وَكَانَ وَجْهُ نَفْيِهِ هَذَا هُنَا دُونَ الْوُضُوءِ قُوَّةَ الْخِلَافِ هُنَا وَعَدَمُ إغْنَاءِ الْوُضُوءِ عَنْهُمَا لِأَنَّ لَنَا قَوْلًا بِوُجُوبِ كِلَيْهِمَا كَالْوُضُوءِ وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ رِعَايَتُهُ بِالْإِتْيَانِ بِهِمَا مُسْتَقِلَّيْنِ وَفِي الْوُضُوءِ وَكُرِهَ تَرْكُ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَسُنَّ إعَادَةُ مَا تَرَكَهُ مِنْهَا وَتَأَكَّدَ إعَادَةُ الْأَوَّلَيْنِ وَفَارَقَ مَا ذُكِرَ فِي بَاطِنِ الْعَيْنِ وُجُوبُ تَطْهِيرِهِ مِنْ الْخَبَثِ؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّ مَقْعَدَةَ الْمَبْسُورِ إذَا خَرَجَتْ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهَا عَنْ الْجَنَابَةِ وَيَجِبُ غَسْلُ خَبَثِهَا وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُرِدْ إدْخَالُهَا وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ هَذَا أَيْضًا.
(تَنْبِيهٌ)
قَدْ يَسْتَشْكِلُ عَدُّهُمْ بَاطِنَ الْفَمِ بَاطِنًا هُنَا وَمَا يَظْهَرُ مِنْ فَرْجِ الثَّيِّبِ ظَاهِرًا بَلْ قَدْ يُقَالُ هَذَا أَوْلَى بِكَوْنِهِ بَاطِنًا ثُمَّ رَأَيْت الْإِمَامَ صَرَّحَ بِهَذِهِ الْأَوْلَوِيَّةِ فَقَالَ لَا يَجِبُ غَسْلُ مَا وَرَاءَ مُلْتَقَى الشُّفْرَيْنِ كَبَاطِنِ الْفَمِ بَلْ أَوْلَى اهـ.
وَقَدْ يُجَابُ أَخْذًا مِنْ تَشْبِيهِ الْأَصْحَابِ لِبَاطِنِ الْفَمِ بِبَاطِنِ الْعَيْنِ الَّذِي وَافَقَ الْخَصْمُ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ بَاطِنٌ وَمِنْ تَشْبِيهِ الشَّافِعِيِّ لِمَا يَظْهَرُ مِنْ الْفَرْجِ بِمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ بِأَنَّ حَائِلَ الْفَمِ لَا تُعْهَدُ لَهُ حَالَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ يُعْتَادُ زَوَالُهُ فِيهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَيَبْقَى دَاخِلُهُ ظَاهِرًا كُلُّهُ بِخِلَافِ بَاطِنِ الْفَرْجِ فَإِنَّ حَائِلَهُ يُعْهَدُ فِيهِ ذَلِكَ بِالْجُلُوسِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ الْمُعْتَادِ الْمَأْلُوفِ دَائِمًا فَأَشْبَهَ مَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ فَإِنَّهُ يَظْهَرُ بِتَفْرِيقِهَا الْمُعْتَادِ فَاسْتَوَيَا فِي أَنَّ لِكُلِّ حَالَةٍ بُطُونٌ وَهُوَ الْتِقَاءُ الشُّفْرَيْنِ وَالْأَصَابِعِ وَحَالَةُ ظُهُورٍ وَهُوَ انْفِرَاجُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَكَمَا اتَّفَقُوا فِيمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ عَلَى أَنَّهُ ظَاهِرٌ فَكَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ الشُّفْرَيْنِ وَوَرَاءَ مَا ذَكَرْنَاهُ مَذَاهِبُ أُخْرَى فِي بَاطِنِ الْفَمِ مِنْهَا أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ.
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ ظَاهِرٌ فِي الْغُسْلِ فَقَطْ وَكُلٌّ تَمَسَّكَ مِنْ السُّنَّةِ بِمَا أَجَابَ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ.
(وَأَكْمَلُهُ) أَيْ الْغُسْلِ (إزَالَةُ الْقَذَرِ) بِالْمُعْجَمَةِ الطَّاهِرِ كَمَنِيٍّ وَالنَّجَسِ كَمَذْيٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَفَطَّنَ مَنْ يَغْتَسِلُ مِنْ نَحْوِ إبْرِيقٍ لِدَقِيقَةٍ وَهِيَ أَنَّهُ إذَا طَهَّرَ مَحَلَّ النَّجْوِ بِالْمَاءِ غَسَلَهُ نَاوِيًا رَفْعَ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ غَفَلَ عَنْهُ بَعْدُ بَطَلَ غُسْلُهُ وَإِلَّا فَقَدْ يَحْتَاجُ لِلْمَسِّ فَيُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ أَوْ إلَى كُلْفَةٍ فِي لَفِّ خِرْقَةٍ عَلَى يَدِهِ اهـ وَهُنَا دَقِيقَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ إذَا نَوَى كَمَا ذُكِرَ وَمَسَّ بَعْدَ النِّيَّةِ وَرَفَعَ جَنَابَةَ الْيَدِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ حَصَلَ بِيَدِهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ فَقَطْ فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا بَعْدَ رَفْعِ حَدَثِ الْوَجْهِ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ
ــ
[حاشية الشرواني]
تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ هَذَا هُنَا) أَيْ وُجُوبُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي الْغُسْلِ (قَوْلُهُ قُوَّةَ الْخِلَافِ إلَخْ) أَوْ أَنَّهُ لَمَّا نَصَّ عَلَى تَعْمِيمِ الشَّعْرِ وَالْبَشَرِ خَشِيَ دُخُولَهُمَا فَإِنَّ فِي الْأَنْفِ شَعْرًا وَفِي الْفَمِ بَشَرًا اهـ.
سم عَنْ كَنْزِ الْبِكْرِيِّ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ إغْنَاءِ الْوُضُوءِ إلَخْ) أَيْ الْمَطْلُوبِ لِلْغُسْلِ أَيْ الْمُوهِمِ وُجُوبَهُمَا هُنَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ لَنَا إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْمَعْطُوفَيْنِ وَيُحْتَمَلُ لِلْمَعْطُوفِ فَقَطْ (قَوْلُهُ بِوُجُوبِ كِلَيْهِمَا) أَيْ فِي الْغُسْلِ اسْتِقْلَالًا وَإِنْ كَانَا مَوْجُودَيْنِ فِي الْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ كَالْوُضُوءِ أَيْ كَالْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ فِي الْغُسْلِ (قَوْلُهُ وَفِي الْوُضُوءِ) أَيْ الْمَسْنُونِ لِلْغُسْلِ مَعْطُوفٌ عَلَى مُسْتَقِلَّيْنِ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ) إلَى قَوْلِهِ وَتَأَكَّدَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ مِنْ الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالْوُضُوءِ.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ إعَادَةُ مَا تَرَكَهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهِ بَعْدُ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ ع ش وَكَانَ الْأَوْلَى تَدَارُكُ مَا تَرَكَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ مَا ذُكِرَ فِي بَاطِنِ الْعَيْنِ) أَيْ عَدَمُ وُجُوبِ غُسْلِهِ مِنْ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ وَأُخِذَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهَا إلَخْ) وَيَجِبُ غَسْلُ الْمَسْرَبَةِ مِنْ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّهَا تَظْهَرُ فِي وَقْتٍ فَتَصِيرُ مِنْ ظَاهِرِ الْبَدَنِ شَرْحُ أَبِي شُجَاعٍ لِلْغَزِّيِّ وَهِيَ مُلْتَقَى الْمَنْفَذِ فَيَسْتَرْخِي قَلِيلًا لِيَصِلَ الْمَاءُ إلَى ذَلِكَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ) أَيْ وُجُوبِ غَسْلِ خَبَثِهَا (قَوْلُهُ عَدُّهُمْ بَاطِنَ الْفَمِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ (قَوْلُهُ وَمَا يَظْهَرُ مِنْ فَرْجِ الثَّيِّبِ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ جُلُوسِهَا عَلَى قَدَمَيْهَا فَيَجِبُ غَسْلُهُ.
(قَوْلُهُ فَقَالَ لَا يَجِبُ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَافَقَ الْخَصْمَ فِيهِ) أَيْ فِي بَاطِنِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ بِأَنْ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِيَحْصُلُ (قَوْلُهُ فَأَشْبَهَ) أَيْ بَاطِنُ الْفَرْجِ أَيْ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ عِنْدَ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ (قَوْلُهُ حَالَةَ بُطُونٍ) أَيْ اسْتِتَارٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْتِقَاءُ الشُّفْرَيْنِ إلَخْ) أَيْ حَالَةَ الْتِقَاءِ إلَخْ وَقَوْلُهُ انْفِرَاجُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ حَالَةَ انْفِرَاجِ كُلٍّ مِنْ النَّوْعَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (قَوْلُهُ فَكَمَا اتَّفَقُوا) أَيْ الْأَصْحَابُ (قَوْلُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ فِي بَاطِنِ الْفَمِ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ مَذَاهِبُ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْهَا أَنَّهُ) مُلْحَقٌ فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ بِغَيْرِ خَطِّهِ مِنْ غَيْرِ تَصْحِيحٍ وَلَعَلَّهُ مِنْ تَصَرُّفَاتِ بَعْضِ النَّاظِرِينَ فِيهِ يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ سُقُوطُهَا فِي قَوْلِهِ ظَاهِرٌ فِي الْغُسْلِ فَقَطْ بِاتِّفَاقِ النُّسَخِ فَالْأَوْلَى حَذْفُهَا فِيهِمَا أَوْ إثْبَاتُهَا فِيهِمَا بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْ الْغُسْلِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَاجِبًا كَانَ أَوْ مَنْدُوبًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِالْمُعْجَمَةِ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ اهـ.
فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ الطَّاهِرُ كَمَنِيٍّ وَالنَّجِسُ إلَخْ) أَيْ اسْتِظْهَارًا وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ يَكْفِي غَسْلُهُ لَهُمَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي) أَيْ يُنْدَبُ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ مَحَلُّ النَّجْوِ) أَيْ مِنْ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بَطَلَ غَسْلُهُ) أَيْ لَمْ يَصِحَّ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ) أَيْ الْمَسُّ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا إلَخْ) وَالْمُخَلِّصُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَيِّدَ النِّيَّةَ بِالْقُبُلِ وَالدُّبُرِ كَأَنْ يَقُولَ نَوَيْت رَفْعَ الْحَدَثِ مِنْ هَذَيْنِ الْمَحَلَّيْنِ فَيَبْقَى حَدَثُ يَدِهِ حِينَئِذٍ وَيَرْتَفِعُ بِالْغَسْلِ بَعْدَ ذَلِكَ كَبَقِيَّةِ بَدَنِهِ شَيْخُنَا عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ، وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ وَهَذَا إذَا نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ عَنْ الْمَحَلِّ وَالْيَدِ مَعًا أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ نَوَى رَفْعَ الْجَنَابَةِ عَنْ الْمَحَلِّ فَقَطْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ رَفْعِ حَدَثٍ أَصْغَرَ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ لَمْ تَرْتَفِعْ عَنْهَا فَهَذَا مُخَلِّصٌ لَهُ مِنْ غَسْلِ يَدِهِ ثَانِيًا اهـ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ رَفْعِ حَدَثِ الْوَجْهِ) ثُمَّ قَوْلُهُ الْآتِي لَزِمَهُ غَسْلُ مَا تَأَخَّرَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فِيهِ حَدَثٌ يَحْتَاجُ إلَى رَفْعِهِ فَلَا حَاجَةَ لِغَسْلِ الْبَادِي حِينَئِذٍ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ وَكَانَ وَجْهُ نَفْيِهِ هَذَا هُنَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْأُسْتَاذِ الْبِكْرِيِّ فِي كَنْزِهِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى نَفْيِ الْوُجُوبِ هُنَا دُونَ الْوُضُوءِ مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيهِمَا مَوْجُودٌ لِأَنَّهُ لَمَّا نَصَّ عَلَى تَعْمِيمِ الشَّعْرِ وَالْبَشَرِ خَشِيَ دُخُولَهُمَا فَإِنَّ فِي الْأَنْفِ شَعْرًا وَفِي الْفَمِ بَشَرَةً وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ رَفْعِ حَدَثِ الْوَجْهِ ثُمَّ قَوْلُهُ الْآتِي لَزِمَهُ غَسْلُ مَا تَأَخَّرَ حَدَثُهُ فِي مَحَلِّهِ) اُنْظُرْ اشْتِرَاطَ كَوْنِهِ بَعْدَ رَفْعِ حَدَثِ الْوَجْهِ فِي الْأَوَّلِ وَفِي مَحَلِّهِ فِي الثَّانِي هَلْ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِقَوْلِهِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ قُبَيْلَ السُّنَنِ أَوْ أَيْ اغْتَسَلَ