للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ أَوْ حَقِيقَةٌ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مُطْلَقِ الْمُسْتَقْذَرِ وَاسْتِعْمَالُ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعَانِيهِ جَائِزٌ اسْتِغْنَاءً بِالْقَرِينَةِ كَمَا فِي الْآيَةِ فَانْدَفَعَ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ هُنَا وَفِي الْحَدِيثِ «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ» وَخَرَجَ بِالْمَائِعِ نَحْوُ الْبَنْجِ وَالْحَشِيشِ وَالْأَفْيُونِ وَجَوْزَةِ الطِّيبِ وَكَثِيرِ الْعَنْبَرِ وَالزَّعْفَرَانِ فَهَذِهِ كُلُّهَا مُسْكِرَةٌ لَكِنَّهَا جَامِدَةٌ فَكَانَتْ طَاهِرَةً وَالْمُرَادُ بِالْإِسْكَارِ هُنَا الَّذِي وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ فِي نَحْوِ الْحَشِيشِ مُجَرَّدُ تَغْيِيبِ الْعَقْلِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ بِأَنَّهَا مُخَدِّرَةٌ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ وَمَا ذَكَرَتْهُ فِي الْجَوْزَةِ مِنْ أَنَّهَا مُسْكِرَةٌ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ وَأَنَّهَا حَرَامٌ صَرَّحَ بِهِ أَئِمَّةُ الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْحَنَفِيَّةِ وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ جَامِدُ الْخَمْرِ وَدُرْدِيُّهُ وَلَا ذَائِبُ نَحْوِ حَشِيشٍ لَمْ تَصِرْ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ نَظَرًا لِأَصْلِهِمَا

ــ

[حاشية الشرواني]

وَأَيُّ قَرِينَةٍ كَذَلِكَ وَكَذَا إذَا كَانَ مِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعَانِيهِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ إلَّا بِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحَدَ الْمَعْنَيَيْنِ الرَّاجِعَ لِلْخَمْرِ هُوَ النَّجَسُ وَأَيُّ قَرِينَةٍ كَذَلِكَ فَتَدَبَّرْ فَأَيُّ انْدِفَاعٍ لِمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ هُنَا مَعَ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ وَتَعَجَّبْ اهـ وَأُجِيبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْقَرِينَةَ عَدَمُ الْمَانِعِ عَنْ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَمْرِ وَوُجُودُهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَاهَا وَهُوَ الْإِجْمَاعُ وَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْ الثَّانِي آنِفًا (قَوْلُهُ أَوْ حَقِيقَةً) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَجَازٌ فِيهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ) ظَاهِرُهُ شَرْعًا (أَيْضًا) أَيْ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى النَّجَسِ (قَوْلُهُ عَلَى مُطْلَقِ الْمُسْتَقْذَرِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا يَكُونُ رِجْسٌ فِي الْآيَةِ كَحَيَوَانٍ فِي قَوْلِك الْإِنْسَانُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالْإِبِلُ حَيَوَانٌ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الْمَعْنَوِيِّ فِي مَعْنَاهُ الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِأَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ لَا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ اللَّفْظِيِّ فِي مَعَانِيهِ الَّذِي يَدَّعِيهِ (قَوْلُهُ اسْتِغْنَاءً بِالْقَرِينَةِ إلَخْ) وَهِيَ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَمْرِ اشْتِهَارُ الرِّجْسِ فِي النَّجَسِ كَمَا فِي ع ش وَبِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَاهَا الْإِجْمَاعُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْحَدِيثِ «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ» ) فِيهِ تَأَمُّلٌ إذْ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ الْحُرْمَةُ لَا النَّجَاسَةُ وَلِهَذَا اسْتَدَلَّ الشَّيْخَانِ عَلَى نَجَاسَةِ النَّبِيذِ بِقِيَاسِهِ عَلَى الْخَمْرِ وَتَبِعَهُمَا مَنْ بَعْدَهُمَا حَتَّى الشَّارِحِ فِي الْإِيعَابِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ نَقْلًا عَنْ الْبَيْهَقِيّ النَّبِيذُ كَثِيرُهُ يُسْكِرُ فَكَانَ حَرَامًا وَمَا كَانَ حَرَامًا الْتَحَقَ بِالْخَمْرِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ نَحْوُ الْبَنْجِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَقَوْلُهُ وَالْحَشِيشُ لَوْ صَارَ فِي الْحَشِيشِ الْمُذَابِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ اُتُّجِهَ النَّجَاسَةُ كَالْمُسْكِرِ الْمَائِعِ الْمُتَّخَذِ مِنْ خُبْزٍ وَنَحْوِهِ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ وَخَالَفَ م ر ثُمَّ جَزَمَ بِالْمُوَافَقَةِ وَفِي الْإِيعَابِ لَوْ انْتَفَتْ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ عَنْ الْخَمْرِ لِجُمُودِهَا وَوُجِدَتْ فِي الْحَشِيشَةِ لِذَوْبِهَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ بَقَاءُ الْخَمْرِ عَلَى نَجَاسَتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالتَّخْلِيلِ وَلَمْ يُوجَدْ وَنَجَاسَةُ نَحْوِ الْحَشِيشَةِ إذْ غَايَتُهَا أَنَّهَا صَارَتْ كَمَاءِ خُبْزٍ وُجِدَتْ فِيهِ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ ع ش.

(قَوْلُهُ وَكَثِيرُ الْعَنْبَرِ إلَخْ) اُنْظُرْ التَّقْيِيدَ بِالْكَثِيرِ هُنَا وَتَرْكَهُ فِيمَا قَبْلُ سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ هَذَا الصَّنِيعُ مُشْعِرٌ بِحُرْمَةِ الْقَلِيلِ مِمَّا قَبْلَهُ لَكِنْ يُخَالِفُهُ قَوْلُهُ الْآتِي فِي الْأَشْرِبَةِ وَخَرَجَ بِالشَّرَابِ مَا حَرُمَ مِنْ الْجَمَادَاتِ فَلَا حَدَّ فِيهَا وَإِنْ حَرُمَتْ وَأَسْكَرَتْ عَلَى مَا مَرَّ أَوَّلَ النَّجَاسَةِ بَلْ التَّعْزِيرُ لِانْتِفَاءِ الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ عَنْهَا كَكَثِيرِ الْبَنْجِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْعَنْبَرِ وَالْجَوْزَةِ وَالْحَشِيشَةِ الْمَعْرُوفَةِ فَهَذَا كَمَا تَرَى دَالٌّ عَلَى حِلِّ الْقَلِيلِ الَّذِي لَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ الْإِسْكَارِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ اهـ أَقُولُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى حِلِّهِ عِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ أَمَّا الْجَامِدُ فَطَاهِرٌ وَمِنْهُ الْحَشِيشَةُ وَالْأَفْيُونُ وَجَوْزَةُ الطِّيبِ وَالْعَنْبَرُ وَالزَّعْفَرَانُ فَيَحْرُمُ تَنَاوُلُ الْقَدْرِ الْمُسْكِرِ مِنْ كُلِّ مَا ذَكَرَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ اهـ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَخَرَجَ بِالْمَائِعِ غَيْرُهُ كَبَنْجٍ وَحَشِيشٍ مُسْكِرٍ فَلَيْسَ بِنَجِسٍ وَإِنْ كَانَ كَثِيرُهُ حَرَامًا اهـ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ الْقَدْرُ الْمُسْكِرُ إلَخْ أَمَّا الْقَدْرُ الَّذِي لَا يُسْكِرُ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ غَيْرُ مُضِرٍّ وَلَا مُسْتَقْذَرٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْإِسْكَارِ إلَخْ) تَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ) أَيْ مُجَرَّدِ تَغْيِيبِ الْعَقْلِ (قَوْلُهُ الثَّلَاثَةُ) أَيْ غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ) أَيْ مَفْهُومِهِ وَمَنْطُوقِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى جَمْعِهِ وَمَنْعِهِ (قَوْلُهُ جَامِدُ الْخَمْرِ إلَخْ) سُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْكِشْكِ هَلْ هُوَ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ مُسْكِرٌ كَالْبُوظَةِ وَهَلْ يَكُونُ جَفَافُهُ كَالتَّخَلُّلِ فِي الْخَمْرِ فَيَطْهُرُ أَوْ يَكُونُ كَالْخَمْرِ الْمُنْعَقِدَةِ فَلَا يَطْهُرُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ فَإِنَّهُ لَوْ فُرِضَ كَوْنُهُ مُسْكِرًا لَكَانَ طَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَائِعٍ اهـ أَيْ حَالَ إسْكَارِهِ لَوْ كَانَ مُسْكِرًا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْبُوظَةَ نَجِسَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَوْ نُظِرَ إلَى جُمُودِهَا قَبْلَ إسْكَارِهَا لَوَرَدَ عَلَى ذَلِكَ الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْجَامِدَاتِ وَهَذَا ظَاهِرٌ جَلِيٌّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَنَقَلَ فِي الْمُغْنِي الْإِفْتَاءَ الْمَنْسُوبَ لِوَالِدِ الْمُؤَلِّفِ م ر عَنْهُ ثُمَّ قَالَ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْبُوظَةَ طَاهِرَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ إلَخْ اللَّائِقُ بِجَلَالَتِهِ عِلْمًا وَحَالًا لِكَوْنِهِ بِمَعْزِلٍ عَنْ أَحْوَالِ الْعَامَّةِ حَمْلُ مَقَالَتِهِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى تَقْدِيرِ تَصْوِيرِ الْبُوظَةِ عَلَى أَنَّهَا فِي حَالِ إسْكَارِهَا مِنْ مَقُولَةِ الْجَامِدِ الَّذِي لَا يَسِيلُ بِطَبْعِهِ وَالْجَهْلُ بِحَقِيقَتِهَا عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ لَيْسَ بِنَقْصٍ بَلْ قَدْ يُعَدُّ كَمَالًا فَلَا عِبْرَةَ بِتَشْنِيعِ مَنْ شَنَّعَ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ بَرِيءٌ مِنْهُ وَلَا يَلِيقُ بِجَلَالَتِهِ وَشَأْنُ الْمُؤْمِنِ الْتِمَاسُ الْمَحَامِلِ الْحَسَنَةِ لِعُمُومِ الْخَلْقِ فَكَيْفَ بِخَوَاصِّهِمْ سَيِّدِ عُمَرَ وَقَوْلُهُ بِتَشْنِيعِ مَنْ شَنَّعَ إلَخْ وَمِنْهُمْ سم عِبَارَتُهُ عَلَى الْمَنْهَجِ سُئِلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَنْ الْكِشْكِ إذَا صَارَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

هُنَا مَعَ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ وَتَعَجَّبَ (قَوْلُهُ وَكَثِيرُ الْعَنْبَرِ) اُنْظُرْ التَّقْيِيدَ بِالْكَثِيرِ هُنَا وَتَرْكَهُ فِيمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ لَمْ تَصِرْ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ) أَمَّا إذَا صَارَتْ فِيهِ فَلَا إشْكَالَ فِي نَجَاسَتِهِ فَلَا إشْكَالَ فِي نَجَاسَةِ الْبُوظَةِ وَزَعْمُ طَهَارَتِهَا لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>