لِتَعَذُّرِ الِانْدِرَاجِ حِينَئِذٍ (ثُمَّ الْوُضُوءُ) كَامِلًا لِلِاتِّبَاعِ وَيُسَنُّ لَهُ اسْتِصْحَابُهُ إلَى الْفَرَاغِ حَتَّى لَوْ أَحْدَثَ سُنَّ لَهُ إعَادَتُهُ.
وَزَعْمُ الْمَحَامِلِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ اخْتِصَاصَهُ بِالْغُسْلِ الْوَاجِبِ ضَعِيفٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْته (وَفِي قَوْلٍ يُؤَخِّرُ غَسْلَ قَدَمَيْهِ) لِلِاتِّبَاعِ أَيْضًا وَالْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ فِي لَفْظِ رُوَاتِهِ كَانَ الْمُشْعِرَةَ بِالتَّكْرَارِ بَلْ قِيلَ الثَّانِي إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ لَا غَيْرُ وَعَلَى كُلٍّ تَحْصُلُ سُنَّةُ الْوُضُوءِ بِتَقْدِيمِ كُلِّهِ وَبَعْضِهِ وَتَأْخِيرِهِ وَتَوَسُّطِهِ أَثْنَاءَ الْغُسْلِ ثُمَّ إنْ تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْأَصْغَرِ نَوَى بِهِ سُنَّةَ الْغُسْلِ أَيْ أَوْ الْوُضُوءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا نَوَى نِيَّةً مُجْزِئَةً مِمَّا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مُوجِبِهِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الِانْدِرَاجِ وَهَذِهِ النِّيَّةُ بِقِسْمَيْهَا سُنَّةٌ
ــ
[حاشية الشرواني]
حَدَثُهُ فِي مَحَلِّهِ اُنْظُرْ اشْتِرَاطَ كَوْنِهِ بَعْدَ رَفْعِ حَدَثِ الْوَجْهِ فِي الْأَوَّلِ وَفِي مَحَلِّهِ فِي الثَّانِي هَلْ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِقَوْلِهِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ وَقُبَيْلَ السُّنَنِ أَوْ اغْتَسَلَ جُنُبٌ إلَّا رِجْلَيْهِ مَثَلًا ثُمَّ أَحْدَثَ كَفَاهُ غَسْلُهُمَا عَنْ الْأَكْبَرِ بَعْدَ بَقِيَّةِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ قَبْلَهَا أَوْ فِي أَثْنَائِهَا اهـ.
فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ مَا بَقِيَتْ جَنَابَتُهُ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَمَا ارْتَفَعَتْ جَنَابَتُهُ مِنْهَا وَطَرَأَ حَدَثُهُ الْأَصْغَرُ فَلْيُرَاجَعْ سم وَجَزَمَ بِالْمُنَافَاةِ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ أَقُولُ إنَّ فِي الْبُجَيْرِمِيِّ وَحَاشِيَةِ شَيْخِنَا مِثْلُ مَا فِي الشَّارِحِ فِي الْبَابَيْنِ وَلَك دَفْعُ الْمُنَافَاةِ بِأَنَّ تَرْكَ التَّرْتِيبِ هُنَا لَهُ صُورَتَانِ الْأُولَى بِأَنْ يُقَدِّمَ الْعُضْوَ الْبَاقِيَ جَنَابَتُهُ كَالرِّجْلِ عَلَى مَا طَرَأَ حَدَثُهُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَيْهِ رُتْبَةً كَالْوَجْهِ وَهِيَ الَّتِي أَفَادَ جَوَازَهَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ وَالثَّانِيَةُ بِأَنْ يُقَدِّمَ مَا طَرَأَ حَدَثُهُ كَالْيَدِ عَلَى مَا بَقِيَتْ جَنَابَتُهُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَيْهِ رُتْبَةً كَالْوَجْهِ وَهِيَ الَّتِي أَفَادَ مَنْعَهَا مَا هُنَا وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا كُلِّيًّا وَلَا جُزْئِيًّا حَتَّى يُنَافِيَ جَوَازُ إحْدَاهُمَا مَنْعَ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ الِانْدِرَاجِ إلَخْ) فَإِنَّ جَنَابَةَ الْيَدِ ارْتَفَعَتْ ثُمَّ طَرَأَ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ عَلَيْهَا بِالْمَسِّ أَيْ فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يُقَدِّمَ غَسْلَ كَفَّيْهِ عَلَى الْوَجْهِ فَلَوْ أَخَّرَهُ بِالْكُلِّيَّةِ عَنْ غَسْلِ جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ وَنَوَى كَفَى مَدَابِغِيٌّ اهـ.
بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ كَامِلًا إلَخْ) فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ تَأْخِيرِ قَدَمَيْهِ عَنْ الْغُسْلِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ) أَيْ الْمَنْقُولِ عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ع ش (قَوْلُهُ سُنَّ لَهُ إعَادَتُهُ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُمَا وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ وَلَوْ تَوَضَّأَ قَبْلَ غَسْلِهِ ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ لَمْ يَحْتَجْ لِتَحْصِيلِ سُنَّةِ الْوُضُوءِ إلَى إعَادَتِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِ مَا لَوْ غَسَلَ يَدَيْهِ فِي الْوُضُوءِ ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ إلَى إعَادَةِ غَسْلِهِمَا بَعْدَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ بَطَلَتْ بِالْحَدَثِ اهـ.
قَالَ شَيْخُنَا وَحُمِلَ كَلَامُ ابْنِ حَجٍّ عَلَى أَنَّهُ يُعِيدُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الِانْدِرَاجِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ اهـ.
(قَوْلُهُ اخْتِصَاصُهُ) أَيْ سُنَّ الْوُضُوءُ وَيُحْتَمَلُ أَيْ سَنُّ اسْتِصْحَابِهِ (قَوْلُهُ مِمَّا قَدَّمْته) أَيْ مِنْ إرْجَاعِ ضَمِيرِ أَكْمَلَهُ لِلْغُسْلِ الْأَعَمِّ (قَوْلُهُ بَلْ قِيلَ الثَّانِي) أَيْ الِاتِّبَاعُ الثَّانِي يَعْنِي لَفْظَ رَاوِيهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى كُلٍّ) أَيْ مِنْ الْقَوْلَيْنِ إلَى قَوْلِهِ وَهَذِهِ النِّيَّةُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ إلَى وَإِلَّا (قَوْلُهُ بِتَقْدِيمِ كُلِّهِ) وَهُوَ الْأَفْضَلُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ إنْ تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ) كَأَنْ احْتَلَمَ وَهُوَ جَالِسٌ مُتَمَكِّنٌ مُغْنِي وَكَأَنْ نَظَرَ أَوْ تَفَكَّرَ فَأَمْنَى شَيْخُنَا (قَوْلُهُ نَوَى بِهِ سُنَّةَ الْغُسْلِ) كَأَنْ يَقُولَ نَوَيْت الْوُضُوءَ لِسُنَّةِ الْغُسْلِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْ الْوُضُوءُ) أَيْ أَوْ يَقُولُ نَوَيْت الْوُضُوءَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَوْ يَنْوِي نِيَّةً مِنْ نِيَّاتِ الْوُضُوءِ الْمُتَقَدِّمَةِ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ م ر سُنَّةُ الْغُسْلِ قَضِيَّتُهُ تَعَيُّنُ ذَلِكَ وَإِنْ غَيْرَ هَذِهِ مِنْ نِيَّاتِ الْوُضُوءِ وَمُغْنِي كَنَوَيْتُ فَرْضَ الْوُضُوءِ لَا يَكْفِي وَيُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ فِي نَحْوِ نَوَيْت فَرْضَ الْوُضُوءِ وَعِبَارَةُ حَجٍّ بَعْدَ لَفْظِ الْغُسْلِ أَيْ أَوْ الْوُضُوءِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَتَجَرَّدْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ بَلْ اجْتَمَعَتْ مَعَهُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ نَوَى نِيَّةً مُجْزِئَةً إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُقَدِّمَ الْغُسْلَ عَلَى الْوُضُوءِ أَوْ يُؤَخِّرَهُ عَنْهُ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ شَيْخِنَا هَذَا ظَاهِرٌ إنْ قَدَّمَ الْوُضُوءَ عَلَى الْغُسْلِ فَإِنْ أَخَّرَهُ نَوَى سُنَّةَ الْغُسْلِ إنْ لَمْ يُرِدْ الْخُرُوجَ مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الِانْدِرَاجِ وَإِلَّا نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ النِّيَّاتِ الْمُعْتَبَرَةِ اهـ.
وَفِي الْمُغْنِي وَسَمِّ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ بِقِسْمَيْهَا) أَحَدُهُمَا نِيَّةُ سُنَّةِ الْغُسْلِ وَالثَّانِي نِيَّةٌ مُجْزِئَةٌ فِي
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
جُنُبٌ إلَّا رِجْلَيْهِ مَثَلًا ثُمَّ أَحْدَثَ كَفَاهُ غَسْلُهُمَا عَنْ الْأَكْبَرِ بَعْدَ بَقِيَّةِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ قَبْلَهَا أَوْ فِي أَثْنَائِهَا اهـ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ مَا بَقِيَتْ جَنَابَتُهُ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَمَا ارْتَفَعَتْ جَنَابَتُهُ مِنْهَا وَطَرَأَ حَدَثُهُ الْأَصْغَرُ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ الْوُضُوءُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْوُضُوءَ إنَّمَا يَكُونُ سُنَّةً فِي الْغُسْلِ الْوَاجِبِ وَبِهِ صَرَّحَ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْمَحَامِلِيِّ وَلَوْ قِيلَ بِنَدْبِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ السُّنَنِ الَّتِي ذَكَرُوهَا هُنَا فِي الْغُسْلِ الْمَسْنُونِ أَيْضًا لَمْ يَبْعُدْ ثُمَّ رَأَيْت الْمُصَنِّفَ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ جَزَمَ بِهَذَا الِاحْتِمَالِ اهـ بِاخْتِصَارٍ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ هُنَا بَعْدَ ذَلِكَ وَالْغُسْلُ الْمَسْنُونُ فِي الْأَقَلِّ وَالْأَكْمَلِ كَالْوَاجِبِ اهـ.
وَلَمْ يَزِدْ فِي شَرْحِهِ عَلَى عَزْوِ هَذَا لِلْجَوَاهِرِ (قَوْلُهُ سُنَّ لَهُ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِعَدَمِ إعَادَتِهِ مِنْ حَيْثُ سُنَّةُ الْغُسْلِ لِحُصُولِهَا بِالْمَرَّةِ الْأُولَى بِخِلَافِ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ قَبْلَ الْوُضُوءِ إذَا أَحْدَثَ بَعْدَهُ سُنَّ إعَادَتُهُ لِبُطْلَانِهِ بِالْحَدَثِ اهـ.
(قَوْلُهُ بِتَقْدِيمِ كُلِّهِ وَبَعْضِهِ وَتَأْخِيرِهِ إلَى قَوْلِهِ ثُمَّ إنْ تَجَرَّدَتْ إلَخْ) هَذَا الصَّنِيعُ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْأَصْغَرِ نَوَى نِيَّةً مُجْزِئَةً وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ الْغُسْلِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ ارْتِفَاعُ أَصْغَرِهِ حِينَئِذٍ بِالِانْدِرَاجِ نَظَرًا لِمُرَاعَاةِ خِلَافِ مُوجِبِهِ وَقَوْلُهُ بِعَدَمِ