للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ خَلَطَ الْمَغْصُوبَ) أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ (بِغَيْرِهِ) كَبُرٍّ أَبْيَضَ بِأَسْمَرَ أَوْ بِشَعِيرٍ وَكَغَزْلٍ سُدًى نَسَجَهُ بِلُحْمَتِهِ لِنَفْسِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ خَلْطَهُ أَوْ اخْتِلَاطَهُ بِاخْتِصَاصٍ كَتُرَابٍ بِزِبْلٍ (وَأَمْكَنَ التَّمْيِيزُ) لِلْكُلِّ أَوْ لِلْبَعْضِ (لَزِمَهُ وَإِنْ شَقَّ) عَلَيْهِ لِيَرُدَّهُ كَمَا أَخَذَهُ (وَإِنْ تَعَذَّرَ) التَّمْيِيزُ كَخَلْطِ زَيْتٍ بِمِثْلِهِ أَوْ شَيْرَجٍ وَبُرٍّ أَبْيَضَ بِمِثْلِهِ وَدَرَاهِمَ بِمِثْلِهَا (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ) عَلَى إشْكَالَاتٍ فِيهِ يُعْلَمُ رَدُّهَا مِمَّا يَأْتِي (فَلَهُ تَغْرِيمُهُ) بَدَلَهُ، خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَجْوَدَ أَوْ بِأَرْدَأَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ رَدُّهُ أَبَدًا أَشْبَهَ التَّالِفَ فَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ إنْ قَبِلَ التَّمَلُّكَ، وَإِلَّا كَتُرَابِ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ خَلَطَهُ بِزِبْلٍ وَجَعَلَهُ آجُرًّا غَرِمَ مِثْلَهُ وَرَدَّ الْآجُرَّ لِلنَّاظِرِ وَلَا نَظَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّبْلِ؛ لِأَنَّهُ اضْمَحَلَّ بِالنَّارِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَمَعَ مِلْكِهِ الْمَذْكُورِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ حَتَّى يَرُدَّ مِثْلَهُ لِمَالِكِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَيَكْفِي كَمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَعْزِلَ مِنْ الْمَخْلُوطِ أَيْ بِغَيْرِ الْأَرْدَأِ قَدْرَ حَقِّ الْمَغْصُوبِ

ــ

[حاشية الشرواني]

جُعِلَ عَلَى الْغَاصِبِ وَحْدَهُ أَنَّ لِلثَّوْبِ دَخْلًا فِي الزِّيَادَةِ بِسَبَبِهَا بِخِلَافِ النَّقْصِ فَتَأَمَّلْ. اهـ حَلَبِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَإِنْ حَصَلَ ذَلِكَ أَيْ النَّقْصُ أَوْ الزِّيَادَةُ بِسَبَبِ اجْتِمَاعِ الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ أَيْ بِسَبَبِ الْعَمَلِ فَالنَّقْصُ عَلَى الصَّبْغِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ هُوَ الَّذِي عَمِلَ وَالزِّيَادَةُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ إذَا اسْتَنَدَتْ إلَى الْأَثَرِ الْمَحْضِ تُحْسَبُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَأَيْضًا الزِّيَادَةُ قَامَتْ بِالثَّوْبِ وَالصَّبْغِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا. اهـ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَوْ خَلَطَ الْمَغْصُوبَ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ مَالٍ أَوْ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ أَوْ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ فَخَلَطَهُ بِمَالِ نَفْسِهِ فَيَلْزَمُهُ تَمْيِيزُهُ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَيَجِبُ رَدُّ بَدَلِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّالِفِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي الدَّرْسِ مِنْ أَنَّ شَخْصًا وَكَّلَ آخَرَ فِي شِرَاءِ قُمَاشٍ مِنْ مَكَّةَ فَاشْتَرَاهُ وَخَلَطَهُ بِمِثْلِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَهُوَ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَوْ اخْتَلَطَ) إلَى قَوْلِهِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ) هَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ أَمَّا فِي الشِّقِّ الثَّانِي فَهُوَ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُشْتَرَكًا كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ الشَّارِحُ م ر. اهـ رَشِيدِيٌّ وَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ عِنْدَهُ) أَيْ لِغَاصِبٍ (قَوْلُهُ كَبُرٍّ أَبْيَضَ إلَخْ) الَّذِي يَنْبَغِي ذِكْرُ هَذَا عَقِبَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَأَمْكَنَ التَّمْيِيزُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَمْثِلَتُهُ وَالْكَلَامُ فِي مُطْلَقِ الْخَلْطِ الشَّامِلِ لِمَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ كَالْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا وَمَا لَا يُمْكِنُ كَالْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ كَخَلْطِ زَيْتٍ بِمِثْلِهِ إلَخْ. اهـ رَشِيدِيٌّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ أَشَارَ بِذِكْرِهِ هُنَا إلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْمُغْنِي هُنَا مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَلْطِ بِجِنْسِهِ كَالْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَالْخَلْطِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَالْمِثَالِ الثَّانِي (قَوْلُهُ سُدًى) نَعْتُ غَزْلٍ (قَوْلُهُ لِنَفْسِهِ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي لَهُ مَعَ الْإِضَافَةِ فِي لُحْمَتِهِ. اهـ رَشِيدِيٌّ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ) مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ (أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ) هَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ هُنَا فِي كَوْنِهِ كَالتَّالِفِ بَيْنَ خَلْطِهِ أَوْ اخْتِلَاطِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ شَرْطُهُ الْخَلْطُ فَإِنْ اخْتَلَطَ بِنَفْسِهِ كَانَ شَرِيكًا كَمَا أَنَّ شَرْطَ كَوْنِهِ كَالتَّالِفِ إذَا حَدَثَ نَقْصٌ يَسْرِي إلَى التَّالِفِ أَنْ يَكُونَ بِفِعْلِهِ كَجَعْلِهِ الْمَغْصُوبَ هَرِيسَةً فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَأَنْ صَارَ بِنَفْسِهِ هَرِيسَةً رَدَّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ م ر. اهـ سم أَقُولُ ظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ قُبَيْلَ الْمَتْنِ الْآتِي كَظَاهِرِ صَنِيعِهِمَا هُنَا أَنَّ اخْتِلَاطَ الْمَغْصُوبِ بِنَفْسِهِ بِمَالِ الْغَاصِبِ كَخَلْطِ الْغَاصِبِ فِي كَوْنِهِ كَالتَّالِفِ وَأَنَّ الِاشْتِرَاكَ بِالِاخْتِلَاطِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ الْغَصْبِ وَقَدْ يُفِيدُهُ أَيْضًا قَوْلُ الْمُغْنِي، وَلَوْ اخْتَلَطَ الزَّيْتَانِ أَوْ نَحْوُهُمَا بِانْصِبَابٍ وَنَحْوِهِ كَصَبِّ بَهِيمَةٍ أَوْ بِرِضَا مَالِكِهِمَا فَمُشْتَرَكٌ لِعَدَمِ التَّعَدِّي ثُمَّ قَالَ فِي اخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ غَصْبٌ كَأَنْ انْصَبَّ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَمُشْتَرَكٌ لِمَا مَرَّ. اهـ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

(قَوْلُهُ وَدَرَاهِمَ بِمِثْلِهَا) أَيْ بِدَرَاهِمَ مِثْلِهَا لِلْغَاصِبِ فَإِنْ غَصَبَهُمَا مِنْ اثْنَيْنِ وَخَلَطَهُمَا اشْتَرَكَا فِيهِمَا. اهـ ع ش أَيْ عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ خَلَطَهُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ أَخَلَطَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ كَتُرَابِ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ إلَخْ) أَفْهَمَ أَنَّ تُرَابَ الْمَمْلُوكَةِ إذَا خَلَطَهُ يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ بِخَلْطِهِ وَإِنْ جَعَلَهُ آجُرًّا فَلَا يَرُدُّهُ لِمَالِكِهِ وَإِنَّمَا يَرُدُّ مِثْلَ التُّرَابِ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ غَرِمَ مِثْلَهُ) أَيْ التُّرَابِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ اضْمَحَلَّ بِالنَّارِ) بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ لَبِنًا سم عَلَى حَجّ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ تَمْيِيزُ تُرَابِهِ مِنْ الزِّبْلِ بَعْدَ بَلِّهِ لَزِمَهُ، وَإِلَّا رَدَّهُ لِلنَّاظِرِ كَالْآجُرِّ وَغَرِمَ مِثْلَ التُّرَابِ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ) أَيْ فِي قَدْرِ الْمَغْصُوبِ الَّذِي حَكَمْنَا بِمِلْكِهِ إيَّاهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ بَلْ يُصَرِّحُ بِهِ مَا ذَكَرَهُ عَنْ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ. اهـ سم (قَوْلُهُ مِثْلَهُ) الْأَوْلَى بَدَلَهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَيَكْفِي كَمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يُعْزَلَ إلَخْ) وَلَوْ تَلِفَ مَا أَفْرَزَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِي الْبَاقِي أَوْ بَعْدَهُ فَالْأَقْرَبُ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِالْإِفْرَازِ حَتَّى لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيمَا بَقِيَ إلَّا بَعْدَ إفْرَازِ قَدْرِ التَّالِفِ وَفِي الثَّانِي أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ تَصَرُّفِهِ فِي قَدْرِ الْمَغْصُوبِ. اهـ ع ش

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

عَطْفٌ عَلَى سَبَبِ الصَّبْغِ ش.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ هَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ هُنَا فِي كَوْنِهِ كَالتَّالِفِ بَيْنَ خَلْطِهِ وَاخْتِلَاطِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ شَرْطُهُ الْخَلْطُ فَإِنْ اخْتَلَطَ بِنَفْسِهِ كَانَ شَرِيكًا كَمَا أَنَّ شَرْطَ كَوْنِهِ كَالتَّالِفِ إذَا حَدَثَ نَقْصٌ يَسْرِي إلَى التَّلَفِ أَنْ يَكُونَ بِفِعْلِهِ كَجَعْلِهِ الْمَغْصُوبَ هَرِيسَةً فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَأَنْ صَارَ بِنَفْسِهِ هَرِيسَةً رَدَّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ م ر (قَوْلُهُ وَلَا نَظَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّبْلِ؛ لِأَنَّهُ اضْمَحَلَّ بِالنَّارِ) بَقِيَ لَوْ كَانَ لَبِنًا (قَوْلُهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ) أَيْ فِي قَدْرِ الْمَغْصُوبِ الَّذِي حَكَمْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>