للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنَّ لِلْوَاقِفِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِوَقْفِهِ الْعَامِّ كَالصَّلَاةِ بِمَسْجِدٍ وَقَفَهُ وَالشُّرْبِ مِنْ بِئْرٍ وَقَفَهَا.

ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ جَزَمَ بِأَنَّ شَرْطَ نَحْوِ ذَلِكَ يُبْطِلُ الْوَقْفَ نَعَمْ شَرْطُهُ أَنْ يُضَحَّى عَنْهُ مِنْهُ صَحِيحٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ بِصِحَّةِ شَرْطِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مِنْهُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الثَّوَابُ وَهُوَ لَا يَضُرُّ بَلْ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْوَقْفِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرْطِهِ الصَّلَاةَ فِيمَا وَقَفَهُ مَسْجِدًا بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا انْتِفَاعٌ ظَاهِرٌ بِالْبَدَنِ فَعَادَ عَلَيْهِ بِشَرْطِهِ ذَلِكَ وَفْقٌ دُنْيَوِيٍّ وَلَا كَذَلِكَ فِي نَحْوِ الْحَجِّ وَالْأُضْحِيَّةِ وَأَفْتَى أَبُو زُرْعَةَ فِيمَنْ وَقَفَ بِنَاءً أَوْ بُسْتَانًا وَشَرَطَ أَنْ يُبْدَأَ مِنْ رِيعِهِ بِعِمَارَتِهِ وَمَا فُضُلَ لَهُ ثُمَّ لِأَوْلَادِهِ بِأَنَّهُ صَحِيحٌ وَمَا فُضُلَ عَنْ الْعِمَارَةِ يُحْفَظُ مَا دَامَ حَيًّا لِجَوَازِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ فِيهَا ثُمَّ مَا فُضُلَ حَالَ مَوْتِهِ يُصْرَفُ لِأَوْلَادِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَبْطُلْ فِيمَا جَعَلَهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَكُنْ كَالْوَقْفِ عَلَى زَيْدٍ وَنَفْسِهِ حَتَّى يَصِحَّ فِي نِصْفِهِ وَيَبْطُلَ فِي نِصْفِهِ وَلَا كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ حَتَّى يُصْرَفَ الْفَاضِلُ فِي حَيَاتِهِ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا لَيْسَ طَبَقَةً ثَانِيَةً بَلْ مِنْ جُمْلَةِ الْأُولَى وَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ ضَمُّ الْمَجْهُولِ وَهُوَ مَا لَهُ إلَى الْمَعْلُومِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرِكْ بَيْنَهُمَا بَلْ قَدَّمَ الْمَعْلُومَ وَهُوَ نَحْوُ الْعِمَارَةِ فَصَحَّ فِيهِ وَأَخَّرَ الْمَجْهُولَ الْمُتَعَذِّرَ الصَّرْفِ إلَيْهِ فَحَفِظْنَا الْفَاضِلَ لِمَوْتِهِ لِمَا مَرَّ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ الْمَبْسُوطِ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ مَا فِيهِ لِلْمُتَأَمِّلِ.

وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا ثُمَّ صَارَ فَقِيرًا جَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ فَقِيرًا حَالَ الْوَقْفِ كَمَا فِي الْكَافِي وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَصِحُّ شَرْطُهُ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ وَلَوْ بِمُقَابِلٍ إنْ كَانَ بِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ وَمِنْ حِيَلِ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ أَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلَادِ أَبِيهِ وَيَذْكُرَ صِفَاتِ نَفْسِهِ فَيَصِحُّ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَعَمِلَ بِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَوَقَفَ عَلَى الْأَفْقَهِ مِنْ بَنِي الرِّفْعَةِ وَكَانَ يَتَنَاوَلُهُ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: يُبْطِلُ الْوَقْفَ) وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ بِشَرْطِهِ ذَلِكَ مَنَعَ غَيْرَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُرِيدُ فَأَشْبَهَ الْوَقْفَ عَلَى نَفْسِهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِصِحَّةِ شَرْطِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ إلَخْ) فَإِنْ ارْتَدَّ لَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ فِي الْحَجِّ وَصُرِفَ إلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ أُعِيدَ الْوَقْفُ إلَى الْحَجِّ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْجِهَادِ عَنْهُ جَازَ أَيْضًا، فَإِنْ ارْتَدَّ فَالْوَقْفُ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ يَصِحُّ مِنْ الْمُرْتَدِّ بِخِلَافِ الْحَجِّ. اهـ. مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ) أَيْ شَرْطِهِ نَحْوِ الْحَجِّ وَالْأُضْحِيَّةِ وَبَيْنَ شَرْطِهِ الصَّلَاةَ فِيمَا وَقَفَهُ إلَخْ ظَاهِرُهُ بُطْلَانُ الْوَقْفِ بِهَذَا الشَّرْطِ وَبِهِ صَرَّحَ شَرْحُ الْبَهْجَةِ سم عَلَى حَجّ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْبُطْلَانِ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ أَنَّ شَخْصًا وَقَفَ نَخِيلًا عَلَى مَسْجِدٍ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ ثَمَرَتُهَا لَهُ وَالْجَرِيدُ وَاللِّيفُ وَالْخَشَبُ وَنَحْوُهَا لِلْمَسْجِدِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَبُسْتَانًا) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: إنْ يُبْدَأْ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: إلَيْهِ) أَيْ الْفَاضِلِ (فِيهَا) أَيْ الْعِمَارَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ مَا جَعَلَهُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ) أَيْ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْوَاقِفَ (قَوْلُهُ: مِنْ جُمْلَةِ الْأُولَى) وَهِيَ الْعِمَارَةُ وَالْوَاقِفُ (قَوْلُهُ: بَعْضُهَا) أَيْ بَعْضِ الْأُولَى وَهُوَ الْعِمَارَةُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ ضَمُّ الْمَجْهُولِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ شَرَكَ بَيْنَهُمَا لَوْ قَدَّمَ الْمَجْهُولَ ضَرَّ كَالْأَوْقَافِ الْحِجَازِيَّةِ الْمَشْرُوطِ فِيهَا لِلْمُتَزَوِّجَةِ الْكِفَايَةُ وَلِلْعَزَبَةِ الْبِرُّ وَالصِّلَةُ فَإِنَّ تَقْدِيمَ الْمَجْهُولِ وَالتَّشْرِيكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَعْلُومِ يُؤَدِّي إلَى نِزَاعٍ لَا مُنْتَهَى لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: مَالَهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ (قَوْلُهُ وَهُوَ نَحْوُ الْعِمَارَةِ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ السَّابِقِ إلَى الْمَعْلُومِ وَحَذْفُ لَفْظِهِ نَحْوُ (قَوْلُهُ: لِمَوْتِهِ) أَيْ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ بِقَوْلِهِ لِجَوَازِ الِاحْتِيَاجِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ مَا فِيهِ إلَخْ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْوَقْفَ الْمَذْكُورَ مَالُهُ إلَى الْوَقْفِ لِنَفْسِهِ ثُمَّ لِأَوْلَادِهِ فَيَبْطُلُ فِي كُلِّهِ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَفَ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ أَقَرَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَمَا فِي الْكَافِي إلَى وَيَصِحُّ وَقَوْلُهُ: وَعَلَّلَ بِهِ إلَى وَأَنْ يُؤَجَّرَ وَقَوْلُهُ: وَهَاتَانِ إلَى وَأَنْ يَسْتَحْكِمَ وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَهَاتَانِ إلَى وَأَنْ يَسْتَحْكِمَ وَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ) أَيْ كَأَحَدِهِمْ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ. اهـ. مُغْنِي قَالَ ع ش، أَمَّا إنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ وَجَعَلَ لِلنَّاظِرِ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَمْ يَمْتَنِعْ كَمَا يَأْتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ فَوَّضَ إلَيْهِ هَذِهِ الْأُمُورَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) وَهُوَ الْأَوْجَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَكَانَ) أَيْ ابْنُ الرِّفْعَةِ (يَتَنَاوَلُهُ) أَيْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

بَعْدَهُ شَرْحُ م ر أَقُولُ فَلَوْ رَجَعَ إلَيْهَا أَيْ فَمَا حُكْمُهُ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ شَرْطُهُ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرْطِ الصَّلَاةِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ بَاطِلٌ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ أَخْذًا مِمَّا نَقَلْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي وَلَوْ قَالَ وَقَفْت هَذَا سَنَةً فَبَاطِلٌ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّ مَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ كَقَوْلِهِ جَعَلْتُهُ مَسْجِدًا سَنَةً يَصِحُّ مُؤَبَّدًا كَمَا لَوْ ذَكَرَ فِيهِ شَرْطًا فَاسِدًا. اهـ. إلَّا أَنْ يَخُصَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ.

ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ شَرْحِ الْبَهْجَةِ تَقْتَضِي هَذَا (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرْطِهِ الصَّلَاةَ فِيمَا وَقَفَهُ مَسْجِدًا) ظَاهِرُهُ بُطْلَانُ الْوَقْفِ بِهَذَا الشَّرْطِ وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مَا نَصُّهُ أَيْ كَمَا لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ إذَا شَرَطَ أَنْ يَقْضِيَ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ وَنَمَائِهِ دُيُونَهُ أَوْ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا يَطْلُعُ مِنْ ثِمَارٍ أَوْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ عِنْدَ إطْلَاقِ الْوَقْفِ كَأَنْ شَرَطَ أَنْ يُقْبَرَ فِيمَا وَقَفَهُ مَقْبَرًا أَوْ أَنْ يُصَلِّيَ فِيمَا وَقَفَهُ مَسْجِدًا أَوْ أَنْ يَسْتَسْقِيَ مِنْ بِئْرٍ وَقَفَهَا وَأَمَّا قَوْلُ عُثْمَانَ إلَخْ وَهَذَا يَرُدُّ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ فِي الْعُبَابِ بِقَوْلِهِ لَكِنْ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِوَقْفِهِ الْعَامِّ كَمَقْبَرَةٍ وَمَسْجِدٍ وَبِئْرٍ وَكِتَابٍ شَرَطَهُ أَمْ لَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ صَارَ فَقِيرًا جَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ) فِي الْعُبَابِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ وَرَثَتِهِ فَمَاتَ وَلَدُهُ وَهُوَ مِنْ وَرَثَتِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ. اهـ. وَعِبَارَةُ تَجْرِيدِهِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى وَرَثَتِهِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ وَلَدُهُ وَهُوَ أَحَدُ وَرَثَتِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لَمْ يُصْرَفْ إلَيْهِ وَتَكُونُ حِصَّتُهُ لِلْفُقَرَاءِ وَيُصْرَفُ الْبَاقِي لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَبِهِ أَفْتَى الْغَزَالِيُّ ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ إنَّ فِي صَرْفِ حِصَّتِهِ لِلْفُقَرَاءِ نَظَرًا.

وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى هَذَيْنِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>