الْإِجْمَاعُ إلَّا مَنْ شَذَّ وَالْأَخْبَارُ كَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» وَقَوْلُهُ لَمْ يُقْسَمْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّفْيِ بِلَمْ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُمْكِنِ بِخِلَافِهِ بِلَا وَاسْتِعْمَالُ أَحَدِهِمَا مَحَلَّ الْآخَرِ تَجَوُّزٌ أَوْ إجْمَالٌ قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَالْعَفْوُ عَنْهَا أَفْضَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي نَادِمًا أَوْ مَغْبُونًا وَأَرْكَانُهَا ثَلَاثَةٌ آخِذٌ وَمَأْخُوذٌ مِنْهُ وَمَأْخُوذٌ، وَالصِّيغَةُ إنَّمَا تَجِبُ فِي التَّمَلُّكِ كَمَا يَأْتِي.
(لَا تَثْبُتُ فِي مَنْقُولٍ) ابْتِدَاءً، وَإِنْ بِيعَ مَعَ أَرْضٍ لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ وَلِأَنَّهُ لَا يَدُومُ بِخِلَافِ الْعَقَارِ فَيَتَأَبَّدُ فِيهِ ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ وَخَرَجَ بِابْتِدَاءِ تَهَدُّمِ الدَّارِ بَعْدَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فَإِنَّ نَقْضَهَا وَإِنْ نُقِلَ عَنْهَا يُؤْخَذُ بِهَا كَذَا قِيلَ وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ هُنَا فِي التَّمَلُّكِ لَا فِي الثُّبُوتِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ (بَلْ) إنَّمَا تَثْبُتُ (فِي أَرْضٍ وَمَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ) وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ بَابٍ وَرَفِّ سَمَرٍ وَمِفْتَاحِ غَلْقٍ مُثَبَّتٍ وَكُلِّ مُنْفَصِلٍ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ نَفْعٌ مُتَّصِلٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ (وَشَجَرٍ) رَطْبٍ وَأَصْلٍ يُجَزُّ مِرَارًا (تَبَعًا) لِلْأَرْضِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شِرْكٍ لَمْ يُقْسَمْ رَبْعَةً»
ــ
[حاشية الشرواني]
قَهْرًا. اهـ.
(قَوْلُهُ الْإِجْمَاعُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهَا الْإِجْمَاعَ لَكِنْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ مِنْ التَّابِعِينَ إنْكَارَهَا قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَلَعَلَّ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ. اهـ
(قَوْلُهُ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ) أَيْ مُشْتَرَكٌ لَمْ يُقْسَمْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْقِسْمَةِ يَسْتَلْزِمُ الشَّرِكَةَ وَلِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ «فِي كُلِّ شَرِكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ» . اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ) مَعْنَى وُقُوعِ الْحُدُودِ وَتَصْرِيفِ الطُّرُقِ أَنَّهُ حَصَلَتْ الْقِسْمَةُ بِالْفِعْلِ فَصَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَارًا لِلْآخَرِ بَعْدَ أَنْ كَانَ شَرِيكًا وَلَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ ع ش. اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَصُرِّفَتْ إلَخْ) هُوَ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ مُيِّزَتْ وَبُيِّنَتْ. اهـ ع ش وَفِي الْبُجَيْرَمِيِّ قَالَ سم بِالتَّخْفِيفِ أَيْ فُرِّقَتْ أَيْ جُعِلَ لِكُلٍّ طَرِيقٌ فَإِنْ فَرَّقْت الطَّرِيقَ الْمُشْتَرَكَةَ وَجَعَلْت بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فَهُوَ عَطْفُ مُغَايِرٍ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِ الْحُدُودِ بَيَانُ الطُّرُقِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّفْيِ إلَخْ) وَلِأَنَّ مُقَابَلَتَهُ بِقَوْلِهِ فَإِذَا وَقَعَتْ إلَخْ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ اهـ سم (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ بِلَا) فَيَكُونُ فِي الْمُمْكِنِ وَغَيْرِهِ اهـ ع ش أَقُولُ قَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ كَالنِّهَايَةِ وَاسْتِعْمَالُ أَحَدِهِمَا إلَخْ أَنْ لَا بِعَكْسِ لَمْ فَالْأَصْلُ فِي الْمَنْفِيِّ بِلَا الِامْتِنَاعُ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ تَجَوُّزٌ) أَيْ مَجَازٌ إنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى الْمُرَادِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: ٣] وَإِذَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ مُعَيَّنَةٌ لِخُصُوصِ الْمُرَادِ كَانَ اللَّفْظُ بَاقِيًا عَلَى إجْمَالِهِ لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ ع ش. اهـ بُجَيْرِمِيٌّ وَقَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ مُعَيَّنَةٌ أَيْ بَلْ قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ عَنْ الْإِمْكَانِ فِي لَمْ، وَعَنْ الِامْتِنَاعِ فِي لَا، فَإِذَا لَمْ تُنْصَبْ قَرِينَةٌ أَصْلًا فَيُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ مِنْ الْإِمْكَانِ فِي الْأُولَى وَالِامْتِنَاعِ فِي الثَّانِيَةِ فَلَا يَكُونُ فِي الْكَلَامِ تَجَوُّزٌ وَلَا إجْمَالٌ (قَوْلُهُ وَالْعَفْوُ عَنْهَا أَفْضَلُ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ اشْتَدَّ إلَيْهَا حَاجَةُ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْإِيثَارِ وَهُوَ أَوْلَى لَكِنَّهُ حَيْثُ لَمْ تَدْعُ إلَيْهَا ضَرُورَةٌ كَالِاحْتِيَاجِ لِلْمَاءِ لِلطَّهَارَةِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى التَّرْكِ مَعْصِيَةٌ، وَإِلَّا كَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي مَشْهُورًا بِالْفُجُورِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَخْذُ مُسْتَحَبًّا بَلْ وَاجِبًا إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ مَا يُرِيدُهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْفُجُورِ ثَمَّ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَوْ مَغْبُونًا) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ أَيْ فَيَكُونُ الْأَخْذُ أَفْضَلَ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَالصِّيغَةُ إنَّمَا تَجِبُ إلَخْ) أَيْ فَلَا حَاجَةَ إلَى عَدِّهَا رُكْنًا بَلْ لَا يَصِحُّ. اهـ ع ش.
قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي مَنْقُولٍ) أَيْ كَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ (قَوْلُهُ ابْتِدَاءً) رَاجِعٌ لِلنَّفْيِ أَيْ لَا تَثْبُتُ ابْتِدَاءً. اهـ كُرْدِيٌّ أَقُولُ قَوْلُ الْمُغْنِي وَالْمُرَادُ بِالْمَنْقُولِ الْمَنْقُولُ ابْتِدَاءً لِيُخْرِجَ الدَّارَ إذَا انْهَدَمَتْ بَعْدَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْمَنْقُولِ، وَكَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي؛ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ إلَخْ مَعَ مَا يَأْتِي عَنْ سم هُنَاكَ صَرِيحٌ فِيهِ (قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ) فَإِنَّهُ يَخُصُّهَا بِمَا تَدْخُلُهُ الْقِسْمَةُ وَالْحُدُودُ وَالطُّرُقُ وَهَذَا لَا يَكُونُ فِي الْمَنْقُولَاتِ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ فَيَتَأَبَّدُ فِيهِ ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ) قَدْ يُقَالُ الَّذِي اعْتَبَرَهُ فِيمَا سَبَقَ ضَرَرُ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَهُوَ لَا يَتَكَرَّرُ سم عَلَى حَجّ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ ثَمَّ عَلَى ضَرَرِ الْقِسْمَةِ بَلْ ذَكَرَ التَّعْلِيلَيْنِ مَعًا فَقَوْلُهُ هُنَا لِلْخَبَرِ إلَخْ نَاظِرٌ لِلتَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَدُومُ إلَخْ نَاظِرٌ لِلتَّعْلِيلِ الثَّانِي. اهـ ع ش أَيْ وَلَمْ يَذْكُرْهُ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ اكْتِفَاءً بِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ) أَيْ الْإِخْرَاجُ لَا حُكْمُ الْمُخْرَجِ مِنْ أَخْذِ النَّقْضِ بِالشُّفْعَةِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ ع ش (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ تَهَدُّمِ الدَّارِ (قَوْلُهُ لَا فِي ثُبُوتِ) أَيْ؛ لِأَنَّ النَّقْضَ حِينَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ كَانَ مُثْبَتًا لَا مَنْقُولًا. اهـ سم (قَوْلُهُ وَمَا يَتْبَعُهُ) إلَى قَوْلِهِ وَبَحَثَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ وَخَرَجَ إلَى وَشَرْطُ التَّبَعِيَّةِ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا شُفْعَةَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلَمْ يَشْرِطْ دُخُولَهُ فِيهِ وَلَفْظَةُ مَا فِي وَمَا شَرْطٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَإِمَّا حَادِثٌ إلَى وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ (قَوْلُهُ مِنْ بَابٍ) أَيْ مَنْصُوبٍ أَوْ مُنْفَصِلٍ بَعْدَ الْبَيْعِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَأَصْلُ يُجَزُّ) أَيْ مَا يَنْبُتُ مِنْهُ.
اهـ ع ش (قَوْلُهُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ) قَالَ الْحَلَبِيُّ هَلْ وَإِنْ نَصَّ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي الْغَصْبِ لِخُرُوجِهَا عَنْهُ بِقَيْدِ عُدْوَانًا أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهَا كَأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّفْيِ بِلَمْ إلَخْ) وَلِأَنَّ مُقَابَلَتَهُ بِقَوْلِهِ فَإِذَا وَقَعَتْ إلَخْ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ إجْمَالٌ) الظَّاهِرُ أَوْ احْتِمَالٌ وَكَذَا فِي النَّقْلِ عَنْ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِجْمَالِ الْمُسَامَحَةُ مِنْ قَبِيلِ التَّجَوُّزِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَعْنَى التَّسَاهُلِ.
(قَوْلُهُ فَيَتَأَبَّدُ فِيهِ ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ) قَدْ يُقَالُ الَّذِي اعْتَبَرَهُ فِيمَا سَبَقَ ضَرَرُ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَهُوَ لَا يَتَكَرَّرُ (قَوْلُهُ لَا فِي الثُّبُوتِ) أَيْ؛ لِأَنَّ النَّقْضَ حِينَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ كَانَ مُثْبَتًا لَا مَنْقُولًا (قَوْلُهُ