وَلَوْ جَنَى الْمَوْقُوفُ جِنَايَةً أَوْجَبَتْ مَالًا فَهِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي لَوْ اشْتَرَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ حَجَرَ رَحًا لِرِقَّةِ الْمَوْقُوفِ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ مِلْكَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي اسْتِعْمَالِهِ الْأَوَّلِ حَتَّى رَقَّ، كَمَا لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُسْتَعِيرُ مَا تَلِفَ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَهُوَ مِلْكُهُ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ اشْتَرَطَ أَنْ يَبْدَأَ مِنْ غَلَّتِهِ بِعِمَارَتِهِ فَيَكُونَ وَقْفًا كَالْأَصْلِ قَالَ الْقَمُولِيُّ، وَلَعَلَّهُ مِنْهُ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْعَبْدِ لَا تَجِبُ فِي كَسْبِهِ إذَا لَمْ يَشْرِطْهَا الْوَاقِفُ فِيهِ قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ كَقَوْلِ الْقَاضِي إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ غَيْرِهِ لَيْسَ عِمَارَةً نَعَمْ إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ إبْدَالَهُ إذَا رَقَّ اتَّجَهَ مَا قَالَهُ وَكَقَوْلِهِ لِيَكُونَ وَقْفًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ وَقْفِهِ وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ الْحَاكِمَ إذَا اشْتَرَى لِلْمَسْجِدِ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِهِ عَقَارًا كَانَ طَلْقًا إلَّا إذَا رَأَى وَقْفَهُ عَلَيْهِ انْتَهَى وَمُرَادُهُ بِالطَّلْقِ أَنَّهُ مِلْكٌ لِلْمَسْجِدِ.
(وَلَوْ جَفَّتْ الشَّجَرَةُ) الْمَوْقُوفَةُ، أَوْ قَلَعَهَا نَحْوُ رِيحٍ، أَوْ زَمِنَتْ الدَّابَّةُ (لَمْ يَنْقَطِعْ الْوَقْفُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَإِنْ امْتَنَعَ وَقْفُهَا ابْتِدَاءً لِقُوَّةِ الدَّوَامِ (بَلْ يُنْتَفَعُ بِهَا جِذْعًا) بِإِجَارَةٍ وَغَيْرِهَا فَإِنْ تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ بِهَا إلَّا بِاسْتِهْلَاكِهَا انْقَطَعَ
ــ
[حاشية الشرواني]
وَفِي سم عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلشَّارِحِ مِثْلُهُ وَعَنْ الْعُبَابِ تَرْجِيحُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ جَنَى الْمَوْقُوفُ إلَخْ) وَلَوْ مَاتَ الْمَوْقُوفُ الْجَانِي لَمْ يَسْقُطْ الْفِدَاءُ نِهَايَةٌ أَيْ: عَنْ السَّيِّدِ وَلَا عَنْ بَيْتِ الْمَالِ ع ش (قَوْلُهُ: فَهِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ جَنَى الْمَوْقُوفُ جِنَايَةً تُوجِبُ قِصَاصًا اُقْتُصَّ مِنْهُ وَفَاتَ الْوَقْفُ كَمَا لَوْ مَاتَ، أَوْ وَجَبَ بِجِنَايَتِهِ مَالٌ أَوْ قِصَاصٌ وَعَفَا عَلَى مَالٍ فَدَاهُ الْوَاقِفُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَلَا يَتَعَلَّقُ الْمَالُ بِرَقَبَتِهِ لِتَعَذُّرِ بَيْعِهِ وَلَهُ إنْ تَكَرَّرَتْ الْجِنَايَةُ مِنْهُ حُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ أَيْ: فِي عَدَمِ تَكَرُّرِ الْفِدَاءِ وَمُشَارَكَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الثَّانِي وَمَنْ بَعْدَهُ لِلْأَوَّلِ فِي الْقِيمَةِ إنْ لَمْ تَفِ بِأَرْشِ الْجِنَايَاتِ، وَإِنْ مَاتَ الْوَاقِفُ ثُمَّ جَنَى الْعَبْدُ أَفُدِيَ مِنْ كَسْبِهِ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَالْحُرِّ الْمُعْسِرِ وَلَا يُفْدَى مِنْ تَرِكَةِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّهَا انْتَقَلَتْ إلَى الْوَارِثِ اهـ.
وَفِي النِّهَايَةِ نَحْوُهَا إلَّا أَنَّهَا رَجَّحَتْ الْوَجْهَ الْآخَرَ وِفَاقًا لِلشَّارِحِ قَالَ ع ش وَقَوْلُ حَجّ وَلَوْ جَنَى الْمَوْقُوفُ جِنَايَةً أَوْجَبَتْ مَالًا فَهِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَ فِدَاؤُهُ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ لِمَوْتِهِ أَوْ فَقْرِهِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ م ر فَإِنْ مَاتَ الْوَاقِفُ اهـ وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ فَهِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ قَالَ فِي الرَّوْضِ لَا فِي تَرِكَةِ الْوَاقِفِ انْتَهَى وَأَفْتَى بِكَوْنِهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَمَحَلُّ كَوْنِهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ بِأَنْ مَاتَ ثُمَّ جَنَى فَإِنْ كَانَ حَيًّا فَدَاهُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ كَمَا فِي الرَّوْضِ اهـ
(قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ) أَيْ: وَقَوْلُ الْقَاضِي وَلَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَهُوَ مِلْكُهُ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْعَبْدِ لَا تَجِبُ إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ: قَوْلِ الْقَمُولِيِّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ شِرَاءَ غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ الْحَجَرِ الْمَوْقُوفِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ عِمَارَةً) وَلَوْ فُرِضَ وَسُلِّمَ أَنَّهُ عِمَارَةٌ فَتَقْدِيمُ الْعِمَارَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ (قَوْلُهُ: وَكَقَوْلِهِ) عَطْفٌ عَلَى كَقَوْلِهِ ش اهـ سم (قَوْلُهُ: لِيَكُونَ وَقْفًا) الْمُوَافِقُ لِمَا سَبَقَ عَنْهُ عَنْ الْقَاضِي فَيَكُونُ إلَخْ بِالْفَاءِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا رَأَى وَقْفَهُ إلَخْ) أَيْ: وَوَقَفَهُ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِالطَّلْقِ إلَخْ) وَمَعْنَى الطَّلْقِ الْوَضْعِيِّ عَدَمُ التَّقَيُّدِ وَإِطْلَاقُهُ عَلَى الْمِلْكِ لِعَلَاقَةِ أَنَّ مَالِكَهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ يَشَاءُ مِنْ غَيْرِ تَقَيُّدٍ بِوَجْهٍ بِخِلَافِ الْوَقْفِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: الْمَوْقُوفَةُ) إلَى قَوْلِهِ وَكَذَا الدَّابَّةُ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، أَوْ زَمِنَتْ الدَّابَّةُ (قَوْلُهُ الْمَوْقُوفَةُ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يُوجَدُ مِنْ الْأَشْجَارِ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَمْ يُعْرَفْ هَلْ هُوَ وَقْفٌ أَوْ لَا فَمَاذَا يُفْعَلُ فِيهِ إذَا جَفَّ، وَالظَّاهِرُ مِنْ غَرْسِهِ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ فَيُحْتَمَلُ جَوَازُ بَيْعِهِ وَصَرْفُ ثَمَنِهِ عَلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهِ جَافًّا وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُ صَرْفِ ثَمَنِهِ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ خَاصَّةً، وَلَعَلَّ هَذَا الثَّانِيَ هُوَ الْأَقْرَبُ اهـ ع ش وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَ مَا وُجِدَ فِي الْمَسَاجِدِ مَا وُجِدَ فِي نَحْوِ الْمَدَارِسِ (قَوْلُهُ نَحْوُ رِيحٍ) كَالسَّيْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَمْ يُمْكِنْ إعَادَتُهَا إلَى مُغْرِسِهَا قَبْلَ جَفَافِهَا اهـ مُغْنِي
(قَوْلُهُ: أَوْ زَمِنَتْ) مِنْ بَابِ تَعِبَ يُقَالُ زَمِنَ زَمَنًا وَزَمَانَةً وَهُوَ مَرَضٌ يَدُومُ زَمَانًا طَوِيلًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ امْتَنَعَ إلَخْ) لَعَلَّهُ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ بِهَا إلَّا بِاسْتِهْلَاكِهَا أَعْنِي الشَّجَرَةَ وَأَمَّا الدَّابَّةُ الزَّمِنَةُ فَحُكْمُهَا وَاضِحٌ سَيِّدٌ عُمَرُ وَع ش (قَوْلُهُ: بِإِجَارَةٍ وَغَيْرِهَا) إدَامَةً لِلْوَقْفِ فِي عَيْنِهَا وَلَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ بِهَا إلَّا بِاسْتِهْلَاكِهَا إلَخْ) لَوْ أَمْكَنَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ بَيْعُهَا وَأَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا وَاحِدَةً مِنْ جِنْسِهَا، أَوْ شِقْصًا اتَّجَهَ وُجُوبُ ذَلِكَ لَا يُقَالُ الْفَرْضُ تَعَذُّرُ الِانْتِفَاعِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهَا مُنْتَفَعٌ بِهَا بِاسْتِهْلَاكِهَا فَيَصِحُّ بَيْعُهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: انْقَطَعَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهَا إلَّا بِاسْتِهْلَاكِهَا
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
شَرْحُ م ر فَقَوْلُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ حَيْثُ لَا يُشْتَرَى بِقِيمَتِهَا شِقْصُ شَاةٍ أَيْ: عَلَى وَجْهٍ م ر (قَوْلُهُ: فَهِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ لَا فِي تَرِكَةِ الْوَاقِفِ انْتَهَى، وَأَفْتَى بِكَوْنِهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَمَحَلُّ كَوْنِهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ بِأَنْ مَاتَ ثُمَّ جَنَى فَإِنْ كَانَ حَيًّا فَدَاهُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَعِبَارَتُهُ وَمَتَى وَجَبَ مَالٌ أَوْ عُفِيَ عَلَيْهِ فَدَاهُ الْوَاقِفُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ وَلَهُ إنْ تَكَرَّرَتْ الْجِنَايَةُ حُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ، فَإِنْ مَاتَ الْوَاقِفُ ثُمَّ جَنَى فَمِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ وَجْهَانِ لَا مِنْ تَرِكَةِ الْوَاقِفِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَكَقَوْلِهِ) أَيْ: الْقَاضِي عُطِفَ عَلَى كَقَوْلِ ش
(قَوْلُهُ: لِيَكُونَ وَقْفًا) لَعَلَّ قَوْلَهُ وَقْفًا حِكَايَةٌ لِمَعْنَى الْأَصْلِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ امْتَنَعَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ بِهَا إلَّا بِاسْتِهْلَاكِهَا انْقَطَعَ إلَخْ) لَوْ أَمْكَنَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ بَيْعُهَا وَأَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا وَاحِدَةً مِنْ