يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ الْمَالِكَ لَهُ، وَلَوْ فَعَلَ مَا عَلَى الْمَالِكِ بِإِذْنِهِ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ لِغَيْرِهِ اقْضِ دَيْنِي وَبِهِ فَارَقَ قَوْلُهُ لَهُ اغْسِلْ ثَوْبِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا ذَكَرُوا أَنَّهُ عَلَى الْعَامِلِ أَوْ الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ تَعْوِيلٍ فِيهِ عَلَى عَادَةٍ لَا يُلْتَفَتُ فِيهِ إلَى عَادَةٍ مُخَالِفَةٍ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعُرْفَ الطَّارِئَ لَا يُعْمَلُ بِهِ إذَا خَالَفَ عُرْفًا سَبَقَهُ وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ فِي قَوَاعِدِهِ بَلْ كَلَامُهُمْ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْأَيْمَانِ وَغَيْرِهِمَا صَرِيحٌ فِيهِ فَبَحْثُ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ عَلَى الْعَامِلِ لَوْ اُعْتِيدَ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى الْمَالِكِ لَزِمَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَوْ تَرَكَ الْعَامِلُ بَعْضَ مَا عَلَيْهِ نَقَصَ مِنْ حِصَّتِهِ بِقَدْرِهِ كَمَا فِي الْجَعَالَةِ.
(وَمَا قُصِدَ بِهِ حِفْظُ الْأَصْلِ وَلَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ كَبِنَاءِ الْحِيطَانِ) وَنَصْبُ نَحْوِ بَابٍ وَدُولَابٍ وَفَأْسٍ وَمِعْوَلٍ وَمِنْجَلٍ وَبَقَرَةٍ تَحْرُثُ أَوْ تُدِيرُ الدُّولَابَ وَاسْتَشْكَلَ بِاتِّبَاعِ الْعُرْفِ فِي نَحْوِ خَيْطِ الْخِيَاطَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ هَذَا بِهِ قِوَامُ الصَّنْعَةِ حَالًّا وَدَوَامًا وَالطَّلْعُ نَفْعُهُ انْعِقَادُ الثَّمَرَةِ حَالًّا ثُمَّ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بَعْدُ وَيُبْطِلُهُ جَعْلُهُمْ ثَمَّ الطَّلْعَ كَالْخَيْطِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ الْعُرْفَ هُنَا لَمْ يَنْضَبِطْ فَعُمِلَ فِيهِ بِأَصْلِ أَنَّ الْعَيْنَ عَلَى الْمَالِكِ وَثَمَّ قَدْ يَنْضَبِطُ، وَقَدْ يَضْطَرِبُ فَعُمِلَ بِهِ فِي الْأَوَّلِ وَوَجَبَ الْبَيَانُ فِي الثَّانِي (وَحَفْرُ نَهْرٍ جَدِيدٍ فَعَلَى الْمَالِكِ) لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَضُ فِيهِ وَصَحَّحَا فِي سَدِّ الثَّلْمِ اتِّبَاعَ الْعُرْفِ وَكَذَا وَضْعُ الشَّوْكِ عَلَى رَأْسِ الْجِدَارِ
ــ
[حاشية الشرواني]
عَلَى الْعَامِلِ وَ (قَوْلُهُ يَصِحُّ إلَخْ) خَبَرُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ فَعَلَ مَا عَلَى الْمَالِكِ) الْأَنْسَبُ وَمَا عَلَى الْمَالِكِ لَوْ فَعَلَهُ (قَوْلُهُ بِإِذْنِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِأُجْرَةٍ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش أَيْ وَإِلَّا فَيَسْتَحِقُّهَا قَطْعًا (قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ إلَخْ) قِيَاسُهُ أَنَّ مَا وَجَبَ عَلَى الْعَامِلِ إذَا فَعَلَهُ الْمَالِكُ بِإِذْنِهِ اسْتَحَقَّ بِهِ الْأُجْرَةَ عَلَى الْعَامِلِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ اقْضِ دَيْنِي) أَيْ بِجَامِعِ الْوُجُوبِ إذْ مَا يَخُصُّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ لِحَقِّ الْعَامِلِ اهـ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ) أَيْ بِالتَّنْزِيلِ (قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِآخَرَ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً إلَخْ) أَيْ وَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ عَلَى الْعُرْفِ الْغَالِبِ إنْ كَانَ عُرْفٌ غَالِبٌ وَعَرَفَاهُ إنَّمَا يُتَّجَهُ إذَا شَمِلَ ذَلِكَ الْعُرْفُ الْغَالِبُ جَمِيعَ مَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى الْعَامِلِ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلْحَمْلِ عَلَيْهِ اهـ سم (قَوْلُهُ فَبَحْثُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجٍ هـ اهـ.
(قَوْلُهُ ذَكَرُوهُ عَلَى الْعَامِلِ) الْأَوْلَى ذَكَرُوا أَنَّهُ عَلَى إلَخْ (قَوْلُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ) خَبَرُ قَوْلِهِ فَبَحْثُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَكَ الْعَامِلُ إلَخْ) هَذَا كَقَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ إذَا شَرَطَ الْمَالِكُ عَلَى الْعَامِلِ أَعْمَالًا تَلْزَمُهُ فَأَثْمَرَتْ الْأَشْجَارُ وَالْعَامِلُ لَمْ يَعْمَلْ بَعْضَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ اسْتَحَقَّ مِنْ الثَّمَرَةِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ فَإِنْ عَمِلَ نِصْفَ مَا لَزِمَهُ اسْتَحَقَّ نِصْفَ مَا شَرَطَ لَهُ اهـ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ شَرِيكٌ وَعَلَى هَذَا فَيَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مَا شَرَطَ لَهُ إنْ تَرَكَ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ وَفِي الْعُبَابِ، وَلَوْ أَطْلَعَ الشَّجَرُ قَبْلَ الْعَمَلِ فِيهِ قَبَضَ الْعَامِلُ الشَّجَرَ أَمْ لَا اسْتَحَقَّ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَلَزِمَهُ أُجْرَةُ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ الْعَمَلِ انْتَهَى اهـ سم وَيَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (حِفْظَ الْأَصْلِ) أَيْ أَصْلِ الثَّمَرِ وَهُوَ الشَّجَرُ (قَوْلُهُ وَنَصْبِ) إلَى قَوْلِهِ وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَبَحَثَ غَيْرُ وَاحِدٌ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَفَاسٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى بِنَاءِ الْحِيطَانِ (قَوْلُهُ وَمِعْوَلٍ وَمِنْجَلٍ) كَمِنْبَرٍ وَالْأَوَّلُ الْفَأْسُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي يُنْقَرُ بِهَا الصَّخْرُ وَالثَّانِي الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُقَضِّبُ بِهَا الزَّرْعَ (قَوْلُهُ وَاسْتُشْكِلَ بِاتِّبَاعِ الْعُرْفِ إلَخْ) مَوْضِعُ هَذَا الْإِشْكَالِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَتَعْرِيشِ إلَخْ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ الْجَوَابِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْخَيْطِ وَالطَّلْعِ فَإِنَّ الطَّلْعَ مَذْكُورٌ هُنَاكَ اهـ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ مَا وَجْهُ ارْتِبَاطِهِ بِسَابِقِهِ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الطَّلْعِ ثُمَّ رَأَيْت فِي أَصْلِ الشَّارِحِ قَبْلُ وَاسْتُشْكِلَ وَطَلْعُ الذُّكُورِ الَّذِي يُذَرُّ فِي طَلْعِ الْإِنَاثِ وَضُرِبَ عَلَيْهِ فَلَعَلَّ الضَّرْبَ وَقَعَ لِغَيْرِ الشَّارِحِ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ
وَفِي الرَّشِيدِيِّ مَا يُوَافِقُهَا (قَوْلُهُ وَيُبْطِلُهُ) أَيْ الْفَرْقَ (قَوْلُهُ ثَمَّ) أَيْ فِي الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ) أَيْ فِي دَفْعِ الْإِشْكَالِ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي الطَّلْعِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَثَمَّ) أَيْ فِي الْخَيْطِ (قَوْلُهُ فَعَمِلَ بِهِ) أَيْ بِالْعُرْفِ وَ (قَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِيمَا إذَا انْضَبَطَ وَ (قَوْلُهُ فِي الثَّانِي) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْضَبِطْ اهـ رَشِيدِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَحَفْرِ نَهْرٍ جَدِيدٍ) أَيْ وَإِصْلَاحِ مَا انْهَارَ مِنْ النَّهْرِ مُغْنِي وَرَوْضٌ وَشَرْحُ مَنْهَجٍ قَوْلُ الْمَتْنِ (فَعَلَى الْمَالِكِ) وَعَلَيْهِ أَيْضًا خَرَاجُ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ مُغْنِي وَرَوْضٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) إلَى قَوْلِهِ وَبَحَثَ فِي الْمُغْنِي ثُمَّ قَالَ وَفِي فُرُوعِ ابْنِ الْقَطَّانِ أَنَّ الْعَامِلَ لَوْ قَطَعَ الثَّمَرَةَ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ كَانَ مُتَعَدِّيًا قَالَ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا وَالْأَوَّلُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَلَوْ فَعَلَ مَا عَلَى الْمَالِكِ بِإِذْنِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِأُجْرَةٍ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً إلَخْ) فَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُحْمَلُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ عَلَى الْعُرْفِ الْغَالِبِ إنْ كَانَ عُرْفٌ غَالِبٌ وَعَرَفَاهُ إنَّمَا يُتَّجَهُ إذَا شَمِلَ ذَلِكَ الْعُرْفُ الْغَالِبُ جَمِيعَ مَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى الْعَامِلِ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلْحَمْلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَكَ الْعَامِلُ بَعْضَ مَا عَلَيْهِ نَقَصَ مِنْ حِصَّتِهِ بِقَدْرِهِ) هَذَا كَقَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ فَرْعٌ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي إذَا شَرَطَ الْمَالِكُ عَلَى الْعَامِلِ أَعْمَالًا تَلْزَمُهُ فَأَثْمَرَتْ الْأَشْجَارُ وَالْعَامِلُ لَمْ يَعْمَلْ بَعْضَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ اسْتَحَقَّ مِنْ الثَّمَرَةِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ فَإِنْ عَمِلَ نِصْفَ مَا لَزِمَهُ اسْتَحَقَّ نِصْفَ مَا شَرَطَ لَهُ اهـ، مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ، لَكِنْ الصَّحِيحُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَنَّهُ شَرِيكٌ وَعَلَى هَذَا فَيَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مَا شَرَطَ لَهُ، وَإِنْ تَرَكَ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ الَّتِي عَلَيْهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ وَفِي الْعُبَابِ وَلَوْ أَطْلَعَ الشَّجَرُ قَبْلَ الْعَمَلِ فِيهِ قَبَضَ الْعَامِلُ الشَّجَرَ أَمْ لَا اسْتَحَقَّ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَلَزِمَتْهُ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ الْعَمَلِ اهـ، وَنَقَلَهُ فِي تَجْرِيدِهِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضِ فَإِنْ كَانَتْ أَيْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى عَيْنِهِ وَعَامَلَ غَيْرَهُ انْفَسَخَتْ بِتَرْكِهِ الْعَمَلَ اهـ، فَيُحْتَمَلُ تَفْرِيعُهُ عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُجَرَّدِ التَّرْكِ بِأَنَّ فِي مُسَاقَاةِ الْغَيْرِ مَعَ التَّرْكِ مَزِيدُ إعْرَاضًا وَمُنَافَاةٍ لِلْحَالِ تَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر فَلْيُتَأَمَّلْ