مَا مَرَّ فِي بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ دَائِمًا عَلَى الْأَرْضِ بِعِوَضٍ حَالٍّ بِلَفْظِ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ فَيُنْظَرُ لِمَا شُغِلَ مِنْ الْأَرْضِ ثُمَّ يُقَالُ لَوْ أُوجِرَ هَذَا النَّحْوُ بِنَاءً دَائِمًا بِحَالٍّ كَمْ يُسَاوِي فَإِذَا قِيلَ كَذَا أَوْجَبْنَاهُ وَعَلَيْهِ يَتَّجِهُ أَنَّ لَهُ إبْدَالَ مَا قَلَعَ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ التَّقْدِيرِ مَلَكَ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ عَلَى الدَّوَامِ (أَمْ يَقْلَعُ) أَوْ يَهْدِمُ الْبِنَاءَ، وَإِنْ وُقِفَ مَسْجِدًا (وَيَضْمَنُ أَرْشَ نَقْصِهِ) وَهُوَ قَدْرُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَقْلُوعًا وَلَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ كَوْنِهِ مُسْتَحَقَّ الْأَخْذِ لِنَقْصِ قِيمَتِهِ حِينَئِذٍ وَقَضِيَّةُ ضَمَانِهِ ذَلِكَ أَنَّ مُؤْنَةَ الْقَلْعِ أَوْ الْهَدْمِ عَلَيْهِ أَيْضًا وَاعْتَمَدَهُ فِي التَّدْرِيبِ كَالْكِفَايَةِ فَإِنَّهُ لَمَّا نَقَلَ فِيهَا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِ الْمُعْظَمِ أَنَّهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ قَالَ وَفِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا عَلَى الْمُعِيرِ كَمَا عَلَيْهِ مَا يَنْقُصُهُ الْقَلْعُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ جِدًّا اهـ لَكِنَّهُ نَاقَضَ نَفْسَهُ فِي الْمَطْلَبِ فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَالْمُسْتَأْجِرِ وَتَبِعَهُ شَارِحٌ حَيْثُ رَدَّ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْمُؤْنَةَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَالْمُسْتَعِيرُ أَوْلَى مِنْهُ أَمَّا أُجْرَةُ نَقْلِ النَّقْصِ فَعَلَى مَالِكِهِ قَطْعًا
(قِيلَ أَوْ يَتَمَلَّكُهُ) بِعَقْدٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ (بِقِيمَتِهِ) حَالَ التَّمَلُّكِ مُسْتَحِقِّ الْقَلْعِ وَالْأَصَحُّ كَنَظَائِرِهِ مِنْ الشُّفْعَةِ وَغَيْرِهَا، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ إنَّهُمَا جَزَمَا بِهِ فِي مَوَاضِعَ وَجَرِّي عَلَيْهِ هُنَا جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَلَمْ يَعْتَمِدُوا مَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا مِنْ تَخْصِيصِ التَّخَيُّرِ بِالتَّمَلُّكِ وَالْقَلْعِ وَلَا مَا فِي الْمَتْنِ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ، وَقَدْ يَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ بِأَنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ شَرِيكٌ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، ثُمَّ رَجَعَ أَوْ الثَّانِي إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَقْصٌ أَوْ أَحَدُ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ بِأَنْ وَقَفَ الْمُسْتَعِيرُ الْبِنَاءَ أَوْ الْغِرَاسَ فَيَمْتَنِعُ التَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ خِلَافًا لِابْنِ الصَّلَاحِ، وَلَوْ وَقَفَ الْأَرْضَ
ــ
[حاشية الشرواني]
بَسْطٍ وَاسْتِدْلَالٍ مِنْ كَلَامِهِمْ بِمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِيهِ، وَقَدْ يُقَالُ إنْ عَقَدَ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا وَجَبَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ سم عَلَى حَجّ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ التَّقْدِيرِ مَلَكَ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ إلَخْ قَدْ يُخَالِفُهُ اهـ ع ش أَقُولُ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ صَرِيحَةٌ فِي عَدَمِ الْعَقْدِ كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهَا كَالشَّارِحِ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ التَّقْدِيرِ إلَخْ كَالصَّرِيحِ فِيهِ. (قَوْلُهُ مَا مَرَّ فِي بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ) أَيْ فِي الصُّلْحِ. (قَوْلُهُ فَيُنْظَرُ لِمَا شُغِلَ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ كَيْفَ يَتَأَتَّى ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ الْإِعَارَةِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ
أَقُولُ وَيُؤْخَذُ حُكْمُهُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي، وَلَوْ وَقَفَ الْأَرْضَ تَخَيَّرَ أَيْضًا لَكِنْ لَا يَفْعَلُ الْأَوَّلَ إلَّا إذَا كَانَ إلَخْ. (قَوْلُهُ كَمْ يُسَاوِي) الْأَوْلَى بِكَمْ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يَتَّجِهُ إلَخْ) أَيْ عَلَى قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ وَأَقْرَبُ إلَخْ، ثُمَّ هَذَا ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى مَا صَوَّرَ بِهِ وَتَقَدَّمَ عَنْ الْعُبَابِ فِي بَابِ الصُّلْحِ أَنَّ مِنْ طُرُقِ التَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ أَنْ يَتَوَافَقَا عَلَى تَرْكِهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ بِكَذَا أَوْ يُغْتَفَرَ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ كَالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ عَلَى الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ قُلِعَ غِرَاسُهُ أَوْ سَقَطَ بِنَاؤُهُ لَيْسَ لَهُ إعَادَتُهُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ إنَّ لَهُ إبْدَالَ مَا قُلِعَ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ حَيْثُ لَمْ يُرِدْ ضَرَرَهُ عَلَى الْأَوَّلِ اهـ ع ش، وَكَذَا لَهُ إجَارَةُ مَا بَيْنَ الْمَغْرُوسِ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِجَمِيعِ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَتْ بِمَحِلِّ الْمَغْرُوسِ فَقَطْ فَلَا اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ وُقِفَ مَسْجِدٌ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُبْنَى بِنِقَاضِهِ مَسْجِدًا آخَرَ إنْ أَمْكَنَ عَلَى مَا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ انْهَدَمَ الْمَسْجِدُ وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهُ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ التَّقْدِيرِ مَلَكَ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ إلَخْ) لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا رَضِيَ بِالْأُجْرَةِ وَأَخَذَهَا كَانَ كَأَنَّهُ آجَرَهُ الْآنَ إجَارَةً مُؤَبَّدَةً اهـ نِهَايَةٌ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر كَأَنَّهُ آجَرَهُ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ هُنَا إلَى عَقْدٍ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ أَنَّ هُنَاكَ ابْتِدَاءَ انْتِفَاعٍ فَلَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَهُوَ دَوَامُ انْتِفَاعٍ كَانَ ابْتِدَاءً بِعَقْدِ الْعَارِيَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ وَهُوَ قَدْرُ مَا بَيْنَ إلَخْ) فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مُسْتَحَقَّ الْإِبْقَاءِ عَشْرَةً وَمُسْتَحَقَّ الْقَلْعِ تِسْعَةً وَمَقْلُوعًا ثَمَانِيَةً لَزِمَهُ وَاحِدٌ فَإِذَا تَمَلَّكَهُ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ قَائِمًا. (قَوْلُهُ مُسْتَحَقَّ الْأَخْذِ) أَيْ الْقَلْعِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ إنَّهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَالْمُسْتَأْجِرِ) جَزَمَ بِهِ الْعُبَابُ وَاعْتَمَدَهُ م ر اهـ سم عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ مُؤْنَةَ الْقَلْعِ عَلَى صَاحِبِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسُ كَالْإِجَارَةِ حَيْثُ يَجِبُ فِيهَا ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَمَّا أُجْرَةُ نَقْلِ النَّقْضِ فَعَلَى مَالِكِهِ قَطْعًا، وَلَوْ أَرَادَ تَمَلُّكَ الْبَعْضِ وَإِبْقَاءَ الْبَعْضِ فَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمُ إجَابَتِهِ لِكَثْرَةِ الضَّرَرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ إذْ مَا جَازَ فِيهِ التَّخْيِيرُ لَا يَجُوزُ تَبْعِيضُهُ اهـ. (قَوْلُهُ نَقْلُ النَّقْضِ) أَيْ وَنَقْلُ الْمَغْرُوسِ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِعَقْدٍ) إلَى قَوْلِهِ وَيَنْبَغِي فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغَنِّي (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ يَتَمَلَّكُهُ إلَخْ) ، وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمُسْتَعِيرُ بِذِمَّةِ الْمُعِيرِ أُجْبِرَ الْمُعِيرُ عَلَى التَّسْلِيمِ أَوَّلًا أَوْ عَلَى الْوَضْعِ تَحْتَ يَدِ عَدْلٍ قَلْيُوبِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ) أَيْ جَوَازُ تَمَلُّكِهِ بِقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ وَمَا فِي الْمَتْنِ) أَيْ مِنْ تَخْصِيصِهِ بِالتَّبْقِيَةِ بِأُجْرَةٍ وَالْقَلْعِ. (قَوْلُهُ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغَنِّي فَالْمُعْتَمَدُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ بَلْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ اهـ.
وَفِي الْبُجَيْرَمِيِّ وَمِثْلُ الْمُعِيرِ فِي التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ الْمُشْتَرَى شِرَاءَ فَاسِدًا إذَا بُنِيَ أَوْ غُرِسَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يُقَالُ هُوَ كَالْغَاصِبِ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ ضَمَانَهُ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَالِكُ هُوَ الْمُسَلِّطُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ كَالْمُعِيرِ هُنَا فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَكَثِيرًا يَغْلَطُ فِيهِ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيُّ اهـ وَقَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ إلَخْ رَدٌّ عَلَى ع ش حَيْثُ ذَكَرَ مَا قَبْلَهُ عَنْ سم عَنْ الْبَغَوِيِّ، ثُمَّ قَالَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ م ر أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْغَصْبِ فَيَقْلَعُ مَجَّانًا اهـ.
(قَوْلُهُ الْأَوَّلُ) أَيْ التَّبْقِيَةُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ قَوْلُهُ شَرِيكٌ إلَخْ أَيْ فِي الْأَرْضِ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الشَّرِيكُ بِالْأُجْرَةِ أَعْرَضَ الْحَاكِمُ عَنْهُمَا مُغَنِّي وَنِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ أَوْ الثَّانِي) أَيْ الْقَلْعُ وَغَرَامَةُ الْأَرْشِ. (قَوْلُهُ فِيهِ نَقْصٌ) يَعْنِي فِي الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ بِسَبَبِ الْقَلْعِ نَقَصَ. (قَوْلُهُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مَجَّانًا عَلَى مَا فِي مَوْضِعٍ مِنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ وَرَجَّحَهُ جَامِعُهَا لَكِنَّ صَرِيحَ مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رُجُوعِ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِالْأَرْشِ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِهِ هُنَا عَلَى الْبَائِعِ بِالْأَوْلَى لِعُذْرِهِ مَعَ شُبْهَةِ إذْنِ الْمَالِكِ ظَاهِرًا إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ إنَّهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَالْمُسْتَأْجِرِ) جَزَمَ بِهِ الْعُبَابُ وَاعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ قِيلَ أَوْ يَتَمَلَّكُهُ بِقِيمَتِهِ) وَلَوْ أَرَادَ تَمَلُّكَ الْبَعْضِ وَإِبْقَاءَ الْبَعْضِ بِالْأُجْرَةِ أَوْ الْقَلْعَ بِالْأَرْشِ وَإِبْقَاءَ الْبَعْضِ فَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمُ إجَابَتِهِ لِكَثْرَةِ الضَّرَرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ إذْ مَا جَازَ فِيهِ التَّخْيِيرُ لَا يَجُوزُ تَبْعِيضُهُ كَالْكَفَّارَةِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ) اعْتَمَدَهُ م ر.
(قَوْلُهُ أَوْ الثَّانِي إلَخْ) فَإِنْ قُلْت لِمَ امْتَنَعَ الْأَوَّلُ هُنَا وَهُوَ الْإِبْقَاءُ بِالْأُجْرَةِ قُلْت لَعَلَّهُ لِإِشْكَالِهِ