للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ فِي الْكَافِرِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ فَلَا يُنَافِي إهْدَارَهُ لِوَصْفٍ عَرَضِيٍّ قَامَ بِهِ وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجَسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا» وَذَكَرَ الْمُسْلِمَ لِلْغَالِبِ وَمَعْنَى نَجَاسَةِ الْمُشْرِكِينَ فِي الْآيَةِ نَجَاسَةُ اعْتِقَادِهِمْ أَوْ الْمُرَادُ اجْتِنَابُهُمْ كَالنَّجَسِ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ مَيْتَةِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ قِيلَ وَمِثْلُهُمْ الشُّهَدَاءُ وَالسَّمَكُ لِلْإِجْمَاعِ وَالْجَرَادُ لِلْإِجْمَاعِ أَيْضًا عَلَى مَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَلِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ» لَكِنَّ الصَّحِيحَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْقَائِلَ أُحِلَّتْ إلَى آخِرِهِ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَكِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ وَرِوَايَةُ رَفْعِ ذَلِكَ ضَعِيفَةٌ جِدًّا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَحْمَدُ إنَّهَا مُنَكَّرَةٌ وَخَبَرُ «الْجَرَادُ أَكْثَرُ جُنُودِ اللَّهِ لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ» صَرِيحٌ فِي حِلِّهِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْكُلْهُ لِعُذْرٍ كَالضَّبِّ عَلَى أَنَّهُ جَاءَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ «أَنَّهُمْ غَزَوْا سَبْعَ غَزَوَاتٍ يَأْكُلُونَهُ وَيَأْكُلُهُ مَعَهُمْ» وَرِوَايَةُ يَأْكُلُونَهُ صَحَّتْ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ.

(وَدَمٌ) إجْمَاعًا حَتَّى مَا يَبْقَى عَلَى الْعِظَامِ وَمَنْ صَرَّحَ بِطَهَارَتِهِ أَرَادَ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ الْكَبِدَ وَالطِّحَالَ وَالْمِسْكَ أَيْ وَلَوْ مِنْ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْإِيمَانِ وَالتَّرْغِيبِ فِيهِ ع ش عِبَارَةُ شَيْخِنَا هُنَا وَمِثْلُ الْآدَمِيِّ الْجِنُّ وَالْمَلَكُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَجْسَامٌ لَهَا مَيْتَةٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ.

وَأَمَّا إنْ قُلْنَا بِأَنَّهَا أَشْبَاحٌ نُورَانِيَّةٌ تَنْطِفِي بِمَوْتِهَا فَلَا مَيْتَةَ لَهَا اهـ.

وَفِي بَابِ الطَّهَارَةِ وَمِثْلُ الْآدَمِيِّ الْجِنُّ وَالْمَلَكُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَجْسَامٌ كَثِيفَةٌ وَالْحَقُّ أَنَّهُمْ أَجْسَامٌ لَطِيفَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ أَجْسَامٌ نُورَانِيَّةٌ لَا يَبْقَى لَهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ صُورَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ لِتَكْرِيمِهِ إلَخْ) وَقَضِيَّةُ التَّكْرِيمِ أَنْ لَا يُحْكَمَ بِنَجَاسَتِهِ بِالْمَوْتِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نَجِسًا لِمَا أَمَرَ بِغَسْلِهِ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ أَيْ الْعَيْنِيَّةِ لَا يُقَالُ وَلَوْ كَانَ طَاهِرًا لَمَا أَمَرَ بِغَسْلِهِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الطَّاهِرَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ غَسْلُ الطَّاهِرِ مَعْهُودٌ فِي الْحَدَثِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ النَّجِسِ عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ تَكْرِيمُهُ وَإِزَالَةُ الْأَوْسَاخِ عَنْهُ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ بِخِلَافِ النَّجِسِ قَضِيَّتُهُ أَنَّ عَظْمَ الْمَيْتَةِ إذَا تَنَجَّسَ بِمُغَلَّظَةٍ لَا يَصِحُّ تَطْهِيرُهُ مِنْهُ لِيَرْجِعَ إلَى أَصْلِهِ حَتَّى لَوْ أَصَابَ ثَوْبًا رَطْبًا مَثَلًا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ لِلتَّسْبِيعِ وَبِهَذِهِ الْقَضِيَّةِ صَرَّحَ سم عَلَى حَجّ فِيمَا يَأْتِي لَكِنْ فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا نَصُّهُ فَرْعٌ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ الْإِنَاءِ الْعَاجِ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَوْ نَحْوُهُ وَغُسِلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ إحْدَاهَا بِتُرَابٍ فَهَلْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ عَنْ تَطْهِيرِهِ أَوْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعَاجَ يَطْهُرُ بِمَا ذُكِرَ عَنْ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ اهـ وَهُوَ الْأَقْرَبُ ع ش.

(قَوْلُهُ وَذِكْرُ الْمُسْلِمِ لِلْغَالِبِ) كَذَا قَالُوا، وَقَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ أَنَّ وَجْهَ الدَّلَالَةِ مِنْهُ لِطَهَارَةِ الْكَافِرِ أَنَّ الْخَصْمَ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِي النَّجَاسَةِ بِالْمَوْتِ فَإِذَا ثَبَتَتْ طَهَارَةُ الْمُسْلِمِ فَالْكَافِرُ مِثْلُهُ لِعَدَمِ الْفَرْقِ اتِّفَاقًا رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ نَجَاسَةُ اعْتِقَادِهِمْ إلَخْ) أَيْ لَا نَجَاسَةَ أَبْدَانِهِمْ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَالْخِلَافُ) إلَى قَوْلِهِ لَكِنَّهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ عَلَى مَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَالْخِلَافُ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي كَلَامِهِ فِي مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ لَكِنَّهُ ثَابِتٌ وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَكَذَا مَيْتَةُ الْآدَمِيِّ فِي الْأَظْهَرِ ع ش (قَوْلُهُ قِيلَ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُمْ الشَّهِيدُ) ضَعِيفٌ ع ش (قَوْلُهُ وَالسَّمَكُ) وَهُوَ مَا يُؤْكَلُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ سَمَكًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ (وَالْجَرَادُ) سَوَاءٌ أَمَاتَا بِاصْطِيَادٍ أَمْ بِقَطْعِ رَأْسٍ وَلَوْ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ ذَبْحُهُ مِنْ الْكُفَّارِ أَوْ حَتْفَ أَنْفِهِ نِهَايَةٌ أَيْ بِلَا جِنَايَةٍ ع ش (قَوْلُهُ إنَّهَا) أَيْ رِوَايَةُ الرَّفْعِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَدَمٌ) أَيْ وَلَوْ تَحَلَّبَ مِنْ سَمَكٍ وَكَبِدٍ وَطِحَالٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ سَالَ ع ش (قَوْلُهُ حَتَّى مَا يَبْقَى) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَيْ إلَى وَمَتَى (قَوْلُهُ وَمَنْ صَرَّحَ إلَخْ) ظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُغْنِي أَنَّ النِّزَاعَ مَعْنَوِيٌّ عِبَارَتُهُ، وَأَمَّا الدَّمُ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ وَعِظَامِهِ فَقِيلَ إنَّهُ طَاهِرٌ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَجْمُوعِ وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَيَدُلُّ لَهُ مِنْ السُّنَّةِ «قَوْلُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كُنَّا نَطْبُخُ الْبُرْمَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعْلُوهَا الصُّفْرَةُ مِنْ الدَّمِ فَنَأْكُلُ وَلَا يُنْكِرُهُ» وَظَاهِرُ كَلَامِ الْحَلِيمِيِّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُ نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ دَمٌ مَسْفُوحٌ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ لِقِلَّتِهِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ السُّنَّةِ اهـ.

(قَوْلُهُ الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ) أَيْ وَإِنْ سُحِقَا وَصَارَا كَالدَّمِ فِيمَا يَظْهَرُ ع ش (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ) صَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالدَّمِ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِطْ بِشَيْءٍ كَمَا لَوْ ذُبِحَتْ شَاةٌ وَقُطِعَ لَحْمُهَا وَبَقِيَ عَلَيْهِ أَثَرٌ مِنْ الدَّمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ كَمَا يُفْعَلُ فِي الَّتِي تُذْبَحُ فِي الْمَحَلِّ الْمُعَدِّ لِلذَّبْحِ الْآنَ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا لِإِزَالَةِ الدَّمِ عَنْهَا فَإِنَّ الْبَاقِيَ مِنْ الدَّمِ عَلَى اللَّحْمِ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَإِنْ قَلَّ لِاخْتِلَاطِهِ بِأَجْنَبِيٍّ وَهُوَ تَصْوِيرٌ حَسَنٌ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ وَلَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْعَفْوِ عَمَّا ذَكَرَ بَيْنَ الْمُبْتَلَى بِهِ كَالْجَزَّارِينَ وَغَيْرِهِمْ وَلَوْ شَكَّ فِي الِاخْتِلَاطِ وَعَدَمِهِ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ ع ش عِبَارَةُ الْجَمَلِ عَلَى شَرْحِ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ لِمَنْظُومَةِ ابْنِ الْعِمَادِ.

قَوْلُهُ فَقَبْلَ غَسْلٍ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ بَعْدَ الْغَسْلِ لَا يُعْفَى عَنْهُ أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَهُ حَتَّى يَزُولَ الدَّمُ وَيُغْتَفَرُ بَقَايَاهُ الْيَسِيرَةُ؛ لِأَنَّهَا ضَرُورِيَّةٌ لَا يُمْكِنُهُ قَطْعُهَا اهـ وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ عَلَيْهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ عَنْ شَيْخِهِ ع ش مِثْلَهَا، وَقَدْ سَأَلْته عَنْ ذَلِكَ مَرَّةً فَقَالَ يَغْسِلُ الْغَسْلَ الْمُعْتَادَ وَيُعْفَى عَمَّا زَادَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ إلَيَّ وَمِنِّي (قَوْلُهُ أَيْ وَلَوْ مِنْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

بِشُبْهَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ فِي الْكَافِرِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ) قَالَ فِي شَرْحِهِ لِلْعُبَابِ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامٍ طَوِيلٍ فَالْآدَمِيُّ تَثْبُتُ لَهُ الْحُرْمَةُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ تَارَةً وَمِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ أُخْرَى فَالْحُرْمَةُ الثَّابِتَةُ لَهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ تَقْتَضِي الطَّهَارَةَ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ ذَاتِيٌّ أَيْضًا فَلَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَفْرَادِ وَالثَّابِتَةُ لَهُ مِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ تَقْتَضِي احْتِرَامَهُ وَتَعْظِيمَهُ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحَرْبِيَّ تَثْبُتُ لَهُ الْحُرْمَةُ الْأُولَى فَكَانَ طَاهِرًا حَيًّا وَمَيِّتًا وَلَمْ تَثْبُتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>