للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخَالَفَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ وَالْخَوَارِزْمِيِّ فَأَبْطَلُوهُ إنْ انْحَصَرَتْ الصِّفَةُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ لِغَيْرِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ أَقْرَبُ لِبُعْدِهِ عَنْ قَصْدِ الْجِهَةِ وَأَنْ يُؤَجِّرَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ يَقِفَهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا ثُمَّ يَتَصَرَّفُ فِي الْأُجْرَةِ أَوْ يَسْتَأْجِرُهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ لِيَنْفَرِدَ بِالْيَدِ وَيَأْمَنَ خَطَرَ الدَّيْنِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَهَاتَانِ حِيلَتَانِ لِانْتِفَاعِهِ بِمَا وَقَفَهُ لَا لِوَقْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَأَنْ يَسْتَحْكِمَ فِيهِ مَنْ يَرَاهُ وَلَوْ أَقَرَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى جِهَاتِ مُفَصَّلَةٍ بِأَنْ جَاءَ كَمَا يَرَاهُ حُكِمَ بِهِ وَبِلُزُومِهِ وَأُخِذَ بِإِقْرَارِهِ وَيَجُوزُ نَقْضُ الْوَقْفِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْبُرْهَانُ الْمَرَاغِيَّ وَخَالَفَهُ التَّاجُ الْفَزَارِيّ فَقَالَ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ يَتَلَقَّى مِنْهُ كَمَا لَوْ قَالَ هَذَا وَقْفٌ عَلَيَّ وَيَأْتِي قُبَيْلَ الْفَصْلِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ.

(تَنْبِيهٌ)

أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ حُكْمَ الْحَنَفِيِّ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ لَا يَمْنَعُ الشَّافِعِيَّ بَاطِنًا مِنْ بَيْعِهِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ فِيهِ قَالَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَمْنَعُ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنْهُ فِي الظَّاهِرِ سِيَاسَةً شَرْعِيَّةً وَيَلْحَقُ بِهَذَا مَا فِي مَعْنَاهُ انْتَهَى، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمْعٌ وَرَدَّهُ آخَرُونَ بِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الضَّعِيفِ إنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي مَحَلِّ اخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي تَعْلِيلِهِ وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي مَوَاضِعِ نُفُوذِهِ بَاطِنًا وَلَا مَعْنًى لَهُ إلَّا تَرَتُّبِ الْآثَارِ عَلَيْهِ مِنْ حِلٍّ وَحُرْمَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي الْمَسَائِلِ الْخِلَافِيَّةِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَيُصَيِّرُ الْأَمْرَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ

. (فَإِنْ وَقَفَ) مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ (عَلَى جِهَةِ مَعْصِيَةٍ كَعِمَارَةِ نَحْوِ الْكَنَائِسِ) الَّتِي لِلتَّعَبُّدِ أَوْ تَرْمِيمِهَا وَإِنْ مَكَّنَاهُمْ مِنْهُ كَمَا بَسَطَهُ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ رَدًّا لِإِيهَامٍ وَقَعَ فِي كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَوْ قَنَادِيلِهَا أَوْ كِتَابَةِ نَحْوِ التَّوْرَاةِ (فَبَاطِلٌ) لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ نَعَمْ لَا نُبْطِلُ مَا فَعَلَهُ ذِمِّيٌّ إلَّا إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا

ــ

[حاشية الشرواني]

يَأْخُذُ غَلَّتَهُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَخَالَفَ فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَإِنْ خَالَفَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِبُعْدِهِ عَنْ قَصْدِ الْجِهَةِ) تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَ قَوْلِهِ وَإِلَّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُؤَجِّرَهُ) كَقَوْلِهِ الْآتِي وَأَنْ يَسْقِيَ إلَخْ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَقِفَ عَلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَصَرَّفُ إلَخْ) وَلَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ الْوَقْفِ عَادَتْ الْمَنَافِعُ لِلْوَاقِفِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ فِي شَرْحٍ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِأُجْرَةِ مَا بَعْدَ الْعِتْقِ. اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ: أَوْ يَسْتَأْجِرَهُ) عُطِفَ عَلَى يَتَصَرَّفَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَحْوَطُ) أَيْ الِاسْتِئْجَارُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: وَهَاتَانِ) أَيْ صُورَتَا الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَسْتَحْكِمَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمِنْهَا أَنْ يَرْفَعَهُ إلَى حَاكِمٍ يَرَى صِحَّتَهُ كَمَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ الْآنَ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ بَرَاءٍ) أَيْ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ كَالْحَنَفِيِّ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِأَنَّ حَاكِمَا إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِأَقْرٍ (قَوْلُهُ: حَكَمَ بِهِ) أَيْ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ نَقْضُ الْوَقْفِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَنَقْضُ الْوَقْفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ غَيْرِهِ) أَيْ فِي حَقِّ مَنْ يَتَلَقَّى مِنْهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَخَالَفَهُ التَّاجُ الْفَزَارِيّ إلَخْ) وَهُوَ الْأَوْجَهُ. اهـ. نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ يَتَلَقَّى إلَخْ) أَيْ فَلَا يَبْطُلُ فِي حَقِّهِ وَلَا حَقِّ مَنْ يَتَلَقَّى مِنْهُ. اهـ. ع ش قَالَ الرَّشِيدِيُّ اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ مَنْ يَتَلَقَّى مِنْهُ بِجِهَةِ الْوَقْفِ خَاصَّةً حَتَّى يَخْرُجَ نَحْوُ الزَّوْجَةِ فَلَا يَسْرِي عَلَيْهَا أَوْ الْمُرَادُ مَا هُوَ أَعَمُّ؟ . اهـ. أَقُولُ الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ إلَخْ) بَيَانٌ لِلضَّعِيفِ (قَوْلُهُ: فِي تَعْلِيلِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَمْنَعُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا مَعْنَى لَهُ) أَيْ لِلنُّفُوذِ بَاطِنًا (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمَا) كَالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ حَاكِمُ ضَرُورَةٍ وَمَحَلُّ ذَلِكَ كُلُّهُ حَيْثُ صَدَرَ حُكْمٌ صَحِيحٌ مَبْنِيٌّ عَلَى دَعْوَى وَجَوَابٍ، أَمَّا لَوْ قَالَ الْحَاكِمُ الْحَنَفِيُّ مَثَلًا حَكَمْت بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَبِمُوجِبِهِ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ حُكْمًا، بَلْ هُوَ إفْتَاءٌ مُجَرَّدٌ وَهُوَ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ فَكَأَنْ لَا حُكْمَ فَيَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ بَيْعُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ. اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ: مُسْلِمٌ) إلَى الْفَرْعِ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَيَأْتِي أَوَائِلُ إلَخْ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: وَمَرَّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ، أَمَّا أَوَّلًا إلَى قِيلَ (قَوْلُ الْمَتْنِ عَلَى جِهَةِ مَعْصِيَةٍ) اُنْظُرْ هَلْ الْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ الْوَاقِفِ أَوْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَوْ بِعَقِيدَتِهِمَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْوَاقِفِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ فَتُعْتَبَرُ عَقِيدَتُهُ وَبَقِيَ مَا لَوْ أَطْلَقَ الْوَقْفَ عَلَى الْكَنَائِسِ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى مَا تَنْزِلُهُ الْمَارَّةُ فَيَصِحُّ أَوْ عَلَى مَا لِلتَّعَبُّدِ فَيَبْطُلُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ كَمَا فِي حَاشِيَةِ التَّحْرِيرِ لِشَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ عَنْ شَيْخِهِ صَالِحٍ الْبُطْلَانُ. اهـ. ع ش أَقُولُ مَا اسْتَقَرَّ بِهِ أَوَّلًا مِنْ اعْتِبَارِ عَقِيدَةِ الْوَاقِفِ مُطْلَقًا يُرَدُّ عَلَيْهِ بُطْلَانُ وَقْفِ الذِّمِّيِّ عَلَى عِمَارَةِ كَنِيسَةٍ لِلتَّعَبُّدِ فَالْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ الْمَعْصِيَةِ مِنْ حَيْثُ الشَّرْعِ، وَأَمَّا اسْتِقْرَابُهُ ثَانِيًا فَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ بَيَانِهِ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: نَحْوِ الْكَنَائِسِ) صَرِيحُ مَا ذُكِرَ أَنَّ هَذَا إذَا صَدَرَ مِنْ مُسْلِمٍ يَكُونُ مَعْصِيَةً فَقَطْ وَلَا يَكْفُرُ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ فَعَلَ أَمْرًا مُحَرَّمًا لَا يَتَضَمَّنُ قَطْعَ الْإِسْلَامِ لَكِنْ نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ أَنَّ عِمَارَةَ الْكَنِيسَةِ مِنْ الْمُسْلِمِ كُفْرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْظِيمٌ لِغَيْرِ الْإِسْلَامِ وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى. لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ ذَلِكَ فِيهِ تَعْظِيمُ غَيْرِ الْإِسْلَامِ مَعَ إنْكَارِهِ فِي نَفْسِهِ وَبِتَسْلِيمِهِ فَمُجَرَّدُ تَعْظِيمِهِ مَعَ اعْتِقَادِ حَقِّيَّةَ الْإِسْلَامِ لَا يَضُرُّ لِجَوَازِ كَوْنِ التَّعْظِيمِ لِضَرُورَةٍ فَهُوَ تَعْظِيمٌ ظَاهِرِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ. اهـ. ع ش.

أَقُولُ الْأَقْرَبُ مَا نُقِلَ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ مِنْ الْكُفْرِ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ إلَّا أَنْ يُقَارَنَ فِعْلُهُ بِنَحْوِ ضَرُورَةٍ ظَاهِرَةٍ لَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: الَّتِي لِلتَّعَبُّدِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ قَدِيمَةً قَبْلَ الْبَعْثَةِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِلتَّعَبُّدِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ نُزُولِ الْمَارَّةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَكَّنَّاهُمْ مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّرْمِيمِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَسَوَاءٌ فِيهِ إنْشَاءُ الْكَنَائِسِ وَتَرْمِيمُهَا وَإِنْ لَمْ نَمْنَعْهُ وَلَا يُعْتَبَرُ تَقْيِيدُ ابْنِ الرِّفْعَةِ عَدَمَ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى التَّرْمِيمِ بِمَنْعِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ كِتَابَةِ نَحْوِ التَّوْرَاةِ) عُطِفَ عَلَى عِمَارَةِ إلَخْ زَادَ الْمُغْنِي أَوْ السِّلَاحِ لِقُطَّاعِ الطَّرِيقِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَنَادِيلِهَا) أَوْ حُصُرِهَا أَوْ خُدَّامِهَا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

أَحَدُهُمَا وَفِيهِ بَحْثٌ لِلرَّافِعِيِّ اهـ وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ صَارَ فَقِيرًا حَيْثُ يَسْتَحِقُّ وَعَلَى مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَفْقَهِ أَوْلَادِ فُلَانٍ وَهُوَ أَفْقَهُهُمْ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ فَلْيُتَأَمَّلْ. أَقُولُ ذَكَرَ الشَّارِحُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>