مِنْهُ وَيَتَصَرَّفَ فِي الْبَاقِي كَمَا يَأْتِي.
وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَيْضًا مَا أَطَالَ بِهِ السُّبْكِيُّ مِنْ الرَّدِّ وَالتَّشْنِيعِ عَلَى الْقَوْلِ بِمِلْكِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا بِالشَّرِكَةِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُفْلِسِ لِئَلَّا يَحْتَاجَ لِلْمُضَارَبَةِ بِالثَّمَنِ وَهُوَ إضْرَارٌ بِهِ وَهُنَا الْوَاجِبُ الْمِثْلُ فَلَا إضْرَارَ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ فُرِضَ فَلْسُ الْغَاصِبِ أَيْضًا لَمْ يَبْعُدْ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ جَعَلَ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ أَحَقَّ بِالْمُخْتَلِطِ مِنْ غَيْرِهِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ بِغَيْرِهِ خَلْطَهُ بِمَالٍ آخَرَ مَغْصُوبٍ أَيْضًا فَكَذَلِكَ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَاقْتَضَاهُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَأَصْلِهِ أَيْضًا وَغَيْرِهِمَا.
لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهُ وَلَا يَكُونُ كَالْهَالِكِ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ لِمُوَافَقَتِهِ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ وَفُرِّقَ بِأَنَّهُ إنَّمَا مَلَكَ فِي الْخَلْطِ بِمَالِهِ تَبَعًا لِمَالِهِ وَهُنَا لَا تَبَعِيَّةَ وَفِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ غَصَبَ مِنْ جَمْعِ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَخَلَطَهَا بِحَيْثُ لَا تَتَمَيَّزُ، ثُمَّ فَرَّقَ عَلَيْهِمْ الْمَخْلُوطَ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمْ حَلَّ لِكُلٍّ أَخْذُ قَدْرِ حِصَّتِهِ فَإِنْ خُصَّ أَحَدُهُمْ بِحِصَّتِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَقْسِمَ مَا أَخَذَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْبَاقِينَ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَدْرِ أَمْوَالِهِمْ هَذَا كُلُّهُ إذَا عُرِفَ الْمَالِكُ أَوْ الْمُلَّاكُ كَمَا تَقَرَّرَ أَمَّا لَوْ جُهِلُوا فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ وَجَبَ إعْطَاؤُهَا لِلْإِمَامِ لِيُمْسِكَهَا أَوْ ثَمَنَهَا لِوُجُودِ مُلَّاكِهَا وَلَهُ أَنْ يَقْتَرِضَهَا لِبَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ أَيِسَ مِنْهَا أَيْ عَادَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ صَارَتْ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ فَلِمُتَوَلِّيهِ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَإِعْطَائِهَا لِمُسْتَحِقِّ شَيْءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهَا ظَفْرًا وَلِغَيْرِهِ أَخْذُهَا لِيُعْطِيَهَا لِلْمُسْتَحِقِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ جَمَاعَةَ وَغَيْرَهُ صَرَّحُوا بِذَلِكَ وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَقِبَ قَوْلِ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ لَوْ عَمَّ الْحَرَامُ قُطْرًا بِحَيْثُ نَدَرَ وُجُودُ الْحَلَالِ فِيهِ جَازَ أَخْذُ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ وَلَا يَتَبَسَّطُ اهـ هَذَا إنْ تَوَقَّعَ مَعْرِفَةَ أَهْلِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا تَقَرَّرَ فَيُصْرَفُ لِلْمَصَالِحِ وَخَرَجَ بِخَلَطَ أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ الِاخْتِلَاطُ حَيْثُ لَا تَعَدِّيَ
ــ
[حاشية الشرواني]
(قَوْلُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِي الْبَاقِي إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَدْرِ الْمَغْصُوبِ لَا فِي جَمِيعِ الْمَخْلُوطِ حَتَّى يَصِحُّ بَيْعُ مَا عَدَا الْقَدْرَ الْمَغْصُوبَ شَائِعًا قَبْلَ الْعَزْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ. اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا) أَيْ بِكَوْنِهِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ مِثْلَهُ وَ (قَوْلُهُ مِمَّا يَأْتِي) أَيْ فِي شَرْحِ الْمَتْنِ الْآتِي. اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ مَا أَطَالَ بِهِ السُّبْكِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ السُّبْكِيُّ وَاَلَّذِي أَقُولُ وَأَعْتَقِدُهُ وَيَنْشَرِحُ صَدْرِي لَهُ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْهَلَاكِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَمْلِيكَ الْغَاصِبِ مَالَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ بِمُجَرَّدِ تَعَدِّيهِ بِالْخَلْطِ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَالتَّشْنِيعُ عَلَى الْقَوْلِ بِمِلْكِهِ) بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ مِلْكِ الْغَاصِبِ بِالْخَلْطِ تَخْفِيفٌ عَلَيْهِ وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّهُ لَيْسَ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ بَلْ هُوَ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ. اهـ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ لِئَلَّا يَحْتَاجَ) أَيْ الْبَائِعُ مِنْ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ وَهُنَا) أَيْ فِي الْغَصْبِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَا إضْرَارَ هُنَا (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَالْمُشْتَرِي وَ (قَوْلُهُ جَعْلَ إلَخْ) مَفْعُولُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ لِلَمْ يَبْعُدْ. اهـ كُرْدِيٌّ وَالصَّوَابُ فَاعِلُ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَهُوَ كَمَا لَوْ غَصَبَ زَيْتًا وَخَلَطَهُ بِزَيْتِهِ فَيَصِيرُ الْمَجْمُوعُ كَالتَّالِفِ فَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ وَيَغْرَمُ بَدَلَهُ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ مِثْلَ هَذَا الْكِتَابِ وَأَصْلِهِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا) عَطْفٌ عَلَى الشَّيْخَيْنِ، وَكَذَا الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَيْهِمَا (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَأَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَلَعَلَّهُ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ وَيَكْفِي كَمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يُعْزَلَ إلَخْ قَالَهُ ع ش وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ أَيْ الْآتِي عَلَى الْأَثَرِ فِي قَوْلِهِ وَفِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ غَصَبَ مِنْ جَمْعٍ إلَخْ. اهـ
وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِصَرِيحِ صَنِيعِ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ) أَيْ الْبُلْقِينِيُّ بَيْنَ مَا خَلَطَهُ بِمَالِهِ وَمَا خَلَطَهُ بِمَالٍ آخَرَ مَغْصُوبٍ اهـ كُرْدِيٌّ وَظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْبَعْضِ كَمَا يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الرَّشِيدِيِّ أَيْ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْبُلْقِينِيِّ وَبَيْنَ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ م ر كَلَامَ الْمَتْنِ مِنْ كَوْنِ الْغَيْرِ لِلْغَاصِبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَفِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ) إلَى قَوْلِهِ هَذَا كُلُّهُ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَسَيَأْتِي فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ خُصَّ) أَيْ الْغَاصِبُ (قَوْلُهُ أَخَذَ قَدْرَ حِصَّتِهِ) أَيْ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ) أَيْ الْأَخْذُ (قَوْلُهُ هَذَا كُلُّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ فِي خَلْطِ الْغَاصِبِ نَحْوَ الزَّيْتِ بِمِثْلِهِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مَالِ غَيْرِهِ بَلْ مَا ذَكَرَ فِي بَابِ الْغَصْبِ مِنْ رَدِّ الْمَغْصُوبِ أَوْ بَدَلِهِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ إذَا عَرَفَ الْمَالِكُ) أَيْ فِي خَلْطِ الْمَغْصُوبِ بِمَالِهِ وَ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُلَّاكِ) أَيْ فِي خَلْطِ مَغْصُوبٍ بِمَغْصُوبٍ آخَرَ (قَوْلُهُ إعْطَاؤُهَا) أَيْ الْأَمْوَالِ الْمَغْصُوبَةِ أَوْ أَبْدَالُهَا
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَيِسَ مِنْهَا) أَيْ الْمَعْرِفَةُ وَلَيْسَ مِنْ هَذَا مَا يُقْبَضُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ مِنْ جَمَاعَةٍ بَلْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ مِنْ بَابِ الظَّفْرِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ فِي مُقَابَلَتِهِ الثَّمَنَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ بِهِ فِي الْآخِرَةِ لِأَخْذِهِ بِرِضَا مَالِكِيهِ. اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَلِغَيْرِهِ أَخْذُهَا) وَمِنْ الْغَيْرِ الْغَاصِبُ فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْ ذَلِكَ وَرَدُّهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ لِوَارِثِهِ. اهـ ع ش وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ الْمَالِكُ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَصَرْفُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَكَذَا لِمَصَارِفِ نَفْسِهِ إنْ كَانَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ (قَوْلُهُ هَذَا إلَخْ) مَقُولُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّعْ مَعْرِفَةَ أَهْلِهِ (فَهُوَ) أَيْ جَمِيعُ مَا فِي ذَلِكَ الْقُطْرِ، وَإِنْ كَانَ بِأَيْدٍ مَوْضُوعَةٍ عَلَيْهِ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَاخْتَلَطَ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِيمَا سَبَقَ أَوْ اخْتَلَطَ إلَخْ (قَوْلُهُ الِاخْتِلَاطَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَلَوْ خَلَطَ مَغْصُوبًا مِثْلِيًّا بِمِثْلِهِ مَغْصُوبٍ بِرِضَا مَالِكِيهِ أَوْ لَا أَوْ انْصَبَّ كَذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَمُشْتَرَكٌ لِانْتِفَاءِ التَّعَدِّي كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَى أَنْ قَالَتْ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
بِمِلْكِهِ إيَّاهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَيُؤَيِّدُهُ بَلْ يُصَرِّحُ بِهِ مَا ذُكِرَ عَنْ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِي الْبَاقِي) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَدْرِ الْمَغْصُوبِ لَا فِي جَمِيعِ الْمَخْلُوطِ حَتَّى يَصِحُّ بَيْعُ مَا عَدَا الْقَدْرَ الْمَغْصُوبَ شَائِعًا قَبْلَ الْعَزْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ فِي ثُبُوتِ الْحَجْرِ لِإِفْهَامِهِ تَوَقُّفَ التَّصَرُّفِ عَلَى الْعَزْلِ الْمَذْكُورِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحَجْرَ فِي جَعْلِ الْحِنْطَةِ هَرِيسَةً حَيْثُ لَا خَلِيطَ مَعَهَا لِلْغَاصِبِ ثَابِتٌ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمَعْرُوفُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر