وَالسَّلِسُ هُنَا كَمَا مَرَّ فَتَمْتَنِعُ عَلَيْهِ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ وَنَحْوِهِ وَمَرَّ فِي شُرُوطِ الْوُضُوءِ شُرُوطٌ لِلنِّيَّةِ وَأَنَّهَا كَالْبَقِيَّةِ تَأْتِي هُنَا وَيَجِبُ فِي النِّيَّةِ أَنْ تَكُونَ نِيَّةً (مَقْرُونَةً) بِنَصْبِهِ لِكَوْنِهِ صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ مَعْمُولٍ لِنِيَّةِ الْمَلْفُوظِ بِهِ وَيَصِحُّ رَفْعُهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ خَطِّهِ (بِأَوَّلِ فَرْضٍ) لِيَعْتَدَّ بِمَا بَعْدَهَا وَهُوَ هُنَا أَوَّلُ مَغْسُولٍ وَلَوْ مِنْ أَسْفَلِ الْبَدَنِ إذْ لَا يَجِبُ هُنَا تَرْتِيبٌ وَيُسَنُّ تَقْدِيمُهَا مَعَ السُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَالسِّوَاكِ لِيُثَابَ عَلَيْهَا كَالْوُضُوءِ وَيَأْتِي فِي عُزُوبِهَا مَا مَرَّ ثَمَّ وَبِقَوْلِي كَالسِّوَاكِ انْدَفَعَ الْفَرْقُ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ هُنَا مِنْ جُمْلَةِ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ فَلْيَكْتَفِ بِهِ جَزْمًا وَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ لِقَوْلِهِ فَرْضٌ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ ثَمَّ لَيْسَ مِنْ الْوُضُوءِ الْوَاجِبِ فَاحْتَاجَ إلَى الِاسْتِصْحَابِ لِغُسْلِ شَيْءٍ مِنْ الْوَجْهِ اهـ.
عَلَى أَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَصْدَهُ بِالْمُتَقَدِّمِ كَغَسْلِ الْيَدِ قَبْلَ إدْخَالِهَا الْإِنَاءَ عِنْدَ شَكِّهِ فِي طُهْرِهَا السُّنَّةَ صَارِفٌ لَهُ عَنْ الِاعْتِدَادِ بِهِ عَنْ الْغُسْلِ فَتَجِبُ إعَادَتُهُ دُونَ النِّيَّةِ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي غَسْلِ بَعْضِ الشَّفَةِ بِقَصْدِ الْمَضْمَضَةِ فَاسْتَوَيَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (وَتَعْمِيمُ) ظَاهِرِ وَبَاطِنِ (شَعْرِهِ) وَلَوْ لِحْيَةً كَثِيفَةً مَا عَدَا النَّابِتَ فِي نَحْوِ عَيْنٍ وَأَنْفٍ وَإِنْ طَالَ وَذَلِكَ لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ، وَإِنْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَوْضِعٍ إنَّهُ ضَعِيفٌ بَلْ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ إنَّهُ صَحِيحٌ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ يَرْفَعُهُ «مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ لَمْ يَغْسِلْهُ فُعِلَ بِهِ كَذَا وَكَذَا مِنْ النَّارِ»
ــ
[حاشية الشرواني]
الصِّحَّةُ فِي الْإِطْلَاقِ خِلَافًا لِمَفْهُومِ فَتْحِ الْجَوَادِ وَصَرِيحِ الْإِمْدَادِ وَالْإِيعَابِ مِنْ عَدَمِهَا فِي الْإِطْلَاقِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالسَّلِسُ هُنَا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيَأْتِي مَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ هُنَا مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى سَلِسِ الْمَنِيِّ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ إذْ لَا يَكْفِيهِ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْهُ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي النِّيَّةِ وَأَنَّهُ لَوْ نَفَى مِنْ إحْدَاثِهِ غَيْرَ مَا نَوَاهُ أَجْزَأَهُ اهـ.
وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِمْدَادِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ وَأَنَّهَا) أَيْ تِلْكَ الشُّرُوطَ الْمَارَّةَ فِي الْوُضُوءِ (كَالْبَقِيَّةِ) أَيْ كَبَقِيَّةِ شُرُوطِ النِّيَّةِ الْغَيْرِ الْمَذْكُورَةِ هُنَاكَ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ إلَخْ) وَالْأَوْلَى التَّفْرِيعُ (قَوْلُهُ بِنَصْبِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَيَأْتِي فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَبِقَوْلِهِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ رَفْعُهُ إلَخْ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ نِيَّةٌ مُغْنِي زَادَ سم وَلَا يَضُرُّ تَعْرِيفُ الْمُضَافِ إلَيْهِ نِيَّةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْطُوفِ الْأَخِيرِ لِجَوَازِ جَعْلِ الْإِضَافَةِ إلَيْهِ لِلْجِنْسِ أَوْ جَعْلِ أَلْ فِي الْغُسْلِ لِلْجِنْسِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِيَعْتَدَّ إلَخْ) فَلَوْ نَوَى بَعْدَ غَسْلِ جَزْءٍ مِنْهُ وَجَبَ إعَادَةُ غَسْلِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بِمَا بَعْدَهَا) قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِمَا قَارَنَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَهُوَ إلَخْ) أَيْ أَوَّلُ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ كَالسِّوَاكِ) صَرِيحٌ فِي اسْتِحْبَابِ السِّوَاكِ لِلْغُسْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ اسْتَاكَ لِلْوُضُوءِ قَبْلَهُ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ سم (قَوْلُهُ لِيُثَابَ عَلَيْهَا) فَإِذَا خَلَا عَنْهَا شَيْءٌ مِنْ السُّنَنِ لَمْ يُثَبْ عَلَيْهِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ بَلْ لَا يَسْقُطُ الطَّلَبُ بِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ ع ش (قَوْلُهُ مَا مَرَّ) فَلَوْ أَتَى بِهَا مِنْ أَوَّلِ السُّنَنِ وَعَزَبَتْ قَبْلَ أَوَّلِ الْفَرْضِ لَمْ تَكْفِ مُغْنِي (قَوْلُهُ فَاسْتَوَيَا) أَيْ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ (قَوْلُهُ مِنْ جُمْلَةِ إلَخْ) خَبَرَانِ قَالَ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ قَوْلُهُ مِنْ جُمْلَةِ الْغُسْلِ إلَخْ ذَكَرَ الْمُغْنِي مِنْ السُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي لَا تَكُونُ دَاخِلَةً فِي الْغُسْلِ مَا لَوْ تَمَضْمَضَ مِنْ نَحْوِ إبْرِيقٍ بِحَيْثُ لَا يَمَسُّ الْمَاءُ حُمْرَةَ شَفَتِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ اهـ.
(قَوْلُهُ فَلْيَكْتَفِ بِهِ) أَيْ بِمُقَارَنَةِ مَا تَقَدَّمَ هُنَا وَإِنْ عَزَبَتْ بَعْدُ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ فُرِضَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِأَوَّلِ فَرْضٍ سم (قَوْلُهُ ثَمَّ) أَيْ فِي الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ لَيْسَ مِنْ الْوُضُوءِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ لَيْسَ إلَخْ (قَوْلُهُ إلَى الِاسْتِصْحَابِ) أَيْ اسْتِصْحَابِ النِّيَّةِ وَاسْتِحْضَارِهَا (قَوْلُهُ انْتَهَى) أَيْ الْفَرْقُ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ يَظْهَرُ إلَخْ) وَيَحْتَمِلُ احْتِمَالًا قَوِيًّا أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا الْقَصْدُ صَارِفًا عَمَّا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْكَفَّيْنِ مِنْ جُمْلَةِ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَقَدْ اقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِغَسْلِهِمَا وَقَصْدُ غَسْلِهِمَا خَارِجَ الْإِنَاءِ احْتِيَاطًا لِأَجْلِ الشَّكِّ فِي طُهْرِهِمَا عَنْ النَّجَاسَةِ لَا يُنَافِي حُصُولَ الْوَاجِبِ، قَالَهُ سم ثُمَّ أَطَالَ فِي تَوْضِيحِهِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ الْقِيَاسُ الْآتِي فِي الشَّرْحِ وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ (قَوْلُهُ أَنَّ قَصْدَهُ) أَيْ قَصْدَ الْمُغْتَسِلِ وَقَوْلُهُ السُّنَّةَ مَفْعُولُهُ وَقَوْلُهُ صَارِفٌ إلَخْ خَبَرُ أَنَّ (قَوْلُهُ انْدَفَعَ الْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي الْغُسْلِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَتَعْمِيمُ شَعْرِهِ) فَلَوْ غَسَلَ أُصُولَ الشَّعْرِ دُونَ أَطْرَافِهِ بَقِيَتْ الْجَنَابَةُ فِيهَا وَارْتَفَعَتْ عَنْ أُصُولِهَا فَلَوْ حَلَقَ شَعْرَهُ الْآنَ أَوْ قَصَّ مِنْهُ مَا يَزِيدُ عَلَى مَا لَمْ يَغْسِلْهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا ظَهَرَ بِالْقَطْعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَغْسِلْ الْأُصُولَ أَوْ غَسَلَهَا ثُمَّ قَصَّ مِنْ الْأَطْرَافِ مَا يَنْتَهِي لِحَدِّ الْمَغْسُولِ بِلَا زِيَادَةٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا ظَهَرَ بِالْحَلْقِ أَوْ الْقَصِّ لِبَقَاءِ جَنَابَتِهِ بِعَدَمِ وُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ ع ش وَفِي الرَّشِيدِيِّ وَالْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ ظَاهِرٌ) إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ طَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا لَفْظَةَ نَحْوُ (قَوْلُهُ كَثِيفَةٌ) وَفَارَقَ الْوُضُوءُ بِتَكَرُّرِهِ بُجَيْرِمِيٌّ وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ فِي نَحْوِ عَيْنٍ إلَخْ) لَعَلَّهُ أَدْخَلَ بِالنَّحْوِ بَاطِنَ الْفَمِ لَوْ نَبَتَ فِيهِ شَعْرٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ طَالَ) كَذَا فِي الزِّيَادِيِّ وَالْحَلَبِيِّ، وَقَالَ الْقَلْيُوبِيُّ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ اهـ.
وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَقَلَ الْإِيعَابُ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَأَقَرَّهُ أَنَّ مَحَلَّ الْعَفْوِ فِي شَعْرٍ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ نَحْوِ الْعَيْنِ وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُ الْخَارِجِ كُرْدِيٌّ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ عِبَارَتُهُ نَعَمْ لَا يَجِبُ غَسْلُ شَعْرٍ نَبَتَ فِي الْعَيْنِ أَوْ الْأَنْفِ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَاطِنِ لَا مِنْ الظَّاهِرِ إلَّا إنْ طَالَ فَيَجِبُ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ.
وَأَقَرَّ ع ش مَقَالَةَ الشَّارِحِ وَلَعَلَّهَا هِيَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ لِلْخَبَرِ إلَخْ وَحَالٌ مِنْهُ وَقَوْلُهُ يَرْفَعُهُ أَيْ يَرْفَعُ عَلِيٌّ ذَلِكَ الْخَبَرَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُهُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فَلْيُرَاجَعْ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ رَفْعُهُ) كَانَ الْمُرَادُ عَلَى الصِّفَةِ وَلَا يَضُرُّ تَعْرِيفُ الْمُضَافِ إلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْطُوفِ إلَّا خَبَرًا لِجَوَازِ جَعْلِ الْإِضَافَةِ إلَيْهِ لِلْجِنْسِ أَوْ جَعْلِ أَلْ فِي الْغُسْلِ لِلْجِنْسِ (قَوْلُهُ كَالسِّوَاكِ) صَرِيحٌ فِي اسْتِحْبَابِ السِّوَاكِ لِلْغُسْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ اسْتَاكَ لِلْوُضُوءِ قَبْلَهُ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ.
(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ فَرْضٍ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِأَوَّلِ فَرْضٍ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَصْدَهُ إلَخْ) وَيَحْتَمِلُ احْتِمَالًا قَوِيًّا أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا الْقَصْدُ صَارِفًا عَمَّا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْكَفَّيْنِ مِنْ جُمْلَةِ مَحَلِّ الْفَرْضِ، وَقَدْ اقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِغَسْلِهِمَا، وَقَصْدُ غَسْلِهِمَا خَارِجَ الْإِنَاءِ