الْعَدْلُ بَيْنَ مَنْ ذُكِرَ (بِأَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى) لِرِوَايَةٍ ظَاهِرَةٍ فِي ذَلِكَ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِخَبَرٍ ضَعِيفٍ مُتَّصِلٍ وَقِيلَ الصَّحِيحُ إرْسَالُهُ «سَوُّوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ وَلَوْ كُنْتُ مُفَضِّلًا أَحَدًا لَفَضَّلْت النِّسَاءَ وَفِي نُسْخَةٍ الْبَنَاتُ» (وَقِيلَ كَقِسْمَةِ الْإِرْثِ) وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ مُلَخَّصَ هَذَا الْعُصُوبَةِ وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ مَعَ عَدَمِ تُهْمَةٍ فِيهِ وَمَلْحَظُ ذَاكَ الرَّحِمُ وَهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ مَعَ التُّهْمَةِ فِيهِ وَعَلَى هَذَا، وَمَا مَرَّ فِي إعْطَاءِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ مَعَ الْأَوْلَادِ تُتَصَوَّرُ التَّسْوِيَةُ بِأَنْ يُفْرَضَ الْأَسْفَلُونَ فِي دَرَجَةِ الْأَعْلَيْنَ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي مِيرَاثِ الْأَرْحَامِ عَلَى قَوْلٍ (فَرْعٌ)
أَعْطَى آخَرَ دَرَاهِمَ لِيَشْتَرِيَ بِهَا عِمَامَةً مَثَلًا وَلَمْ تَدُلَّ قَرِينَةُ حَالِهِ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ مُجَرَّدُ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ لَزِمَهُ شِرَاءُ مَا ذُكِرَ وَإِنْ مَلَكَهُ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ مُقَيَّدٌ يَصْرِفُهُ فِيمَا عَيَّنَهُ الْمُعْطِي وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ صَرْفِهِ فِي ذَلِكَ انْتَقَلَ لِوَرَثَتِهِ مِلْكًا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِزَوَالِ التَّقْيِيدِ بِمَوْتِهِ كَمَا لَوْ مَاتَتْ الدَّابَّةُ الْمُوصَى بِعَلَفِهَا قَبْلَ الصَّرْفِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ مَالِكُهَا كَيْفَ شَاءَ وَلَا يَعُودُ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي، أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا ذَلِكَ بَطَلَ الْإِعْطَاءُ مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ صَرِيحٌ فِي الْمُنَاقَضَةِ لَا يَقْبَلُ تَأْوِيلًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ.
(وَلِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِي هِبَةِ وَلَدِهِ) عَيْنًا بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِلْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ بَلْ يُوجَدُ هَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَتَنَاقَضَا فِي الصَّدَقَةِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ فَقِيرًا صَغِيرًا مُخَالِفًا لَهُ دِينًا لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ» وَاخْتَصَّ بِذَلِكَ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فِيهِ إذْ مَا طُبِعَ عَلَيْهِ مِنْ إيثَارِهِ لِوَلَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ يَقْضِي بِأَنَّهُ إنَّمَا رَجَعَ لِحَاجَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ، وَيُكْرَهُ لَهُ الرُّجُوعُ إلَّا لِعُذْرٍ كَأَنْ كَانَ الْوَلَدُ عَاقًّا أَوْ يَصْرِفُهُ فِي مَعْصِيَةٍ فَلْيُنْذِرْهُ بِهِ فَإِنْ أَصَرَّ لَمْ يُكْرَهْ كَمَا قَالَاهُ وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ نَدْبَهُ فِي الْعَاصِي وَكَرَاهَتَهُ فِي الْعَاقِّ إنْ زَادَ عُقُوقُهُ وَنَدْبَهُ إنْ أَزَالَهُ وَإِبَاحَتَهُ إنْ لَمْ يُفِدْ شَيْئًا وَالْأَذْرَعِيُّ عَدَمَ كَرَاهَتِهِ إنْ احْتَاجَ الْأَبُ لَهُ لِنَفَقَةٍ، أَوْ دَيْنٍ بَلْ نَدْبَهُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ غَنِيًّا عَنْهُ وَوُجُوبَهُ فِي الْعَاصِي إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِي ظَنِّهِ إلَى كَفِّهِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَالْبُلْقِينِيُّ امْتِنَاعَهُ فِي صَدَقَةٍ وَاجِبَةٍ كَزَكَاةٍ وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ
ــ
[حاشية الشرواني]
يَتَبَرَّعُ بِهِ عَلَيْهِمْ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْكَبِيرَ يَتَمَيَّزُ فِي الْعَادَةِ عَنْ إخْوَتِهِ يَكْفُلُهُمْ وَيَتَصَرَّفُ فِي أُمُورِهِمْ وَإِلَّا فَقَدْ يَحْصُلُ لِلصَّغِيرِ مِنْ الْإِخْوَةِ شَرَفٌ يَتَمَيَّزُ بِهِ عَنْ كِبَارِهِمْ فَيَنْبَغِي لَهُ مُرَاعَاتُهُمْ، وَالْعَدْلُ بَيْنَهُمْ اهـ ع ش وَقَوْلُهُ الْمُرَادُ أَنَّهُ إلَخْ فِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ: وَفِي نُسْخَةٍ إلَخْ) أَيْ: رِوَايَةٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ مَلْحَظُ هَذَا) أَيْ: الْمِيرَاثِ وَ (قَوْلُهُ مَعَ عَدَمِ تُهْمَةٍ فِيهِ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ رَضِيَ بِمَا فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ مُغْنِي
(قَوْلُهُ: وَمَلْحَظُ ذَاكَ) أَيْ عَطِيَّةُ الْأَصْلِ وَ (قَوْلُهُ: مَعَ التُّهْمَةِ فِيهِ) أَيْ:؛ لِأَنَّهَا بِرٌّ أَيْ: الْمُعْطَى (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا، وَمَا مَرَّ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ الْمُرَادُ بِهِ سَيِّدٌ عُمَرُ أَقُولُ بِجَعْلِ الْوَاوِ بِمَعْنَى مَعَ يَتَّضِحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ دَفْعُ مَا يَتَرَاءَى مِنْ التَّنَافِي بَيْنَ هَذَا الْقِيلِ الظَّاهِرِ فِي حَجْبِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ عَنْ الْعَطِيَّةِ بِالْأَوْلَادِ بَيْنَ مَا مَرَّ الصَّرِيحُ فِي عَدَمِ الْحَجْبِ (قَوْلُهُ: فَرْعٌ أَعْطَى إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مُنَاسَبَتُهُ لِهَذَا الْمَحَلِّ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ أَيْ، وَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُ فِي مَبْحَثِ شُرُوطِ الْهِبَةِ قُبَيْلَ الْعُمْرَى، وَالرُّقْبَى (قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ) أَيْ: الْمُعْطِي لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بِشَرْطٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى لِيَشْتَرِيَ بِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الْمُنَاقِضَةِ) أَيْ: لِلتَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِهِ) أَيْ: كَيْ يَشْتَرِيَ بِهَا عِمَامَةً.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلِلْأَبِ الرُّجُوعُ إلَخْ) عَلَى التَّرَاخِي مِنْ دُونِ حُكْمِ حَاكِمٍ بِهِ وَعَبْدُ الْوَلَدِ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ كَالْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لِعَبْدِ الْوَلَدِ هِبَةٌ لِلْوَلَدِ بِخِلَافِ عَبْدِهِ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ نَعَمْ إنْ انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ تَبَيَّنَّا أَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَلَدِ وَهِبَتَهُ لِمُكَاتِبِ نَفْسِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ عَيْنًا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَيُمْتَنَعُ فِي النِّهَايَةِ وَاحْتَرَزَ بِهَا عَنْ هِبَةِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ فِيهِ جَزْمًا اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ عِبَارَةُ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ عَيْنًا مَفْعُولُ هِبَةً أَخْرَجَ بِهِ الدَّيْنَ كَمَا يَأْتِي اهـ.
(قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ) إلَى قَوْلِهِ وَاخْتَصَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بَلْ إلَى وَأَنَّ (قَوْلَهُ بَلْ يُوجَدُ هَذَا) أَيْ: التَّعْبِيرُ بِمَا يَشْمَلُ الْهَدِيَّةَ وَالصَّدَقَةَ أَيْ: لَفْظُ عَطِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَتَنَاقَضَا) أَيْ: الشَّيْخَانِ يَعْنِي كَلَامَهُمَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ إلَخْ) غَايَةٌ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مُخَالِفًا لَهُ دِينًا) إنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ لِلْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فِيهِ إلَخْ) وَهَذِهِ حِكْمَةٌ لَا يَجِبُ اطِّرَادُهَا (قَوْلُهُ: فَلْيُنْذَرْهُ بِهِ) أَيْ: بِالرُّجُوعِ اهـ سم
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَصَرَّ) أَيْ: عَلَى الْعُقُوقِ، أَوْ الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ: وَكَرَاهَتُهُ فِي الْعَاقِّ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ يُنْدَبُ إنْ تَوَقَّعَ زَوَالَ الْعُقُوقِ، وَيَجِبُ إنْ قَطَعَ بِزَوَالِ الْعُقُوقِ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ فِي إزَالَةِ الْمَعْصِيَةِ، وَيَحْرُمُ إنْ قَطَعَ بِزِيَادَةِ الْعُقُوقِ أَوْ غَلَبَتْ عَلَى الظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي زِيَادَةِ الْمَعْصِيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِيمَا يَأْتِي عَنْ الْأَذْرَعِيِّ تَأْيِيدٌ لِبَعْضِ ذَلِكَ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ (قَوْلُهُ: وَالْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيُمْتَنَعُ الرُّجُوعُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي صَدَقَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَزَكَاةٍ وَنَذْرٍ) لَا يُقَالُ كَيْفَ يَأْخُذُ نَحْوَ الزَّكَاةِ مَعَ أَنَّهُ إنْ كَانَ فَقِيرًا فَنَفَقَتُهُ وَاجِبَةٌ عَلَى أَبِيهِ فَهُوَ غَنِيٌّ بِمَالِهِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنْ أَصْلِهَا؛ لِأَنَّا نَخْتَارُ الْأَوَّلَ فَنَقُولُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ لَا نَفَقَةُ عِيَالِهِ كَزَوْجَتِهِ وَمُسْتَوْلَدَتِهِ فَيَأْخُذُ مِنْ صَدَقَةِ أَبِيهِ مَا زَادَ عَلَى نَفَقَةِ نَفْسِهِ اهـ ع ش أَقُولُ وَأَيْضًا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ أَيْضًا فَقِيرًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
يُتَأَمَّلُ فَإِنَّ الْأَحْوَجِيَّةَ لَا تَدُلُّ عَلَى تِلْكَ الْأَقْوَوِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِي هِبَةِ وَلَدِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَعَبْدِهِ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ اهـ أَيْ وَفِي هِبَةِ عَبْدِ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لِعَبْدِ الْوَلَدِ هِبَةٌ لِلْوَلَدِ قَالَ فِي شَرْحِهِ بِخِلَافِ عَبْدِهِ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ نَعَمْ إنْ انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ فَقَدْ بَانَ بِالْأُجْرَةِ أَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَلَدِ بِالِانْفِسَاخِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَقْفِ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ عَلَى الْمُكَاتَبِ، ثُمَّ عَجَزَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى السَّيِّدِ فَإِنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْعَبْدِ وَقْفٌ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: عَيْنًا) وَسَيَأْتِي الدَّيْنُ (قَوْلُهُ: فَلْيَنْذُرْهُ بِهِ) أَيْ: بِالرُّجُوعِ ش (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَصَرَّ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ الْكَرَاهَةُ