وَإِلَّا رَجَعَ نَدْبًا لِلْأَمْرِ بِهِ فِي رِوَايَةٍ نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ مِنْ الْمَحْرُومِ الرِّضَا وَظَنَّ عُقُوقَ غَيْرِهِ لِفَقْرِهِ وَرِقَّةِ دِينِهِ لَمْ يُسَنَّ الرُّجُوعُ وَلَمْ يُكْرَهْ التَّفْضِيلُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ فَاسِقًا لِئَلَّا يَصْرِفَهُ فِي مَعْصِيَةٍ، أَوْ عَاقًّا، أَوْ زَادَ أَوْ آثَرَ الْأَحْوَجَ، أَوْ الْمُتَمَيِّزَ بِنَحْوِ فَضْلٍ كَمَا فَعَلَهُ الصِّدِّيقُ مَعَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ تَخْصِيصَ بَعْضِهِمْ بِالرُّجُوعِ فِي هِبَتِهِ كَهُوَ بِالْهِبَةِ فِيمَا مَرَّ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ كَغَيْرِهِ عَطِيَّةً أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ التَّسْوِيَةُ فِي غَيْرِهَا كَالتَّوَدُّدِ بِالْكَلَامِ وَغَيْرِهِ.
لَكِنْ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الدَّمِيرِيِّ لَا خِلَافَ أَنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمْ مَطْلُوبَةٌ حَتَّى فِي الْقِيلِ أَيْ: لِلْمُمَيِّزِينَ وَلَهُ وَجْهٌ إذْ كَثِيرًا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّفَاوُتِ فِي ذَلِكَ مَا مَرَّ فِي الْإِعْطَاءِ وَمِنْ ثَمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا أَيْضًا اسْتِثْنَاءُ التَّمْيِيزِ لِعُذْرٍ وَيُسَنُّ لِلْوَلَدِ أَيْضًا الْعَدْلُ فِي عَطِيَّةِ أُصُولِهِ فَإِنْ فَضَّلَ كُرِهَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ نَعَمْ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الدَّارِمِيِّ فَإِنْ فَضَلَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُفَضِّلَ الْأُمَّ وَأَقَرَّهُ لِمَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّ لَهَا ثُلُثَيْ الْبِرِّ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ إذْ لَا يُقَالُ فِي بَعْضِ جُزْئِيَّاتِ الْمَكْرُوهِ إنَّهُ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ بَلْ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْمُحَاسِبِيِّ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَفْضِيلِهَا فِي الْبِرِّ عَلَى الْأَبِ وَإِنَّمَا فُضِّلَ عَلَيْهَا فِي الْإِرْثِ لِمَا يَأْتِي أَنَّ مَلْحَظَهُ الْعُصُوبَةُ، وَالْعَاصِبُ أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ، وَمَا هُنَا مَلْحَظُهُ الرَّحِمُ وَهِيَ فِيهِ أَقْوَى؛ لِأَنَّهَا أَحْوَجُ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهَا فِي الْفِطْرَةِ؛ لِأَنَّ مَلْحَظَهَا الشَّرَفُ كَمَا مَرَّ وَيُسَنُّ عَلَى الْأَوْجَهِ الْعَدْلُ بَيْنَ نَحْوِ الْإِخْوَةِ أَيْضًا لَكِنَّهَا دُونَ طَلَبِهَا فِي الْأَوْلَادِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «حَقُّ كَبِيرِ الْإِخْوَةِ عَلَى صَغِيرِهِمْ كَحَقِّ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «الْأَكْبَرُ مِنْ الْإِخْوَةِ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ» وَإِنَّمَا يَحْصُلُ
ــ
[حاشية الشرواني]
الْأَصْلَ الْمُفَضَّلَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَجَعَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الرُّجُوعَ لَا يَأْتِي فِي الْوَقْفِ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَرِقَّةِ دِينِهِ) لَعَلَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى، أَوْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُكْرَهْ إلَخْ) لَا يُخْفَى مَا فِي عَطْفِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْمَحْرُومِ مَا يَشْمَلُ الْمَحْرُومَ بِالْفِعْلِ وَبِالْإِرَادَةِ وَبِالْعُقُوقِ مَا يَشْمَلُ الْعُقُوقَ لَوْ رَجَعَ، وَالْعُقُوقَ لَوْ لَمْ يُفَضَّلْ تَأَمَّلْ وَلَوْ قَالَ كَمَا لَا يُكْرَهُ التَّفْضِيلُ لَوْ أَحْرَمَ فَاسِقًا إلَخْ لَكَانَ وَاضِحًا عِبَارَةُ الْمُغْنِي (تَنْبِيهٌ)
مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْحَاجَةِ أَوْ عَدَمِهَا وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ تَفْضِيلُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِيمَا يَأْتِي وَيُسْتَثْنَى الْعَاقُّ وَالْفَاسِقُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَصْرِفُهُ فِي الْمَعَاصِي فَلَا يُكْرَهُ حِرْمَانُهُ اهـ قَالَ ع ش بَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَ الْعِصْيَانُ كَأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُبْتَدِعًا وَالْآخَرُ فَاسِقًا يَشْرَبُ الْخَمْرَ مَثَلًا وَأَرَادَ دَفْعَهُ لِأَحَدِهِمَا، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُؤْثَرُ بِهِ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ بَنَى عَقِيدَتَهُ عَلَى شُبْهَةٍ فَهُوَ مَعْذُورٌ وَمِنْ ثَمَّ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا شُبْهَةٌ لَكِنْ كَانَتْ مَعْصِيَةُ أَحَدِهِمَا أَغْلَظَ كَكَوْنِهِ فَسَقَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ، وَالزِّنَا، وَاللِّوَاطِ، وَالْآخَرُ بِشُرْبِ الْخَمْرِ فَقَطْ، أَوْ بِتَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ أَنْ يُقَدَّمَ الْأَخَفُّ اهـ وَقَوْلُهُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُؤْثِرُ إلَخْ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَوْلٌ بِكُفْرِهِ بِبِدْعَتِهِ وَإِلَّا فَالْأَقْرَب أَنْ يُؤْثِرَ بِهِ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ: فِي مَعْصِيَتِهِ) يَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صَرْفُهُ فِي الْمَعْصِيَةِ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَاقًّا) تَأَمَّلْ الْجَمْعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ آنِفًا فِي قَوْلِهِ وَظَنَّ عُقُوقَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يُتَبَادَرُ أَنَّهُمَا مُتَنَافِيَانِ وَأَيْضًا فَإِطْلَاقُ حَدِيثِ «صِلْ مَنْ قَطَعَك وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَك وَأَحْسِنْ إلَى مَنْ أَسَاءَ إلَيْك» يَقْتَضِي أَنَّهُ أَوْلَى بِالْبِرِّ مِنْ الْبَارِّ فَلْيُتَأَمَّلْ لَا سِيَّمَا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْحِرْمَانَ يَزِيدُ فِي عُقُوقِهِ، وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا ظَنَّ زَوَالَ الْعُقُوقِ بِالْحِرْمَانِ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِيَ فِي الرُّجُوعِ وَبَحْثَ الْإِسْنَوِيِّ إلَخْ وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا ذَكَرْته وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ وَقَوْلُهُ إذَا ظَنَّ زَوَالَ الْعُقُوقِ إلَخْ أَقُولُ، أَوْ ظَنَّ عَدَمَ إفَادَةِ الْإِعْطَاءِ وَالْحِرْمَانِ شَيْئًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: أَوْ زَادَ) أَيْ: فِي الْإِعْطَاءِ عَطْفٌ عَلَى أَحْرَمَ (قَوْلُهُ: أَوْ آثَرَ) أَيْ لِلْإِعْطَاءِ وَ (قَوْلُهُ: الْأَحْوَجُ إلَخْ) تَنَازَعَ فِيهِ الْفِعْلَانِ وَأُعْمِلَ فِيهِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ فَضْلٍ) كَالْعِلْمِ، وَالْوَرَعِ اهـ حَلَبِيٌّ، وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُتَمَيِّزِ (قَوْلُهُ: كَمَا فَعَلَهُ الصِّدِّيقُ مَعَ عَائِشَةَ إلَخْ) وَعُمَرُ مَعَ عَاصِمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مَعَ بَعْضِ أَوْلَادِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ:، وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) كَذَا فِي فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: كَهُوَ) أَيْ: كَالتَّخْصِيصِ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ: فِي كَرَاهَتِهِ بِلَا عُذْرٍ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ الْكَلَامِ كَالْقُبْلَةِ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ (قَوْلُهُ: حَتَّى فِي الْقِيلِ) أَيْ الْكَلَامِ اهـ سم (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي نَحْوِ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ إلَخْ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي عَقِبَ التَّعْلِيلِ بِالْأَحَادِيثِ الْمَارَّةِ وَلِئَلَّا يُفْضِيَ بِهِمْ الْأَمْرُ إلَى الْعُقُوقِ، أَوْ التَّحَاسُدِ اهـ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ تَوَهَّمَ سَبْقَ نَظِيرِهَا مِنْهُ
(قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ: فِي كَرَاهَةِ التَّفْضِيلِ بِغَيْرِ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ: التَّمْيِيزِ) أَيْ تَفْضِيلِ بَعْضِ أَوْلَادِهِ بِنَحْوِ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ لِلْوَلَدِ) إلَى قَوْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ خِلَافًا إلَى فَإِنْ فَضَلَ وَقَوْلُهُ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَضَّلَ) أَيْ: فَإِنْ ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ وَفَضَّلَ قَالَهُ ع ش وَرَشِيدِيٌّ وَهَذَا إنَّمَا يُنَاسِبُ مُخْتَارَ النِّهَايَةِ كَالْمُغْنِي مِنْ كَرَاهَةِ تَفْضِيلِ بَعْضِ الْأُصُولِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: ثُلُثَيْ الْبِرِّ) وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَخْ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا كَانَ فِي أَصْلِ الشَّارِحِ، ثُمَّ ضَرَبَ وَزَادَ مَا تَرَى اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ مَرَّ عَلَيْهِ يُحْمَلُ إلَخْ أَيْ: عَلَى مَا إذَا ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ وَهَذَا مَا يَظْهَرُ مِنْ الشَّارِحِ مَرَّ وَأَمَّا مَا فِي التُّحْفَةِ عَنْ الرَّوْضَةِ مِنْ ذِكْرِ الْأَوْلَوِيَّةِ الَّتِي اسْتَنْبَطَ مِنْهَا عَدَمَ الْكَرَاهَةِ فَلَا يُوَافِقُ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَعِبَارَتُهَا يَنْبَغِي لِلْوَالِدِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَ أَوْلَادِهِ فِي الْعَطِيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَعْدِلْ فَقَدْ فَعَلَ مَكْرُوهًا وَإِلَى أَنْ قَالَ وَكَذَا الْوَلَدُ لَوْ وَهَبَ لِوَالِدَيْهِ قَالَ الدَّارِمِيُّ فَإِنْ فَضَّلَ فَلْيُفَضِّلْ الْأُمَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَتْ اهـ.
(قَوْلُهُ: إذْ لَا يُقَالُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْمَكْرُوهِ أَخَفَّ مِنْ بَعْضٍ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا فُضِّلَ إلَخْ) أَيْ: الْأَبُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ فِيهِ) أَيْ الْأُمِّ فِي الرَّحِمِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا أَحْوَجُ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّ الْأَحْوَجِيَّةَ لَا تَدُلُّ عَلَى تِلْكَ الْأَقْوَوِيَّةِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ عَلَى الْأَوْجَهِ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا) أَيْ: الْعَدَالَةَ، وَالتَّسْوِيَةَ (قَوْلُهُ: وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ إلَخْ) الْمُرَادُ أَنَّهُ كَمَا يُسْتَحَبُّ لِلْوَالِدِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ فَكَبِيرُ الْإِخْوَةِ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْعَدْلُ بَيْنَ إخْوَتِهِ فِيمَا
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَإِلَّا رَجَعَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الرُّجُوعَ لَا يَأْتِي فِي الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: حَتَّى فِي الْقِيلِ) أَيْ: الْكَلَامِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا أَحْوَجُ)