وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُمْ مُصَرِّحُونَ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي مَنْعِ مَالَهُ دَخْلٌ فِي الْقَتْلِ بَيْنَ الدَّاخِلِ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ كَتَزْكِيَةِ مُزَكِّي الشَّاهِدِ بِإِحْصَانِ الْمُورَثِ الزَّانِي فَتَأَمَّلْ بَعْدَ هَذَا الْمَدْخَلِ مَعَ مَنْعِهِ الْإِرْثِ فَبَطَلَ جَمِيعُ مَا وَجَّهَ بِهِ بَحْثَهُ الَّذِي أَفَادَهُ بِذِكْرِهِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُمْ فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ أَعْنِي بَحْثَهُ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ، وَوَجْهُ مُخَالَفَتِهِ لَهُ مَا قَرَّرْته، لَكِنْ صَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الزَّوْجَ يَرِثُ جَاذِمًا بِهِ جَزَمَ الْمَذْهَبُ وَحِينَئِذٍ فَفِي جَرْيِهِ عَلَى قَوَاعِدِهِمْ دِقَّةٌ وَاَلَّذِي يَتَّضِحُ بِهِ جَرْيُهُ عَلَيْهَا أَنْ يُقَالَ لَا شَكَّ أَنَّ الْوَطْءَ مِنْ بَابِ التَّمَتُّعَاتِ وَهِيَ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ لَا يُقْصَدَ بِهَا قَتْلٌ وَلَا يُنْسَبُ إلَيْهَا وَإِنَّمَا خَالَفُوهُ فِي الرَّهْنِ لِكَوْنِ الرَّاهِنِ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِهِ فِي الْمَرْهُونَةِ فَاقْتَضَى الِاحْتِيَاطَ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ مُنِعَ الرَّاهِنُ مِنْ الْوَطْءِ لِحُرْمَتِهِ وَنِسْبَةُ التَّفْوِيتِ إلَيْهِ بِوَاسِطَةِ نِسْبَةِ الْوَلَدِ إلَيْهِ لِيَغْرَمَ الْبَدَلَ وَأَمَّا هُنَا فَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الشَّرْطِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا يُقْصَدُ بِهِ التَّفْوِيتُ وَيُنْسَبُ إلَيْهِ الْقَتْلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّعَدِّي بِهِ لِبُعْدِ إضَافَةِ الْقَتْلِ إلَيْهِ فَمَا لَا تَعَدِّيَ بِهِ لَا يَمْنَعُ فَإِذَا كَانَ هَذَا لَا يَمْنَعُ فَأَوْلَى إذْ الشَّرْطُ مِنْ جِنْسِ مَا يُقْصَدُ وَلَا كَذَلِكَ الْوَطْءُ.
وَمِنْهَا اللِّعَانُ وَالشَّكُّ فِي النَّسَبِ فَلَوْ تَنَازَعَا مَجْهُولًا وَلَا حُجَّةَ فَإِنْ مَاتَا قَبْلَهُ وَقَفَ إلَى الْبَيَانِ مِنْ تَرِكَةِ كُلٍّ إرْثُ وَلَدٍ أَوْ عَكْسَهُ وُقِفَ مِنْ تَرِكَتِهِ إرْثُ أَبٍ وَسُئِلْت عَمَّنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ أَيْ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْ الزَّوْجِ وَوَاطِئِ الشُّبْهَةِ، وَقَدْ وَطِئَاهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَمَاتَ قَبْلَ لُحُوقِهِ بِأَحَدِهِمَا وَلِأَحَدِهِمَا وَلَدَانِ مِنْ غَيْرِهَا فَهَلْ تَرِثُ السُّدُسَ أَوْ الثُّلُثَ فَأَجَبْت أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهَا تَأْخُذُ السُّدُسَ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ وَيُوقَفُ السُّدُسُ الْآخَرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ إلَى الْبَيَانِ لِلشَّكِّ فِي مُسْتَحِقِّهِ مَعَ احْتِمَالِ ظُهُورِهِ لَهَا أَوْ لِغَيْرِهَا فَلَا مُقْتَضِي يَقِينًا لِأَخْذِهَا لَهُ، ثُمَّ رَأَيْت شَارِحًا حَكَى فِيهَا وَجْهَيْنِ وَقَالَ أَصَحُّهُمَا السُّدُسُ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَوْ شَكَّ فِي وُجُودِ أَخَوَيْنِ فَهَلْ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ أَوْ السُّدُسُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي اهـ.
وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِوَقْفِ السُّدُسِ الْآخَرِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا ذَكَرْتُهُ وَعَدَمُ تَحَقُّقِ حَيَاةِ الْوَارِثِ عِنْدَ مَوْتِ الْمُورِثِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ، (وَلَوْ مَاتَ مُتَوَارِثَانِ بِغَرَقٍ أَوْ هَدْمٍ) أَوْ نَحْوِهِمَا كَحَرِيقٍ (أَوْ فِي غُرْبَةٍ مَعًا أَوْ جُهِلَ أَسْبَقُهُمَا) وَمِنْهُ أَنْ يُعْلَمَ سَبْقٌ وَلَا يُعْلَمُ عَيْنُ السَّابِقِ أَيْ وَلَا يُرْجَى بَيَانُهُ وَإِلَّا وُقِفَ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ نَظَائِرَ لَهُ تَأْتِي (لَمْ يَتَوَارَثَا) لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا التَّوَارُثَ بَيْنَ مَنْ قُتِلَ فِي يَوْمِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ وَالْحَرَّةِ إلَّا فِيمَنْ عَلِمُوا تَأَخُّرَ مَوْتِهِ (وَمَالُ كُلٍّ) مِنْهُمَا (لِبَاقِي وَرَثَتِهِ) إذْ لَوْ وَرَّثْنَا أَحَدَهُمَا كَانَ تَحَكُّمًا أَوْ كُلًّا مِنْ الْآخَرِ تَيَقَّنَّا الْخَطَأَ، وَلَوْ عُلِمَ السَّابِقُ، ثُمَّ نُسِيَ وُقِفَ لِلْبَيَانِ أَوْ الصُّلْحِ وَنَفْيُهُ التَّوَارُثَ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ وَالْأَغْلَبُ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ إيهَامُ امْتِنَاعِهِ فِي
ــ
[حاشية الشرواني]
يَقْطَعْهَا لَسُمِّيَ الزَّانِي قَاتِلًا (قَوْلُهُ وَأَمَّا الثَّانِي) أَيْ التَّعْلِيلُ بِبَعْدِ سَبَبِيَّةِ الْوَطْءِ لِلْقَتْلِ (قَوْلُهُ فِي مَنْعِ مَالَهُ دَخْلٌ إلَخْ) أَيْ لِلْإِرْثِ (قَوْلُهُ بُعْدً إلَخْ) بِضَمِّ الْبَاءِ مَفْعُولُ قَوْلِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَيَبْطُلُ) بِبِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنْ الْإِبْطَالِ وَقَوْلُهُ جَمِيعَ إلَخْ بِالنَّصْبِ مَفْعُولُهُ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ إلَخْ مَفْعُولُهُ (قَوْلُهُ جَازِمًا بِهِ جَزْمَ الْمَذْهَبِ) وَكَذَا جَزَمَ بِهِ جَزْمَ الْمَذْهَبُ الْمُغْنِي وَكَذَا جَزَمَ شَيْخُنَا بِذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ الشَّنْشَوْرِيِّ وَفِي ابْنِ الْجَمَّالِ بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ شَرْحِ التَّرْتِيبِ مَا نَصُّهُ وَفِي التُّحْفَةِ فِيهَا أَيْ فِي مَسْأَلَةِ إرْثِ الزَّوْجِ كَلَامٌ مَبْسُوطٌ مُحَصَّلُهُ آخِرًا أَنَّهُ يَرِثُ اهـ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ إنَّ مَرَضِيَّ الشَّارِحِ يَعْنِي التُّحْفَةَ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ مَنْعِ الْإِرْثِ وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا بَيَانٌ لِذَلِكَ الْوَجْهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بَيَانِ وَجْهِ الشَّيْءِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّارِحُ مَرَضِيًّا عِنْدَهُ كَمَا فِي بَيَانِ وَجْهِ الْمُقَابِلِ لِلصَّحِيحِ اهـ أَقُولُ إنَّ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الْجَمَّالِ مِنْ أَنَّ مَرَضِيَّ الشَّارِحِ الْإِرْثُ هُوَ الظَّاهِرُ وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَوَّلًا مُجَرَّدُ بَحْثٍ وَمَدَارُ الْفِقْهِ عَلَى النَّقْلِ وَهُوَ مَعَ الثَّانِي فَقَطْ (قَوْلُهُ وَفِي جَرْيِهِ) أَيْ مَا جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ (قَوْلُهُ عَلَى قَوَاعِدِهِمْ) أَيْ قَوَاعِدِ الْأَصْحَابِ هُنَا (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ بِالرَّهْنِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا هُنَا) أَيْ فِي الْمَنْعِ لِلْإِرْثِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ) فَاعِلُ تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ فَإِذَا كَانَ هَذَا) أَيْ الشَّرْطُ الَّذِي لَا تُعَدَّى بِهِ (قَوْلُهُ مَجْهُولًا) أَيْ وَلَدًا مَجْهُولًا نَسَبُهُ صَغِيرًا كَانَ أَوْ مَجْنُونًا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ وُجِدَ عَكْسُهُ بِأَنْ يَمُوتَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَكَذَا إذَا مَاتَ قَبْلَ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ الْمَذْكُورِ) أَيْ آنِفًا بِقَوْلِهِ فَلَوْ تَنَازَعَا إلَخْ (قَوْلُهُ حَكَى فِيهَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمِنْهَاجِ.
(قَوْلُهُ وَعَدَمُ تَحَقُّقِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى اللَّعَّانُ (قَوْلُهُ هَذَا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَإِلَّا فَلَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَفِي نَسْخِ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَكَلَامُ الْبَسِيطِ الْمُوهِمِ خِلَافَ ذَلِكَ مُؤَوَّلٌ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ أَنْ يَعْلَمَ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْجَهْلِ بِالسَّابِقِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْجَهْلُ بِالسَّبْقِ صَادِقٌ بِأَنْ يَعْلَمَ أَصْلَ السَّبْقِ وَلَا يَعْلَمَ عَيْنَ السَّابِقِ وَبِأَنْ لَا يُعْلَمَ سَبْقٌ أَصْلًا وَصُوَرُ الْمَسْأَلَةِ خَمْسٌ الْعِلْمُ بِالْمَعِيَّةِ الْعِلْمُ بِعَيْنِ السَّبْقُ وَعَيْنِ السَّابِقِ الْجَهْلُ بِالْمَعِيَّةِ وَالسَّبْقِ الْجَهْلُ بِعَيْنِ السَّابِقِ مَعَ الْعِلْمِ بِالسَّبَقِ الْتِبَاسُ السَّابِقِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ عَيْنِهِ فَفِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ يُوقَفُ الْمِيرَاثُ إلَى الْبَيَانِ أَوْ الصُّلْحِ وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ تُقْسَمُ التَّرِكَةُ وَفِي الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ مَالُ أَيْ تَرِكَةُ كُلٍّ لِبَاقِي وَرَثَتِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ رُجِيَ بَيَانُهُ (قَوْلُهُ وَصِفِّينَ) كَسِجِّينٍ مَوْضِعٌ قُرْبَ الرَّقَّةِ بِشَاطِئِ الْفُرَاتِ كَانَتْ بِهِ الْوَقْعَةُ الْعُظْمَى بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - اهـ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ وَالْحَرَّةُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ مَوْضِعٌ بِظَاهِرِ الْمَدِينَةِ تَحْتَ وَاقِمٍ وَبِهِ كَانَتْ وَقْعَةُ الْحَرَّةِ أَيَّامَ يَزِيدَ اهـ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ تَيَقَّنَّا الْخَطَأَ) ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ مَاتَا مَعًا فَفِيهِ تَوْرِيثُ مَيِّتٍ مِنْ مَيِّتٍ أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ فَفِيهِ تَوْرِيثُ مَنْ تَقَدَّمَ مِمَّنْ تَأَخَّرَ فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّ كُلِّ مَيِّتٍ أَنَّهُ لَمْ يُخَلِّفْ الْآخَرَ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَنَفْيُهُ التَّوَارُثَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ كَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ لَمْ يَرِثْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَعِبَارَةِ التَّنْبِيهِ فَإِنَّ اسْتِبْهَامَ تَارِيخِ الْمَوْتِ مَانِعٌ مِنْ الْحُكْمِ بِالْإِرْثِ لَا مِنْ نَفْسِ الْإِرْثِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَتَوَارَثَا لَيْسَ بِحَاصِرٍ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَرِثُ مِنْ الْآخَرِ دُونَ عَكْسِهِ كَالْعَمَّةِ وَابْنِ أَخِيهَا كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَرِدُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُرَادَ لَا يَدْفَعُ الْإِيرَادَ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ نَفْيِ الْمُصَنِّفِ التَّوَارُثَ (قَوْلُهُ إيهَامُ امْتِنَاعِهِ إلَخْ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ وَالْأَصْلُ إيهَامُ النَّفْيِ امْتِنَاعَ إلَخْ، ثُمَّ هُوَ مَعَ قَوْلِهِ وَلَا أَنَّ أَحَدَهُمَا إلَخْ الْمَعْطُوفَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .