للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِتَوَقُّفِهِ عَلَى تَأْوِيلٍ بَعِيدٍ بِأَنْ لَمْ يُقَيَّدْ بِثَوَابٍ وَلَا عَدَمِهِ (فَلَا ثَوَابَ) أَيْ: عِوَضَ (إنْ وَهَبَ لِدُونِهِ) فِي الْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ إذْ لَا يَقْتَضِيهِ لَفْظٌ وَلَا عَادَةٌ (وَكَذَا) لَا ثَوَابَ لَهُ وَإِنْ نَوَاهُ إنْ وَهَبَ (لِأَعْلَى مِنْهُ) فِي ذَلِكَ (فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا لَوْ أَعَارَهُ دَارِهِ إلْحَاقًا لِلْأَعْيَانِ بِالْمَنَافِعِ؛ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ لَيْسَ لَهَا قُوَّةُ الشَّرْطِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ وَكَذَا الْأَثْوَابُ لَهُ نَوَاهُ أَوْ لَا إنْ وَهَبَ (لِنَظِيرِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ حِينَئِذٍ الصِّلَةُ وَتَأَكُّدُ الصَّدَاقَةِ، وَالْهَدِيَّةُ كَالْهِبَةِ فِيمَا ذُكِرَ وَكَذَا الصَّدَقَةُ وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ أَنَّ الْعَادَةَ مَتَى قَضَتْ بِالثَّوَابِ وَجَبَ هُوَ، أَوْ رَدُّ الْهَدِيَّةِ وَبَحَثَ أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ مَا إذَا لَمْ تَظْهَرْ حَالَةَ الْإِهْدَاءِ قَرِينَةٌ حَالِيَّةٌ، أَوْ لَفْظِيَّةٌ دَالَّةٌ عَلَى طَلَبِ الثَّوَابِ وَإِلَّا وَجَبَ هُوَ، أَوْ الرَّدُّ لَا مَحَالَةَ وَهُوَ بَحْثٌ ظَاهِرٌ وَلَوْ قَالَ وَهَبْتُك بِبَدَلٍ فَقَالَ بَلْ بِلَا بَدَلٍ صُدِّقَ الْمُتَّهَبُ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبَدَلِ وَلَوْ أَهْدَى لَهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَقْضِيَ لَهُ حَاجَةً

ــ

[حاشية الشرواني]

وَالْمُرَاسِلَةِ بِالسَّلَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ كَمَا يَتَأَكَّدُ كَرَاهَةُ إخْلَافِهِ وَيُكْرَهُ شِرَاءُ مَا وَهَبَهُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ لَوْ طَلَبَ مِنْ غَيْرِهِ هِبَةَ شَيْءٍ فِي مَلَأٍ مِنْ النَّاسِ فَوَهَبَهُ مِنْهُ اسْتِحْيَاءً مِنْهُمْ وَلَوْ كَانَ خَالِيًا مَا أَعْطَاهُ حَرُمَ كَالْمَصَادِرِ وَكَذَا كُلُّ مَنْ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ لِاتِّقَاءِ شَرِّهِ أَوْ سِعَايَتِهِ اهـ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي قَالَ الْغَزَالِيُّ وَإِذَا كَانَ فِي مَالِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ شُبْهَةٌ وَدَعَاهُ لِلْأَكْلِ مِنْهُ فَلْيَتَلَطَّفْ بِهِ فِي الِامْتِنَاعِ فَإِنْ عَجَزَ فَلْيَأْكُلْ وَيُقَلَّلُ بِتَصْغِيرِ اللُّقْمَةِ وَتَطْوِيلِ الْمَضْغَةِ قَالَ وَكَذَا إذَا أَلْبَسَهُ ثَوْبًا مِنْ شُبْهَةٍ وَكَانَ يَتَأَذَّى بِرَدِّهِ فَلْيَقْبَلْهُ وَلْيَلْبَسْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَنْزِعْهُ إذَا غَابَ وَيَجْتَهِدْ أَنْ لَا يُصَلِّيَ فِيهِ إلَّا بِحَضْرَتِهِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعْبَةٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَأْكُلُ مِنْ هَدِيَّةٍ حَتَّى يَأْمُرَ صَاحِبَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا لِلشَّاةِ الَّتِي أُهْدِيَتْ إلَيْهِ يَعْنِي الْمَسْمُومَةَ بِخَيْبَرَ» وَهَذَا أَصْلٌ لِمَا يَفْعَلُهُ الْمُلُوكُ فِي ذَلِكَ وَيُلْحَقُ بِهِمْ مَنْ فِي مَعْنَاهُمْ اهـ وَقَوْلُهُ مَرَّ مَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ عِبَارَةُ الْبُجَيْرَمِيِّ عَنْ الرَّحْمَانِيِّ مَا لَمْ يَكُنْ مَا آذَاهُ بِهِ مَطْلُوبًا شَرْعًا كَتَرْكِ عِبَادَةٍ، أَوْ فِعْلِ حَرَامٍ، أَوْ مَكْرُوهٍ وَإِذَا ارْتَكَبَهُ الْأَصْلُ وَآذَاهُ الْفَرْعُ بِسَبَبِهِ وَلَيْسَ مِنْ الْعُقُوقِ مُخَالَفَةُ الْأَصْلِ فِي طَلَاقِ زَوْجَةٍ يُحِبُّهَا، أَوْ بَيْعِ مَالِهِ، أَوْ مُطَالَبَةٍ بِحَقٍّ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لَهُ بَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْأَصْلِ ذَلِكَ إذَا طَلَبَهُ وَامْتَنَعَ مَعَ قُدْرَتِهِ اهـ

وَقَوْلُهُ مَرَّ وَاجِبًا قَالَ ع ش دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِ أَمْوَالِهِ وَعِتْقِ أَرِقَّائِهِ وَطَلَاقِ نِسَائِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَشُقُّ عَلَيْهِ وَقَدْ أَمَرَهُ بِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُرَادًا وَقَوْلُهُ، وَالْمُرَاسَلَةُ أَيْ: مِنْ غَيْرِ كِتَابٍ كَأَنْ يَقُولَ لِشَخْصٍ سَلِّمْ عَلَى فُلَانٍ وَقَوْلُهُ وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَنَقَلَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ عَنْ حَجّ أَنَّ الْوَعْدَ مَعَ نِيَّةِ عَدَمِ الْوَفَاءِ كَبِيرَةٌ

وَقَوْلُهُ حَرُمَ أَيْ: وَلَا يَمْلِكُهُ وَقَوْلُهُ، أَوْ سِعَايَتُهُ أَيْ التَّكَلُّمُ فِيهِ بِسُوءٍ عِنْدَ مَنْ يَخَافُهُ اهـ

(قَوْلُهُ عَلَى تَأْوِيلٍ بَعِيدٍ) يُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ مُطْلَقًا صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: هِبَةٌ مُطْلَقًا، وَالتَّذْكِيرُ بِتَأْوِيلِ الْهِبَةِ بِالْعَقْدِ، أَوْ التَّمْلِيكِ اهـ سم وَجَعَلَهُ الْمُغْنِي صِفَةَ مَفْعُولٍ مَحْذُوفٍ عِبَارَتُهُ شَيْئًا مُطْلَقًا عَنْ تَقْيِيدِهِ بِثَوَابٍ وَعَدَمِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ) كَالْمَلِكِ لِرَعِيَّتِهِ، وَالْأُسْتَاذِ لِغُلَامِهِ (تَنْبِيهٌ)

أَلْحَق الْمَاوَرْدِيُّ بِذَلِكَ سَبْعَةَ أَنْوَاعٍ هِبَةُ الْأَهْلِ، وَالْأَقَارِبِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الصِّلَةُ وَهِبَةُ الْعَدُوِّ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّآلُفَ وَهِبَةُ الْغَنِيِّ لِلْفَقِيرِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْعُهُ، وَالْهِبَةُ لِلْعُلَمَاءِ، وَالزُّهَّادِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْقُرْبَةُ، وَالتَّبَرُّكُ، وَهِبَةُ الْمُكَلَّفِ لِغَيْرِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ مِنْهُ، وَالْهِبَةُ لِلْأَصْدِقَاءِ، وَالْإِخْوَانِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ تَأَكُّدُ الْمَوَدَّةِ، وَالْهِبَةِ لِمَنْ أَعَانَهُ بِجَاهِهِ أَوْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مُكَافَأَتُهُ وَزَادَ الدَّارِمِيُّ هَدِيَّةُ وَهِبَةُ الْمُتَعَلِّمِ لِمُعَلِّمِهِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ اهـ مُغْنِي

(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَاهُ) يَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ الْمُتَّهِبُ عَلَى نِيَّةِ الثَّوَابِ وَقَصَدَهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ بَاطِنًا الثَّوَابُ أَوْ الرَّدُّ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا قَرِينَةَ حَالِيَّةً وَلَا لَفْظِيَّةً فَهُوَ غَيْرُ بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ الْآتِي، ثُمَّ رَأَيْت الْفَاضِلَ الْمُحْشِي كَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ الْآتِي فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيُّ وَإِلَّا وَجَبَ مَا نَصُّهُ قِيَاسُ ذَلِكَ الْوُجُوبُ أَيْضًا إذَا نَوَى الثَّوَابَ وَعُلِمَتْ نِيَّتُهُ، أَوْ صَدَّقَهُ الْمُتَّهَبُ فِيهَا انْتَهَى اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ قَوْلُ الْمَتْنِ (لِأَعْلَى مِنْهُ) كَهِبَةِ الْغُلَامِ لِأُسْتَاذِهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي الْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ فَكَانَ الْأَوْلَى التَّأْنِيثَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ) إلَى قَوْلِهِ وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَإِنْ اخْتَارَ إلَخْ (قَوْلُهُ: هُوَ، أَوْ الرَّدُّ) ظَاهِرًا، أَوْ بَاطِنًا وَبِهَذَا فَارَقَ مَا بَحَثْنَاهُ آنِفًا اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ وَهَبْتُك) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فِي الْأَصَحِّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، أَوْ عَلَى الْبَحْثِ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبَدَلِ) أَيْ: عَدَمُ ذِكْرِهِ هـ مُغْنِي (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَقْضِيَ لَهُ حَاجَةً إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ شَرَطَهُ عِنْدَ الدَّفْعِ، أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَلَوْ بَذَلَهَا لِيُخَلِّصَ لَهُ مَحْبُوسًا مَثَلًا فَسَعَى فِي خَلَاصِهِ فَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْهَدِيَّةِ لِصَاحِبِهَا؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ لَمْ يَحْصُلْ نَعَمْ لَوْ أَعْطَاهُ لِيَشْفَعَ لَهُ فَقَطْ قُبِلَتْ شَفَاعَتُهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

تَغْيِيبَ الْحَشَفَةِ، وَالْعَكْسُ إذَا أَحْبَلَهَا.

(قَوْلُهُ: لِتَوَقُّفِهِ عَلَى تَأْوِيلٍ بَعِيدٍ) يُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ مُطْلَقًا بِالْفَتْحِ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ لَكِنَّ الْمَصْدَرَ الْهِبَةُ وَهِيَ مُؤَنَّثٌ فَيَحْتَاجُ لِتَأْوِيلِهِ بِالْعَقْدِ أَوْ التَّمْلِيكِ حَتَّى يَصِحَّ وَصْفُهُ بِالْمُذَكَّرِ أَعْنِي قَوْلَهُ مُطْلَقًا وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ مَصْدَرِ وَهَبَ الْوَهْبُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْأَلْفِيَّةِ

فَعْلٌ قِيَاسُ مَصْدَرِ الْمُعَدَّى

مِنْ ذِي ثَلَاثَةٍ وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ جَوَازُ اسْتِعْمَالِ الْمَصْدَرِ الْقِيَاسِيِّ وَإِنْ كَانَ الْوَارِدُ غَيْرَهُ دُونَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ هُوَ أَوْ الرَّدُّ لَا مَحَالَةَ) قِيَاسُ ذَلِكَ الْوُجُوبُ أَيْضًا إذَا نَوَى الثَّوَابَ وَعُلِمَتْ نِيَّتُهُ، أَوْ وَصَدَّقَهُ الْمُتَّهِبُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ بَحْثٌ ظَاهِرٌ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ رَدُّهُ إلَخْ) فَإِنْ فَعَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>