(وَلَا شَيْءَ لِلْمُشَارِكِ بِحَالٍ) أَيْ فِي حَالٍ مِمَّا ذُكِرَ لِتَبَرُّعِهِ.
(وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْجَاعِلِ وَالْعَامِلِ (الْفَسْخُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ جِهَةِ الْجَاعِلِ لِتَعَلُّقِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهَا بِشَرْطٍ كَالْوَصِيَّةِ وَالْعَامِلِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا مَجْهُولٌ كَالْقِرَاضِ وَالْمُرَادُ بِفَسْخِ الْعَامِلِ رَدُّهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ ثُمَّ هُوَ قَبْلَ الْعَمَلِ لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِي الْمُعَيَّنِ وَخَرَجَ بِقَبْلِ تَمَامِهِ بَعْدَهُ فَلَا أَثَرَ لِلْفَسْخِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْجُعْلَ قَدْ لَزِمَ وَاسْتَقَرَّ (فَإِنْ فُسِخَ) مِنْ الْمَالِكِ أَوْ الْمُلْتَزِمِ أَوْ الْعَامِلِ الْمُعَيَّنِ الْقَابِلِ لِلْعَقْدِ وَقَدْ عَلِمَ الْعَامِلُ الَّذِي لَمْ يُفْسَخْ بِفَسْخِ الْجَاعِلِ أَوْ أَعْلَنَ الْجَاعِلُ بِالْفَسْخِ أَيْ أَشَاعَهُ وَالْعَامِلُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ (قَبْلَ الشُّرُوعِ) فِي الْعَمَلِ (أَوْ فَسَخَ الْعَامِلُ بَعْدَ الشُّرُوعِ) فِيهِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) ، وَإِنْ وَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا كَأَنْ شَرَطَ لَهُ جُعْلًا فِي مُقَابَلَةِ بِنَاءِ حَائِطٍ فَبَنَى بَعْضَهُ بِحَضْرَتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا وَفِي الثَّانِيَةِ فَوَّتَ بِفَسْخِهِ غَرَضَ الْمُلْتَزِمِ بِاخْتِيَارِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ فَسْخُهُ فِيهَا لِأَجْلِ زِيَادَةِ الْجَاعِلِ فِي الْعَمَلِ
ــ
[حاشية الشرواني]
الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْعَامِلُ كَانَ مَجْمُوعُ ذَلِكَ مَا ذُكِرَ وَالرُّبُعُ الرَّابِعُ يَبْقَى لِلْمُلْتَزِمِ وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الثُّلُثَيْنِ فَإِنَّ الْعَامِلَ يَسْتَحِقُّ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ النِّصْفَ وَمَا تَبَرَّعَ بِهِ الْمُعَاوِنُ لَهُ ثُلُثُ النِّصْفِ الَّذِي فَضَلَ وَذَلِكَ يُضَمُّ إلَى النِّصْفِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ وَمَجْمُوعُهُمَا الثُّلُثَانِ اهـ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا شَيْءَ لِلْمُشَارِكِ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ لِوَاحِدٍ إنْ رَدَدْته فَلَكَ دِينَارٌ وَلِآخَرَ إنْ رَدَدْته أُرْضِيك فَرَدَّاهُ فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّينَارِ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ أُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَلَوْ قَالَ إنْ رَدَدْت عَبْدِي فَلَكَ كَذَا فَأَمَرَ رَقِيقَهُ بِرَدِّهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ اسْتَحَقَّ كُلَّ الْجُعْلِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِإِنَابَتِهِ إيَّاهُ فِي الْعَمَلِ الْمَذْكُورِ وَلَا يُؤَثِّرُ طَرَيَان حُرِّيَّتِهِ كَمَا لَوْ أَعَانَهُ أَجْنَبِيٌّ فِيهِ وَلَمْ يَقْصِدْ الْمَالِكُ وَأَفْتَى أَيْضًا فِي وَلَدٍ قَرَأَ عِنْدَ فَقِيهٍ مُدَّةً ثُمَّ نُقِلَ إلَى فَقِيهٍ آخَرَ فَطَلَعَ عِنْدَهُ سُورَةٌ يُعْمَلُ لَهَا سُرُورٌ كَالْأَصَارِيفِ مَثَلًا وَحَصَلَ لَهُ فُتُوحٌ بِأَنَّهُ لِلثَّانِي وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ الْأَوَّلُ انْتَهَى شَرْحُ م ر اهـ سم قَالَ ع ش قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ كُلَّ الْجُعْلِ أَيْ السَّيِّدُ ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَدَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَقِيَاسُ مَا لَوْ قَصَدَ الْمُعَاوِنُ نَفْسَهُ حَيْثُ قُلْنَا إنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْقِسْطُ سُقُوطَ مَا يُقَابِلُ عَمَلَ الْعَبْدِ مِنْ وَقْتِ إعْتَاقِهِ وَقَوْلُهُ فَطَلَعَ عِنْدَهُ إلَخْ أَيْ فَقَرَأَ عِنْدَهُ شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ ثُمَّ طَلَعَ سُورَةٌ إلَخْ اهـ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَعَانَهُ إلَخْ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ قَصَدَ الْمَالِكُ حِينَئِذٍ أَنَّ السَّيِّدَ الْمُعْتِقَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا فَلْيُرَاجَعْ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ فِي حَالٍ مِمَّا ذُكِرَ إلَخْ) نَعَمْ إنْ الْتَزَمَ لَهُ الْعَامِلُ بِشَيْءٍ لَزِمَهُ لَهُ اهـ مُغْنِي.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ) وَيَنْقَسِمُ الْعَقْدُ بِاعْتِبَارِ لُزُومِهِ وَجَوَازِهِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ قَطْعًا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالسَّلَمِ وَالصُّلْحِ وَالْحَوَالَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْهِبَةِ لِغَيْرِ الْفُرُوعِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَالْخُلْعِ وَلَازِمٌ مِنْ أَحَدِهِمَا قَطْعًا وَمِنْ الْآخَرِ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ النِّكَاحُ فَإِنَّهُ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ قَطْعًا وَمِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقُدْرَتُهُ عَلَى الطَّلَاقِ لَيْسَ فَسْخًا، ثَانِيهَا لَازِمٌ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ جَائِزٌ مِنْ الْآخَرِ قَطْعًا كَالْكِتَابَةِ وَكَذَا الرَّهْنُ وَهِبَةُ الْأُصُولِ لِلْفُرُوعِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَالضَّمَانُ وَالْكَفَالَةُ، ثَالِثُهَا جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَالشَّرِكَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْعَارِيَّةَ الْوَدِيعَةِ وَكَذَا الْجَعَالَةُ قَبْلَ فَرَاغِ الْعَمَلِ وَلِذَا قَالَ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ رَدُّهُ) أَيْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ ثُمَّ هُوَ) أَيْ فَسْخُ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِي الْمُعَيَّنِ) بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فَسْخُهُ إلَّا بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الْعَمَلِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي زَادَ سم مَا نَصُّهُ وَفِي فَسْخِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ الشُّرُوعِ نَظَرٌ إذْ الْعَقْدُ لَمْ يَرْتَبِطْ بِهِ أَيْ وَحْدَهُ فَكَيْفَ يَرْفَعُهُ رَأْسًا، فَإِنْ أُرِيدَ رَفْعُهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَقَطْ فَمُحْتَمَلٌ اهـ.
(قَوْلُهُ بَعْدَهُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَا بَعْدَهُ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (فَإِنْ فُسِخَ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ الْمُلْتَزِمِ) كَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمُلْتَزِمِ (قَوْله الْقَابِلِ لِلْعَقْدِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْقَابِلُ وَلَوْ مَعْنًى لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ اهـ سم (قَوْلُهُ أَوْ الْعَامِلِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا كَمَا يَأْتِي اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَقَدْ عَلِمَ الْعَامِلُ إلَخْ) مَفْهُومُهُ قَوْلُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ فَسَخَ الْعَامِلُ) شَمِلَ كَلَامُهُمْ الصَّبِيَّ اهـ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْفَسْخِ مِنْهُ تَرْكُ الْعَمَلِ بَعْدَ الشُّرُوعِ وَإِلَّا فَفَسْخُ الصَّبِيِّ لَغْوٌ اهـ وَقَوْلُهُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إلَخْ سَيَأْتِي عَنْ سم عَنْ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) وَلَوْ فَسَخَ الْعَامِلُ وَالْمُلْتَزِمُ مَعًا لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَيَنْبَغِي عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ لِاجْتِمَاعِ الْمُقْتَضِي وَالْمَانِعِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَعَ) إلَى قَوْلِهِ أَمَّا إذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَأَنْ شَرَطَ إلَى لِأَنَّهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا) كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ثُمَّ قَالَ هُوَ وَالرَّوْضُ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
عِنْدَهُ سُورَةٌ يَعْمَلُ لَهَا سُرُورٌ كَالْأَصَارِيفِ مَثَلًا وَحَصَلَ لَهُ فُتُوحٌ بِأَنَّهُ لِلثَّانِي وَلَا يُشَارِكُهُ الْأَوَّلُ اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا مَجْهُولٌ) قَدْ يَكُونُ مَعْلُومًا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ رَدَّهُ) هَلْ يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ ثُمَّ هُوَ) أَيْ فَسْخُ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْعَمَلِ) يُفْهَمُ تَصَوُّرُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ وَفِي الِاعْتِدَادِ بِهِ نَظَرٌ لِعَدَمِ ارْتِبَاطِ الْعَقْدِ بِهِ وَلِذَا لَوْ سَبَقَ غَيْرُهُ، وَلَوْ بَعْدَ شُرُوعِهِ لِرَدِّهِ اسْتَحَقَّ دُونَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِي الْمُعَيَّنِ) بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فَسْخُهُ إلَّا بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الْعَمَلِ وَالْمُرَادُ بِالْفَسْخِ رَفْعُ الْعَقْدِ وَرَدُّهُ كَذَا شَرْحُ م ر وَفِي فَسْخِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ الشُّرُوعِ نَظَرٌ إذْ الْعَقْدُ لَمْ يَرْتَبِطْ بِهِ بِخُصُوصِهِ فَكَيْفَ يَرْفَعُهُ رَأْسًا فَإِنْ أُرِيدَ رَفْعُهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَقَطْ فَمُحْتَمَلٌ (قَوْلُهُ الْقَابِلِ لِلْعَقْدِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْقَابِلُ وَلَوْ مَعْنًى كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ وَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا) كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ثُمَّ قَالَ هُوَ وَالرَّوْضُ وَإِنْ خَاطَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute