وَمِنْ ثَمَّ عَدَلُوا بِهِ عَنْ قِيَاسِ سَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ إذْ لَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يَصِحُّ فِيهِ الْعَقْدُ مَعَ وُجُوبِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ الْمُنَافِي لِمُقْتَضَاهُ إلَّا هَذَا وَوُجِّهَ خُرُوجُ هَذَا عَنْ نَظَائِرِهِ بِتَوْجِيهَاتٍ كُلُّهَا مَدْخُولَةٌ كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِهَا، وَخَرَجَ بِعُمْرِك عُمْرِي، أَوْ عُمَرُ زَيْدٍ فَتَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ تَأْقِيتٌ حَقِيقَةً إذْ قَدْ يَمُوتُ هَذَا، أَوْ الْأَجْنَبِيُّ أَوَّلًا.
(وَلَوْ قَالَ أَرْقَبْتُك) هَذِهِ مِنْ الرُّقُوبِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَرْقُبُ مَوْتَ صَاحِبِهِ (أَوْ جَعَلْتهَا لَك رُقْبَى) وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ ضَمَّ إلَيْهِ مَا بَعْدَ أَيْ: التَّفْسِيرِيَّةِ فِي قَوْلِهِ (أَيْ إنْ مِتَّ قَبْلِي عَادَتْ إلَيَّ وَإِنْ مِتُّ قَبْلَك اسْتَقَرَّتْ لَك فَالْمَذْهَبُ طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ الْجَدِيدِ، وَالْقَدِيمِ) فَعَلَى الْجَدِيدِ الْأَصَحُّ تَصِحُّ وَيَلْغُو الشَّرْطُ الْفَاسِدُ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهَا وَالْقَبْضُ وَذَلِكَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ «لَا تَعْمُرُوا وَلَا تَرْقُبُوا فَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا، أَوْ أَعْمَرَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ» أَيْ: لَا تَرْقُبُوا وَلَا تَعْمُرُوا طَمَعًا فِي أَنْ يَعُودَ إلَيْكُمْ فَإِنَّ سَبِيلَهُ الْمِيرَاثُ وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ تَحْرِيمَهُمَا لِهَذَا النَّهْيِ وَإِنْ صَحَّا لِأَحَادِيثَ أُخَرَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ أَحَادِيثِ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا صَحَّ جَوَازُ فِعْلِهِ أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ.
(، وَمَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ) لَمْ يُؤَنِّثْهُ لِيُشَاكِلَ مَا قَبْلَهُ، أَوْ؛ لِأَنَّ تَأْنِيثَ فَاعِلِهِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ (هِبَتُهُ) بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهَا أَوْسَعُ، نَعَمْ الْمَنَافِعُ يَصِحُّ بَيْعُهَا بِالْإِجَارَةِ وَفِي هِبَتِهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِتَمْلِيكٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا وُهِبَتْ مَنَافِعُهُ عَارِيَّةٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ تَرْجِيحُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثَانِيهِمَا أَنَّهَا تَمْلِيكٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا وُهِبَتْ مَنَافِعُهُ أَمَانَةٌ وَرَجَّحَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَعَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَهُوَ بِالِاسْتِيفَاءِ لَا بِقَبْضِ الْعَيْنِ وَفَارَقَتْ الْإِجَارَةَ بِالِاحْتِيَاجِ فِيهَا لِتَقَرُّرِ الْأُجْرَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمَنْفَعَةِ، وفِي ذَلِكَ بَسْطٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَمَا فِي الذِّمَّةِ يَصِحُّ بَيْعُهُ لَا هِبَتُهُ فَوَهَبْتُك أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي ذِمَّتِي بَاطِلٌ وَإِنْ عَيَّنَهُ فِي الْمَجْلِسِ وَقَبَضَهُ، وَالْمَرِيضُ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِوَارِثِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لَا هِبَتُهُ لَهُ بَلْ يَكُونُ وَصِيَّةً، وَالْوَلِيُّ وَالْمُكَاتَبُ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا لَا هِبَتُهُمَا، وَالْمَرْهُونَةُ إذَا أَعْتَقَهَا مُعْسِرًا، أَوْ اسْتَوْلَدَهَا يَجُوزُ بَيْعُهَا لِلضَّرُورَةِ لَا هِبَتُهَا وَلَوْ لِلْمُرْتَهِنِ
ــ
[حاشية الشرواني]
ظَنَّ لُزُومَهُ (قَوْلُهُ: عَدَلُوا بِهِ) أَيْ: بِهَذَا الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: إلَّا هَذَا) أَيْ: الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى وَعَلَى هَذَا فَكُلُّ مَا قِيلَ فِيهِ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ يَجِبُ فَرْضُهُ فِيمَا لَا يَكُونُ الشَّرْطُ مُنَافِيًا لِلْعَقْدِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ) إلَى قَوْلِهِ وَذَلِكَ لِخَبَرٍ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِعُمْرِك) أَيْ الْمَذْكُورِ مَعْنًى فِي بَعْضِ الصِّيَغِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَصَرَاحَةً فِي بَعْضِهَا كَجَعَلْتُهَا لَك عُمْرَك.
(قَوْلُهُ: هَذِهِ مِنْ الرُّقُوبِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَهِبَةُ الدَّيْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ وَفِي ذَلِكَ بَسْطٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَقَوْلَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ وَقَوْلُهُ وَفَارَقَ إلَى وَكَذَا (قَوْلُهُ: يَرْقُبُ) بَابُهُ دَخَلَ انْتَهَى مُخْتَارٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ إلَخْ) نَعَمْ إنْ عَقَدَهَا أَيْ: الرُّقْبَى بِلَفْظِ الْهِبَةِ كَوَهَبْتُهَا لَك عُمْرَك اُحْتِيجَ لِلتَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ مَا بَعْدَ أَيْ: إلَخْ) أَيْ: أَوْ أَيْ: وَمَا بَعْدَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم (قَوْلُهُ: لِوَرَثَتِهِ) أَيْ: الْمُتَّهِبِ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) أَقَرَّهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِلتَّنْزِيهِ) ، أَوْ لِلْإِرْشَادِ اهـ سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ أَوْ لِلْإِرْشَادِ، وَالنَّصِيحَةِ حَتَّى لَا يَقَعَ الْآتِي بِهِمَا فِي النَّدَامَةِ فَإِنَّهُ يُتَوَهَّمُ الْعَوْدُ وَلَا عَوْدَ لَا أَنَّهُمَا فِي حَدِّ ذَاتِهِمَا مَذْمُومَتَانِ شَرْعًا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ بَلْ حَيْثُ صَدَرَا مِنْ عَارِفٍ بِهِمَا وَبِمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ حُكْمُهُمَا شَرْعًا وَأَنَّهُمَا مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِ الْهِبَةِ الَّتِي حُكْمُهَا النَّدْبُ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ وَأَتَى بِهِمَا تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ النَّدْبِيِّ كَانَ مُثَابًا عَلَيْهِمَا فَتَأَمَّلْهُ حَقَّ التَّأَمُّلِ حَتَّى يَظْهَرَ لَك التَّفَاوُتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ الشَّارِحِ أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ اهـ.
(قَوْلُهُ لَمْ يُؤَنِّثْهُ) إلَى قَوْلِهِ وَقَدْ يُقَالُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَلَا تَلْزَمُ إلَى، وَمَا فِي الذِّمَّةِ وَقَوْلُهُ، وَالْمَرِيضُ إلَى، وَالْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ؛ لِأَنَّ إلَخْ) أَيْ: أَوْ نَظَرًا لِمَعْنَى الْهِبَةِ مِنْ كَوْنِهِ تَمْلِيكًا، أَوْ عَقْدًا اهـ سم (قَوْلُهُ: أَنَّهَا لَيْسَتْ) أَيْ: هِبَةَ الْمَنَافِعِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى إلَخْ) مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي بِنَاءً عَلَى إلَخْ مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَمَانَةً) وَهُوَ الرَّاجِحُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ جَمْعٌ إلَخْ) وَهُوَ الظَّاهِرُ مُغْنِي وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى كَوْنِهَا تَمْلِيكًا (قَوْلُهُ وَهُوَ بِالِاسْتِيفَاءِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُؤَجِّرُ وَلَا يُعَيِّرُ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ لِلْمَالِكِ الرُّجُوعَ مَتَى شَاءَ لِعَدَمِ قَبْضِ الْمُتَّهِبِ الْمَنْفَعَةَ بِقَبْضِ الْعَيْنِ حَتَّى يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الذِّمَّةِ) أَيْ: الْمَوْصُوفِ فِي الذِّمَّةِ (يَصِحُّ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ الْمَنَافِعِ يَصِحُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا هِبَتُهُ) وَسَيَأْتِي هِبَةُ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَيَّنَهُ) أَيْ: مَا فِي الذِّمَّةِ
(قَوْلُهُ: يَجُوزُ بَيْعُهُمَا) أَيْ: بَيْعِ الْأَوَّلِ لِمَالِ مُوَلِّيهِ، وَالثَّانِي لِمَا فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: لَا هِبَتُهُمَا) وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي شَرْحٍ، وَالْقَبْضُ مِنْ ذَاكَ (قَوْلُهُ: لَا هِبَتُهَا وَلَوْ لِلْمُرْتَهِنِ) فِيهِ نَظَرٌ فِي الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا أَعْتَقَهَا الْمُعْسِرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَهِنِ وَكَذَا لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عِبَارَةُ ع ش فِي عَدَمِ صِحَّةِ هِبَةِ الْمَرْهُونَةِ مِنْ الْمُعْسِرِ لِلْمُرْتَهِنِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا امْتَنَعَ مِنْ الْمُعْسِرِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْوِيتِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقَبُولُهُ لِلْهِبَةِ مُتَضَمِّنٌ لِرِضَاهُ بِهَا اهـ وَأَشَارَ الرَّشِيدِيُّ إلَى الْجَوَابِ بِمَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَيْ: لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْعِتْقِ وَإِنَّمَا جَازَ الْبَيْعُ وَإِنْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ لِتَعَيُّنِهِ طَرِيقًا لِوَفَاءِ الْحَقِّ الَّذِي تَعَلَّقَ لِرَقَبَتِهَا
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ مَا بَعْدَ أَيْ:) أَيْ: أَوْ أَيْ: وَمَا بَعْدَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ) ، أَوْ أَنَّهُ لِلْإِرْشَادِ
(قَوْلُهُ: أَوْ؛ لِأَنَّ تَأْنِيثَ فَاعِلِهِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ) أَيْ: أَوْ نَظَرًا لِمَعْنَى الْهِبَةِ مِنْ كَوْنِهِ تَمْلِيكًا أَوْ عَقْدًا (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا وُهِبَتْ مَنَافِعُهُ أَمَانَةٌ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ عَارِيِّةٌ مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ
(قَوْلُهُ: وَرَجَّحَهُ جَمْعٌ إلَخْ) وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِالِاسْتِيفَاءِ لَا بِقَبْضِ الْعَيْنِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُؤَجِّرُ وَلَا يُعِيرُ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الذِّمَّةِ يَصِحُّ بَيْعُهُ لَا هِبَتُهُ) وَسَتَأْتِي هِبَةُ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ فَوَهَبْتُك إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَا هِبَتُهُ لَهُ) هَذَا يَجْرِي فِي غَيْرِ الْوَارِثِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ وَصِيَّتُهُمَا (قَوْلُهُ لَا هِبَتُهَا وَلَوْ لِلْمُرْتَهِنِ) فِيهِ نَظَرٌ فِي الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا أَعْتَقَهَا مُعْسِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَهِنِ وَكَذَا لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ