عَبْدَهَا مَيْسَرَةَ وَهُوَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ» فَكَانَ وَجْهُ الدَّلِيلِ فِيهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَاهُ مُقَرِّرًا لَهُ بَعْدَهَا وَهُوَ قِيَاسُ الْمُسَاقَاةِ بِجَامِعِ أَنَّ فِي كُلٍّ الْعَمَلَ فِي شَيْءٍ بِبَعْضِ نَمَائِهِ مَعَ جَهَالَةِ الْعِوَضِ وَلِذَا اتَّحَدَا فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ وَكَانَ قَضِيَّةُ ذَلِكَ تَقْدِيمَهَا عَلَيْهِ وَكَانَ عَكْسُهُمْ لِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ وَأَشْهَرُ وَأَيْضًا فَهِيَ تُشْبِهُ الْإِجَارَةَ أَيْضًا فِي اللُّزُومِ وَالتَّأْقِيتِ فَتَوَسَّطَتْ بَيْنَهُمَا إشْعَارًا بِمَا فِيهَا مِنْ الشَّبَهَيْنِ وَهُوَ رُخْصَةٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ قِيَاسِ الْإِجَارَاتِ كَمَا أَنَّهَا كَذَلِكَ لِخُرُوجِهَا عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُخْلَقْ (الْقِرَاضُ) وَهُوَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ (وَالْمُضَارَبَةُ) وَهُوَ لُغَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ؛ لِأَنَّ كُلًّا يَضْرِبُ بِسَهْمٍ مِنْ الرِّبْحِ وَلِأَنَّ فِيهِ سَفَرًا وَهُوَ يُسَمَّى ضَرْبًا أَيْ مَوْضُوعُهُمَا الشَّرْعِيُّ هُوَ الْعَقْدُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى تَوْكِيلِ الْمَالِكِ الْآخَرَ وَعَلَى (أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالًا لِيَتَّجِرَ فِيهِ وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ) بَيْنَهُمَا فَخَرَجَ لِيَدْفَعَ مُقَارَضَتَهُ عَلَى دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ بِعْ هَذَا وَقَارَضْتُك عَلَى ثَمَنِهِ وَاشْتَرِ شَبَكَةً وَاصْطَدْ بِهَا فَلَا يَصِحُّ نَعَمْ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَكَذَا الْعَمَلُ إنْ عَمِلَ وَالصَّيْدُ فِي الْأَخِيرَةِ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الشَّبَكَةِ الَّتِي لَمْ يَمْلِكْهَا كَالْمَغْصُوبَةِ وَيَذْكُرُ الرِّبْحَ الْوَكِيلُ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ وَأَرْكَانُهُ سِتَّةٌ عَاقِدَانِ وَعَمَلٌ وَرِبْحٌ وَمَالٌ وَصِيغَةٌ وَسَتَعْلَمُ كُلَّهَا كَأَكْثَرِ شُرُوطِهَا مِنْ كَلَامِهِ.
(وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ كَوْنُ الْمَالِ دَرَاهِمَ أَوْ) هِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ لَا جَمْعٍ (دَنَانِيرَ خَالِصَةٍ) بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ غَرَرٍ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْعَمَلِ
ــ
[حاشية الشرواني]
مَا فِي السِّيَرِ «أَنَّهَا اسْتَأْجَرَتْهُ بِقَلُوصَيْنِ» وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِتَعَدُّدِ الْوَاقِعَةِ أَوْ أَنَّ مَنْ عَبَّرَ بِالِاسْتِئْجَارِ تَسَمَّحَ بِهِ فَعَبَّرَ بِهِ عَنْ الْهِبَةِ. اهـ ع ش
(قَوْلُهُ مَيْسَرَةَ) بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا قَالَ السُّيُوطِيّ لَمْ أَقِفْ عَلَى رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ أَنَّهُ بَقِيَ إلَى الْبِعْثَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا فِي الصَّحَابَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْبِعْثَةِ وَإِنَّمَا أَرْسَلَتْهُ مَعَهُ لِيَكُونَ مُعَاوِنًا لَهُ وَيَتَحَمَّلَ عَنْهُ الْمَشَاقَّ بِرْمَاوِيٌّ. اهـ بُجَيْرِمِيٌّ وَقَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ الْبُرْهَانُ الْحَلَبِيُّ فِي حَوَاشِي الشِّفَاءِ ع ش (قَوْلُهُ وَجْهُ الدَّلِيلِ) أَيْ الدَّلَالَةِ (فِيهِ) أَيْ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَاهُ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ أَيْضًا أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ عَلَيْهَا مَا أَخَذَهُ مِنْهَا فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ. اهـ رَشِيدِيٌّ وَقَدْ يَرُدُّ عَلَى كُلٍّ مِنْ التَّوْجِيهَيْنِ أَنَّهُ لَا حُكْمَ قَبْلَ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ مُقَرِّرًا لَهُ) أَيْ مُبَيِّنًا لَهُ وَ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْقِرَاضُ. اهـ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْأَصْلُ فِيهِ الْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَالِكَ النَّخِيلِ قَدْ لَا يُحْسِنُ تَعَهُّدَهَا أَوْ لَا يَتَفَرَّغُ لَهُ وَمَنْ يُحْسِنُ الْعَمَلَ قَدْ لَا يَمْلِكُ مَا يَعْمَلُ فِيهِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْقِرَاضِ. اهـ (قَوْلُهُ قَضِيَّةُ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنُهُ مَقِيسًا عَلَى الْمُسَاقَاةِ. اهـ ع ش
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَكْثَرُ إلَخْ) أَوْ؛ لِأَنَّهَا كَالدَّلِيلِ لَهُ وَهُوَ يُذْكَرُ بَعْدَ الْمَدْلُولِ. اهـ سم (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَالِاسْتِدْلَالِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ فَهِيَ) أَيْ الْمُسَاقَاةُ وَ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَشَبَهِهَا لِلْقِرَاضِ فِي جَهَالَةِ الْعِوَضِ وَالْعَمَلِ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْقِرَاضُ (رُخْصَةٌ) فَإِنْ قُلْت: الرُّخْصَةُ هِيَ الْحُكْمُ الْمُتَغَيِّرُ إلَيْهِ السَّهْلُ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْقِرَاضُ مِنْ الْمَنْعِ إلَى الْجَوَازِ بَلْ هُوَ جَائِزٌ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ قُلْت: الْمُرَادُ بِالتَّغَيُّرِ فِي التَّعْرِيفِ مَا يَشْمَلُ الْخُرُوجَ عَمَّا تَقْتَضِيهِ قَوَاعِدُ الشَّرْعِ كَمَا هُنَا، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِخُرُوجِهِ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّهَا) أَيْ الْمُسَاقَاةَ (كَذَلِكَ) أَيْ رُخْصَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي كَمَا خَرَجَتْ الْمُسَاقَاةُ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُخْلَقْ وَالْحَوَالَةُ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَالْعَرَايَا عَنْ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ. اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْمُضَارَبَةُ) أَيْ وَالْمُقَارَضَةُ وَهِيَ الْمُسَاوَاةُ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الرِّبْحِ مُحَلَّى وَأَسْنَى وَنِهَايَةٌ أَيْ فِي أَصْلِهِ، وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي مِقْدَارِهِ ع ش
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا) أَيْ سُمِّيَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ بِالْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ (قَوْلُهُ يَضْرِبُ بِسَهْمٍ) أَيْ يُحَاسَبُ بِسَهْمٍ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَيْ مَوْضُوعُهُمَا) أَيْ وَمَوْضُوعُ الْمُقَارَضَةِ (قَوْلُهُ الْعَقْدُ الْمُشْتَمِلُ إلَخْ) وَفِي التَّعْبِيرِ بِالْعَقْدِ إلَخْ دُونَ التَّعْبِيرِ بِالتَّوْكِيلِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ تَوْكِيلًا مَحْضًا إذْ يُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ الْقِرَاضِ الْقَبُولُ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ. اهـ ع ش
(قَوْلُهُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى تَوْكِيلِ الْمَالِكِ) أَيْ الْمُقْتَضِي لِكُلٍّ مِنْ التَّوْكِيلِ وَالدَّفْعِ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ مُقَارَضَتُهُ عَلَى دَيْنٍ إلَخْ) أَوْ عَلَى مَنْفَعَةٍ كَسُكْنَى دَارٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي كَأَنْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى مَنْفَعَةِ هَذِهِ الدَّارِ تُسْكِنُ فِيهَا الْغَيْرَ وَمَا حَصَلَ بَيْنَنَا رَشِيدِيٌّ وَقَوْلُهُ تُسْكِنُ إلَخْ عِبَارَةُ الْبُجَيْرَمِيِّ عَنْ شَيْخَةِ تُؤَجِّرُهَا مُدَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَيَكُونُ الزَّائِدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ بَيْنَنَا. اهـ وَهِيَ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ عَلَى دَيْنٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَمَلِ أَيْ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ فِي الْمَجْلِسِ لِقَوْلِهِ الْآتِي نَعَمْ لَوْ قَارَضَهُ عَلَى أَلْفٍ إلَخْ فَيُرَادُ بِالدَّفْعِ فِي الْمَتْنِ الدَّفْعُ، وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالدَّفْعِ بَعْدَ الْعَقْدِ مَا يَأْتِي فِي شَرْحِ وَمُسْلِمًا إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ اهـ سم عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ م ر أَوْ عَلَى دَيْنٍ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْعَامِلِ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ عَيَّنَهُ الْعَامِلُ فِي الْمَجْلِسِ وَفِي حَجّ مَا يُخَالِفُهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ بِعْ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى مُقَارَضَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَاشْتَرِ إلَخْ) أَيْ وَقَوْلُهُ وَاشْتَرِ إلَخْ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إلَخْ) أَيْ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الْبَيْعِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَعْمَلْ وَأُجْرَةُ مِثْلِ الْبَيْعِ وَالْقِرَاضِ إنْ عَمِلَ (قَوْلُهُ الَّتِي لَمْ يَمْلِكْهَا) أَيْ بِأَنْ اشْتَرَاهَا بِعَيْنِ مَالِ الْمَالِكِ أَوْ بِذِمَّةِ نَفْسِهِ وَقَصْدِ الْمَالِكِ، وَقَوْلُ ع ش أَيْ بِأَنْ اشْتَرَاهَا فِي ذِمَّتِهِ بِقَصْدِ نَفْسِهِ، وَإِنْ دَفَعَ دَرَاهِمَ الْمَالِكِ عَنْ ثَمَنِهَا بَعْدُ. اهـ تَفْسِيرٌ لِلْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ وَبِذِكْرِ الرِّبْحِ) أَيْ وَخَرَجَ بِهِ (قَوْلُهُ وَعَمِلَ وَرَبِحَ) الْمُرَادُ مِنْ كَوْنِهِمَا رُكْنَيْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمَا لِيُوجَدَ مَاهِيَّةُ الْقِرَاضِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ الْعَمَلَ وَالرِّبْحَ إنَّمَا يُوجَدَانِ بَعْدَ الْعَقْدِ بَلْ قَدْ يُقَارِضُ وَلَا يُوجَدُ عَمَلٌ أَوْ رِبْحٌ. اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ لَا جَمْعٍ) أَيْ لَا مَانِعَةَ جَمْعٍ فَيَجُوزُ كَوْنُ بَعْضِهِ دَرَاهِمَ وَبَعْضِهِ دَنَانِيرَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ خَالِصَةً)
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
(قَوْلُهُ وَكَأَنَّ عَكْسَهُمْ لِذَلِكَ إلَخْ) قَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهَا كَالدَّلِيلِ؛ لِأَنَّهُ مَقِيسٌ عَلَيْهَا وَالدَّلِيلُ يُذْكَرُ بَعْدَ الْمَدْلُولِ فَذِكْرُهَا بَعْدُ كَإِقَامَةِ الدَّلِيلِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَدْلُولِ (قَوْلُهُ مُقَارَضَتُهُ عَلَى دَيْنٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ إلَّا إنْ تَعَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي نَعَمْ لَوْ قَارَضَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مَثَلًا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ عَيَّنَهَا فِي الْمَجْلِسِ جَازَ إلَخْ لَكِنْ لَا يَصْدُقُ قَوْلُهُ يُدْفَعُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَعَ التَّعْيِينِ فِي الْمَجْلِسِ فِي حُكْمِ الْمَدْفُوعِ أَوْ يُقَالُ سَيَأْتِي التَّقْيِيدُ بِقَبْضِ الْمَالِكِ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ