فِي رَاكِدٍ لَمْ يَسْتَبْحِرْ كَنَابِعٍ مِنْ عَيْنٍ غَيْرِ جَارٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْذُرُهُ وَأَنْ يُؤَخِّرَ مَنْ أَجْنَبَ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ غُسْلَهُ عَنْ بَوْلِهِ لِئَلَّا يَخْرُجَ مَعَهُ فَضْلَةُ مَنِيِّهِ فَيَبْطُلُ غُسْلُهُ قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ وَأَنْ يَخُطَّ مَنْ يَغْتَسِلُ فِي فَلَاةٍ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ خَطًّا كَالدَّارَةِ ثُمَّ يُسَمِّي اللَّهَ وَيَغْتَسِلُ فِيهَا وَأَنْ لَا يَغْتَسِلَ نِصْفَ النَّهَارِ وَلَا عِنْدَ الْعَتَمَةِ وَأَنْ لَا يُدْخِلَ الْمَاءَ إلَّا بِمِئْزَرِهِ فَإِنْ أَرَادَ إلْقَاءَهُ فَبَعْدَ أَنْ يَسْتُرَ الْمَاءُ عَوْرَتَهُ اهـ وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ فِي غَيْرِ الْأَخِيرِ عَلَى مَا رَآهُ كَافِيًا فِي نَدْبِ ذَلِكَ.
وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ وَفِيهِ مَا فِيهِ وَأَنْ لَا يُزِيلَ ذُو حَدَثٍ أَكْبَرَ قَبْلَهُ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ وَلَوْ نَحْوَ دَمٍ قَالَ الْغَزَالِيُّ لِأَنَّ أَجْزَاءَهُ تَعُودُ إلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ بِوَصْفِ الْجَنَابَةِ وَيُقَالُ إنَّ كُلَّ شَعْرَةٍ تُطَالِبُهُ بِجَنَابَتِهَا وَأَنْ يَغْسِلَ كَحَائِضٍ أَوْ نُفَسَاءَ انْقَطَعَ دَمُهَا فَرْجَهُ وَيَتَوَضَّأَ إنْ وَجَدَ الْمَاءَ وَإِلَّا تَيَمَّمَ وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِغَسْلِ الْفَرْجِ إنْ أَرَادَ نَحْوَ جِمَاعٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ وَإِلَّا كُرِهَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهَذِهِ الْأَرْبَعَةِ إرَادَةُ الذِّكْرِ أَخْذًا مِنْ تَيَمُّمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَدِّ سَلَامِ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ جُنُبًا وَالْقَصْدُ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ تَخْفِيفُ الْحَدَثِ فَيُنْتَقَضُ بِهِ وَفِيهِ زِيَادَةُ النَّشَاطِ لِلْعَوْدِ فَلَا يُنْتَقَضُ بِهِ وَهُوَ كَوُضُوءِ التَّجْدِيدِ وَالْوُضُوءِ لِنَحْوِ الْقِرَاءَةِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ وَيَجُوزُ الْغُسْلُ عَارِيًّا قَالَ جَمْعٌ
ــ
[حاشية الشرواني]
خِلَافًا لِلْأَسْنَى وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَالْوُضُوءُ فِيهِ كَالْغُسْلِ اهـ وَهُوَ مَحْمُولٌ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا عَلَى وُضُوءِ الْجُنُبِ اهـ.
(قَوْلُهُ فِي رَاكِدٍ) شَامِلٌ لِلْمُسْبَلِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ نَظَّفَ جَسَدَهُ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ أَوْ الْوُضُوءِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ بِهِ قَذَرٌ وَغَيْرُهُ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ النَّفْسِ أَنْ تَعَافَ الْمَاءَ بَعْدَ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ مِنْهُ وَإِنْ سَبَقَ التَّنْظِيفُ الْمَذْكُورُ سم (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْذُرُهُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْإِيعَابِ وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي طَهُورِيَّةِ ذَلِكَ الْمَاءِ أَوْ لِشَبَهِهِ بِالْمَاءِ الْمُضَافِ إلَى شَيْءٍ لَازِمٍ كَمَاءِ الْوَرْدِ فَيُقَالُ مَاءُ عَرَقٍ أَوْ وَسَخٍ اهـ.
(قَوْلُهُ فَيَبْطُلُ غَسْلُهُ) يَعْنِي فَيَحْتَاجُ إلَى غُسْلٍ آخَرَ (قَوْلُهُ كَالدَّارَةِ) أَيْ الدَّائِرَةِ (قَوْلُهُ وَلَا عِنْدَ الْعَتَمَةِ) وَهِيَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ قَامُوسٌ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَهُ أَيْ الْحَمَّامَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ لِأَنَّهُ وَقْتُ انْتِشَارِ الشَّيَاطِينِ اهـ.
(قَوْلُهُ انْتَهَى) أَيْ قَوْلُ بَعْضِ الْحُفَّاظِ وَ (قَوْلُهُ وَكَانَ إلَخْ) أَيْ ذَلِكَ الْبَعْضُ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرِ) وَالْأَخِيرُ قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يُدْخِلَ الْمَاءَ إلَّا بِمِئْزَرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفِيهِ مَا فِيهِ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي التَّنْظِيرِ فِيهِ حِينَئِذٍ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لِلشَّارِحِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَذْكُرُ خَبَرًا ثُمَّ يُرَتِّبُ عَلَيْهِ النَّدْبَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُصَرِّحًا بِهِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يُزِيلَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْخَطِيبِ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يُقَلِّمَ أَوْ يَسْتَحِدَّ أَوْ يُخْرِجَ دَمًا أَوْ يُبَيِّنَ مِنْ نَفْسِهِ جُزْءًا وَهُوَ جُنُبٌ إذْ سَائِرُ أَجْزَائِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ أَجْزَاءَهُ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ الْأَجْزَاءَ الْمُنْفَصِلَةَ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ لَا يَرْتَفِعُ جَنَابَتُهَا بِغَسْلِهَا سم عَلَى حَجّ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ تَعُودُ إلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَوْدَ لَيْسَ خَاصًّا بِالْأَجْزَاءِ الْأَصْلِيَّةِ وَفِيهِ خِلَافٌ، وَقَالَ السَّعْدُ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ النَّسَفِيَّةِ الْمُعَادُ إنَّمَا هُوَ الْأَجْزَاءُ الْأَصْلِيَّةُ الْبَاقِيَةُ مِنْ أَوَّلِ الْعُمُرِ إلَى آخِرِهِ ع ش عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُرَدُّ إلَيْهِ مَا مَاتَ عَلَيْهِ لَا جَمِيعُ أَظْفَارِهِ الَّتِي قَلَّمَهَا فِي عُمُرِهِ وَلَا شَعْرِهِ كَذَلِكَ فَرَاجِعْهُ قَلْيُوبِيٌّ وَعِبَارَةُ الْمَدَابِغِيِّ قَوْلُهُ لِأَنَّ أَجْزَاءَهُ إلَخْ أَيْ الْأَصْلِيَّةَ فَقَطْ كَالْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ بِخِلَافِ نَحْوِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَيْهِ مُنْفَصِلًا عَنْ بَدَنِهِ لِتَبْكِيتِهِ أَيْ تَوْبِيخِهِ حَيْثُ أُمِرَ بِأَنْ لَا يُزِيلَهُ حَالَةَ الْجَنَابَةِ أَوْ نَحْوِهَا انْتَهَتْ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُقَالُ إنَّ كُلَّ شَعْرَةٍ إلَخْ) فَائِدَتُهُ التَّوْبِيخُ وَاللَّوْمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِفَاعِلِ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ قَصَّرَ كَأَنْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَغْتَسِلْ وَإِلَّا فَلَا كَأَنْ فَجَأَهُ الْمَوْتُ ع ش (قَوْلُهُ وَأَنْ يَغْسِلَ) أَيْ الْجُنُبُ (قَوْلُهُ فَرْجَهُ) وَاضِحٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ كَانَ بِهِ مُقَذِّرٌ وَلَوْ طَاهِرًا كَالْمَنِيِّ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ كَمَا لَوْ أَوْلَجَ بِحَائِلٍ وَلَمْ يُنْزِلْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَيَتَوَضَّأُ إلَخْ) وَكَيْفِيَّةُ نِيَّةِ الْجُنُبِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي نَوَيْت سُنَّةَ وُضُوءِ الْأَكْلِ أَوْ النَّوْمِ مَثَلًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّهَا تَنْدَرِجُ فِي الْوُضُوءِ الْوَاجِبِ بِالْمَعْنَى الْآتِي فِي انْدِرَاجِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِهَا اهـ.
كُرْدِيٌّ عَنْ الْإِيعَابِ (قَوْلُهُ إنْ أَرَادَ إلَخْ) قَيْدٌ لِكُلٍّ مِنْ غَسْلِ الْفَرْجِ وَالْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ نَحْوَ جِمَاعٍ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ أَدْخَلَ بِالنَّحْوِ مُجَالَسَةَ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَمُطَالَعَةَ كُتُبِ الشَّرْعِ وَمُقَدِّمَاتِهَا وَكِتَابَتَهَا (قَوْلُهُ وَالْقَصْدُ بِهِ) أَيْ بِالْوُضُوءِ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ أَيْ غَيْرِ الْجِمَاعِ وَ (قَوْلُهُ فَيَنْتَقِضُ بِهِ) أَيْ ذَلِكَ الْوُضُوءِ بِالْحَدَثِ وَ (قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ فِي الْجِمَاعِ (قَوْلُهُ فَلَا يَنْتَقِضُ بِهِ) أَقُولُ وَهَذَا مِمَّا يُلْغَزُ بِهِ فَيُقَالُ لَنَا وُضُوءٌ شَرْعِيٌّ لَا يَنْتَقِضُ بِالْحَدَثِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْوُضُوءُ لِنَحْوِ الْجِمَاعِ إلَخْ مُبْتَدَأٌ وَ (قَوْلُهُ كَوُضُوءِ التَّجْدِيدِ إلَخْ) خَبَرُهُ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْغُسْلُ عَارِيًّا إلَخْ) وَيُبَاحُ لِلرِّجَالِ دُخُولُ الْحَمَّامِ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ غَضُّ الْبَصَرِ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُمْ النَّظَرُ إلَيْهِ وَصَوْنُ عَوْرَاتِهِمْ عَنْ الْكَشْفِ بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا أَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِ حَاجَةٍ كَشَفَهَا وَنَهَى الْغَيْرَ عَنْ كَشْفِ عَوْرَتِهِ وَإِنْ عُلِمَ عَدَمُ امْتِثَالِهِ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا دَخَلَ الْحَمَّامَ عَارِيًّا لَعَنَهُ مَلَكَاهُ وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ لِلنِّسَاءِ بِلَا عُذْرٍ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُنَّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي السَّتْرِ وَلِمَا فِي خُرُوجِهِنَّ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالشَّرِّ وَقَدْ وَرَدَ «مَا مِنْ امْرَأَةٍ تَخْلَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا إلَّا هَتَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ» وَالْخَنَاثَى كَالنِّسَاءِ وَيَنْبَغِي لِدَاخِلِهِ أَنْ يَقْصِدَ التَّطْهِيرَ وَالتَّنْظِيفَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْبَيَانِ عَلَى عُمُومِهِ وَهُوَ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ لِأَنَّ وُضُوءَ الْمُحْدِثِ يَتَأَتَّى فِيهِ سَبَبُ الْكَرَاهَةِ الْمَذْكُورُ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِلْحَمْلِ الْمَذْكُورِ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ (قَوْلُهُ فِي رَاكِدٍ) شَامِلٌ لِلْمُسْبِلِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْكَرَاهَةِ بَيْنَ مَنْ نَظَّفَ جَسَدَهُ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ أَوْ الْوُضُوءِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ بِهِ قَذَرٌ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ النَّفْسِ أَنْ تُعَافَ الْمَاءَ بَعْدَ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ مِنْهُ وَإِنْ سَبَقَ التَّنْظِيفُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ أَجْزَاءَهُ تَعُودُ إلَخْ)