(تَنْبِيهٌ)
ضَابِطُ الْحِرْزِ هُنَا كَمَا فَصَّلُوهُ فِي السَّرِقَةِ بِالنِّسْبَةِ لِأَنْوَاعِ الْمَالِ وَالْمَحَالِّ ذَكَرَهُ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ غَيْرُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ وَفَرَّعَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ أَنَّ الدَّارَ الْمُغْلَقَةَ لَيْلًا وَلَا نَائِمَ فِيهَا غَيْرُ حِرْزٍ هُنَا أَيْضًا وَإِنْ كَانَتْ بِبَلَدٍ آمِنٍ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَيْ لِمَنْ مَعَهُ فِي الدَّارِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ احْفَظْ دَارِي فَأَجَابَ فَذَهَبَ الْمَالِكُ وَبَابُهَا مَفْتُوحٌ ثُمَّ الْآخَرُ ضَمِنَ، بِخِلَافِ الْمُغْلَقَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي ثَمَّ، وَقَدْ يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ جَزْمُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّهُ لَوْ سَرَقَ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْحِرْزِ مَنْ يُسَاكِنُهُ فِيهِ فَإِنْ اتَّهَمَهُ قَبْلَ ذَلِكَ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا اهـ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ ثَمَّ لَيْسَ مُحْرَزًا بِالنِّسْبَةِ لِلضَّيْفِ وَالسَّاكِنِ أَنَّهُ يَضْمَنُ هُنَا مُطْلَقًا وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَلَوْ ذَهَبَ بِهَا فَأْرٌ مِنْ حِرْزِهَا فِي جِدَارٍ لَمْ يَجُزْ لِمَالِكِهَا حَفْرُهُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّ مَالِكَهُ لَمْ يَتَعَدَّ بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَدَّى نَظِيرُ مَا قَالُوهُ فِي دِينَارٍ وَقَعَ بِمَحْبَرَةٍ، أَوْ فَصِيلٍ بِبَيْتٍ وَلَمْ يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ إلَّا بِكَسْرِهَا أَوْ هَدْمِهِ يُكْسَرُ وَيُهْدَمُ بِالْأَرْشِ إنْ لَمْ يَتَعَدَّ مَالِكُ الظَّرْفِ وَإِلَّا فَلَا أَرْشَ (أَوْ يَدُلُّ عَلَيْهَا) مَعَ تَعْيِينِ مَحَلِّهَا (سَارِقًا) أَوْ نَحْوَهُ (أَوْ مَنْ يُصَادِرُ الْمَالِكَ) ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِنَقِيضِ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ الْحِفْظِ.
وَمِنْ ثَمَّ كَانَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى الدَّلَالَةِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا مِنْ ضَمَانِهِ وَعَلَى عَدَمِ الْقَرَارِ عَلَيْهِ حَمَلَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلَ الْمَاوَرْدِيِّ لَا يَضْمَنُ وَفَارَقَ مُحْرِمًا دَلَّ عَلَى صَيْدٍ بِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الْحِفْظَ وَلَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْوَدِيعِ فِيهِمَا وَنَظَرَ شَارِحٌ فِي حَمْلِ الزَّرْكَشِيّ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى الدَّالِّ عَلَى وَجْهٍ أَيْ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ لَا يَضْمَنُ وَلَا قَائِلَ بِهِ اهـ وَيُرَدُّ بِمَنْعِ لُزُومِ ذَلِكَ نَظَرًا لِعُذْرِهِ مَعَ عَدَمِ مُبَاشَرَتِهِ لِلتَّسْلِيمِ، أَوْ بِالْتِزَامِهِ نَظَرًا لِالْتِزَامِهِ الْحِفْظَ، وَقَوْلُهُ: لَا قَائِلَ بِهِ شَهَادَةُ نَفْيٍ وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ ضَمَانُهُ بِمُجَرَّدِ الدَّلَالَةِ وَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِهَا وَبِهِ صَرَّحَ جَمْعٌ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي تَرْكِ الْعَلَفِ وَتَأْخِيرِ الذَّهَابِ لِلْبَيْتِ عُدْوَانًا بِأَنَّ كُلًّا
ــ
[حاشية الشرواني]
الْوَجْهَ خِلَافُهُ اهـ سم.
(قَوْلُهُ كَمَا فَصَّلُوهُ إلَخْ) خَبَرُ ضَابِطُ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَيْ لِمَنْ إلَخْ) قَدْ اسْتَظْهَرَهُ فِي شَرْحِ أَوْ يَضَعُهَا فِي خِزَانَةٍ إلَخْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مُلَاحَظَتُهُ لَهَا وَعَدَمُ تَمْكِينِ الْغَيْرِ مِنْهَا إلَّا إنْ كَانَتْ ثِقَةً اهـ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَيْثُ لَاحَظَهَا، وَلَمْ يُمَكِّنْ السَّاكِنَ مِنْهَا إذَا لَمْ يَكُنْ ثِقَةً أَوْ مَكَّنَهُ إذَا كَانَ ثِقَةً فَتَغَفَّلَهُ وَسَرَقَهَا لَا ضَمَانَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم (قَوْلُهُ فَأَجَابَ إلَخْ) أَيْ صَرِيحًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ الْآتِي ثَمَّ) أَيْ فِي السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ أَوْ عَلَى التَّفْرِيعِ الثَّانِي (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلضَّيْفِ إلَخْ) أَيْ فَالْوَدِيعُ مُقَصِّرٌ حَيْثُ وَضَعَهَا فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ وَضَعَهَا فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ تُكْسَرُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُفْتَى بِجَوَازِ ذَلِكَ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْفَصِيلِ وَالدِّيَارِ إنْ هَدَمْتَ الْبَيْتَ وَكَسَرَتْ الدَّوَاةَ غَرِمْت الْأَرْشَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ إتْلَافُ مَالِهِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ اهـ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ يَدُلُّ عَلَيْهَا) أَيْ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْغَيْرَ لَمْ يَلْتَزِمْ حِفْظَهَا بِخِلَافِهِ هُوَ اهـ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْلَمَهُ بِهَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ حِفْظَهَا وَبِخِلَافِ مَا إذَا ضَاعَتْ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَوْ بِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهَا وَلَوْ أَعْلَمَهُ بِهَا هُوَ وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ هُوَ الضَّمَانُ لِمَا مَرَّ اهـ.
(قَوْلُهُ مَعَ تَعْيِينِ مَحَلِّهَا) إلَى قَوْلِهِ وَنَظَرَ شَارِحٌ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَلَوْ أَكْرَهَهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَيُفَرَّقُ إلَى وَلَوْ قَالَ قَالَ السَّيِّدُ عُمَرَ وَمُقْتَضَى صَنِيعِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَصَادِرِ أَيْضًا، وَهُوَ صَرِيحُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ وَالْمُغْنِي وَمُقْتَضَى صَنِيعِ الشَّارِحِ الْمُحَقِّقِ الْمَحَلِّيِّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا بَلْ يَكْفِي الْإِعْلَامُ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ مَعْنًى إذْ الْفَرْقُ وَاضِحٌ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ صَنِيعَ أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُوَ مَا أَفَادَهُ صَنِيعُ الْمُحَقِّقِ الْمَحَلِّيِّ بَلْ التَّقْيِيدُ فِي السَّارِقِ بِالتَّعْيِينِ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَتَعَقَّبَهُ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْجُمْهُورِ فِيهِ التَّضْمِينُ، وَهُوَ أَقْرَبُ وَمِنْهُمْ الْعَبَّادِيُّ وَالْقَفَّالُ وَالْغَزَالِيُّ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ وَسَيَأْتِي عَنْ سم فِي مَسْأَلَةِ النَّهْيِ عَنْ الْإِخْبَارِ اسْتِشْكَالُ اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ هُنَا دُونَ هُنَاكَ، ثُمَّ الْجَوَابُ عَنْهُ لَكِنَّ الْإِشْكَالَ أَقْوَى كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ سم نَفْسُهُ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ طَرِيقِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ) أَيْ عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَفَارَقَ مُحْرِمًا إلَخْ) أَيْ حَيْثُ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَيُرَدُّ بِمَنْعِ لُزُومِ ذَلِكَ نَظَرًا إلَخْ) فِي مُلَاقَاةِ هَذَا الْجَوَابِ لِلِاعْتِرَاضِ نَظَرٌ إذْ هُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي ضَمَانِ الْقَرَارِ فَيَثْبُتُ أَيْ ضَمَانُ الْقَرَارِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ، وَهَذَا لَا يَنْدَفِعُ بِمَا ذَكَرَهُ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ وَيُرَدُّ بِمَنْعِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ إنْ كَانَ مَوْضُوعُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي دَلَالَةِ الْمُكْرَهِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ السِّيَاقِ اهـ بَلْ هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ بِالْتِزَامِهِ) أَيْ اللُّزُومِ وَقَوْلُهُ نَظَرًا لِالْتِزَامِهِ أَيْ الْوَدِيعِ (قَوْلُهُ شَهَادَةُ نَفْيٍ) لَا يُحِيطُ بِهَا الْعِلْمُ اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي أَيْضًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْفَرْقِ اهـ سم وَسَيَأْتِي عَنْ السَّيِّدِ عُمَرَ مَا يَتَّضِحُ بِهِ وَجْهُ الْخَفَاءِ (قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ الذَّهَابِ إلَخْ) يَحْتَاجُ إلَى التَّأَمُّلِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ وَعَدُوًّا) الْمُتَبَادَرُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلتَّأْخِيرِ وَبِمَعْنَى الْعُدْوَانِ وَالظُّلْمِ الْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ الْعُذْرِ وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ عَدُوًّا أَيْ عُدْوَانًا كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ بِخَطِّهِ عَلَى هَامِشِ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَيْ لِمَنْ مَعَهُ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ أَوْ يَضَعُهَا فِي خِزَانَةٍ مُشْتَرَكَةٍ قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مُلَاحَظَتُهُ لَهَا وَعَدَمُ تَمْكِينِ الْغَيْرِ مِنْهَا إلَّا إنْ كَانَ ثِقَةً انْتَهَى، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَيْثُ لَاحَظَهَا وَلَمْ يُمَكِّنْ السَّاكِنَ مِنْهَا إذَا لَمْ يَكُنْ ثِقَةً أَوْ مَكَّنَهُ إذَا كَانَ ثِقَةً فَتَغَفَّلَهُ وَسَرَقَهَا لَا ضَمَانَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مَعَ تَعْيِينِ مَحَلِّهَا) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْهُ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَيُرَدُّ بِمَنْعِ لُزُومِ ذَلِكَ نَظَرًا لِعُذْرِهِ إلَخْ) فِي مُلَاقَاةِ هَذَا الْجَوَابِ لِلِاعْتِرَاضِ نَظَرٌ إذْ هُوَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي ضَمَانِ الْقَرَارِ فَيَثْبُتُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ، وَهَذَا لَا يَنْدَفِعُ بِمَا ذَكَرَهُ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْفَرْقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute