كَأَنْ انْثَالَ بُرٌّ عَلَى مِثْلِهِ فَيَشْتَرِكُ مَالِكَاهُمَا بِحَسَبِهِمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا قِيمَةً فَبِقَدْرِ كَيْلِهِمَا فَإِنْ اخْتَلَفَا قِيمَةً بِيعَا وَقُسِمَ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ قِيمَتِهِمَا نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ وَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْحَبِّ عَلَى قَدْرِ قِيمَتَيْهِمَا لِلرِّبَا سَيَأْتِي لِذَلِكَ مَزِيدٌ قُبَيْلَ الْأُضْحِيَّةِ (وَلِلْغَاصِبِ أَنْ) يُفْرِزَ قَدْرَ الْمَغْصُوبِ، وَيَحِلُّ لَهُ الْبَاقِي كَمَا مَرَّ وَأَنْ (يُعْطِيَهُ) أَيْ الْمَالِكَ، وَإِنْ أَبَى (مِنْ غَيْرِ الْمَخْلُوطِ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ انْتَقَلَ إلَى ذِمَّتِهِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْمُخْتَلِطَ صَارَ كَالْهَالِكِ وَمِنْ الْمَخْلُوطِ إنْ خُلِطَ بِمِثْلِهِ أَوْ أَجْوَدَ مُطْلَقًا أَوْ بِأَرْدَأَ إنْ رَضِيَ.
(تَنْبِيهٌ) قِيلَ لَيْسَ الْغَاصِبُ بِأَوْلَى مِنْ الْمَالِكِ بِمِلْكِ الْكُلِّ بَلْ الْمَالِكُ أَوْلَى بِهِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ وَجَوَابُهُ مَنْعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ لَمَّا تَعَذَّرَ رَدُّ عَيْنِهِ لِمَالِكِهِ بِسَبَبٍ يَقْتَضِي شَغْلَ ذِمَّةِ الْغَاصِبِ بِهِ لِتَعَدِّيهِ مَعَ تَمْكِينِ الْمَالِكِ مِنْ أَخْذِ بَدَلِهِ حَالًا جُعِلَ كَالتَّالِفِ لِلضَّرُورَةِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْمَالِكِ إذْ لَا تَعَدِّيَ يَقْتَضِي ضَمَانَ مَا لِلْغَاصِبِ فَلَوْ مَلَكَ الْكُلَّ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّ شَيْءٍ وَبِفَرْضِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ لَا يَلْزَمُهُ الْفَوْرُ فَفِيهِ حَيْفٌ أَيُّ حَيْفٍ وَقَدْ يُوجَدُ الْمِلْكُ بِدُونِ الرِّضَا لِلضَّرُورَةِ كَأَخْذِ مُضْطَرٍّ طَعَامَ غَيْرِهِ قَهْرًا عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَهِيمَتِهِ وَلَيْسَ إبَاقُ الْقِنِّ كَالْخَلْطِ حَتَّى يَمْلِكَهُ الْغَاصِبُ؛ لِأَنَّهُ مَرْجُوُّ الْعَوْدِ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِلْحَيْلُولَةِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ الْمُقْتَضِيَةِ كَوْنَهَا لِلْفَيْصُولَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُرَجِّحُوا قَوْلَ الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُشَاعًا
ــ
[حاشية الشرواني]
وَخَرَجَ بِخَلْطِ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّرْحِ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر أَوْ انْصَبَّ قَدْ يُخَالِفُهُ قَوْلُهُ قَبْلُ أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ حَيْثُ جَعَلَهُ ثَمَّ كَالتَّالِفِ وَهُنَا مُشْتَرَكًا وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ بِغَيْرِهِ الْمُرَادُ بِهِ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ وَمَا هُنَا مِنْ مَالِ غَيْرِهِ فَلَا تَنَاقُضَ، هَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا أَمْكَنَ تَمْيِيزُ الْمَخْلُوطِ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ م ر وَخَرَجَ بِخَلْطِ. اهـ
وَلَا يَخْفَى أَنَّ جَوَابَهُ الْأَوَّلَ صَرِيحٌ فِيمَا قَدَّمْنَا عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ مِنْ أَنَّ اخْتِلَاطَ الْمَغْصُوبِ بِنَفْسِهِ بِمَالِ الْغَاصِبِ كَخَلْطِهِ فِي كَوْنِهِ كَالتَّالِفِ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر لِانْتِفَاءِ التَّعَدِّي قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَطَ بِنَفْسِهِ وَكَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ فِي خُصُوصِ مَا إذَا خَلَطَهُمَا بِغَيْرِ رِضَا مَالِكِيهِمَا كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ بِرِضَا مَالِكِيهِ وَقَوْلُهُ أَوْ انْصَبَّ بِنَفْسِهِ لَيْسَ مِنْ صُوَرِ الْمَغْصُوبِ بِالْخُصُوصِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ كَرَّرَ إحْدَاهُمَا فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَخَرَجَ بِخَلَطَ أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ إلَخْ. اهـ وَهَذَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ بِالْخُصُوصِ وَجَعَلَ الشَّارِحُ كَالنِّهَايَةِ الِاخْتِلَاطَ عِنْدَ الْغَاصِبِ مُقَابِلًا لِلِاخْتِلَاطِ بِلَا تَعَدٍّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا دَلَالَةً عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَيَشْتَرِكُ) إلَى قَوْلِهِ لِلرِّبَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ نَظِيرًا لِي وَلَا تَجُوزُ (قَوْلُهُ مَالِكِهِمَا بِحَسَبِهِمَا إلَخْ) ، فَلَوْ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ السَّائِلِ أَوْ قِيمَتِهِ صُدِّقَ صَاحِبُ الْبُرِّ الَّذِي سَالَ إلَيْهِ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ فَلَوْ اخْتَلَطَا وَلَمْ تُعْلَمْ يَدٌ لِأَحَدِهِمَا كَأَنْ سَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى الْآخَرِ وُقِفَ الْأَمْرُ إلَى الصُّلْحِ (فَرْعٌ)
سُئِلَ سم عَمَّنْ بَذَرَ فِي أَرْضٍ بَذْرًا وَبَذَرَ بَعْدَهُ آخَرُ عَلَى بَذْرِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الثَّانِيَ إنْ عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْأَرْضِ بِبَذْرِهِ أَيْ كَأَنْ كَانَ أَقْوَى مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ كَانَ بَذْرُهُ أَكْثَرَ مِنْ بَذْرِهِ مَلَكَ بَذْرَ الْأَوَّلِ وَلَزِمَهُ لَهُ أَيْ لِلْأَوَّلِ بَدَلُ بَذْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَوْلَى عَلَى الْأَرْضِ كَانَ غَاصِبًا لَهَا وَلِمَا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يُعَدَّ الثَّانِي مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْأَرْضِ بِبَذْرِهِ لَمْ يَمْلِكْ بَذْرَ الْأَوَّلِ وَكَانَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ بَذْرِهِمَا وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ فَرْعٌ مَنْ بَثَّ بَذْرَهُ عَلَى بَذْرِ غَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَأَثَارَ الْأَرْضَ انْقَطَعَ حَقُّ الْأَوَّلِ وَغَرِمَ لَهُ الثَّانِي مِثْلَهُ وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَأَنْ بَذَرَ الْأَوَّلُ حِنْطَةً مَثَلًا وَالْآخَرُ بَاقِلَاءَ فَلَا يَكُونُ بَذْرُ الْأَوَّلِ كَالتَّالِفِ. انْتَهَى وَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ فِي هَذِهِ بِأَنَّ النَّابِتَ مِنْ بَذْرِهِمَا لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا الْأُجْرَةُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ بَذْرًا وَزَرَعَهُ فِي أَرْضِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِمَالِكِهِ وَعَلَى الْغَاصِبِ أَرْشُ النَّقْصِ. انْتَهَى اهـ كَلَامُ سم. اهـ ع ش بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا قِيمَةً إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَرْدَأَ أَجْبَرَ صَاحِبَهُ عَلَى قَبُولِ الْمُخْتَلِطِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ عَيْنُ حَقِّهِ وَبَعْضَهُ خَيْرٌ مِنْهُ لَا صَاحِبُ الْأَجْوَدِ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ قَدْرَ حَقِّهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِعَدَمِ التَّعَدِّي، وَإِلَّا بِيعَ الْمُخْتَلَطُ وَقُسِمَ الثَّمَنُ إلَخْ. اهـ
(قَوْلُهُ أَنْ يُفْرِزَ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْمَخْلُوطِ بِغَيْرِ الْأَرْدَأِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ آنِفًا فِي شَرْحِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبَى) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَلَوْ غَصَبَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَمَنَعَ تَصَرُّفَ إلَى بِخِلَافِ مَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ صَارَ كَالْهَالِكِ) أَيْ فَيَرُدُّ مِثْلَهُ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ رَضِيَ الْمَالِكُ أَمْ لَا. اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَوْ بِأَرْدَأَ) لَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمَالِكُ: خَلَطَ بِأَرْدَأَ وَالْغَاصِبُ بِمِثْلِهِ أَوْ أَجْوَدَ وَلَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ الْحَالِ مَنْ الْمُصَدَّقُ. اهـ سم أَقُولُ فِي ع ش عَنْ الزِّيَادِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْغَاصِبِ فِي الْقَدْرِ. اهـ وَقِيَاسُهُ تَصْدِيقُ الْغَاصِبِ هُنَا أَيْ فِي الصِّفَةِ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ إنْ رَضِيَ) فَلَهُ أَخْذُهُ وَلَا أَرْشَ لَهُ وَكَانَ مُسَامِحًا بِبَعْضِ حَقِّهِ مُغْنِي وَمَنْهَجٌ (قَوْلُهُ بِسَبَبِ إلَخْ) وَهُوَ الْخَلْطُ بِلَا إمْكَانِ التَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ يَقْتَضِي إلَخْ) يُمْكِنُ مَنْعُ ذَلِكَ. اهـ سم (قَوْلُهُ مَعَ تَمْكِينِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِتَعَذَّرَ (قَوْلُهُ جُعِلَ إلَخْ) جَوَابٌ لِمَا (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ السَّبَبُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ مَلَكَ الْكُلَّ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّ شَيْءٍ) فِي هَذِهِ الْمُلَازَمَةِ كَالْآتِيَةِ خَفَاءٌ اهـ سم أَقُولُ لَا خَفَاءَ إذْ الَّذِي شَغَلَ ذِمَّةَ الْغَاصِبِ لِلْمَالِكِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْفَوْرَ إنَّمَا هُوَ تَعَدِّيهِ كَمَا قَرَّرَ الشَّارِحُ م ر كَالشِّهَابِ بْنِ حَجَرٍ وَالتَّعَدِّي مَفْقُودٌ فِي الْمَالِكِ، فَلَوْ قُلْنَا بِمِلْكِهِ لِلْجَمِيعِ لَمْ يَكُنْ لِرُجُوعِ الْغَاصِبِ عَلَيْهِ مُوجِبٌ كَمَا لَا يَخْفَى؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ صَارَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ وَذِمَّتُهُ غَيْرُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ وَمِنْ الْمَخْلُوطِ إنْ خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ أَوْ أَجْوَدَ مُطْلَقًا) أَيْ رَضِيَ أَوْ لَا أَوْ بِأَرْدَأَ إنْ رَضِيَ لَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمَالِكُ خَلَطَ بِأَرْدَأَ وَالْغَاصِبُ بِمِثْلِهِ أَوْ أَجْوَدَ وَلَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ الْحَالِ (قَوْلُهُ يَقْتَضِي شَغْلَ ذِمَّةِ الْغَاصِبِ بِهِ) يُمْكِنُ مَنْعُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَوْ مَلَكَ الْكُلَّ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّ شَيْءٍ) فِي هَذِهِ الْمُلَازَمَةِ كَالْآتِيَةِ خَفَاءٌ (قَوْلُهُ كَأَخْذِ مُضْطَرٍّ إلَخْ) هَلْ يَحْصُلُ مِلْكٌ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ كَمَا قَدْ تَدُلُّ لَهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَوْ يَجْرِي فِيهِ مَا قِيلَ فِي مِلْكِ الضَّيْفِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟