وَبَعْضُ مَا ذَكَرَهُ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَقَوْلُهُ وَتَقْتَصِرُ إلَخْ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْقَفَّالِ لَا الْعَبَّادِيِّ، وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا لَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ الْإِبَاحَةِ بِالْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَجْهُولٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ ذَاكَ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تُرَدُّ بِالرَّدِّ وَإِلَّا (حَبَّتَيْ الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهِمَا) مِنْ الْمُحَقَّرَاتِ فَإِنَّهُ يُمْتَنَعُ بَيْعُهَا لَا هِبَتُهَا اتِّفَاقًا كَمَا فِي الدَّقَائِقِ فَبَحْثُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ هِبَتُهَا ضَعِيفٌ وَإِنْ سَبَقَهُ إلَيْهِ الْإِمَامُ إذْ لَا مَحْذُورَ أَنْ يَتَصَدَّقَ الْإِنْسَانُ بِالْمُحَقَّرِ كَمَا فِي الْخَبَرِ وَفَارَقَ نَحْوَ الْكَلْبِ بِأَنَّ هُنَا مِلْكًا إذْ غَيْرُ الْمُتَمَوِّلِ مَالٌ مَمْلُوكٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لَا ثَمَّ عَلَى أَنَّهُ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى صِحَّةِ هِبَتِهِ وَكَذَا جِلْدٌ نَجِسٌ عَلَى تَنَاقُضٍ فِيهِ فِي الرَّوْضَةِ جَمَعَ بَيْنَهُ بِحَمْلِ الصِّحَّةِ عَلَى مَعْنَى نَقْلِ الْيَدِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْكَلْبِ وَعَدَمِهَا عَلَى الْمِلْكِ الْحَقِيقِيِّ وَكَذَا يُقَالُ فِي دُهْنٍ نَجَسٍ وَإِلَّا جِلْدَ الْأُضْحِيَّةِ وَلَحْمَهَا لَا يَصِحُّ نَحْوُ بَيْعِهِ بِخِلَافِ التَّصَدُّقِ بِهِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْهِبَةِ، وَالْأَحَقُّ التَّحَجُّرُ لَا يَصِحُّ نَحْوُ بَيْعِهِ وَتَصِحُّ هِبَتُهُ أَيْ: بِمَعْنَى نَقْلِ الْيَدِ أَيْضًا حَتَّى يَصِيرَ الثَّانِي أَحَقَّ بِهِ وَكَذَا طَعَامُ الْغَنِيمَةِ بِدَارِ الْحَرْبِ فَمَنْ أَطْلَقَ صِحَّةَ هِبَتِهِ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا نَقْلُ الْيَدِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُمْ لَا مَمْلُوكٌ وَإِلَّا الثَّمَرُ وَنَحْوُهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ تَصِحُّ هِبَتُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ وَإِلَّا هِبَةُ أَرْضٍ مَعَ بَذْرٍ، أَوْ زَرْعٍ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ فَتَصِحُّ فِي الْأَرْضِ لِانْتِفَاءِ مُبْطِلِ الْبَيْعِ فِيهِمَا مِنْ الْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّهَا مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَ التَّوْزِيعِ.
(وَهِبَةُ الدَّيْنِ) الْمُسْتَقِرِّ (لِلْمَدِينِ) ، أَوْ التَّصَدُّقِ بِهِ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
أَيْ: فَيُمْتَنَعُ عَلَيْهِ أَخْذُ شَيْءٍ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْهُ الْمُبِيحُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فِي فَتَاوَى إلَخْ) خَبَرُ وَبَعْضُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْقَفَّالِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا مُوَافَقَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِاخْتِلَافِ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَتَهُمَا مُصَوَّرَةٌ بِمِنْ التَّبْعِيضِيَّةِ الْمُصَرِّحَةِ بِكَوْنِ الْمُبَاحِ هُوَ الْبَعْضَ دُونَ الْكُلِّ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِهِ وَأَيْضًا فَكَلَامُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَالِحٌ لِإِرَادَةِ اقْتِصَارِ الْإِبَاحَةِ عَلَى الْمَوْجُودِ بَلْ هُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الْأَنْوَارُ اهـ سم عِبَارَةُ ع ش قَدْ يُقَالُ مَا هُنَا لَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْعَبَّادِيِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَنْ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبَّادِيِّ يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِيعَابِ فَعَمِلَ مَعَهَا بِالِاحْتِيَاطِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ مَا الْمُعَبَّرَ بِهَا فِيهَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فَتَصْدُقُ بِالْجَمِيعِ اهـ وَعِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ يَظْهَرُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَاقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ وَإِطْلَاقُ الْأَنْوَارِ هُوَ الْأَفْقَهُ لَا سِيَّمَا إذَا تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ عَلَى مُطَابَقَةِ السَّرِيرَةِ لِلظَّاهِرِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ صُدُورَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّحَمُّلِ الظَّاهِرِيِّ فَالِاقْتِصَارُ حِينَئِذٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ
(قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ) أَيْ: صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (آخِرًا) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ أَبَحْت إلَخْ (قَوْلُهُ: مَجْهُولٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) فِي كَوْنِهِ كَذَلِكَ وَكَوْنُ مَا مَرَّ لَيْسَ كَذَلِكَ نَظَرٌ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) وَهُوَ الْأَوْجَهُ مَرَّ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَنَحْوِهِمَا) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الْحِنْطَةِ اهـ ع ش هَذَا عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ عَدَمِ تَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ وَأَمَّا عَلَى مَا فِي الشَّرْحِ، وَالْمُغْنِي مِنْ تَثْنِيَتِهِ فَيَتَعَيَّنُ عَطْفُهُ عَلَى حَبَّتَيْ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ الْمُحَقِّرَاتِ) إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ سَبَقَهُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بَيْعُهَا لَا هِبَتُهَا) أَيْ: الْمُحَقَّرَاتِ وَكَذَا ضَمِيرُ هِبَتِهَا الْآتِيَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إلَى حَبَّتَيْ إلَخْ وَنَحْوُهُمَا أَوْ إلَى نَحْوِهِمَا نَظَرًا لِمَا صَدَقَ عَلَيْهِ النَّحْوُ مِنْ الْأَفْرَادِ وَعَبَّرَ الْمُغْنِي بِضَمِيرِ الْمُثَنَّى وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ) أَيْ: الْمُحَقَّرَ، أَوْ نَحْوَ حَبَّتَيْ الْحِنْطَةِ (نَحْوُ الْكَلْبِ) أَيْ: مِنْ النَّجَاسَاتِ حَيْثُ جَازَ هِبَةُ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: عَلَى صِحَّةِ هِبَتِهِ) أَيْ الْكَلْبِ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَإِلَّا جِلْدَ إلَى وَالْأَحَقُّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا) أَيْ: مِثْلُ الْكَلْبِ (قَوْلُهُ: جِلْدٌ نَجَسٌ) بِالتَّوْصِيفِ (قَوْلُهُ جَمَعَ بَيْنَهُ) أَيْ: بَيْنَ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ الْكَلَامَيْنِ الْمُتَنَاقِضَيْنِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمِهَا) أَيْ: وَحُمِلَ عَدَمُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: جِلْدَ الْأُضْحِيَّةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالنِّهَايَةِ صُوفُ الشَّاةِ الْمَجْعُولَةِ أُضْحِيَّةً وَلَبَنُهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ التَّصَدُّقِ بِهِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْهِبَةِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم (قَوْلُهُ مُبَاحٌ لَهُمْ) أَيْ: لِلْغَانِمِينَ مَا دَامُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) كَالزَّرْعِ الْأَخْضَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ) أَيْ: وَيَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيهِ بِالتَّخْلِيَةِ وَيُكَلَّفُ الْمُتَّهَبُ قَطْعَهُ حَالًا حَيْثُ طَلَبَهُ الْوَاهِبُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْتَفَعًا بِهِ وَلَا يُجْبَرُ الْوَاهِبُ عَلَى إبْقَائِهِ بِالْأُجْرَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لَا يُفْرِدُ بِالْبَيْعِ) كَالْقَمْحِ فِي سُنْبُلِهِ لَكِنَّهُ يُشْكِلُ بِالزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَإِنَّهُ إذَا وُهِبَ مَعَ الْأَرْضِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ قَطْعَهُ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ وَإِلَّا الثَّمَرَ وَنَحْوَهُ إلَخْ ع ش وَسَمِّ
(قَوْلُهُ: فَتَصِحُّ فِي الْأَرْضِ) أَيْ دُونَ الْبَذْرِ، وَالزَّرْعِ اهـ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنَّ الْهِبَةَ تَصِحُّ فِي الْأَرْضِ وَتُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ هُنَا عَلَى الْأَرْجَحِ، وَالْجَهَالَةُ فِي الْبَذْرِ لَا تَضُرُّ فِي الْأَرْضِ إذْ لَا ثَمَنَ وَلَا تَوْزِيعَ اهـ.
(قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ: الْأَرْضِ، وَالْبَذْرِ أَوْ الزَّرْعِ ش اهـ سم.
(قَوْلُهُ الْمُسْتَقِرِّ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ بَاطِلَةٌ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: الْمُسْتَقِرِّ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَهِيَ تَصِحُّ بِمَجْهُولٍ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي وَفِيهِ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْقَفَّالِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا مُوَافِقَةً لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِاخْتِلَافِ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَتَهُمَا مُصَوَّرَةٌ بِمِنْ التَّبْعِيضِيَّةِ الْمُصَرِّحَةِ بِكَوْنِ الْمُبَاحِ هُوَ الْبَعْضُ دُونَ الْكُلِّ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِهِ وَأَيْضًا فَكَلَامُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَالِحٌ لِإِرَادَةِ اقْتِصَارِ الْإِبَاحَةِ عَلَى الْمَوْجُودِ بَلْ هُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا مَجْهُولٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) فِي كَوْنِهِ كَذَلِكَ وَكَوْنِ مَا مَرَّ لَيْسَ كَذَلِكَ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ) وَهُوَ الْأَوْجَهُ م ر (قَوْلُهُ: لَا هِبَتُهَا) ظَاهِرٌ أَنَّ هَذِهِ الْهِبَةَ مُمَلَّكَةٌ مَعَ عَدَمِ تَمَوُّلِ الْمَمْلُوكِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ التَّصَدُّقِ بِهِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْهِبَةِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَفِيهِ نَظَرٌ
(قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) يَدْخُلُ فِيهِ الزَّرْعُ وَفِي الرَّوْضِ فَتَجُوزُ هِبَةُ أَرْضٍ مَزْرُوعَةٍ مَعَ زَرْعِهَا وَأَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَلَوْ قَبْلَ الصَّلَاحِ بِلَا شَرْطِ قَطْعٍ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ ذِكْرُ عَدَمِ شَرْطِ الْقَطْعِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ إنْ صَحَّ إنَّمَا يَصِحُّ فِي هِبَةِ الزَّرْعِ وَحْدَهُ اهـ قَوْلُهُ إنْ صَحَّ إشَارَةٌ إلَى مَنْعِ قَوْلِهِ إنَّمَا يَصِحُّ إلَخْ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْأَرْضِ وَحْدَهَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ هَذَا الشَّرْطُ وَبَيْعَ الزَّرْعِ قَبْلَ الصَّلَاحِ مَعَ الْأَرْضِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ لِهَذَا