يَأْتِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفَوَاتُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى الِاعْتِدَادِ (قَوْلُهُ: مَا قَبْلَهُ) أَيْ فِي الرُّتْبَةِ مِنْ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ وَالْمَضْمَضَةِ (قَوْلُهُ: فَاتَ ذَلِكَ) أَيْ وُقُوعُ الِافْتِتَاحِ بِدُعَائِهِ (قَوْلُهُ: إلَيْهِ) إلَى دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَعْضَاءِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْيَدِ وَالْفَمِ وَالْأَنْفِ.

(قَوْلُهُ: هَذَا الثَّانِي) أَيْ وُقُوعُهُ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ التَّطْهِيرُ وَوُقُوعُ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ الْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَتْ) أَيْ الْمَضْمَضَةُ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) كَالشُّرْبِ (قَوْلُهُ: ذِكْرٌ أَوْ نَحْوُهُ) أَيْ كَالْقِرَاءَةِ شَيْخُنَا وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وُصُولُ الْمَاءِ لِلْفَمِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُدْرِهِ فِي الْفَمِ وَلَا مَجَّهُ (وَالْأَنْفِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَجْذِبْهُ فِي الْأَنْفِ وَلَا نَثَرَهُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ حَالًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَعَرُّفِهَا مِنْهَا بِالْإِضَافَةِ سم (قَوْلُهُ مِنْ ضَمِيرِ الْمُتَوَضِّئِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْحَالِ يَعْنِي مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَكِنِّ فِي يُبَالِغُ الرَّاجِعِ إلَى الْمُتَوَضِّئِ الْمَعْلُومِ مِنْ السِّيَاقِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَبْلُغَ) بِبِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ كَقَوْلِهِ، وَيَصْعَدُ الْآتِي (قَوْلُهُ إمْرَارُ الْأُصْبُعِ إلَخْ) الْأَوْلَى تَنْكِيرُ الْأُصْبُعِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى أَقْصَى الْحَنَكِ وَوَجْهَيْ الْأَسْنَانِ إلَخْ أَوْ الْحَنَكِ وَوَجْهِ الْأَسْنَانِ إلَخْ أَوْ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَاتِ احْتِمَالَاتٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِنَفَسِهِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ (قَوْلُهُ: إلَى خَيْشُومِهِ) أَيْ أَقْصَى أَنْفِهِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِزَالَةُ مَا فِيهِ) أَيْ فِي الْأَنْفِ (قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَقْصَى فِيهِ) أَيْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ بِأَنْ يُجَاوِزَ الْمَاءُ أَقْصَى الْفَمِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ سُعُوطًا) بِضَمِّ السِّينِ أَيْ إدْخَالِ الْمَاءِ أَقْصَى الْأَنْفِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَبِفَتْحِهَا دَوَاءٌ يُصَبُّ فِي الْأَنْفِ مِصْبَاحٌ بُجَيْرِمِيٌّ وَقَوْلُهُ فِي أَقْصَى الْأَنْفِ الْأَوْلَى فَوْقَ أَقْصَى الْأَنْفِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ نَقْدِرْ كَامِلًا فَلَا يَظْهَرُ هَذَا التَّعْلِيلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ بِالِاسْتِقْصَاءِ أَقَلُّ الِاسْتِنْشَاقِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الصَّائِمُ إلَخْ) وَكَذَا الْمُلْحَقُ بِهِ كَالْمُمْسِكِ لِتَرْكِ النِّيَّةِ عَلَى الْأَوْجَهِ شَوْبَرِيٌّ وَبِرْمَاوِيٌّ فَتُكْرَهُ لَهُ أَيْضًا ع ش.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ خَوْفِ الْإِفْطَارِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: كُرِهَتْ لَهُ) أَيْ إلَّا أَنْ يَغْسِلَ فَمَه مِنْ نَجَاسَةٍ نِهَايَةٌ أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُبَالَغَةُ حِينَئِذٍ وَعَلَيْهِ فَلَوْ سَبَقَهُ الْمَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَى جَوْفِهِ لَمْ يُفْطِرْ؛ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ ع ش وَكُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ الْقُبْلَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْخَطِيبِ، فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يُحَرِّمْ ذَلِكَ كَمَا قَالُوا بِتَحْرِيمِ الْقُبْلَةِ إذَا خَشِيَ الْإِنْزَالَ مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا خَوْفُ الْإِفْطَارِ وَلِذَا سَوَّى

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

لَغَا) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ أَرَادَ ابْتِدَاءً تَرْكَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاقْتِصَارَ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ وَهُوَ قَضِيَّةُ أَنَّ التَّرْتِيبَ مُسْتَحَقٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ حَالًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَعَرُّفِهَا هُنَا بِالْإِضَافَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>