مُشْتَرِيهِ الْحَاكِمِ أَوْ النَّاظِرِ فَيَتَعَيَّنُ أَحَدُ أَلْفَاظِ الْوَقْفِ وَقَالَ الْقَاضِي يَقُولُ أَقَمْته مَقَامَهُ وَنَظَرَ غَيْرُهُ فِيهِ وَفَارَقَ هَذَا صَيْرُورَةَ الْقِيمَةِ رَهْنًا فِي ذِمَّةِ الْجَانِي كَمَا مَرَّ بِأَنَّهُ يَصِحُّ رَهْنُهَا دُونَ وَقْفِهَا وَعَدَمَ اشْتِرَاطِ جَعْلِ بَدَلِ الْأُضْحِيَّةِ أُضْحِيَّةً إذَا اشْتَرَى بِعَيْنِ الْقِيمَةِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَنَوَى، بِأَنَّ الْقِيمَةَ هُنَاكَ مِلْكُ الْفُقَرَاءِ وَالْمُشْتَرِي نَائِبٌ عَنْهُمْ فَوَقَعَ الشِّرَاءُ لَهُمْ بِالْعَيْنِ أَوْ مَعَ النِّيَّةِ، وَأَمَّا الْقِيمَةُ هُنَا فَلَيْسَتْ مِلْكَ أَحَدٍ فَاحْتِيجَ لِإِنْشَاءِ وَقْفِ مَا يَشْتَرِي بِهَا حَتَّى يَنْتَقِلَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَبْدٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ أَمَةً بِقِيمَةِ عَبْدٍ كَعَكْسِهِ بَلْ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ صَغِيرَةٍ بِقِيمَةِ كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ، وَمَا فَضَلَ مِنْ الْقِيمَةِ يُشْتَرَى بِهِ شِقْصٌ كَالْأَرْشِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ الْآتِي فِي الْوَصِيَّةِ لِتَعَذُّرِ الرَّقَبَةِ الْمُصَرَّحِ بِهَا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ شِقْصٍ بِالْفَاضِلِ صُرِفَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ بَلْ لَنَا وَجْهٌ بِصَرْفِ جَمِيعِ مَا أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ إلَيْهِ وَلَوْ أَوْجَبَتْ قَوَدًا اسْتَوْفَاهُ الْحَاكِمُ كَمَا قَالَاهُ وَإِنْ نُوزِعَا فِيهِ.
(فَإِنْ تَعَذَّرَ) شِرَاءُ عَبْدٍ بِهَا (فَبَعْضُ عَبْدٍ) يُشْتَرَى بِهَا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِمَقْصُودِهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّ الشِّقْصَ مِنْ حَيْثُ هُوَ يَقْبَلُ الْوَقْفَ لَا الْأُضْحِيَّةَ فَإِنْ تَعَذَّرَ شِرَاءُ شِقْصٍ صُرِفَتْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ
ــ
[حاشية الشرواني]
دَخَلَ فِي جِهَتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَأَرَادَ الْعِمَارَةَ بِهِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيَسْقُطُ عَنْ ذِمَّتِهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْحَاكِمِ حَتَّى لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ كَانَ مُتَبَرِّعًا بِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي.
وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ غَرَامَةَ شَيْءٍ فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ جَازَ لَهُ الصَّرْفُ بِشَرْطِ الْإِشْهَادِ فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَبْرَأْ؛ لِأَنَّ فَقْدَ الشُّهُودِ نَادِرٌ وَقَوْلُهُ مَرَّ فِي الْجُدْرَانِ الْمَوْقُوفَةِ إلَخْ خَرَجَ بِهِ مَا يُنْشِئُهُ مِنْ الْبِنَاءِ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ فَلَا يَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الْبِنَاءِ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُ الْمُتَقَدِّمُ وَإِنْ اقْتَضَى التَّوْجِيهُ الْآتِي صَيْرُورَتَهُ كَذَلِكَ اهـ كَلَامُ ع ش قَالَ الرَّشِيدِيُّ وَقَدْ يُمْنَعُ هَذَا الِاقْتِضَاءُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِتْبَاعِ الْأَرْضِ لِهَذَا الشَّيْءِ الْيَسِيرِ اسْتِتْبَاعُهَا لِأَمْرٍ خَطِيرٍ إذْ الْيَسِيرُ عُهِدَ فِيهِ التَّبَعِيَّةُ كَثِيرًا فَتَأَمَّلْ اهـ أَقُولُ وَقَوْلُ ع ش فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَبْرَأْ أَيْ: فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ دُونَ بَاطِنِهِ أَخْذًا مِنْ نَظَائِرِهِ
(قَوْلُهُ: الْحَاكِمِ، أَوْ النَّاظِرِ) أَيْ: عَلَى مَا تَقَدَّمَ آنِفًا اهـ سم أَيْ: مِنْ الْخِلَافِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْقَاضِي إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَقَوْلُ الْقَاضِي إلَخْ مَحَلُّ نَظَرٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: صَيْرُورَةَ الْقِيمَةِ) أَيْ: قِيمَةَ الْمَرْهُونِ (قَوْلُهُ وَعَدَمَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى صَيْرُورَةَ إلَخْ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَصَيْرُورَةُ بَدَلِ الْأُضْحِيَّةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا اشْتَرَى) أَيْ: بَدَلَ الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَنَوَى) أَيْ: الْبَدَلِيَّةَ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَعْطُوفِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْقِيمَةَ هُنَاكَ مِلْكُ الْفُقَرَاءِ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ تُمْلَكُ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْقِيمَةُ هُنَا فَلَيْسَتْ مِلْكَ أَحَدٍ) أَيْ:؛ وَلِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُمْلَكُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَبْدٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَخْ) لَوْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ إلَّا أَمَةً أَوْ الْعَكْسَ أَوْ بِقِيمَةِ الْكَبِيرِ إلَّا صَغِيرًا، أَوْ الْعَكْسَ فَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ سم عَلَى حَجّ وَبَقِيَ مَا لَوْ أَمْكَنَ شِرَاءُ شِقْصٍ وَشِرَاءُ صَغِيرٍ هَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ حَالًا وَلَوْ قِيلَ بِالثَّانِي لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ مَنْ وَقَفَ رَقَبَةً كَامِلَةً اهـ ع ش وَيَأْتِي عَنْ سم آنِفًا مَا يُوَافِقُ الثَّانِيَ
(قَوْلُهُ: وَمَا فَضَلَ مِنْ الْقِيمَةِ يُشْتَرَى إلَخْ) قَدْ يَفْضُلُ مِنْهُمَا مَا يُحَصِّلُ عَبْدًا آخِرًا كَامِلًا، وَلَعَلَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الشِّقْصِ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ اهـ سم (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ الْآتِي إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَوْصَى أَنْ يُشْتَرَى بِشَيْءٍ ثَلَاثُ رِقَابٍ فَوَجَدْنَا بِهِ رَقَبَتَيْنِ وَفَضَلَ مَا لَا يُمْكِنُ شِرَاءُ رَقَبَةٍ بِهِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ صَرْفُهُ لِلْوَارِثِ لِتَعَذُّرِ الرَّقَبَةِ الْمُصَرَّحِ بِهَا ثَمَّ بِخِلَافِ مَا هُنَا اهـ.
(قَوْلُهُ: صُرِفَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ أَمَةً، أَوْ شِقْصَهَا اهـ سم أَيْ: وَهُوَ بَعِيدٌ عَنْ غَرَضِ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: اسْتَوْفَاهُ الْحَاكِمُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي جَوَازُ الْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ بِمَالٍ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً وَيَشْتَرِي بِهِ بَدَلَهُ وَيُنْشِئُ وَقْفَهُ نَظِيرَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَدَلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ اهـ ع ش أَقُولُ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِيمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ الْآتِي فِي بَابِهَا وَوَجْهُ الْخِلَافِ فِيهَا أَنَّ الشِّقْصَ مِنْ حَيْثُ هُوَ إلَخْ (قَوْلُهُ: صُرِفَتْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ الشِّقْصُ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهُمَا يَبْقَى الْبَدَلُ إلَى أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ شِرَاءِ شِقْصٍ، ثَانِيهَا يَكُونُ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، ثَالِثُهَا يَكُونُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ وَهَذَا أَقْرَبُهَا اهـ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
رِيعِ الْوَقْفِ فِي الْجُدَرَانِ الْمَوْقُوفَةِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا بِالْبِنَاءِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَدَلِ الرَّقِيقِ الْمَوْقُوفِ أَنَّ الرَّقِيقَ قَدْ فَاتَ بِالْكُلِّيَّةِ، وَالْأَرْضُ الْمَوْقُوفَةُ بَاقِيَةٌ، وَالطُّوبُ وَالْحَجَرُ الْمَبْنِيُّ بِهِمَا كَالْوَصْفِ التَّابِعِ لَهَا انْتَهَى (قَوْلُهُ: الْحَاكِمُ، أَوْ النَّاظِرُ) أَيْ: عَلَى مَا تَقَدَّمَ آنِفًا
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْقِيمَةَ هُنَاكَ مِلْكُ الْفُقَرَاءِ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ تُمْلَكُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْقِيمَةُ هُنَا فَلَيْسَتْ مِلْكَ أَحَدٍ) أَيْ: لِئَلَّا يُوقَفَ الْمِلْكُ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَبْدٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ أُمَّةً بِقِيمَةِ عَبْدٍ إلَخْ) لَوْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ إلَّا أَمَةً أَوْ الْعَكْسَ، أَوْ بِقِيمَةِ الْكَبِيرِ إلَّا صَغِيرًا أَوْ الْعَكْسَ فَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: وَمَا فَضَلَ مِنْ الْقِيمَةِ يُشْتَرَى بِهِ شِقْصٌ) قَدْ يَفْضُلُ مِنْهُمَا مَا يُحَصِّلُ عَبْدًا آخَرَ كَامِلًا، وَلَعَلَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الشِّقْصِ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ شِقْصٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ فَإِنْ تَعَذَّرَ الشِّقْصُ فَهَلْ الْبَدَلُ مِلْكٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَمْ لِلْأَقْرَبِ لِلْوَاقِفِ أَمْ يَبْقَى بِحَالِهِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ وُجُوهٌ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بَقَاؤُهُ إلَى وُجُودِ الشِّقْصِ انْتَهَى وَقَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فِي الْوَجْهِ الْأَخِيرِ، وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ انْتَهَى وَعَلَيْهِ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ إشْرَافِ الْمَأْكُولَةِ عَلَى الْمَوْتِ السَّابِقَةِ إلَّا أَنْ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْبَقَاءِ إنْ رَجَّى وُجُودَ شِقْصٍ فَإِنْ كَانَ مَيْئُوسًا مِنْهُ عَادَةً فَهُوَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: صُرِفَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُشْتَرَى بِهِ أَمَةٌ أَوْ شِقْصُهَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِمَقْصُودِهِ) كَنَظِيرِهِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ الْآتِي فِي بَابِهَا