رَدُّهَا لِأَحَدِهِمَا (فَالْحَاكِمُ) الثِّقَةُ الْمَأْمُونُ يَرُدُّهَا إلَيْهِ (أَوْ أَمِينٌ) يَرُدُّهَا إلَيْهِ إنْ فَقَدَ الْقَاضِيَ وَسَوَاءٌ فِيهِ هُنَا وَفِي الْوَصِيَّةِ الْوَارِثُ وَغَيْرُهُ وَلَوْ ظَنَّهُ أَمِينًا فَكَانَ غَيْرَ أَمِينٍ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الضَّمَانِ أَيْ مَعَ تَقْصِيرِهِ فِي الْبَحْثِ عَنْهُ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي أَنَّهُ قَدْ يُؤَثِّرُ فِيهِ كَمَا لَوْ ظَنَّ الْوَلِيَّ مَالِكًا، أَوْ نَقَلَ بِظَنِّ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَمَحَلُّهُ إنْ وَضَعَ الْمَظْنُونُ أَمَانَتَهُ يَدَهُ عَلَيْهَا وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ الْوَدِيعُ عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ وَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهَا فِعْلًا (أَوْ) عَطْفٌ عَلَى مَا بَعْدَ إلَّا لِيُفِيدَ ضَعْفَ قَوْلِ التَّهْذِيبِ يَكْفِيهِ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ الرَّدُّ لِلْمَالِكِ (يُوصِيَ بِهَا) إلَى الْحَاكِمِ فَإِنْ فُقِدَ فَإِلَى أَمِينٍ كَمَا أَوْمَأَ إلَيْهِ كَلَامُهُ السَّابِقُ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَمِينِ فِي الدَّفْعِ فَكَذَا الْإِيصَاءُ فَالتَّخْيِيرُ الْمَذْكُورُ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ كَمَا تَقَرَّرَ وَالْمُرَادُ بِالْوَصِيَّةِ الْأَمْرُ بِرَدِّهَا بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِلْوَصِيِّ وَإِلَّا كَانَ إيدَاعًا فَيَضْمَنُ بِهِ إنْ كَانَ الْوَصِيُّ غَيْرَ أَمِينٍ أَوْ أَمْكَنَ الرَّدُّ إلَى قَاضٍ أَمِينٍ.
وَيُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ صَوْنًا لَهَا عَنْ الْإِنْكَارِ وَأَنْ يُشِيرَ لِعَيْنِهَا، أَوْ يَصِفَهَا بِمُمَيِّزِهَا وَحِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ، أَوْ وَصَفَهُ فَلَا ضَمَانَ كَمَا رَجَّحَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ أَطَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الِانْتِصَارِ لِخِلَافِهِ قَالَ وَلَا ضَمَانَ فِيمَا إذَا عَلِمَ تَلَفَهَا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ بِلَا تَفْرِيطٍ فِي حَيَاتِهِ، أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ تَمَكُّنِ الْوَارِثِ مِنْ الرَّدِّ وَرَجَّحَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ ضَمَانَ وَارِثٍ قَصَّرَ بِعَدَمِ إعْلَامِ مَالِكٍ جَهِلَ الْإِيصَاءَ، أَوْ بِعَدَمِ الرَّدِّ بَعْدَ طَلَبِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْهُ وَإِنْ وَجَدَ مَا هُوَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَدُّدٍ لَمْ يَقْبَلْ الْوَارِثُ أَنَّهَا غَيْرُ الْوَدِيعَةِ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا أَقَرَّ بِهِ مُوَرِّثُهُ أَنَّ مَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ
ــ
[حاشية الشرواني]
الْعَرَبِيَّةَ إنَّمَا هِيَ الْإِغَارَةُ فَقَطْ، وَأَنَّ الْغَارَةَ أَثَرُهَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يَتَعَيَّنُ كَوْنُ الْغَارَةِ أَثَرَهَا فَتَأَمَّلْ اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي الْغَارَةُ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْأَفْصَحُ الْإِغَارَةُ اهـ
(قَوْلُهُ رَدَّهَا لِأَحَدِهِمَا) قَدْ يُقَالُ الْأَنْسَبُ لِأَحَدِهِمْ لِزِيَادَتِهِ الْوَلِيَّ لَكِنَّهُ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ هَذَا الْبَيَانَ مَسُوقٌ لِحَلِّ الْمَتْنِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ يَرُدُّهَا إلَيْهِ) أَوْ يُوصِي بِهَا إلَيْهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ فِيهِ) أَيْ فِي الْأَمِينِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي الرَّدِّ وَقَوْلُهُ وَفِي الْوَصِيَّةِ أَيْ الْآتِيَةِ آنِفًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ لَا يُؤَثِّرُ) أَقُولُ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ جَهْلًا بِالْحُكْمِ بَلْ جَهْلٌ بِحَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ، وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ نِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ فِي دَفْعِهَا لَهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ) أَيْ الضَّمَانِ فِيمَا إذَا ظَنَّ غَيْرَ الْأَمِينِ أَمِينًا (قَوْلُهُ الْمَظْنُونُ) فَاعِلُ وَضَعَ وَقَوْلُهُ أَمَانَتُهُ نَائِبُ فَاعِلِ الْمَظْنُونُ وَقَوْلُهُ مُدَّةً مَفْعُولُ وَضَعَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْوَدِيعَ (قَوْلُهُ عَلَى مَا بَعْدَ إلَّا) أَيْ عَلَى الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ إلَى الْحَاكِمِ) إلَى قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالْوَصِيَّةِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَمِينِ فِي الدَّفْعِ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحَاكِمِ بَيْنَ الدَّفْعِ إلَيْهِ وَالْوَصِيَّةِ لَهُ وَعِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ بَيْنَ الدَّفْعِ لِأَمِينٍ وَالْوَصِيَّةِ لَهُ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ فَالتَّخْيِيرُ الْمَذْكُورُ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَوْ يُوصِيَا هـ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَضِيَّةُ كَلَامِهِ لَوْلَا مَا قَدَّرْته التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا اهـ.
(قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ إنَّ الْحَاكِمَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَمِينِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْوَصِيَّةِ) إلَى قَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَإِنَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَإِلَّا إلَى وَيُشْتَرَطُ (قَوْلُهُ الْأَمْرُ بِالرَّدِّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَكْثَرِ الْإِعْلَامُ بِهَا وَالْأَمْرُ بِرَدِّهَا وَهِيَ تُوهِمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ حَتَّى لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِعْلَامِ فَقَطْ أَوْ عَلَى الْأَمْرِ بِالرَّدِّ فَقَطْ لَمْ يَجُزْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْزِيَ الْأَوَّلُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةِ بَيِّنَةٌ لَمْ يَجِبْ الْإِيصَاءُ بِهَا، وَكَذَا الثَّانِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَنِيعُ الشَّارِحِ هُنَا نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَيَّدَ الثَّانِي بِمَا إذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى وَجْهٍ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا وَدِيعَةٌ، وَإِلَّا، فَلَوْ قَالَ ادْفَعُوا هَذَا لِفُلَانٍ فَرُبَّمَا أَوْهَمَ كَوْنَهُ وَصِيَّةً فَيُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الْوَصَايَا فَاَلَّذِي تَحَرَّرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِعْلَامِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ عَكْسَ مَا فَعَلَ لَكَانَ أَوْلَى اهـ سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ بِإِرْجَاعِ ضَمِيرِ بِرَدِّهَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إلَى الْوَدِيعَةِ بِوَصْفِ الْوَدِيعَةِ يَكُونُ تَعْبِيرُهُ مُوَافِقًا لِتَعْبِيرِ الْأَكْثَرِ.
(قَوْلُهُ أَوْ أَمْكَنَ الرَّدُّ إلَخْ) أَيْ أَوْ الْإِيصَاءُ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الرَّدُّ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ مَا اسْتَظْهَرَهُ صَرِيحُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَارِّ آنِفًا فَكَذَا الْإِيصَاءُ، وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ الشَّارِحُ هُنَا لِإِرَادَتِهِ بِالْوَصِيِّ مَا يَشْمَلُ الْقَاضِيَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ إلَخْ) هَذَا لَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْقَاضِي وَالْأَمِينِ، وَذَلِكَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ سُلِّمَتْ لِنَائِبِ الْمَالِكِ شَرْعًا وَهُوَ الْقَاضِي وَالْأَمِينُ فَكَانَ كَتَسْلِيمِهَا لِلْمَالِكِ، وَهُنَا لَمْ تُسَلَّمْ لِأَحَدٍ، وَإِنَّمَا أُمِرَ بِرَدِّهَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم أَقُولُ إطْلَاقُ قَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ الْإِيصَاءُ إلَى الْقَاضِي، وَيُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ مِمَّا ذَكَرَهُ الْفَاضِلُ الْمُحَشِّي اهـ سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ مَا تَقَدَّمَ إلَخْ مَا مَرَّ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ سَافَرَ إلَخْ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَرَادَ مَا مَرَّ فِي شَرْحِ فَإِنْ فَقَدَهُمَا فَالْقَاضِي إلَخْ فَمُعْتَمَدُ الشَّارِحِ هُنَاكَ الْوُجُوبُ أَيْضًا نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ مُعْتَمَدُ النِّهَايَةِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُحَشِّي هُنَاكَ يُظْهِرُهُ مَا ذَكَرَهُ.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا فَعَلَهُ إلَخْ) الْأَوْلَى الْأَخْصَرُ عَلَى ذَلِكَ أَيْ الْإِيصَاءِ (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ) أَيْ عَلَى الْوَرَثَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ) وَكَذَا قَبْلَ الْوَصِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِتَلَفِهَا فِي الْحَيَاةِ كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِاعْتِمَادِهِ قَرِيبًا اهـ رَشِيدِيٌّ أَيْ فِي شَرْحِ بِأَنْ مَاتَ فَجْأَةً (قَوْلُهُ فِي حَيَاتِهِ إلَخْ) كَقَوْلِهِ السَّابِقِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِتَلَفِهَا (قَوْلُهُ وَرَجَّحَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) مُعْتَمَدٌ اهـ ع ش وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَأْنَفٌ وَلَيْسَ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ قَالَ وَلَا ضَمَانَ إلَخْ كَمَا يُوهِمُهُ السِّيَاقُ فَلَوْ أَسْقَطَ قَالَ كَمَا فَعَلَهُ النِّهَايَةُ سَلِمَ عَنْ ذَلِكَ الْإِيهَامِ (قَوْلُهُ جَهِلَ إلَخْ) أَيْ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ وَتَمَكُّنِهِ) أَيْ الْوَارِثِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فَالتَّخْيِيرُ الْمَذْكُورُ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَيْ أَوْ يُوصِي وَقَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ أَيْ إنَّ الْحَاكِمَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَمِينِ (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ لَهُ إلَخْ) قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى مَا قَبْلُ، وَالْمُرَادُ إلَخْ لَا عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا كَانَ إيدَاعًا؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ حِينَئِذٍ مَعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْأَمَانَةِ فِيمَنْ يُودِعُهُ وَتَقْدِيمِ الْحَاكِمِ عَلَى غَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَوَهُّمٌ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ لَا يُنَاسِبُ الْعِبَارَةَ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ إلَخْ) هَذَا