للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مَعْرِضِ الْإِقْرَارِ إذْ لَا مُطَالَبَةَ بِهِمَا وَيُقْبَلُ بِهِمَا فِي لَهُ عَلَيَّ حَقٌّ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ شَاعَ اسْتِعْمَالُهُ فِي ذَلِكَ كَكُلِّ مَا لَا يُطَالَبُ بِهِ عُرْفًا وَشَرْعًا فَقَدْ عَدَّهُمَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَالشَّيْءُ الْأَعَمُّ مِنْ الْحَقِّ هُوَ الشَّيْءُ الْمُطْلَقُ لَا الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ خَاصًّا بِقَرِينَةِ عَلَيَّ قَالَهُ السُّبْكِيُّ رَدًّا لِاسْتِشْكَالِ الرَّافِعِيِّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالشَّيْءِ مَعَ كَوْنِ الشَّيْءِ أَعَمَّ فَكَيْفَ يُقْبَلُ فِي تَفْسِيرِ الْأَخَصِّ مَا لَا يُقْبَلُ فِي تَفْسِيرِ الْأَعَمِّ وَاعْتَرَضَ الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَسْتَعْمِلُ ظَوَاهِرَ الْأَلْفَاظِ وَحَقَائِقَهَا فِي الْإِقْرَارِ، بَلْ قَالَ أَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ أَنْ أَلْزَمَ الْيَقِينَ وَأَطْرَحَ الشَّكَّ وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُقَدِّمُ الْحَقِيقَةَ عَلَى الْمَجَازِ وَلَا الظَّاهِرَ عَلَى الْمُؤَوَّلِ فِي هَذَا الْبَابِ. اهـ.

وَلَيْسَ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ، بَلْ وَلَا ظَاهِرًا فِيهِ كَيْفَ وَعُمُومُ هَذَا النَّفْيِ النَّاشِئِ عَنْ فَهْمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَقِينِ هُنَا مَا انْتَفَتْ عَنْهُ الِاحْتِمَالَاتُ الْعَشَرَةُ الْمُقَرَّرَةُ فِي الْأُصُولِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُوجَدَ إقْرَارٌ يُعْمَلُ بِهِ إلَّا نَادِرًا وَلَا يَتَوَهَّمُ هَذَا ذُو لُبٍّ، وَمَنْ سَبَرَ فُرُوعَ الْبَابِ عَلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْيَقِينِ الظَّنُّ الْقَوِيُّ وَبِقَوْلِهِ: وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ أَيْ حَيْثُ عَارَضَهَا مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا وَحِينَئِذٍ اُتُّجِهَ فَرْقُ السُّبْكِيّ

(وَلَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ، أَوْ بِمَالٍ عَظِيمٍ، أَوْ كَبِيرٍ، أَوْ كَثِيرٍ) أَوْ نَفِيسٍ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مَالِ زَيْدٍ الْمَشْهُورِ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ كَانَ مُبْهِمًا جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً فَمِنْ ثَمَّ (قُبِلَ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ

ــ

[حاشية الشرواني]

السُّبْكِيُّ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: فِي مَعْرَضٍ) كَمَجْلِسٍ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَنَقَلَ الشَّنَوَانِيُّ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الشَّافِيَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهَا بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ بِهِمَا) اُنْظُرْ مَا قُبِلَ بِهِ فِي لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ مِمَّا تَقَدَّمَ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: عُرْفًا وَشَرْعًا) مَعْمُولٌ لِشَاعَ اسْتِعْمَالُهُ. إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَالشَّيْءُ الْأَعَمُّ. إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ يَظْهَرُ مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَارَ خَاصًّا) قَدْ يُقَالُ هَذَا الْخَاصُّ أَيْضًا أَعَمُّ مِنْ الْحَقِّ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: قَالَهُ السُّبْكِيُّ. . إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. سم وَيُعْلَمُ وَجْهُ النَّظَرِ مِمَّا مَرَّ مِنْهُ آنِفًا (قَوْلُهُ: رَدَّ الِاسْتِشْكَالَ الرَّافِعِيُّ. إلَخْ) نُقِلَ فِي الْخَادِمِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالدَّارِمِيِّ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ التَّفْسِيرُ بِهِمَا فِي الْحَقِّ كَالشَّيْءِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِاسْتِشْكَالِ الشَّيْخَيْنِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَ الْفَرْقَ) أَيْ بَيْنَ الْحَقِّ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ أَيْ فَرَّقَ السُّبْكِيُّ بَيْنَ الشَّيْءِ الْمُطْلَقِ وَالشَّيْءِ الْمُقَيَّدِ بِالْإِقْرَارِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَحِينَئِذٍ اُتُّجِهَ فَرْقُ السُّبْكِيّ. اهـ. وَقَوْلُهُ: كَمَا يُعْلَمُ. إلَخْ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ (قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ) أَيْ الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ: الْغَلَبَةَ) أَيْ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ النَّاسِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَهَذَا. إلَخْ) قَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ:. انْتَهَى.) أَيْ كَلَامُ الْمُعْتَرِضِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ. إلَخْ) أَيْ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْفَرْقَ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَسْتَعْمِلُ. إلَخْ رُدَّ بِمَنْعِ كَوْنِهِ صَرِيحًا. إلَخْ

(قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا يُقَدِّمُ الْحَقِيقَةَ. إلَخْ (قَوْلُهُ وَعُمُومُ هَذَا النَّفْيِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِ الْمُعْتَرِضِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَسْتَعْمِلُ ظَوَاهِرَ الْأَلْفَاظِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: الِاحْتِمَالَاتُ الْعَشَرَةُ) مِنْهَا عَدَمُ احْتِمَالِ الْمَجَازِ وَالْإِضْمَارِ وَالنَّقْلِ وَالِاشْتِرَاكِ وَالتَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ وَالنَّسْخِ وَعَدَمِ الْمُعَارِضِ الْعَقْلِيِّ. اهـ. ع ش وَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ لَفْظَةِ عَدَمُ (قَوْلُهُ: وَمَنْ سَبَرَ) أَيْ تَتَبَّعَ (قَوْلُهُ إنَّ مُرَادَهُ بِالْيَقِينِ الظَّنُّ الْقَوِيُّ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ الْقَوِيَّ كَمَا قَالَ الْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُ الشَّافِعِيُّ يَلْزَمُ فِي الْإِقْرَارِ بِالْيَقِينِ وَبِالظَّنِّ الْقَوِيِّ لَا بِمُجَرَّدِ الظَّنِّ وَالشَّكِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِهِ:) عَطْفٌ عَلَى بِالْيَقِينِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ كَانَ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: اُتُّجِهَ فَرْقُ السُّبْكِيّ) أَيْ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ: وَالشَّيْءُ الْأَعَمُّ مِنْ الْحَقِّ هُوَ الشَّيْءُ الْمُطْلَقُ لَا الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ. اهـ. ع ش

(فَرْعٌ) فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي، وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُك، أَوْ غَصَبْتُك مَا تَعْلَمُ لَمْ يَصِحَّ إذْ قَدْ يُرِيدُ نَفْسَهُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت غَيْرَ نَفْسِك قُبِلَ لِأَنَّهُ غَلُظَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ قَالَ غَصَبْتُك شَيْئًا ثُمَّ قَالَ أَرَدْت نَفْسَك لَمْ تُقْبَلُ إرَادَتُهُ وَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَقَضِيَّتَهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ غَصَبْتُك شَيْئًا أَتَعْلَمُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي غَصَبْتُك مَا تَعْلَمُ بِأَنَّ شَيْئًا اسم تَامٌّ ظَاهِرٌ فِي الْمُغَايَرَةِ بِخِلَافِ مَا. اهـ

قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ كَبِيرٍ) بِمُوَحَّدَةٍ (أَوْ كَثِيرٍ) بِمُثَلَّثَةٍ، أَوْ جَلِيلٍ، أَوْ خَطِيرٍ، أَوْ وَافِرٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ نَفِيسٍ) إلَى قَوْلِهِ: كَانَ مُبْهِمًا فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْمَذْهَبِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ فِي عَلَيَّ شَيْءٌ وَقَوْلَهُ: وَحِينَئِذٍ يُتَّجَهُ مَا قَالَاهُ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِ زَيْدٍ. إلَخْ) أَوْ مِمَّا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ، أَوْ حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ عَلَى فُلَانٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَالِ) إلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَقَعَ إلَى؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ ثُمَّ قَالَ وَيُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ إذَا وُصِفَ الْمَالُ بِضِدِّ مَا ذُكِرَ كَقَوْلِهِ: مَالٌ حَقِيرٌ، أَوْ قَلِيلٌ، أَوْ خَسِيسٌ أَوْ طَفِيفٌ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ بَابٍ أَوْلَى. اهـ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ. إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُحْكَى الْخِلَافُ فِي قَبُولِ التَّفْسِيرِ بِهَا أَيْ بِحَبَّةِ بُرٍّ فِي قَوْلِهِ: شَيْءٍ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ وَيُقْبَلُ بِهِمَا) اُنْظُرْ مَا قُبِلَ بِهِ فِي لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ خَاصًّا) قَدْ يُقَالُ هَذَا الْخَاصُّ أَيْضًا أَعَمُّ مِنْ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: قَالَهُ السُّبْكِيُّ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ) عَطْفٌ عَلَى بِالْيَقِينِ ش (فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَا نَصُّهُ مَسْأَلَةٌ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ مَا يَلْزَمُهُ الْجَوَابُ، مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَعْضُ دَرَاهِمَ وَهُوَ قَدْرُ مَا يُتَمَوَّلُ مِنْ الدِّرْهَمِ

١ -

(مَسْأَلَةٌ) مَرِيضٌ صَدَرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ مُبَارَأَةٌ مَا عَدَا حُقُوقَ الزَّوْجِيَّةِ وَلَمْ يَسْتَفْسِرُوهُ عَنْ مُرَادِهِ بِالْحُقُوقِ فَهَلْ يَدْخُلُ كِسْوَتُهَا فِي لَفْظِ الْحُقُوقِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى حَالِّ الصَّدَاقِ؟ وَمُنْجِمِهِ فَقَطْ وَهَلْ يَنْفَعُ قَوْلُهُ لِغَيْرِ الشُّهُودِ قَبْلَ مَوْتِهِ: لَيْسَ لِزَوْجَتِي عِنْدِي سِوَى حَالِّ الصَّدَاقِ وَمُنْجِمِهِ؟ الْجَوَابُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي أَصْلِهَا شَامِلَةٌ لِكُلِّ حَقٍّ لِلزَّوْجَةِ مِنْ صَدَاقٍ وَكِسْوَةٍ وَنَفَقَةٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إطْلَاقِهَا إرَادَةُ جَمِيعِ مَدْلُولَاتِهَا، فَإِذَا أَطْلَقَهَا الزَّوْجُ وَأَرَادَ بَعْضَ ذَلِكَ قُبِلَ مِنْهُ، وَإِذَا أَخْبَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا عِنْدَهُ سِوَى الْحَالِّ وَالْمُنْجِمِ نَفَعَ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْإِقْرَارِ اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ وَفِي قَوْلِهِ قُبِلَ مِنْهُ وَقَوْلِهِ نَفَعَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>