وَكَذَا فِي لَحْمِ أُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ لِيَسْتَقِلَّ بِالتَّصَرُّفِ وَهُوَ فِيهِ مُمْتَنَعٌ وَبِمَا ذَكَرَهُ أَفْتَى كَثِيرُونَ مِمَّنْ سَبَقَهُ وَتَأَخَّرَ عَنْهُ وَرَدُّوا عَلَى مَنْ أَفْتَى بِجَوَازِ الرُّجُوعِ فِي النَّذْرِ بِكَلَامِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ مَحَلُّهُ إنْ وُجِدَتْ صِيغَةُ نَذْرٍ صَحِيحَةٍ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ حَيْثُ أُطْلِقَ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ ذَلِكَ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ تَمْلِيكًا مَحْضًا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَ الْوَفَاءَ بِهِ عَلَى الْعُمُومِ مِنْ غَيْرِ مُخَصِّصٍ وَقِيَاسُ الْوَاجِبِ عَلَى التَّبَرُّعِ مُمْتَنِعٌ وَلَا رُجُوعَ فِي هِبَةٍ بِثَوَابٍ بِخِلَافِهَا بِلَا ثَوَابٍ وَإِنْ أَثَابَهُ عَلَيْهَا كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَلَا فِيمَا لَوْ وَهَبَهُ دَيْنًا عَلَيْهِ إذْ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ بَعْدَ سُقُوطِهِ وَلَا فِيمَا وَهَبَهُ لِفَرْعِهِ الْمُكَاتَبِ إذَا رُقَّ؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ مَلَكَهُ وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي بَعْضِ الْمَوْهُوبِ وَلَا يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ وَلَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ لِفَرْعِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ
قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ أَبِيهِ وَفَرْضُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا فَسَّرَهُ بِالْهِبَةِ وَهُوَ فَرْضٌ لَا بُدَّ مِنْهُ اهـ قَالَ الْمُصَنِّفُ لَوْ وَهْب وَأَقْبَضَ وَمَاتَ فَادَّعَى الْوَارِثُ كَوْنَهُ فِي الْمَرَضِ، وَالْمُتَّهِبُ كَوْنَهُ فِي الصِّحَّةِ صُدِّقَ اهـ وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ (وَكَذَا لِسَائِرِ الْأُصُولِ) مِنْ الْجِهَتَيْنِ وَإِنْ عَلَوْا الرُّجُوعُ كَالْأَبِ فِيمَا ذُكِرَ (عَلَى الْمَشْهُورِ) كَمَا فِي عِتْقِهِمْ وَنَفَقَتِهِمْ وَسُقُوطِ الْقَوَدِ عَنْهُمْ وَخَرَجَ بِهِمْ الْفُرُوعُ وَالْحَوَاشِي كَمَا يَأْتِي
وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ اخْتِصَاصَ الرُّجُوعِ بِالْوَاهِبِ فَلَا يَجُوزُ لِأَبِيهِ لَوْ مَاتَ وَلَمْ يَرِثْهُ فَرْعُهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ (وَشَرْطُ رُجُوعِهِ بَقَاءُ الْمَوْهُوبِ فِي سَلْطَنَةِ الْمُتَّهِبِ) أَيْ اسْتِيلَائِهِ لِيَشْمَلَ مَا يَأْتِي فِي التَّخَمُّرِ ثُمَّ التَّخَلُّلِ غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ يَمْنَعُ الْبَيْعَ وَإِنْ طَرَأَ عَلَيْهِ حَجْرُ سَفَهٍ (فَيُمْتَنَعُ) الرُّجُوعُ (بِبَيْعِهِ) كُلِّهِ وَكَذَا بَعْضِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَاعَهُ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ بَاقِيًا لِلْوَلَدِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لَكِنْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ جَوَازَهُ إنْ كَانَ الْبَيْعُ مِنْ أَبِيهِ الْوَاهِبِ
ــ
[حاشية الشرواني]
وُجُوبُ نَفَقَةِ ابْنِهِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي لَحْمِ أُضْحِيَّةٍ إلَخْ) شَامِلٌ لِلْإِهْدَاءِ لِوَلَدِهِ الْغَنِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا الْبَكْرِيُّ فِي كَنْزِهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ اهـ سم (قَوْلُهُ: بِكَلَامِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِرَدُّوا (قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ إلَخْ) مَقُولُ الْقَوْلِ، وَالضَّمِيرُ لِلِامْتِنَاعِ بِالنَّذْرِ وَ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَخْ) خَبَرُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ تَمْلِيكًا مَحْضًا) أَيْ فَيَكُونُ كَالْهِبَةِ حَتَّى يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُخَصِّصٍ) أَيْ: فَلَمْ يَخُصَّهُ بِغَيْرِ الْفَرْعِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ فِي هِبَةٍ بِثَوَابٍ) صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ فِيهَا مُحَابَاةٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ لَمَّا وَقَعَ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ بِعَقْدٍ لَازِمٍ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الرُّجُوعِ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ (قَوْلُهُ: وَلَا فِيمَا لَوْ وَهَبَهُ) إلَى قَوْلِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ إلَخْ) فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَهَبَهُ شَيْئًا فَتَلِفَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَا يَسْقُطُ) أَيْ: الرُّجُوعُ (بِالْإِسْقَاطِ) كَأَنْ قَالَ الْأَصْلُ أَسْقَطْت حَقِّي مِنْ جَوَازِ الرُّجُوعِ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ (قَوْلُهُ: وَسَبَقَهُ إلَيْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَحَلُّهُ كَمَا أَفَادَهُ الْجَلَالُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا فَسَّرَهُ بِالْهِبَةِ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ وَلَوْ تَرَاخَى التَّفْسِيرُ عَنْ زَمَنِ الْإِقْرَارِ إلَى زَمَنِ الرُّجُوعِ، ثُمَّ رَأَيْت تَصْوِيرَ صَاحِبِ الْمُغْنِي لِلْمَسْأَلَةِ بِهَامِشِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ إلَخْ بِمَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ لَوْ وَهَبَ إلَخْ) لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مَسَائِلِ الرُّجُوعِ فَمَا نُكْتَةُ ذِكْرِهَا فِيهِ، وَلَعَلَّهَا وَقَعَتْ فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ مَجْمُوعَةً مَعَ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي عِتْقِهِمْ إلَخْ) هَذَا جَامِعُ الْقِيَاسِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالنِّهَايَةِ وَلَوْ وَهَبَ شَيْئًا لِوَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَرِثْهُ الْوَلَدُ لِمَانِعٍ قَامَ بِهِ وَإِنَّمَا وَرِثَهُ جَدٌّ لَمْ يَرْجِعْ فِي الْهِبَةِ الْجَدُّ الْحَائِزُ لِلْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ الْحُقُوقَ لَا تُورَثُ وَحْدَهَا إنَّمَا تُورَثُ بِتَبَعِيَّةِ الْمَالِ وَهُوَ أَيْ: الْجَدُّ لَا يَرِثُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَبِيهِ) أَيْ: أَبِي الْوَاهِبِ ش اهـ سم وَكَذَا ضَمِيرُ لَوْ مَاتَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرِثْهُ) أَيْ: الْمَالَ الْمَوْهُوبَ (فَرْعُهُ) أَيْ: لِمَانِعٍ قَامَ بِهِ وَوَرِثَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَشَرْطُ رُجُوعِهِ) أَيْ: الْأَبِ، أَوْ أَحَدِ سَائِرِ الْأُصُولِ اهـ مُغْنِي عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، أَوْ الْأَبُ بِالْمَعْنَى الْمَارِّ اهـ.
(قَوْلُهُ: غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِهِ حَقٌّ إلَخْ) حَالٌ مِنْ الْمَوْهُوبِ اهـ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ وَإِنْ طَرَأَ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَوْهُوبِ غَايَةٌ فِيمَا يُفْهِمُهُ الْمَتْنُ أَيْ: فَيَجُوزُ الرُّجُوعُ حِينَ تَحَقُّقِ ذَلِكَ الشَّرْطِ وَإِنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ بَاقِيًا) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَفِي النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ. تَنْبِيهٌ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ بِالْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَبِيهِ الْوَاهِبِ وَهُوَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرٌ لَا بِرَهْنِهِ وَلَا هِبَتِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِيهِمَا لِبَقَاءِ السَّلْطَنَةِ وَقِيَاسُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ أَوْ لَهُمَا ثُبُوتُ الرُّجُوعِ لِبَقَاءِ سَلْطَنَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَبْلَ الْإِصْرَارِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي لَحْمِ أُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٍ) شَامِلٌ لِلْإِهْدَاءِ لِوَلَدِهِ الْغَنِيِّ وَهُوَ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ وَلِهَذَا عَبَّرَ شَيْخُنَا الْبَكْرِيُّ فِي كَنْزِهِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا ضِيَافَةُ اللَّهِ تَعَالَى كَلَحْمِ أُضْحِيَّةٍ دُفِعَ لَهُ وَهُوَ غَنِيٌّ، أَوْ فَقِيرٌ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا فِيمَا لَوْ وَهَبَهُ دَيْنًا عَلَيْهِ) خَرَجَ مَا لَوْ وَهَبَهُ دَيْنًا عَلَى غَيْرِهِ وَقُلْنَا بِصِحَّةِ الْهِبَةِ فَيَنْبَغِي جَوَازُ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ وَفَرْضُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا فَسَّرَهُ بِالْهِبَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي تَرْكُ التَّفْسِيرِ مُطْلَقًا وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَبِيهِ) أَيْ: أَبِي الْوَاهِبِ ش
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَشَرْطُ رُجُوعِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ الرَّابِعُ أَيْ: مِنْ شُرُوطِ الرُّجُوعِ أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ مُنَجَّزًا فَلَوْ قَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ رَجَعْت لَمْ يَصِحَّ الرُّجُوعُ اهـ، ثُمَّ قَالَ وَلَوْ صَنَعَ، أَوْ خَلَطَ بِمَالِ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا وَإِذَا رَجَعَ وَلَمْ يَسْتَرِدَّ فَهُوَ أَمَانَةٌ وَلَوْ تَقَايَلَا فِي الْهِبَةِ أَوْ تَفَاسَخَا حَيْثُ لَا رُجُوعَ لَمْ تَنْفَسِخْ اهـ وَقَدْ يُوَجَّهُ عَدَمُ دُخُولِ التَّقَايُلِ وَالتَّفَاسُخِ فِي الْهِبَةِ بِأَنَّهُمَا إنَّمَا يُنَاسِبَانِ الْمُعَاوَضَاتِ؛ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ بِهِمَا الِاسْتِدْرَاكَ، وَالْهِبَةُ إحْسَانٌ فَلَا يَلِيقُ بِهَا ذَاكَ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَيُمْتَنَعُ بِبَيْعِهِ) نَعَمْ لَوْ كَانَ فِي زَمَنِ خِيَارٍ لَمْ يُنْقَلْ الْمِلْكُ عَنْهُ اتَّجَهَ الرُّجُوعُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَكِنْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ جَوَازَهُ إنْ كَانَ الْبَيْعُ مِنْ أَبِيهِ الْوَاهِبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ بِالْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ مِنْ أَبِيهِ الْوَاهِبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الزَّرْكَشِيّ فِيمَا لَوْ رَهَنَهُ